ذلك الورم الحميد الذى ينمو ببطء وعلى استحياء فى رحم المرأة كأنما يعلم أنه يحتل مكانا دافئا آمنا ليس له، تختزن فيه المرأة سر أنوثتها وتدخره لوليد تنتظره منذ ميلادها، وينمو فى دأب وصمت وقد تتكرر نوبات الحمل ومرات الولادة بسلام وهو مجرد مراقب لمعجزة الحياة لا دخل له فيها ولا علاقة له بتفاصيلها. لكنه إذا قرر فجأة أن يشارك فى الأحداث وجب علاجه وربما كان استئصال الرحم هو الحل الأمثل للخلاص من مشكلاته. أورام الرحم الليفية: لا أحد يعرف لها سببا حتى الآن رغم شيوعها وانتشارها بين النساء خاصة الأفريقيات، فهناك امرأة واحدة من كل خمس نساء تعانى منها بدرجات مختلفة، فهناك من أنواع الأورام الليفية الحميدة ما يمكن أن تتعايش معه المرأة إذا لا يسفر وجوده عن أى أعراض تشير إليه سواء كانت المرأة غير متزوجة أو متزوجة وتكررت نوبات حملها وولادتها. تتعدد النظريات التى تشرح طبيعة تكوين الورم الليفى فى رحم المرأة وإن كانت أكثرها قبولا تلك ترجعها لبقايا خلايا جينية تكمن فى رحم المرأة منذ ولادتها تظل كامنة إلى أن تطالها بعض التأثيرات الهيرمونية التى تبدأ بمرحلة البلوغ وتستمر وفقا لحياة المرأة فتبدأ فى تكوين تلك البراعم الصغيرة للأورام الليفية. الورم الليفى ورم حميدى غير سرطانى ينشأ فى رحم المرأة لكنه فى حالات نادرة للغاية قد يتحول إلى ورم سرطانى إذا ما أهمل علاجه وتكررت منه مرات النزيف وطالته العدوى والإصابة بالتقرحات. قد يظل الورم الليفى وحيدا وقد تتبرعم أورام أخرى متعددة إما يظل مدفونا فى جدار الرحم ليزداد فى سمكه أو يتدلى داخل الرحم متعلقا بعنق من الأنسجة.. ويختلف حجم الورم ومكانه فمنها ما لا يتعدى حجمه بضعة سنتيمترات ومنها ما يتضخم حتى يملأ تجويف الرحم بالكامل ويمارس ضغوطا على جدار الرحم والأعضاء الملاصقة له أو تجاوره تشريحيا تحدث العديد من الأعراض التى تشير إلى وجوده مثل: المعاناة من آلام مبهمة فى الحوض إذ إن حركةالرحم الورم ووضعه بالنسبة للأعضاء المختلفة فى تجويف الحوض هى التى تحدث تلك الآلام غير المألوفة أو المتوقعة. نوبات نزيف خاصة عند الاستيقاظ من النوم صباحا فى مواعيد لا علاقة لها بمواعيد الدورة الشهرية، وتكرار نوبات النزيف يصاحبها أيضا النزف الغزير فى أوقات الدورة المعتادة إذ إن وجود الورم الليفى يضعف من قدرة عضلة الرحم على الانقباض وبالتالى الضغط على الشرايين لتوقف النزيف. ضغط الورم على المثانة يؤدى إلى تكرار الحاجة لإفراغها فى أوقات متقاربة كذلك ضغط الورم على الأمعاء قد يسبب حالة من الإمساك المزمن. قد تشكو المرأة أيضا من آلام الظهر نتيجة تزايد حجم الورم الذى يمارس ضغطا على أعصاب الحوض. فما تأثير الورم الليفى على الحمل إذا كان الورم الحميد يصاحب الفترة الخصبة من عمر المرأة التى تواكب الحمل والولادة؟ قد لا يبدو له أى أثر على الحمل والولادة إذا كان صغير الحجم، عديم الأثر فيتم اكتشافه بالمصادفة إذ إنه يستجيب لهرمون الاستيروجين الذى تزداد نسبته فى الدم مع الحمل فيزداد فى حجمه ويتراجع حجمه مرة أخرى ليرجع معه إلى حجمه الأصلى بعد الولادة. حجم ووضع الورم الليفى داخل الرحم قد يعقد من مجريات الأمور الطبيعية بشأن الحمل فيتسبب فى إجهاض متكرر أو نزف متكرر بما يتبعه من أخطار الأنيميا الناجمة عن النزف. وقد يدفع إلى ولادة مبكرة قبل موعدها وقد يتسبب أحيانا فى أن يفقد الرحم قدرته على الانقباض وافتقاد مرونته التى تعاون فى لفظ الجنين من الرحم وقت المخاض مما قد ينتج عنه أخطار جسيمة للأم والجنين معا. إذا غابت الأعراض فى البداية فكيف يمكن تشخيصه؟ غالبا ما تغيب الأعراض فى حالة الورم الليفى الصغير الحجم حتى لا يلحظها الطبيب عند الكشف ولا تشكو منها المرأة. الحمل هو السبب الرئيسى الذى يظهر وجود الورم الليفى وتشخيص الورم فى تلك الظروف لا يتوقف على الفحص الطبى فقط إنما يجب أن يتم بصورة أشمل تضم الفحص بالموجات فوق الصوتية والرنين المغناطيسى التى تعطى صورة دقيقة لحجم الورم ووضعه وبالتالى يمكن التنبؤ بمستقبل الحمل. إذا تم تشخيصه فكيف يكون العلاج؟ علاج الورم الليفى يعتمد على عوامل متعددة منها عمر المرأة وأهمية الحمل بالنسبة لها وحجم الورم وما يحتله من مكان فى الرحم. العلاج الطبى بالأدوية: يعد علاجا مؤقتا يسبب انكماش الورم لحين التخلص منه جراحيا. بعض الأورام يمكن استئصالها باستخدام منظار خاص متصل بشاشة فيديو تسمح بتحديد مكان الورم، يتم استئصاله بأشعة الليزر فى عملية لا تستغرق وقتا طويلا وإن استلزمت خبرة واسعة. استئصال الورم جراحيا عملية آمنة يلجأ إليها الجراح إذا ما تعذرت الطريقة السابقة يمكنها أن تتيح للمرأة الحامل مرة أخرى لكن غالبا ما يلجأ الجراح للولادة القيصرية تحسبا للمفاجآت. قد ينتهى الأمر باستئصال الرحم إذا ما تعدت المرأة سن الإنجاب وفضلت إجراء تلك الجراحة حتى لا تتعرض لمشكلات لاحقة. الورم الليفى يصيب غير المتزوجات ربما بصورة أكثرأيضا السيدات اللائى يعانين من مشكلات العقم فهو مرض المرأة بصورة عامة وإن كانت الخصوبة توفر للمرأة حماية أكبر من الإصابة به. ليست هناك معايير يمكن الاستناد إليها للوقاية من الإصابة بالأورام الليفية وإن كانت هناك بعض المؤشرات التى تربط بين الغذاء الصحى من تناول الخضراوات والفواكه الطازجة والأسماك والمكسرات إلى ممارسة بعضا من ألوان الجهد البدنى المتنوعة والتوقف عن التدخين والحفاظ على الوزن المثالى وبين الوقاية من الإصابة بأورام الرحم الحميد وإن لم يكن هناك من الأدلة ما يؤكد ذلك إلا أنه معطيات لازمة لحياة صحية قد تضمن السلامة.