جامعة قناة السويس تشارك في معرض تراثنا الدولي (صور)    سعر الذهب.. ارتفاع 5 جنيهات اليوم الجمعة وعيار 21 يسجل 5180 جنيها    تكريم الشركات المصرية المساهمة في صيانة "كيما" بحضور وزير قطاع الأعمال    فيضان النيل يقترب، إخلاء عاجل لمنازل وأراضي طرح النهر في أشمون بالمنوفية    وزير الزراعة: لا تهاون مع المتلاعبين بالأسمدة.. ووقف الدعم في هذه الحالة    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال حي الصبرة ومنطقة أنصار بغزة    أول تعليق من الفصائل الفلسطينية حول خطة ترامب    كرة القدم النسائية، الأهلي يواجه فريق مسار في بطولة الدوري اليوم    بوستيكوجلو: لا يمكنني التحكم في رأي الجماهير بشأن المطالبة بإقالتي    ضبط قضايا تجارة عملة بقيمة 5 ملايين جنيه    وعكة صحية تضرب محمد زيدان، تعرف على التفاصيل    فوائد السمك للطفل الرضيع وشروط تقديمه    البطاطس ب10 والكوسة ب30 جنيها للكيلو.. أسعار الخضار اليوم في مطروح    كوناتي يستعد للانتقال لريال مدريد    مواعيد مباريات الجمعة 3 أكتوبر.. البنك الأهلي ضد المصري والدوري الإنجليزي    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    غدًا.. استكمال محاكمة سارة خليفة و27 متهمًا بتخليق المواد المخدرة وتصنيعها    جيش الاحتلال ينشئ موقعا عسكريا قرب شارع الرشيد بمدينة غزة    طارق الشناوي يشيد بفيلم «فيها إيه يعني»: مختلف وجريء.. يُبكيك ويُضحكك    «العمل» تعلن تحرير 6185 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب    هل تشكل الألبان خطرًا على صحة الإنسان؟.. استشاري تغذية يوضح (فيديو)    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    أحمد ربيع يقترب من الظهور الأول مع الزمالك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    إسرائيل تستهدف منظومة دفاعية لحزب الله في جنوب لبنان    بريطانيا..مقتل 2 وإصابة 4 في هجوم دهس وطعن خارج كنيس يهودي    هل تتحقق توقعات ليلى عبد اللطيف بثراء 4 أبراج فى أواخر عام 2025؟    يحيى الفخراني: هوجمنا في قرطاج بسبب «خرج ولم يعد».. وهذا سبب بقاء فيلم الكيف    بوتين يحذر أمريكا من تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على غرة الشهر الكريم وعدد أيام الصيام    ليلى علوي تنهار من البكاء خلال مهرجان الإسكندرية.. اعرف التفاصيل    تصريح صادم من سماح أنور عن المخرجة كاملة أبو ذكري    رياض الخولي أثناء تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي: "أول مرة أحضر مهرجان .. وسعيد بتكريمي وأنا على قيد الحياة"    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    القبض على المتهم بالشروع فى قتل صاحب محل بالوراق    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    محافظ الإسكندرية عن التكدسات المرورية: المواطن خط أحمر ولن نسمح بتعطيل مصالحه    رسميًا بعد ترحيلها.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 وفقًا لتصريحات الحكومة    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق مخزن وشقة سكنية بالخانكة    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    مدرسة المشاغبين، قرار صارم من محافظ القليوبية في واقعة ضرب معلم لزميله داخل مكتب مدير المدرسة    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    «أفضل صفقة».. باسم مرسي يتغزل في مهاجم الزمالك    نائب محافظ سوهاج يكرم 700 طالب و24 حافظًا للقرآن الكريم بشطورة| فيديو وصور    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    رابط التقييمات الأسبوعية 2025/2026 على موقع وزارة التربية والتعليم (اعرف التفاصيل)    حزب الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    سعر التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    ضيفي ملعقة «فلفل أسود» داخل الغسالة ولاحظي ماذا يحدث لملابسك    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزيرستان.. تاريخ من المقاومة
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 10 - 2009

فى الأسبوع الماضى، أبدى أحد الزائرين أثناء حديثه مع ضابط استخبارات باكستانية حول اقتحام الجيش جنوب وزيرستان، ملاحظة عن أن القوات النظامية ظلت لأكثر من 150 عاما تسير على نفس الطرق الوعرة، باتجاه معاقل القبائل ذاتها، من دون أن يحالفها أبدا حظ أفضل. وأجاب المسئول الباكستانى «نعم، كل ذلك حدث من قبل».
ثم أوضح أن الفرق هذه المرة يتمثل فى أن الجيش سوف يتبع الغزو بعملية تنمية سياسية واقتصادية شاملة، ليبدأ ما لم يستطع الحكم البريطانى القوى أن ينجزه أبدا، وهو استيعاب وزيرستان تدريجياً ضمن بقية مناطق البلاد.
وتكمن قيمة التاريخ فى أنه يعلمنا التشكيك فى مشروعات التحول الجارية اليوم. لذلك، ففى حين أننى أشارك الجيش الباكستانى أمله فى أن تستطيع منطقة القبائل أن تنضم أخيرا إلى ما يطلق عليه بتعبير جذاب حزام «المناطق المستقرة» فإن نجاح هذه الحملة لمكافحة التمرد ستكون شديدة الصعوبة بمكان وسوف يمثل هذا الأمر اختباراً مهما لمهارة باكستان العسكرية وقدرتها على تقديم الحل السياسى النهائى.
