• نشر لقطات نادرة للمدفعية المصرية في عيدها الذهبي.. وتخليد ذكريات أبطال السلاح والبطولات التي تم تحقيقها على مدار تاريخها.. «اللواء عبدالتواب هديب» جنرال المدفعية الذهبي احتفلت القوات المسلحة، اليوم السبت، باليوبيل الذهبي لسلاح المدفعية، والذي يعد درعا من دروع قواتنا المسلحة التي تحمي تراب الوطن وتصون مقدساته، ويأتي الاحتفال تكريماً لرجال سلاح المدفعية تقديرا لتفوقهم وتفانيهم في أداء مهامهم خلال الحقبة التاريخية الماضية، كما يتواكب الاحتفال مع الذكرى ال45 لحرب أكتوبر المجيدة. وكرمت القوات المسلحة القادة والضباط المتميزين من رجال سلاح المدفعية تقديرا لتفوقهم وتفانيهم في أداء مهامهم، كذلك تكريم رموز المدفعية وأسرهم الذين ساهموا في أن يظل سلاح المدفعية عريقاً مدافعاً عن أمن واستقرار الوطن، بحضور عدد من قادة القوات المسلحة وقدامى مديري سلاح المدفعية. واتُخذ يوم 8 سبتمبر عيدا للمدفعية؛ لما حققه رجال المدفعية المصرية من بطولات في ذلك اليوم، حيث كان قرار اللواء أ.ح عبدالتواب أحمد هديب مدير المدفعية، يوم 8 سبتمبر عام 1968، الذي اتخذه بناءً على المعطيات السياسية والعسكرية ورداً على قيام العدو الإسرائيلي بقصف «الزيتية» بمدينة السويس، بتنفيذ قصفة نيران مركزة قوية ضد جميع الأهداف المعادية على طول مواجهة قناة السويس، وبعمق حتى 10 كيلو مترات بغرض تدمير الخط الدفاعي الأول الذي بدأ العدو الإسرائيلي بناءه على الجانب الشرقي للقناة، وتكبيده خسائر فادحة قدرت بإسكات 17 بطارية مدفعية، وتدمير 6 بطاريات مدفعية، و19 دبابة، و27 دشمة مدفع ماكينة، و8 مواقع صواريخ أرض أرض، و4 مخازن وقود ومنطقة إدارية. وكان لقصفة النيران التي نفذت لمدة 3 ساعات متتالية بتجميع نيران 38 كتيبة مدفعية مما كان له الأثر الأكبر في رفع الروح المعنوية لقواتنا المسلحة، وإثبات أن جيش مصر قد هب من كبوته ليقول كلمته في الصراع الدموي الدائر بين العرب وإسرائيل، وأيقن العدو في هذا اليوم أن السيطرة النيرانية قد آلت للقوات المسلحة المصرية. واستمرت السيطرة النيرانية للمدفعية المصرية حتى بداية مرحلة الاستنزاف عام 1969، وتمكنت المدفعية المصرية يوم 8 مارس 1969 من تدمير الجزء الأكبر من الخط الدفاعي للعدو على الضفة الشرقية للقناة في قصفة نيران استمرت لمدة 5 ساعات، وتنفرد المدفعية المصرية عن باقي مدفعيات دول العالم بقدرتها على تجميع النيران، وحشد أكبر عدد من الكتائب للضرب في وقت واحد، وذلك ما ظهر جلياً في جميع معارك المدفعية المصرية حتى الوصول إلى أكبر حشد نيراني في حرب أكتوبر 1973، وهو أعظم تمهيد نيراني تم تنفيذه حتى الآن ويدرس في الكليات والأكاديميات العسكرية العالمية، وكان نقطة انطلاق لحرب 6 أكتوبر المجيدة. كما يمثل يوم المدفعية 8 سبتمبر 1968 علامة فارقة في تاريخ المدفعية المصرية؛ لأنها كانت نقطة التحول الرئيسية على الجبهة المصرية، وعلم العدو أنه هو الطرف الخاسر في حرب الاستنزاف، واعتبرت القوات المسلحة هذا التاريخ هو يوم المدفعية. وكان جنرال المدفعية الذهبي اللواء عبدالتواب هديب، في 8 سبتمبر 1968 اتخذ أحد أعظم قرارات حرب الاستنزاف بتوجيهات من الرئيس جمال عبدالناصر، بتنفيذ قصفة نيران مركزة قوية ضد جميع الأهداف المعادية على طول مواجهة قناة السويس، كانت ملحمة كتب سطورها اللواء هديب ورجال المدفعية بالتخطيط والتحضير الجيد والسرية في التنفيذ. وخلال دفع بعض الكمائن المصرية لاصطياد الدبابات والمركبات المدرعة الإسرائيلية في 26 أكتوبر 1968، ساهمت المدفعية بقصف شديد لستر أعمال القتال والتي نتج عنها 49 فرداً من العدو ما بين قتيل وجريح. وفي 8 مارس 1969، خطط اللواء «هديب» لتدمير الجزء الأكبر من خط «بارليف»، وأذاق الإسرائليين الأمرين بعد قصف شديد استمر لمدة 5 ساعات متواصلة أرهق العدو وشتت قوتهم. بعدها بيوم واحد وبخطواته الواثقة الهادئة، كان الفريق عبدالمنعم رياض على الجبهة برفقه اللواء عبدالتواب هديب للاطمئنان على الجنود وسير أعمال القتال مع العدو، قصف العدو الموقع فاستشهد الفريق وأصاب اللواء عبدالتواب هديب بإصابات طفيفة. جمع اللواء «هديب» في قصفه للعدو جميع الخبرات التي جناها منذ تخرجه من الكلية