قال أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، إن الإسلام حضارة خالدة أنارت العالم بتعاليمها وعلمها عبر التاريخ. وأضاف العثيمين، في كلمته بالقمة الإسلامية ال14 المنعقدة بمكةالمكرمة مساء أمس، أن هذه القمة ستشكل علامة فارقة في تاريخ منظمة التعاون الإسلامي، التي تتوج عامها ال50 يحدونا جميعا من إرادة صادقة وعزيمة قوية للتعاضد يدا بيد لمستقبل أفضل لشعوب دولنا وموقف موحد تجاه قضايا عالمنا الإسلامي. وثمن حرص المملكة العربية السعودية، التي تستضيف مقر منظمة التعاون الإسلامي، على دعم المنظمة وتعزيز دورها في محيطها الإقليمي والدولي بما توفره من تسهيلات وإمكانات. وقدم العثيمين، التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود باسم منظمة التعاون الإسلامي بمناسبة توليه لرئاسة هذه القمة انعكاسا للمكانة وللقيادة الروحية للمملكة العربية السعودية في العالم الإسلامي. وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف العثيمين، إن مسيرة العمل الإسلامي المشترك حققت، من خلال الجهود الخيرة للدول الأعضاء وبالتعاون والتنسيق فيما بينها وفي إطار المنظمة، حصيلة إيجابية في مختلف المجالات وزخما متواصلا في معالجة قضايا العالم الاسلامي والتعاطي الفاعل مع الأوضاع السائدة على المستويين الإقليمي والدولي. وأكد أن الأزمات والتحديات التي تواجه العالم الإسلامي ودوله تستوجب أكثر من أي وقت مضى مواصلة الجهود والبناء على ما تحقق من تضامن إسلامي متين قوامه الروابط الأخوية الوثيقة التي تجمع بين الدول الإسلامية سنده القيم الإسلامية السمحة والتكافل لمواجهة مختلف التحديات ومعالجة أوضاع المنطقة ونصرة قضايانا العادلة وتسوية الأزمات بالطرق السلمية بما يدرء المخاطر التي تهدد شعوبنا وأمن واستقرار بلدانا ومصالحة منطقتنا. وأوضح العثيمين أن في مقدمة هذه التهديدات آفتي الإرهاب والتطرف طاعوني العصر وسرطانه اللتين مازالتا تتربصان بالأمن والاستقرار في المنطقة والعالم والدال على ذلك هي العمليات الإرهابية التي شهدتها دول غير إسلامية والتي أثبتت أن الإرهاب لا دين له ولا جنسية ولا عرق، وأبرزها الحادث الإرهابي الذي وقع في شهر مارس الماضي وراح ضحيته 50 أمنا من المصلين في مسجدين في نيوزيلاندا. وأضاف: "وليس بزمن بعيد شهدت المملكة العربية السعودية اعتداء إرهابيا آثما على محطات الضخ البترولية مستهدفة مصالح الدول وامدادات النفط العالمية، كما تعرضت 4 سفن تجارية لأعمال تخريبية في المياة الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة مهددة أمن وسلامة وحركة الملاحة البحرية العالمية، كما تحاول المليشيات الإجرامية الحوثية استهداف هذه الأرض المباركة موجهة صواريخها الإرهابية إلى أقدس بقاع الأرض. وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف العثيمين، إن منظمة التعاون الإسلامي أقرت في اجتماعين وزاريين طارئين عقدا في مكةالمكرمة لبحث تداعيات مليشيات الحوثي صواريخ باليستية على مدن المملكة باتخاذ الخطوات اللازمة لمنع تكرار هذه الاعتداءات الآثمة في المستقبل، وطالبت من جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات جادة وفعالة لمنع حدوث أو تكرار هذه الاعتداءات. وأوضح العثيمين أن المساس بأمن المملكة العربية السعودية كدولة عضو في المنظمة ومقرا لها إنما هو مساس بأمن وتماسك العالم الإسلامي بأسره، مؤكدا تضامن المنظمة