فقد ظلت قبائل وزيرستان تقاوم الدخلاء منذ وصول البريطانيين إلى حدودها لأول مرة عام 1850. وأسست المعارك الأولى نموذجا صار يتكرر منذ ذلك الحين: كانت قبيلتا «محسود» و «وزير»، وهما أشرس وأكبر قبيلتين فى المنطقة، تصدان محاولات المغيرين على مناطقهما؛ ومن الناحية المقابلة تستمر بريطانيا فى شن غارات تأديبية. ثم تسفك القبائل دم البريطانيين وترفض التنازل، وعندها تتراجع القوات الاستعمارية. ولا تختلف التجربة الباكستانية عن ذلك كثيرا.
وفى الفترة من 1850 حتى 1880 شن البريطانيون ما لا يقل عن ست حملات تأديبية على وزيرستان. ومن بين الأمثلة على فشلهم هجوم شنته قوات بريطانية يزيد عددها على خمسة آلاف فرد من القوات البريطانية عام 1860 على نفس الطرق التى يتبعها الباكستانيون اليوم. ورفض أبناء قبيلة «محسود» التفاوض، حتى بعد أن هدم الغزاة بيوت زعماء القبيلة. وفى نهاية المطاف، توقف البريطانيون وعادوا أدراجهم.
وحصلت قبيلة «بنى مالك» على استقلالها كجزء من ميثاق الشرف المعروف باسم «بشتون والى». وبالنسبة للبريطانيين، جعل هذا العناد من وزيرستان « أرض الغطرسة»، مثلما كتب أحد الضباط المستعمرين. ولكن التأريخ البريطانى للعمليات العسكرية عام 1921 يسلم بأنه «من الممكن أن يصنف أهل وزيرستان وقبيلة محسود الذين حاربوا على أرض بلادهم ضمن أرقى المقاتلين فى العالم».
وبعد فشل محاولة 1894 لتأسيس محمية فى وزيرستان، حيث صارت المناطق ملاذاً آمنا للخارجين على القانون بسبب إصرار القبائل على الانفصال، كتب ريتشارد بروس، المفوض المحلى من الحكم البريطانى: «طالما ظل فى بلدهم بُردة، سوف يستطيع من خلفه الملالى وغيرهم من الزمر المطبوعة على الشر، تفريخ جميع صنوف المؤامرات والخبائث».
وقبل قرن من الزمان، ثار جدل حول كيفية التعامل مع الوزيرستانيين الشرسين، يشابه ما يبحثه البيت الأبيض بخصوص سياسة الولايات المتحدة فى أفغانستان.
ودارت القضية فى الأساس حول ما إذا كان ينبغى الاعتماد على الضربات العسكرية التأديبية («مكافحة الإرهاب» بالتعبير الحديث) أو تبنى سياسة أوسع للتنمية السياسية والاقتصادية بغرض مساعدة السكان («مكافحة التمرد»).
وكان النهج المعروف آنذاك هو نظام «إغلاق الحدود». وفى دراسة مشهورة تمت عام 1938 عن وزيرستان، أوضح اللفتنانت كولونيل تشارلز إى بروس (وهو نجل المفوض الذى اقتبسنا عنه آنفاً) أن «سياسة عدم التدخل المصحوبة بالحملات التأديبية» مثلت فشلا ذريعا: ففى ظل ذلك النظام، لم يترك حزام المناطق القبلية هذا... فى حالة فوضى والاضطراب فحسب، وإنما ظل واستمر بمثابة ملاذ للخارجين عن القانون والعصابات المغيرة».
ويرى بروس نهجاً أفضل أطلق عليه «نظام سانديمان،» نسبة إلى السير روبرت سانديمان، رجل الإدارة الاستعمارية فى بلوشستان بالجنوب. وركز هذا النهج على التنمية الاقتصادية و«الرعاية الاجتماعية للقبائل» ويخلص إلى أنه «من البديهى أن مشكلة الحدود مشكلة اقتصادية أكثر من كونها مشكلة عسكرية. ومع ذلك، هل نحن نتصرف دائما كما لو أننا نتذكر هذا»؟
وطرح بروس فكرته عن نهج مكافحة التمرد إثر انتفاضة 1936 فى شمال وزيرستان بقيادة الملا ميرزا على خان، المعروف بلقب فقير إيبى، وهو ملا متقد حماسة على غرار أسامة بن لادن حالياً. وتعقبه البريطانيون مع فرقته من الجهاديين بواسطة قوات قوامها أربعون ألف جندى. حتى إنهم قصفوا كهوفه من الجو، ولكنهم لم ينجحوا أبدا فى القبض عليه أو قتله. وقال ضابط بريطانى فى أسى «وجدنا الرماد المتخلف عن النار التى أشعلها مازال دافئا فى الكهف، ولكنه كان قد فر. إذ كان مرشدنا كالعادة ينقل المعلومات إلى الطرفين».
وسوف يلاحظ دارسو التاريخ أن فقير إيبى المخيف توفى أخيرا لأسباب طبيعية فى 1960، وكان حينها نسيا منسيا.
Washington Post Writers Group


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.