الحربية برتبة الملازم ثاني في 1 فبراير1939، وانضمامه إلى سلاح المدفعية، كان دفعة وصديق عبدالناصر ورفيق دربه في حركة الضباط الأحرار، وأحد من كان له دور باز في ثورة 23 يوليو حيث أوكل إليه منع تدخل القوات البريطانية المتمركزة في منطقة قناة السويس في الأحداث. ملامح وجهه تعكس صبرا وجلدا وحبا لوطنه، ولا عجب فقد ولد لعائلة مرموقة بمحافظة بني سويف، وظهرت تلك السمات جليا في حرب فلسطين حيث كان رئيس عمليات كتيبة مدفعية، فصمد مع رجاله أكثر من عام في حصار اليهود للقوات المصرية بقرية الفلوجا. تم إيفاده لبعثة إلى الإتحاد السوفيتي، والتحق بكلية أركان حرب عام 1953، كما سافر إلى بعثة تدريبية بدولة اليونان عام 1954، والتحق بأكاديمية ناصر العسكرية العليا. وكان ممن كتب عليهم القدر أن يكونوا رجال يوجهون دفة التاريخ، ويصدون عن وطنهم الغزاة والطامعين، حيث اندلع العدوان الثلاثي وهو في قلب الأحداث، وكان له مواقف بطولية في التصدي للقوات المعتدية، حيث شغل منصب قائد مدفعية الفرقة الرابعة المدرعة في تلك الفترة العصيبة، ثم قائداً لمدفعية المنطقة الشرقية، فملحقاً عسكرياً في بريطانيا والعراق، ثم عاد إلى مصر في نهاية 1966 وتم تعيينه رئيس أركان المنطقة الشرقية. ولكفاءته وخبراته تم اختياره مدير لسلاح المدفعية عام 1968 في فترة حالكة من تاريخ مصر، وألقى على عاتقه مسئولية إعادة البناء لسلاح المدفعية وأيضاً مسئولية إعادة بناء التسليح بالقوات المسلحة حيث كانت هيئة التسليح للقوات المسلحة تتبع إدارة المدفعية. عُين محافظاً لبورسعيد في الفترة من 1971 حتى 1974 وكان يرتدي الزي العسكري حتى انتهاء معركة أكتوبر المجيدة، وكان أهل بورسعيد يطلقون عليه «الفارس المصري الأصيل»، ثم تم تكليفه ليصبح محافظاً للإسكندرية في الفترة من 1974 حتى 1978، ولكن تشاء الأقدار أن يختاره الموت وكأنه لا يختار إلا العظماء من الرجال حيث توفى اللواء عبدالتواب هديب في عام 2003 بعد مسيرة عطاء طويلة في خدمة القوات المسلحة والوطن منذ مولده في 3 يناير 1917 بالشناوية مركز ناصر بمحافظة بني سويف. كما نشر الموقع الرسمي لوزارة الدفاع فيلما وثائقياً عن المدفعية المصرية بمناسبة عيدها الذهبي، وتضمن الفيلم لقطات نادرة في تاريخ المدفعية المصرية خلال حروب مصر المتعاقبة، ولحظات دخول أبطال المدفعية سيناء عقب انتصار حرب أكتوبر 1973. كما اشتمل الفيلم الوثائقي الذي أعدته إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، وتم عرضه على الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري العقيد أركان حرب تامر الرفاعي، على ذكريات أبطال سلاح المدفعية والبطولات التي تم تحقيقها على مدار تاريخها، وكذلك حجم التطوير المبذول والتحديث المستمر للمعدات والأفراد. ولعبت المدفعية المصرية دورًا هامًا في حرب 1973، وساعدت قوات الاقتحام على تحطيم خط بارليف، بالإضافة إلى مشاركتها في حرب تحرير الكويت، بالإضافة إلى تمكنها من تحطيم بؤر إرهابية ضمن دورها في تنفيذ العملية الشاملة «سيناء 2018». إدارة المدفعية بالقوات المسلحة، والتي تعرف باسم سلاح المدفعية، وشعارها «المجد.. الفخر.. الشرف»، تعد أحد أهم الأسلحة المصرية ذات التاريخ العريق والتي كان لها دائماً دور بارز في كل الحروب الحديثة التي خاضتها مصر. ويرجع تاريخ نشأة السلاح إلى أوائل القرن ال19 عندما أسس محمد علي باشا قاعدة صناعية لإنتاج المدفعية كانت بمناسبة نقطة البداية لهذا السلاح الحيوي، الذي لعب دوراً رئيسياً في جميع الحروب التي خاضتها مصر، منتهياً بحرب أكتوبر، حين حول سلاح المدفعية الضفة الشرقية للقناة إلى جحيم من نار ممهداً الطريق للقوات البرية للعبور. ويستخدم سلاح المدفعية العديد من الأسلحة والمعدات الحديثة والمتطورة ومنها المدفعية ذاتية الحركة التي تستطيع أن تتغلب على طبيعة أرض المعركة وذات القدرة العالية على المناورة، ومنظومات الرادارات التي تستطيع اكتشاف عدائيات القوات المتحركة والبطاريات وتحقق الدقة والتوقيت المناسبين، والمقذوفات الموجهة التي تحقق المفاجأة الكاملة للعدو ليلاً ونهاراً، بالإضافة إلى تدريب أفراد السلاح بمعهد المدفعية للعمل على هذه الأسلحة باحترافية متناهية.