يعد خطر التحرش الجنسى للأطفال من أصعب وأخطر المشكلات التى تهدد الطفولة، فكثير من الشباب والمراهقين دمرت حياتهم تماما بسبب التعرض لهذا الخطر الجسيم فى إحدى مراحل حياتهم. «80% من الأطفال العاملين فى مصر بمختلف المجالات يتعرضون للتحرش الجنسى» طبقا لدراسة أعدها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عام 2012، والرقم الأكثر فزعا الصادر عن نفس الدراسة، أن 85% من حوادث التحرش ضد الأطفال يكون الجناة فيها من الدوائر المقربة من الطفل، وأنه لا يتم الإبلاغ عن معظم حوادث اغتصاب الأطفال، لأسباب عائلية، ويتم التكتم عليها خوفا من الفضيحة الاجتماعية. تؤكد الدكتورة نانسى ماهر، خبيرة العلاقات الأسرية والاستشارية النفسية، أهمية أن يشعر الطفل الذى تعرض للتحرش بأنه ضحية وليس مجرما، قائلة: «كثير من الأهل إما يرفضون ويتجاهلون سماع شكوى الطفل تماما وبخاصة إذا كان المنتهك شخصا قريبا (صديق للعائلة جد خال عم... إلخ) أو يقابلون هذه الشكوى بالهجوم والعنف وكأن الطفل هو السبب فى معاناته وما أخطر كلا الاتجاهين». فيجب على كل أب وأم معلم أو معلمة أن يجيدوا التعامل مع نفسية هذا الكائن الرقيق الذى يشوهه الزمن «بحسب وصفها». وتتابع ماهر: «قابلت فى جلسات المشورة فتيات صغيرات تعرضن لهذا الخطر دون فهم ومراهقات كن على وعى تام بما حدث لهن وهو الأخطر». ففى كلتا الحالتين يخزن العقل اللاواعى الذكريات بما لها من مشاعر سلبية وهو ما يسمى فى علم النفس بrepression أو الكبت بحيث لا تدرك الفتاة السبب فى مشكلاتها النفسية مثلا إلا عندما تتحدث وتقص ما عانته من هجوم عندئذٍ تفاجأ أنها بدأت تتذكر التجربة المريرة التى مرت بها وهنا تكون بداية طريق العلاج. • ما هى الأعراض التى تدل على تعرض الطفل أو المراهق للتحرش الجنسى؟ تقول خبيرة العلاقات الأسرية يسمى الاعتداء الجنسى بالتحرش أو الانتهاك أو الاعتداء لأنه عادة ما يكون من شخص أكبر سنا أو أكثر قوة أو حجما من الضحية، ولذلك تهتز حياة الشاب تماما من هذا الخطر الداهم. فنجده حزينا شاردا فى كثير من الأحيان كما يلاحظ تغير واضح فى سلوكه بشكل عام وبخاصة الشهية والنوم. وعن الأطفال تشير ماهر إلى أنه يظهر عليهم علامات الاكتئاب المرضى مثل الميل إلى الوحدة والانعزال، الصمت وتجنب الكلام، الخوف من بعض الأماكن أو الأشخاص الذين يذكرونهم بالخطر، وفى بعض الأحيان قد يصاب الطفل بالتبول اللاإرادى أو الفزع ووجود كوابيس أثناء النوم مثلا، وأخيرا الخوف والذعر الغريب من مكان معين أو نحو شخص بذاته. وترى الاستشارية النفسية أن تعرض الطفل للتحرش يجعله يفقد الشعور بالأمان، ويصاب بضعف الشخصية والخوف من المجهول، وفقدان الثقة فى والديه اللذين لم يقوما بإجراء حاسم أو عقاب رادع للمنتهك. وقد تمتد الآثار السلبية فى بعض الأحيان إلى الخوف من الزواج أو رفض العلاقة الحميمة تماما بعد الزواج، وهو ما يسبب الكثير من المشكلات الأسرية التى نتعامل معها بشكل شبه يومى فى جلسات المشورة. أخيرا، كيف نتعامل نفسيا مع الطفل المنتهكة براءته؟ توصى الدكتورة نانسى ماهر كل الآباء والأمهات ب5 توصيات ضرورية للتعامل مع الطفل المعتدى عليه: 1 علم ابنك ال5 منبهات (5 alerts): (خطر الرؤية اللمس السمع الحمل المكوث وحدك مع الشخص) وكلها تهدف إلى الحفاظ على أعضائه الخاصة وعدم إطلاع أى إنسان عليها ومنع أى شخص يحاول رؤية أو لمس أو حمل الطفل والحرص تماما على عدم تركه وحيدا دون وجودنا مع أى شخص مهما كان قريبا. 2 ساعد طفلك أن يبوح بما داخله من مشاعر دائما وأنه ليس مجرما بل ضحية. 3 امنحه الإحساس بإعادة الثقة فيمن حوله وبخاصة عندما يراك فى موضع قوة لاسترداد حقه وتساعده على الانتقام والتعبير عن غضبه. 4 يفضل أن تبحث عن مساعدة لك ولابنك لكى تصل به إلى السلام النفسى وبراءة الطفولة مرة أخرى.