مندوب مصر: نرفض استخدام الهدف المشترك لتعزيز حقوق الإنسان كمدخل للتدخل فى شئون الدول - واشنطن تسحب مشروع قرارها قبل التصويت عليه بعد معارضة ست دول منها مصر والصين وروسيا نشب سجال بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية حول عقد مجلس الأمن الدولى، مساء أمس، جلسة خاصة لمناقشة حقوق الإنسان وعلاقتها بالصراعات المسلحة. وبينما أعرب مندوب مصر عن انزعاجها من تناول المجلس موضوعا «ليس من اختصاصه»، اعتبرت المندوبة الأمريكية أن «انتهاك حكومات بعض الدول الأعضاء فى الأممالمتحدة لحقوق الإنسان هو الذى يقود إلى انتشار العنف وعدم الاستقرار فى العديد من الدول». وعقد مجلس الأمن جلسة خاصة، بدعوة من الولاياتالمتحدة، الرئيس الحالى الدورى لأعمال المجلس، تحت عنوان: «صون السلم والأمن الدوليين: حقوق الإنسان ومنع نشوب النزاع المسلح». الذى وصفته بأنه «اجتماع تاريخى» فى مجلس الأمن بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والصراعات، لكنها تخلت فى النهاية عن مساع لطرح المسألة للتصويت، بعد أن عارضها ستة من أعضاء المجلس البالغ عددهم 15. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن دبلوماسيين قولهم إن روسيا والصين ومصر وإثيوبيا وقازاخستان وبوليفيا عارضت الخطوة، ولم تخاطر الولاياتالمتحدة التى تتولى رئاسة المجلس هذا الشهر بطرح الأمر لتصويت إجرائى نادر بعد عدم وضوح تأييد السنغال. ويتطلب تصويتا كهذا موافقة تسعة أعضاء وعدم استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الدول دائمة العضوية وهى الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. وتقول الدول المعارضة إن النقاش المتعلق بحقوق الإنسان يجب أن يقتصر على مجلس حقوق الإنسان ومقره جنيف، والذى تتهمه واشنطن بالتحامل على إسرائيل وهددت بالانسحاب منه، وعلى اللجنة الثالثة بالجمعية العامة للأمم المتحدة، والتى تضم 193 عضوا. وفى إفادة إلى أعضاء المجلس، قال مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة، السفير عمرو أبوالعطا، إن «مصر تبدى انزعاجها إزاء الالتفات المستمر من قبل مجلس الأمن إلى مهام وسلطات الجمعية العامة وغيرها من أجهزة الأممالمتحدة، ولاسيما السعى إلى توسيع ولاية مجلس الأمن عبر تناول موضوعات تندرج وفق ميثاق الأممالمتحدة ضمن الاختصاصات الأصيلة لأجهزة أممية أخرى». وأضاف مندوب مصر، العضو غير الدائم فى المجلس: «نعرب عن قلقنا إزاء إصرار البعض على استخدام الهدف المشترك لتعزيز حقوق الإنسان كمدخل خلفى للتدخل فى الشئون الداخلية للدول، وإدراج حالات على جدول أعمال المجلس لا تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين». وتابع أبوالعطا أن مصر «تنأى بنفسها عن محاولات اقحام مجلس الأمن الدولى فى تأجيج الاستقطاب والابتعاد بدور مجلس الأمن عن الولاية، التى أوكلها له ميثاق الأممالمتحدة». وأردف قائلا إن «ما يشهده العالم اليوم من استقطاب ونزاعات طال أمدها لسنوات وعقود، وانتشار الإرهاب، وازدياد أعداد اللاجئين، وتفاقم مشكلة الهجرة غير الشرعية، هو نتاج لتطبيق معايير مزدوجة، وانتهاك مبادئ ومقاصد وقواعد ميثاق الأممالمتحدة، وطرح تفسيرات مغلوطة تغليبا لمصالح ذاتية ضيقة». وكانت مندوبة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة، السفيرة نيكى هايلى، قالت فى بداية الجلسة، إن «حماية حقوق الإنسان ترتبط ارتباطا وثيقا وعميقا بالأمن والسلم الدوليين». وتابعت هايلى، فى إفادتها إلى أعضاء المجلس، أن «انتهاكات حقوق الإنسان ليست مجرد نتيجة جانبية عشوائية للنزاع، وإنما هى سبب النزاع؛ فحين تنتهك الحكومات والدول حقوق الإنسان بصورة منهجية، فهذه علامة حمراء.. هذا إنذار بأن عدم الاستقرار والعنف سينتشران». وزادت بقولها: «فلننظر إلى كوريا الشمالية. الانتهاكات الممنهجة هناك تساعد على بناء برامج الدولة النووية والبالستية. وتجبر الحكومة العديد من مواطنيها، بمن فيهم سجناء سياسيون، على العمل فى ظروف خطرة فى مناجم الفحم وأماكن أخرى خطرة لتمويل قوى النظام العسكرية. لذلك يجب على هذا المجلس أن يكرس جهودا أكبر لمعالجة الخطر المتزايد، الذى تمثله كوريا الشمالية على الأمن الدولى». ومضت قائلة: «أما الوضع فى سوريا، الذى بدأ فى 2011 عندما كتبت مجموعة من المراهقين رسالة على جدران مدرستهم يطالبون فيها بإسقاط النظام، الذى احتجزهم على إثرها وعذبهم قبل أن يعيدهم إلى ذويهم، فأدى ذلك إلى مزيد من المظاهرات ومزيد من التضييق والتعذيب، إلى أن انفجر الأمر، ووقعت الحرب التى أدت إلى مئات الآلاف من الضحايا وملايين اللاجئين». واتهمت السفيرة الأمريكية مجلس الأمن بالتردد فى معالجة الأزمة السورية حين اندلعت شرارتها الأولى، قائلة إن «هذا المجلس كان مترددا فى معالجة الأزمة.. حتى أصبح لدينا قضية أمنية نضطر الآن إلى معالجتها مرارا وتكرارا. إنه مثال قوى على أهمية التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان بجدية أكبر منذ البداية». كما تطرقت المندوبة الأمريكية، فى إفادتها، إلى الوضع فى بوروندى وميانمار، مشددة على أن «السلطات فى البلدين تقمع المتظاهرين والأقليات وتستخدم العنف ضدهم، ويتعين التحقيق فى جميع هذه المزاعم وتفادى كوارث وانتهاكات أفظع».