بعد ساعات قليلة من الانفتاح الذى شهدته العلاقات السورية التركية من خلال إعلان البلدين عزمهما إبرام عدة اتفاقيات فى مجالات أمنية وعسكرية، أعلنت سوريا أمس أنها ستجرى مناورات عسكرية مع تركيا، وذلك بعد وقت قصير من إلغاء تركيا مناورات مع إسرائيل. وقال وزير الدفاع السورى على حبيب فى مؤتمر صحفى، إن بلاده أجرت أول مناورات عسكرية برية مشتركة مع تركيا فى الربيع الماضى. وأضاف أنه تم الاتفاق على إجراء مناورات أكثر شمولا وأكبر حجما. وأشاد وزير الخارجية السورى وليد المعلم بقرار أنقرة إلغاء المناورات التركية الإسرائيلية «نسر الأناضول» الذى يعكس الطريقة التى تنظر بها تركيا إلى الهجوم الإسرائيلى على غزة. وقد استبق التحرك العسكرى التركى السورى، مجموعة من النقلات الدبلوماسية فقد اتفقت سوريا وتركيا على إبرام اتفاقيات عدة فى مجالات أمنية وعسكرية، فى ختام أعمال مجلس التعاون الاستراتيجى التركى السورى، مبدية انفتاحها على تشكيل مجلس مماثل مع أى دولة عربية تعلن رغبتها فى ذلك. وتم التحضير خلال أعمال المجلس لعقد ما يزيد على 30 اتفاقية و10 بروتوكولات ومذكرة تفاهم، تشمل مجالات الدفاع والأمن والاقتصاد والصحة والزراعة والرى والبيئة والكهرباء والبترول والنقل. ويسعى الطرفان إلى أن «تكون الاتفاقات جاهزة للتوقيع» خلال زيارة رئيس الوزراء التركى إلى سوريا فى ديسمبر المقبل. وقد تم بالفعل التوقيع أمس الأول على اتفاقية إلغاء سمات الدخول إلى البلدين لرعايا الدولتين. من جانبها أكدت جامعة الدول العربية ترحيبها بتطور العلاقات بين تركيا وسوريا وصرح السفير هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ل«الشروق» أن الجامعة ترحب بتطور العلاقات بين البلدين بشكل إيجابى وكذلك التعاون بين العراق وتركيا، معتبرا أن التعاون بين تركيا والدول العربية لا يسبب أى قلق بل على العكس من ذلك نحن سعداء بهذا التعاون الذى يأتى مصاحبا لإقامة المنتدى العربى التركى الذى عقدت دورته الأولى باستانبول فى أكتوبر الماضى وتم خلالها التوقيع على اتفاق الإطار فى مجالات التعاون السياسى والأمنى والتحالف بين الحضارات والتنمية الثقافية. وأضاف يوسف أنه تم تشكيل فريق عمل لوضع استراتيجية وخطة عمل تشمل جميع أوجه التعاون بين الجانبين العربى والتركى وسيتم عرض ما تم التوصل إليه على الدورة الثانية للمنتدى العربى التركى على مستوى وزراء الخارجية فى دمشق خلال أسابيع. وعن المناورات السورية التركية، أوضح مصدر دبلوماسى سورى رفيع ل«الشروق» أن قرار المناورة يعد قرارا سياسيا لدى الطرفين السورى والتركى أكثر منه قرارا عسكريا، مضيفا أن سوريا تريد أن ترسل من خلاله رسالة إلى أطراف إقليمية بأن «قوة ونفوذ الآخرين لا تتعارض مع الأجندة السورية المنفتحة على تحالفات استراتيجية تخدم مصالحها». وأشار المصدر إلى أن العلاقات الحدودية المشتركة مع العراق والتحديدات المقبلة من محيطهما الجغرافى كانا دافعا مهما لكل من سوريا وتركيا لدفع تعاونهما لمستويات أعلى. من جانبها، نفت تركيا وجود أى دافع سياسى وراء قرار «تأجيل» المناورات مع إسرائيل، ودعت إسرائيل إلى إبداء «التعقل» فى تصريحاتها. وعلق الخبير العسكرى اللواء محمد قدرى على المناورات الجديدة بالقول إن تركيا أرادت أن تبعث برسائل سياسية على منها عدم رضاها عن سياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، خاصة مع تولى تركيا دور الوساطة بين السوريين والإسرائيليين. وكانت العلاقات بين تركيا وإسرائيل قد شهدت توترا حادا خلال الفترة الماضية بسبب انتقادات صارمة وجهها رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان للهجوم الإسرائيلى الذى استمر ثلاثة أسابيع على قطاع غزة. إلا أن تركيا وإسرائيل نفتا الاثنين أن إلغاء مناورات القوات الجوية التى كانت مقررة هذا الأسبوع يمثل تهديدا للعلاقات الثنائية القديمة أو للمصالح الاستراتيجية. وقد جدد وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو أمس الأول موقف أنقرة الذى يتمثل فى أنها لم تشر إلى إسرائيل بالتحديد كعقاب سياسى لإلغاء المناورات العسكرية التى كانت ستضم أيضا الولاياتالمتحدة وايطاليا وحلف الأطلسى. لكنه قال فى تصريحات فى حلب: «الحساسيات الخاصة بغزة والقدس الشرقية والمسجد الأقصى موجودة. إذا أخذت هذه الحساسيات فى الاعتبار فإن عملية السلام ستستأنف فى المنطقة». من جانب آخر، كشفت صحيفة «تودايز زمان» التركية أمس النقاب عن أن تركيا ألغت المناورات يرجع إلى تأخر إسرائيل فى تسليمها عدد من الطائرات بدون طيار، وليس معارضة أنقرة للعمليات العسكرية على قطاع غزة.