نظم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، اليوم، في قاعة الأوديتوريوم لقاءً حول الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ، بمشاركة وفد إسباني مكون من 80 فردًا. وأدار اللقاء الأديب منير عتيبة مدير مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، وتحدث فيها الأديب والأثري الدكتور حسين عبدالبصير، وحمدي زكي مستشار مصر السياحي بالولايات المتحدةالأمريكية وإسبانيا سابقًا. وبدأ "عتيبة" حديثه قائلا إن نجيب محفوظ عشق الإسكندرية وأحبها كثيرا، وكتب عنها العديد في رواياته. وأضاف "عتيبة" -خلال كلمته- أن نجيب محفوظ استطاع أن يلامس روح التاريخ في بلاده، وأن يعرف ماهية الشخصية التي يكتب عنها، وهي الشخصية المصرية. وأشار "عتيبة" إلى أن "محفوظ" لم يكن كاتبا للحواديت، ولكنه كان كاتبا للإنسان؛ لذلك كان مشروعه الكبير أن يكتب تاريخ مصر. ولفت "عتيبة" إلى جائزة نوبل في الأدب التي حصل عليها "محفوظ"، قائلا إن نجيب محفوظ لم يتشرف بحصوله على جائزة نوبل، ولكن جائزة نوبل هي التي تشرفت ببعض الأسماء الكبيرة التي حصلت عليها، ومنهم نجيب محفوظ. وأوضح "عتيبة" أن "محفوظ" كان يقدس المرأة؛ حيث إن من ربته هي والدته، وكانت سيدة فقيرة. بدوره قال الدكتور حسين عبدالبصير، إن الأديب نجيب محفوظ كان من أفضل من كتب عن مصر الفرعونية، وبدأ حبه لها حين كان طفلاً صغيرًا يعيش في منطقة الحسين، حيث كانت والدته تصطحبه لزيارة الأماكن الأثرية خصوصًا المتحف المصري بوسط القاهرة، مشيرا إلى أن "محفوظ" كتب عددًا من أعماله عن تاريخ وآثار حضارة مصر الفرعونية العريقة. وأوضح "عبدالبصير" أن نجيب محفوظ قام في نهاية مرحلة دراسته الثانوية بترجمة كتاب "مصر القديمة" للمؤلف جيمس بيكي؛ لتحسين لغته الإنجليزية، ثم أرسله بعد ذلك إلى الأستاذ سلامة موسى، الذي أصدره في دار النشر الخاصة به وأرسل منه نسخة بالبريد للطالب نجيب محفوظ، لافتا إلى أن بعدها نشأت علاقة قوية بين التلميذ نجيب محفوظ وأستاذه وأبيه الروحي سلامة موسى، ونشر هذا الكتاب عام 1932. وتابع "عبدالبصير" أن نجيب محفوظ يعد واحدًا من أوائل الروائيين العرب الذين مزجوا في كتاباتهم بين الأدب والفلسفة، كما أنه تأثر بأستاذه الأدبي الكاتب الكبير توفيق الحكيم وروايته "عودة الروح"، التي استوحى فيها توفيق الحكيم أسطورة إيزيس وأوزيريس من أجل بعث وإحياء مصر والأمة المصرية. وأشار "عبدالبصير" إلى أن ثلاثية نجيب محفوظ الفرعونية "عبث الأقدار"، و"رادوبيس"، و"كفاح طيبة"، ورواية "العائش في الحقيقة"، تعتبر هي الأعمال الروائية الفرعونية في مسيرة أديبنا الطويلة، موضحا أن رواية "عبث الأقدار" عام 1939 تعتبر أول رواية كتبها نجيب محفوظ في مسيرته الأدبية، وأول رواية فرعونية هدف بها بدء مسيرة لم تكتمل تقص تاريخ مصر بشكل قصصي، وكان محفوظ أطلق عليها اسم "حكمة خوفو"، غير أن أستاذه سلامة موسى غيّر الاسم إلى الاسم الحالي "عبث الأقدار". وأضاف "عبدالبصير" أن رواية "العائش في الحقيقة" عام 1985 هي آخر ما كتبه "محفوظ" من أعمال عن مصر الفرعونية، الذي سرد فيها قصة فرعون مصر الأشهر "أخناتون"، والتي تعتبر من أبدع الأعمال الفنية التي كتبت عن ذلك الفرعون، الذي وصفه بالمثير. ومن جانبه، قال المستشار حمدي زكي إنه تم ترجمة عدة روايات لنجيب محفوظ إلى الإسبانية، كما تم عمل فيلم مكسيكي عنه من بطولة الممثلة العالمية سلمى حايك. وأشار "زكي" إلى أن نجيب محفوظ اعتاد الجلوس على مقهى "كشتمر" في حي الضاهر بالقاهرة، وكان يتناول عليها المشروبات ويطلق العنان لخياله بشخصياته السينمائية إلى الصراع بين العدالة والظلم وبين الوطنية والفساد. أما عبدالعزيز قنصوة محافظ الإسكندرية، أشار في كلمته -التي ألقاها نيابه عنه أحمد جمال نائب المحافظ- إلى قوة العلاقات المصرية الإسبانية المميزة، مؤكدا أن هذا اللقاء يعكس أهمية نجيب محفوظ العالمية، والذي أثرى العديد من المكتبات العالمية بكتبه، كما يعد أكبر كاتب عربي تم ترجمة مؤلفاته إلى 40 لغة. وتم عرض مقتطفات من فيلمي "زقاق المدق" و"بداية ونهاية"، والذين أنتجتهما المكسيك باللغة الإسبانية، إلى جانب عدد من الحوارات التي أجراها حمدي زكي مع نجيب محفوظ.