نشرت «الشروق» مقالا للعلامة الدكتور يوسف القرضاوى تحدث فيها عن الصوفية، وقال إن التصوف يكرس السلبية، وأرسل المستشار مصطفى النجار نائب رئيس هيئة قضايا الدولة وأحد المتصوفة. تعقيبا على كلام الشيخ جاء فيه: الصوفية يمكن أن تكون علاجا لمشكلات المجتمع، فقال «إن منهج الصوفية هو منهج الإسلام بكل مبادئه إنسانية وأخلاقياته العالية ومقاماته الراقية، وهو منهج الاتباع والسلوك، أى الاتباع لصاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، والسلوك على منهجه بتقويم سنته الماضية. وغاية المنهج الصوفى الوصول إلى الله تعالى معرفة وتنزيها وتقديسا وطاعة وعبادة، وتوحيد الله تعالى توحيدا مطلقا بحيث لا يرى فى الوجود إلا الله، وهدفه نفى الضد والوقوف عند قوله: «قل الله ثم ذرهم فى خوفهم يلعبون». وللوصول إلى هذه الغايات والأهداف الشريفة لابد من اتباع منهج قويم يتلخص فى مجاهدة النفس للوصول بها إلى السبيل، الذى يرضاه الله سبحانه وتعالى، وهى ليست بالطريق السهل، ولكنها تحتاج إلى مثابرة، وذلك لا يكون إلا بالأمور المتعددة ومنها، ترك المعاصى والابتعاد عنها وعن مواطنها بحيث يغلق أمام نفسه كل باب يمكن أن يوقعه فى المعصية حتى إن اضطر إلى ترك أبواب من الحلال مخافة الوقوع فى الحرام. الذكر: ومن أهم ما يعين السالك على مجاهدة النفس وترك المعاصى كثرة ذكر الله تعالى والذكر يذهب بالسيئات ويزهد فى المعاصى ويبغضها، وقوله تعالى: «إن الحسنات تذهبن السيئات». ولقد جعل الله تعالى مثوبة الذكر من أعظم ما يتمناه المؤمن، حيث يذكر الله من يذكره وذلك فى قوله تعالى: «فاذكرونى أذكركم»، ومن أجل ذلك كان أعظم ما يهتم به الصوفية هو ذكر الله تعالى حتى جعلوه أورادا للمريدين فكل مريد يلقن من الذكر ما يطيق بحسب حالة واستعداده ثم هو بعد ذلك لا يترك عند حد ما تلقنه بل إنه إذا داوم عليه، وصار بالنسبة له أمرا هينا زاده الشيخ من الأذكار والأوراد، ويظل هكذا فى زيادة وترقى حتى تتزكى نفسه، وترقى روحه وترتفع درجته فيكون الذكر وسيلة وطريقة وسلوكا للوصول للغاية الكبرى والهدف الأعظم هو التوحيد الخالص. أخذ العهد: والعهد عند الصوفية، ليس تعاهدا على نكر ولا اجتماعا على خبث تأليها لشيخ ولا مخالفة لقرآن أو السنة حشا أن يكون ذلك عند سادات الصوفية ولكن العهد هو التعاهد على طاعة الله والتزام أمره واجتناب نهيه والإكثار من ذكره قدر الاستطاعة، وذلك بعد أحكام الفرائض التى فرضها الله على عباده. الشيخ السالك: على أن ما ذكرناه من ضرورة التعاهد فى سلوك الطريق الصوفى يلزمه شيخ مرب فاضل عنده دراية بمسالك الطريق ودروبه وقواطعه ومهلكاته، وهذا يستلزم أن يكون الشيخ قد سلك الطريق، ووقف على كل ما يمكن أن يحول بين المريد وبين سلوك الطريق بمعنى أنه يصبح الشيخ خبيرا بدروب الطريق. فإما أن يكون الشيخ شيخا بالوراثة أو شيخا بشهرته وذيوع صيته أو شيخا لكثرة ماله أو لمنصب يتقلده فإن كل ذلك يأباه الطريق الصوفى لأن السالك لا يتعامل مع شيخه بشىء من عرض الدنيا، ولكن معاملته لله تعالى طاعة وسلوكا وهدنا وغاية. على ما ذكرته لا أريد منه استقصاء طرق مجاهدة النفس وعلاجها فإن ذلك أمر ذو شرح طويل، وقد ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أعدى عدوك: نفسك التى بين جنبيك ثم أهلك ثم ولدك ثم الأقرب فالأقرب». وهذه العداوة محمولة على البعض وليس الكل كما قال تعالى: «إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم». ويضيف المستشار النجار موجها كلامه للدكتور القرضاوى: «يا مولانا إن الأخلاق الصوفية هى أعظم طريق لعلاج المجتمع، ولا علاقة لها بالسلبية».