التام مع المملكة في كل ما تتخذه من إجراءات للدفاع عن أمنها واستقرارها اتساقا مع ميثاقي منظمة التعاون الاسلامي والامم المتحدة. وأشار إلى أن منظمة التعاون الاسلامي تجدد رفضها المطلق للمحاولات المقصودة لربط ديننا الإسلامي الحنيف بالأعمال الإرهابية التي تقترفها جماعات إجرامية مارقة لا علاقة لها بالاسلام وتعاليمه النيرة وقيمه السمحة. وأكد أن المنظمة تسهم مع الأجهزة التي نشأت في بعض دولنا لنشر الصورة الصحيحة للإسلام النقي الصافي دينا الاعتدال والوسطية والمحبة والتسامح والعيش المشترك ديننا الذي لا يتعارض مع ضرورات العصر ويواكب مستجداته بما ينفع البشرية. وقال العثيمين إن القضية الفلسطينية تبقى في أعلى سلم أولوياتنا جميعا بالنظر لمكانتها المركزية لدى جميع الدول الأعضاء وتنعقد هذه القمة الإسلامية في ظرف حرج نظرا لما تشهده قضية فلسطينوالقدس من تحديات سياسية واقتصادية وإنسانية، لافتا إلى أن سلاما عادلا وشاملا هو الحل الأمثل ضمن مفاوضات تأخذ في الحسبان المبادرة العربية ورؤية حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية. وأكد العثيمين على دور الذي تقوم به وكالة الأونروا وضرورة دعمها سياسيا وماليا لتمكينها من الوفاء بولايتها الأممية مشيدا بقرار إنشاء صندوق الوقف الانمائي لدعم اللاجئين الفلسطينيين، وحث الدول الأعضاء بتقديم مساهمات مالية في رأس مال الصندوق. وأوضح العثيمين أن المنظمة تشيد باستئناف جلسات مجلس النواب اليمني كخطوة في طريق استعادة وتعزيز مؤسسات الدولة اليمنية في إطار وجهود ودعم الشرعية وفق قرارات خليجية وأممية صادرة بهذا الشأن وجهود قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وجهودها الإنسانية السخية في اليمن. وقال إن ما يشهده عالمنا الإسلامي من حروب ونزاعات وانقسامات لا يجب بأي حال من الأحول أن يعطل مسيرة التنمية والتطور في دولنا وتطلعا إلى ضمان الرفاهية والتنمية لشعوبنا وتعمل المنظمة من جهتها، وحسب التوجيهات التي تم إقرارها في القمم والاجتماعات الوزراية السابقة إلى توفير الأطر المناسبة للدول الأعضاء لتعزيز علاقاتها الاقتصادية وتطوير التجارة البينية واصلاح هيكلة الاقتصاد بها. وقال العثيمين: "نجتمع اليوم وشعوب العالم الإسلامي تعلق آمالا عريضة على توصل قمتنا لنتائج تعزز من مسيرة العمل الإسلامي لمواجهة تحديات المرحلة، وأذكّر بأهمية تنفيذ الخطة العشرية 2025 التي تم اعتمادها في الدورة السابقة لمؤتمر القمة التي نعمل مع كل الأطراف المعنية على تنفيذها". وتابع: نحن على ثقة تامة بأن المملكة العربية السعودية، التي عَهِد منها الجميع دورا رياديّا ومركزيّا في إعلاء مكانة الإسلام والمسلمين، ونصرة الحق، وتغليب الحوار، وتركيز سنّة التضامن الإسلامي، ستواصل دورها، بإذن الله، خلال رئاستها لهذه الدورة، بكل عزمٍ واقتدارٍ، لمواجهة التحديات الراهنة، بحكم ريادتها الروحيّة للعالم الإسلامي، ومكانتها السياسية والاقتصادية المتميزة في العالم. وفي ختام كلمته، قال الدكتور العثيمين: "نحن على هذه الأرض الطيبة، وفي هذا الشهر الكريم، وهذه الليلة المباركة، مستشعرين فضل الزمان وشرف المكان، كلي ثقة، بمشيئة الله، في قدرتكم أنتم على تحقيق تطلعات شعوبنا، وآمال مجتمعاتنا، والحفاظ على مصالح بلداننا، لتبقى سالمةً آمنةً مزدهرةً ومستقرة.. اللهم اجعل هذا البلد آمنا وسائر بلاد المسلمين.. كشف الله الغمّة عن الأمة".