ترددت أنباء عن رغبة جدية في الولاياتالمتحدة لتأسيس "فريق أمريكي" تمهيدا لمشاركته ضمن بطولة العالم لسباقات سيارات الفئة الأولى "فورمولا 1" ابتداءً من عام 2010. ولم يكن الخبر مفاجئا فقط من حيث رغبة "بلاد العم سام" في اقتحام عالم الفورمولا الآن بالذات في الوقت الذي يدور فيه عدد من الفرق المشاركة في البطولة ضمن فلك الانسحاب منها نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية ، بل كانت المفاجأة من ذكر اسم الأمريكية دانيكا باتريك ضمن قائمة السائقين المرشحين لقيادة إحدى سيارتي الفريق المعتزم تكوينه. وباتت باتريك - 26 عاما - في العشرين من أبريل 2008 أول سائقة في التاريخ تنجح في انتزاع المركز الأول في أحد سباقات "أندي كار" للسيارات ، خارقة بذلك حصارا مطبقا فرضه "الجنس الخشن" في هذا المضمار الرجولي. ولا شك في أن الفوز الذي حققته باتريك - سائقة فريق "أندريتي جرين ريسينج" - في سباق "أندي جابان 300" على حلبة توين رينج مونتيجي (شمال شرق العاصمة اليابانية طوكيو) فرض أكثر من علامة استفهام حول إمكانية انتقال السائقة الصاعدة من خلف مقود سيارة أندي إلى خلف مقود سيارة فورمولا 1. ولم تجد باتريك أي حرج في الاعتراف بأن فكرة دخول عالم الفئة الأولى تبادرت إلى ذهنها عندما كانت سائقة متدربة تتلقى دروسا في القيادة في إنجلترا ، وكشفت : "خلال السنوات الثلاث التي أمضيتها في إنجلترا ، تابعت سباقات فورمولا 1 عن قرب ، وأصبحت متحمسة ومتلهفة للمشاركة في منافساتها مستقبلا" ، واعتبرت أن "الفئة الأولى تحتل المركز الأول على صعيد سباقات السيارات في العالم ، وهي تستقطب أفضل وأقوى السائقين ، ولا شك في أن حصولي على فرصة للمشاركة في منافساتها مستقبلا سيشكل اختبارا مثيرا بالنسبة لي". وأكدت باتريك أنها شعرت بنوع من الإطراء عندما نما إلى علمها أنه يجري تداول اسمها للمشاركة في عداد الفريق الأمريكي ، وقالت في حديث لصحيفة "جلوب آند ميل" الكندية : "لا شك في أن الأمر يكون مثيرا للغاية في كل مرة يرد فيه اسمي في أي موضوع ذي صلة بسباقات فورمولا 1 ، وأشعر بنوع من الإطراء ، غير أنني أحاول دوما التمسك بالواقعية ، خاصة وأن أحدا لم يتصل بي للتحدث معي مباشرة في موضوع دخولي عالم الفئة الأولى". وكانت باتريك قد تلقت دعوة من فريق هوندا للمشاركة في إحدى تجاربها ، غير أن السائقة الأمريكية لم تنجح في القيام بهذا الاختبار نتيجة انسحاب الفريق الياباني من بطولة العالم. وتحدثت بعض التقارير الاعلامية الواردة من الضفة الشمالية الغربية للمحيط الأطلنطي عن أن مهارة باتريك في القيادة ليست الدافع الوحيد الكامن خلف الرغبة في دعوتها لدخول الفريق الأمريكي ، بل إن جمالها الفاتن الذي يؤمن لها دخلا ضخما من الإيرادات الإعلانية قد يلعب دورا جوهريا في الاعتماد عليها ، خاصة وأن جذب الرعاة إلى هذه الرياضة المرفهة المكلفة بات يمثل اليوم الشغل الشاغل بالنسبة إلى الفرق التي باتت تعاني من شح هائل على صعيد الرعاية بفعل الأزمة الاقتصادية نفسها. وعلى صعيد استعدادها البدني ، تبدو باتريك مؤهلة لخوض غمار سباقات فورمولا 1 ، خاصة وأن وزنها لا يزيد عن 48 كلجم ، وهو يعتبر مثاليا لتلبية مقتضيات "نظام استرداد الطاقة الناشطة" (كيرز) الذي سيبصر النور رسميا مع انطلاق نسخة عام 2009 من بطولة العالم في أستراليا التي تستضيف الجولة الافتتاحية في 29 مارس المقبل. ويعمل نظام "كيرز" على تخزين الطاقة المهدرة خلال عملية تباطؤ السيارات خلال السباق ، قبل أن توزع مباشرة خلال عملية التسارع ما يسمح للسائق بالحصول على 80 حصانا إضافيا خلال فترة 67ر6 ثوان ، ولا شك في أن وزن السائق يلعب دورا جوهريا في عملية الاستفادة القصوى من هذا النظام. يذكر أن خمس نساء فقط سجلن أسماءهن في سجلات فورمولا 1 منذ انطلاق بطولة العالم في 1950 ، وهن الإيطالية ماريا تيريزا دي فيليبيس ومواطنتها ماريا جراتزيا "ليلا" لومباردي ، والبريطانية ديفينا جاليكا ، والجنوب أفريقية ديزيريه ويلسون ، ولكن الإيطالية تعتبر جيوفانا أماتي آخر سائقة تطرق باب فورمولا 1. وقبل سنوات ، أجرت البريطانية جودي إيتون ، وهي طبيبة نفسية متخصصة في عالم الأجناس والرياضة ، بتكليف من الاتحاد الدولي للسيارات "فيا" ، بإعداد بحث عن الأسباب التي تحول دون التحاق النساء برياضة المحركات بشكل عام والفئة الأولى بشكل خاص. وحاولت إيتون في بحثها معرفة السبب الذي يجعل الفتيات يفتقرن إلى الطموح والإرادة للمنافسة الجادة في عالم المحركات ، فوجدت أن الود مفقود بين الشباب من الجنسين في ميادين السباق ، وأن الشبان يحاولون دائما استفزاز الفتيات ومضايقتهن خلال المنافسات ، أضف إلى ذلك أن السباقات تزداد خطورة ومجازفة كلما تقدمت في مراحلها ومستوياته ، الأمر الذي يفسر انسحاب الكثير من السائقات من مجال السرعة عند السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمرهن.