تحل في 9 مايو من كل عام ذكرى ميلاد الكاتب الكبير جمال الغيطاني، والذي ولد في صعيد مصر بمحافظة سوهاج في منتصف الأربعينيات، وانتقل من الصعيد إلى القاهرة ليعيش في أحياءها العريقة، فيقوم بداخله فنان وروائي استطاع تقديم التراث المصري بشكل مختلف في كتاباته. كانت حياته مليئة بالأحداث عمل كرسام في المؤسسة المصرية العامة للتعاون الإنتاجي، وتم اعتقاله من أكتور عام 1966 وحتى مارس 1967، ثم عمل مراسلاً حربيا في عام 1969 بمؤسسة أخبار اليوم ومن مراسل إلى قسم التحقيقات، وبعد عمله بالأخبار لمدة جاوزت العشر سنوات، أصبح رئيس القسم الأدبي بالمؤسسة، وأسس مجلة أخبار الأدب عام 1993. ألف العديد من الكتب والروايات، منها الزيني بركات الذي تحول لمسلسل من بطولة النجم أحمد بدير، ووقائع حارة الزعفراني ووقائع حارة الجمبلاطي، وفارق عالمنا عام 2015. وتستعرض "الشروق" في ذكرى ميلاده ال74، ملامح القاهرة بعيون الغيطاني، من خلال قراءة في كتابة "ملامح القاهرة في ألف سنة".. * مقاهي القاهرة يقول الغيطاني في كتابه أن المقاهي وجدت في القاهرة قبل القرن السادس عشر الميلادي، وهو التاريخ الذي دخلت فيه القهوة مصر، واستمدت المقاهي اسمه منها، وكان قبلها يوجد أماكن يجلس فيها الناس ويشربون مشروبات أخرى مثل الكركديه والحلبة والزنجبيل، ودخلت القهوة مصر على يد أبو بكر بن عبدالله "العيدروس" في عام 905 هجرية، بينما ظهر الدخان في المقاهي القاهرية عام 1012 هجرية. والمقهى هو غرفة صغيرة ذات واجهة خشبية تقام أمامها مصاطب من الحجارة وتفرش بالحصير ويبلغ ارتفاعها قدمين أو ثلاثة، وأخرى استبدل المصاطب فيها بالدكك الخشبية، وكان يوجد بالقاهرة في القرن التاسع عشر الميلادي أكثر من ألف مقهى، وأشهر أدوات القهوة هي النرجيلة الخاصة بالدخان في ذالك العصر. أهم ما يميز المقاهي في هذا الوقت هو قصص الملاحم الشعبية مثل السيرة الهلالية وأبو زيد والظاهر بيبرس وقصص فتوح اليمن المعروفة برأس الغول وعنترة وألف ليلة وليلة. * أسواق القاهرة يقول جمال الغيطاني في كتابه ما يميز الأسواق القاهرية والعربية بشكل عام والتي تتشابه فيما بينها، هو التخصص أو التقسيم النوعي أي لكل نوع من التجارة مكانه المخصص لجلوس التجار وفتح الحوانيت "المحلات" الخاصة بها، فحوانيت القصاصين تصطف بجوار بعضها، وهكذا الخضار. أشهر الأسواق التي تواجدت في القاهرة هي سوق القصبة والذي كان يضم أكثر من 12 ألف حانوت كما ذكر المقريزي، وخان الخليلي مجمع التحف وآيات الإبداع، والحمزاوي المحمل بالتوابل والعطور، وسوق التربيعة وسوق المحميدية، وسوق المرحلين المتخصص في بيع الجمال وكان في عصر السلطان برقوق ولم يبق له أثر الآن، وسوق حرارة برجوان كان في العهد الفاطمي. تمتلئ تلك الأسواق بالحوانيت، وهي عبارة عن دكان مربع الشكل يتكون من غرفة أو اثنين ارتفاعها 6 أقدام وعرضها 3 أو 4. * مساجد القاهرة ونذكر منها مسجد الشيخ المؤيد ومأذنتاه القائمتان في الفراغ بجوار باب زويلة، بني في القرن الثالث عشر الميلادي. ومسجد الحاكم بأمر الله مأذنتاه شيدتان على نمط منارة الإسكندرية وبني خارج أسوار القاهرة، وبني عام 989ميلادية. * بيوت القاهرة يصفها الدكتور جمال في كتابه قائلاً:" الشوارع ضيقة غير مرصوفة ومتعرجة ومبلطة بالحجارة المضلعة، ومساحات هائلة المساحة غير منظمة تترع منها أزقة صغيرة". أما البيوت فهي متراصة بجوار بعضها البعض، تكاد الأسطح تلتصق، وفي جدران المنازل الخارجية لا ترى غير المشربيات، وهي النوافذ المصنوعة من الأعمدة الخشبية الرفيعة. والأبواب مقوسة من أعلى، ومزخرفة بالنقوش العربية، وبها مقبض كبير نحاسي على هيئة كف آدمي، وغرف النساء معزولة بالطابق الأعلى، وهو المسمى بالحرملك، واسم الحرملك من جلوس الحريم به، وحريم أي محرم على الغريب ومحلل للسيد نفسه صاحب البيت.