• رغم مرور 43 عامًا على الرحيل.. مازالت أعمال «الست» تتحدث عن نفسها رغم مرور 43 عاما على رحيل الست أم كلثوم، إلا أنها ما زالت تتربع على عرش الغناء العربى بلا منافس، مئات من الأصوات ظهرت فى مصر والعالم العربى ولم يستطيع أحد أن ينتزع منها هذا اللقب، ولما لا وهى التى قدمت لنا مئات من الأعمال الغنائية، قصائد وأغانٍ ما زالت تعبر عنا، تؤثر فينا، وتخلق بداخلنا حالة من البهجة الغنائية لا مثيل لها، ظهرت أغانٍ تحدثت عن الوطن والحب والمناسبات الاجتماعية إلا أن أعمالها ما زالت تتحدث عن نفسها، ما زالت أعمالها باقية بقاء الأهرامات وأبو الهول، ما زالت باقية بقاء نهر نيل تروى بداخلنا ظمأ سنين تراجع فيها الإبداع إلى مرحلة لم يصل إليها من قبل، فكانت أم كلثوم هى المنقذ لنا من تلك الحالة، أم كلثوم هى صوت السنين القادمة كما كانت صوت السنين الماضية، نعم نمتلك أصواتًا مهمة الآن مثل مى فاروق، وآمال ماهر، وريهام عبدالحكيم، وغيرهم من الأصوات الشابة المفتوح أمامها الطريق، لكن هذه الأصوات ليس لديها عبقرية أم كلثوم وثقافتها وحسن انتقائها للأعمال الغنائية، هذه الأصوات لن تجد زكريا أحمد آخر ورياض السنباطى أو عبدالوهاب أو الموجى أو سيد مكاوى أو بليغ حمدى، ولن تجد أحمد رامى وأحمد شفيق كامل وأحمد شوقى وعبدالفتاح مصطفى وعبدالمنعم السباعى وعبدالوهاب محمد، وعلى الجارم، وكامل الشناوى، ومأمون الشناوى، ومحمد إقبال، ومحمد يونس القاضى، ومحمود حسن إسماعيل، ومرسى جميل عزيز، وبيرم التونسى، وجورج جرداق، وحافظ إبراهيم، كما أن هذه الأصوات لن يتوفر لها المناخ الذى صنعته أم كلثوم لنفسها، لذلك من الطبيعى أن تظل أم كلثوم متربعة على عرش الغناء العربى فى الماضى والحاضر والمستقبل.
وقد شهدت دار الأوبرا المصرية، مساء أمس، احتفالية غنائية ضخمة بمناسبة مرور 43 عامًا على رحيل الست أم كلثوم، بدأ الحفل بموسيقى منوعات لأهم ما غنت أم كلثوم، ثم بدأت رضوى من فرقة التراث غناء «عن العشاق» و«هاقابله بكرة» وغنت سارة زكى «برضاك يا خالقى» و«غنى لى شوى شوى» وغنت صابرين النجيلى من فرقة نويرة «حبيبى يسعد أوقاته» و«افرح يا قلبى» وغنت نهاد فتحى فى ختام الفاصل الأول «ما دام تحب بتنكر ليه» و«الورد جميل» وفى الفاصل الثانى ظهرت مى فاروق إحدى أهم الأصوات المصرية والتى بنت شهرتها من خلال أداء أغانى السيدة أم كلثوم بٌبداع شديد حتى وصلت إلى تلك المرتبة كصوت مصرى جاد، غنت مى «هجرتك» ثم اختتمت الحفل بواحدة من اعظم القصائد المغناة فى التاريخ العربى «الأطلال»، أهم ما يميز البرنامج الذى أشرفت على وضعه جيهان مرسى، رئيسة البيت الفنى للموسيقى الشرقية بالأوبرا التنوع فى اختيار الأغانى بين العاطفى والدينى والأغانى الطويلة والقصيرة التى أمتعت بها أم كلثوم العالم العربى، كما أن اختيار الأصوات جاء مناسبًا لكل أغنية من الأغانى المختارة فى البرنامج.
ولأنه حفل الست أم كلثوم كان هناك جمهور عريض امتلأ به المسرح الكبير، جمهور ينتمى إلى جميع الفئات والأعمار وهو ما يؤكد أن فن أم كلثوم لكل الأجيال والعصور، ولا يقدم لفئة عمرية بعينها، وظهرت حالة من التجاوب الكبير مع نجوم الغناء.
كما حضر مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات ورئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، ودكتورة إيناس عبدالدايم وزير الثقافة، وغادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، وأحمد الحفنى بن زوج أم كلثوم والمغنى والملحن اللبنانى مارسيل خليفة وعماد الدين حسين، رئيس تحرير الشروق.
ويأتى احتفال الأوبرا بهذه المناسبة ليؤكد أنها ما زالت المكان الأمين على حماية التراث والفنون الرفيعة كما أنها الجسر الذى يربط بين الجيل الجديد وتراثنا فى وقت اتجه الإعلام فى مصر إلى الاهتمام بأنصاف المواهب ونسيان كبار المبدعين الذين سطروا تاريخنا فى الغناء، وبالتالى تأتى الأوبرا لتصحح تلك الأوضاع المقلوبة فى الإعلام.