وصلت فريدة متأخرة على حصة الباليه التى تعتبرها مجرد ترفيه أسبوعى يوم الإجازة بعيدا عن الدراسة، وليس حبا فيه باعتبارها فنا مختلفا عن باقى الألعاب الرياضية فى النادى، وعلى الرغم من تفضيلها للاسكواش الذى تمارسه منذ عامىن، فإنها بارعة فى أداء حركات الباليه، وتتقنها بسبب قصر قامتها التى تمكنها من التحكم فى جسدها بسهولة على حد وصف لمياء مدربة الباليه. فريدة بدأت ممارسة الباليه منذ ثلاث سنوات، كان عمرها وقتها ست سنوات، عندما قررت والدتها أن تلحقها بنشاط الباليه الذى يقدمه النادى مثل أختها الكبرى، لكن فريدة لم تعرف وقتها «يعنى إيه باليه؟» وكل ما رسخ فى ذهنها عن هذا الفن هو حلم صغير راودها فى أن «ترقص أمام المرايا وهى واقفة على مشط رجلها» كما تفعل أختها. ترتدى فريدة «مايوه» وردى اللون، على الرغم من أن المتدربات من المفترض أن يرتدين الأسود فقط مع حزام أبيض عند الوسط، لكن لمياء تقول فى أسف «أنا بنبه كتير على اللبس بس ده نادى مش المعهد»، وصفت لمياء معهد الباليه بأنه محراب للعلم لا يجوز فيه الخطأ أو عدم الالتزام بالتعليمات. تنتهى فريدة من تدريب الاسكواش أولا «بعدها أجرى بسرعة علشان ألحق الباليه»، لكن لمياء المدربة ترى أن الفتاة المشتركة فى الباليه بالنادى «بتتعامل مع الباليه على أنه مجرد نشاط رياضى مش مهم أوى» حتى إنهن لا يلتزمن بحضور كل الحصص «كتير بتحايل عليهم يحضروا». تقارن لمياء بين دراسة الباليه فى المعهد وممارسته فى النوادى «اللى عايزة تكون محترفة فى الباليه لازم تشتغل كل يوم»، وهذا فى رأيها غير متوفر فى النوادى الرياضية إلا من خلال الحصص الفردية الخاصة، لأن الدراسة فى المعهد تبدأ من الصف الرابع الإبتدائى، يتقدم الطالب أو الطالبة لاختبارات اللياقة، التى يشترط بها أن يكون الطالب سليما جسمانيا لا يعانى من عيوب خلقية تمنعه من تأدية حركات الباليه. يبدأ الطالب مع المعهد من الثامنة صباحا فى دراسة مناهج الوزارة الدراسية وحتى 12 ظهرا، بعدها تبدأ تدريبات الباليه حتى الرابعة عصرا، ومدة الدراسة 9 سنوات، بعدها يتم عمل اختبارات لاختيار اللائقين للوقوف على مسرح دار الأوبرا والقيام بعروض خاصة، فضلا عن استكمال الدراسة التى تمنح الطالب شهادة المعهد إما فى الإخراج أو التدريس، ويمكنه بعد ذلك عمل دراسات عليا لمدة عامين. فريدة لا تريد أن تعمل فى المستقبل راقصة باليه «مش عايزة يبقى دا شغلى» لكنها تفضل المشاركة فى العروض التى يقيمها النادى سنويا بعد انتهاء التدريب، لمياء ترى استحالة فى أن تصبح إحدى متدربات فرق النوادى إلى الوقوف على خشبة مسرح لتؤدى رقصة باليه حقيقية «مهما اتعلموا هيفضلوا هواة مش محترفين» لأن ساعات تدريبهم قليلة جدا. وتصف لمياء بعد خبرة 22 عاما فى الباليه، أنه أرقى فنون الرقص المعبر شاملا التمثيل الصامت بكل الأحاسيس لذلك تجد صعوبة فى البداية فى تعليمه للصغار «الباليه مؤلم فى حركاته»، لذلك تنصح أن يكون دخوله عن حب واقتناع، تقول إن هناك أما كان حلمها أن ترقص باليه فتفرضه على ابنتها، وهذا أسلوب خطأ لأن الطفل من الأفضل أن يمارس ما يحب «أنا نصحت أمهات كتير يخرجوا ولادهم من الباليه علشان التدريب بقى بالدموع». رفضت لمياء كثيرا من الأطفال لعيوب خلقية منها «الحوض المقفول، والظهر المقوس» فهى قبل أن تدخل فى تدريب الفتيات على فنون الباليه تقوم بتدريبهن على شد الساقين والظهر والركبة حتى تحكم بها على الشخص إذا كان لديه اللياقة المطلوبة أو لا، وتعتبر لمياء وزن راقصة الباليه من أهم الشروط فى المعهد التى لا تستطيع هى التحكم بها فى متدربات النادى «المفروض يكون الوزن أقل من الطول 20 كيلوجراما».