"اليورو".. ثاني أهم عملة بعد الدولار الأمريكي على مستوى النظام النقدي الدولي، وفي الذكرى ال20 لاعتماده عملة موحدة للاتحاد الأوروبي في 1 يناير 1998 يواجه اليورو تحديًا هائلًا للبقاء كعملة موحدة؛ في ظل أزمات الديون السيادية المتلاحقة لدول منطقة الاتحاد الأوروبي فبعد انتهاء أزمات وأيرلندا وقبرص وإسبانيا والبرتغا، واتجاه اليونان للتعافي ظهرت عاصفة إيطالية جديدة من شأنها تهديد اليورو كعملة موحدة أيضا. توقعات البنك المركزي الأوروبي بشأن اليورو لم تكن متفائلة حيث يتوقع "ضغوطا تضخمية" وتباطؤ اقتصادي في منطقة اليورو وعلى مستوى العالم، بحسب ما أوردت وكالة اليورونيوز الخميس الماضي، وبطبيعة الحال لم تكن أزمة الديون السيادية لبعض دول منطقة اليورو بمعزل عن توقعات المركزي الأوروبي. البداية بدأت بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 إثر انهيار بنك بنك ليمان براذرز؛ إذ أصبحت منطقة اليورو باستثناء ألمانيا تعاني ركودًا اقتصاديًا كما تعاني ارتفاعًا في مستويات الدين الحكومي ومعدلات البطالة أيضًا. بدأت الأزمة في دول جنوب المنطقة كالبرتغال واليونان وقبرص قبل أن تشمل موخرًا إسبانيا وإيطاليا لكن بشكل أقل حدة. ثمان سنوات عجاف باليونان لا تزال اليونان تعاني آثار 8 سنوات عجاف؛ بعدما آثرت الحكومة اليونانية القبول بإجراءات التقشف لتلافي الخروج من منطقة اليورو. في أغسطس الماضي خرجت اليونان من برنامج الانقاذ الأوروبي بعد تلقيها الدفعة الأخيرة من قروضه والتي تلقت بموجبها على مدى ثلاث خطط متتالية في أعوام 2010 و2012 و2015 قروضا بقيمة 289 مليار يورو. لم تكن اليونان أولى الدول التي تمر بأزمة في منطقة اليورو بل سبقتها إلى أزمات الديون السيادية كل من البرتغال وأيرلندا وإسبانيا وقبرص، إذ كانت اليونان آخر دول منطقة اليورو التي لا تزال قيد المساعدة الأوروبية منذ الأزمة الاقتصادية التي عرفتها هذه المنطقة. إيطاليا والمفوضية الأوروبية : تهديدات متبادل وبعد اقتراب أزمة اليونان من الحل تفجرت أزمة جديدة في نوفمبر الماضي بعد أن طالب المصرف المركزي الأوروبي إيطاليا إحدى الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي بالالتزام بقواعد التقشف وتصحيح ميزانيتها للعالم 2019؛ التي اعتبرت أنها سيرفع معدلات العجز بالاتحاد الأوروبي إلى 2.9% العام المقبل وإلى 3.1% عام 2020. كما هدد أنه سيفرض عقوبات على إيطاليا قد تبلغ إلى 0.2% من ناتجها المحلي الإجمالي في حال لم ترجع عن ميزانيتها لكن الائتلاف الشعبوي الحاكم رفض وهدد هو الآخر بالخروج من الاتحاد الأوروبي. ويبلغ حجم الاقتصاد الإيطالي عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني، بالإضافة إلى أنه في حال تعرض إيطاليا لأزمة إفلاس فق قد تلقي بظلالها على دول أوروبية أخرى اقترضت إيطاليا منها مليارات اليوروات بينما لا يمكن لآلية الإنقاذ الأوروبي تقديم مساعادات إضافية لها بسبب محدودية ميزانيتها، الأمر الذي دفع وزير مالية فرنسا برونو لومير لتحذير إيطاليا من أن منطقة اليورو غير مستعدة لمواجهة أزمة اقتصادية جديدة، ومطالبتها في تصريح نقلته شبكة "يورونيوز" أكتوبر الماضي، دول منطقة اليورو الالتزام بإجراءات التقشف للحصول على اتحاد مصرفى صلب. محاولات لإتقاذ منطقة اليورو يسعى الاتحاد الأوروبي لإنقاذ منطقة اليورو إذ أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الجمعة 14 ديسمبر، أن رؤساء الدول والحكومات ال27 في الاتحاد الأوروبي توافقوا على موازنة جديدة تتضمن حزمة إصلاحات من شأنها تعزيز قوة صندوق إتقاذ منطقة اليورو والذي يقرض الدول التي تواجه انهيارا ماليًا بحسب الوكالة الألمانية. إسبانيا واليونان والبرتغال تتعافي ولكن وبالرغم من أن حجم ديون البرتغال وقبرص وإسبانيا، التي يطلق عليها اسم "PIGS" بدأت بالتراجع في العام 2017 بعد مرور تسعة أعوم على الأزمة الاقتصادية،بحسب وكالة الأنباء الروسية، بالإضافة إلى تراجع إجمالي ديون الاتحاد الأوروبي إلا أن حجم الازمة الإيطالية والتي تعد إحدى الدول الؤسسة للاتحاد الأوروبي لا بمكن الاستهانة بها إذ توقع البنك المركزي الأوروبي أن تعاني منطقة اليورو ضغوطًا تضخمية ومرور الاقتصاد العالمي بحركة تباطؤ وموجات تضخمية في العام المقبل. أزمة إيطاليا تهدد اليورو وتتجاوز ديون إيطاليا والمقدرة بنحو 2.3 تريليون يورو نسبة 132% من إجمالي ناتجها المحلي، وتعادل ثلث الديون السيادية لكافة دول منطقة اليورو إذ تعاني هبوط كبير في إنتاجها الصناعي، وانكماش اقتصادي مستمر، وتراجع موارد الدولة مقابل زيادة كبيرة ومستمرة في الرواتب، وفشل الاتحاد الأوروبي في تحقيق نمو اقتصادي يسهم في إصلاح ميزانيتها بسبب محدودية ميزانيته.