وزير الخارجية: لن نسمح بالإضرار بالشعب المصري ونرفض الاجراءات الأحادية    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة الصين الوطنية للهندسة الكيميائية    أسعار البيض بالأسواق اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    «القاهرة الإخبارية»: اتفاق شرم الشيخ يكتب نهاية لمعاناة الفلسطينيين    الزمالك يكشف حقيقة رفض حسام عبد المجيد تجديد عقده    «تدخل لعدم سحب فرع ميت عقبة».. أمين صندوق الزمالك يفجر مفاجأة    الأرصاد الجوية: استقرار تام في الأحوال الجوية بدءًا من غدا الاثنين    نجوم هوليوود ينعون ديان كيتون: فقدنا قيمة حقيقية.. جميلة وذكية وغير عادية    محمد رضوان: أصدق معيار للنجاح عندما يناديني الجمهور باسم الشخصية| خاص    طارق العريان يوجه رسالة لمنتقدي «السلم والثعبان 2»    فرانس برس عن مصدر في حماس: الحركة لن تحكم قطاع غزة في المرحلة الانتقالية بعد انتهاء الحرب    المؤشر الرئيسي للبورصة يواصل تراجعه بمنتصف التعاملات بضغوط هبوط أسهم قيادية    وفاة طفل بأزمة قلبية خوفا من كلب فى أحد شوارع قرية كلاحين أبنود بقنا    محافظ الدقهلية يتفقد مديرية الصحة ويؤكد التعامل الفوري مع جميع البلاغات    بني سويف: تجهيز قسم العلاج الطبيعي بوحدة قمن العروس بالواسطى تمهيدا لافتتاحه    رئيس الوزراء الباكستاني يدين استفزازات أفغانستان ويتوعد برد قوي    مستوطنون إسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى    ضبط 106074 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    بالأرقام.. جهود الداخلية خلال 24 ساعة لتحقيق الأمن ومواجهة الجريمة    ضبط دجال بالإسكندرية بتهمة النصب على المواطنين بادعاء العلاج الروحاني    المفوض الأممي لحقوق الإنسان يدين استمرار قتل وإصابة المدنيين في الفاشر بالسودان    «التضامن»: 121 زيارة رقابية لدور الرعاية وتحرير 8 محاضر ضبط قضائي خلال سبتمبر    الرئيس السيسى يتابع مع شركة أباتشى الموقف الاستكشافى للمناطق الجديدة    امير كرارة ومصطفى قمر وشيكابالا في العرض الخاص لفيلم «أوسكار عودة الماموث»    بدء توافد النجوم على مؤتمر مهرجان القاهرة ولبلبة والعدل وأحمد مجدى أول الحضور    تعرف على مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم فى كفر الشيخ    هولندا في مواجهة قوية أمام فنلندا ضمن تصفيات المونديال    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-10-2025 في تصفيات أوروبا لكأس العالم والقنوات الناقلة    محافظ أسوان يتابع استكمال تشغيل المراكز الطبية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    رئيس«المؤسسة العلاجية» يتفقد مستشفى دار الولادة لمتابعة جودة الخدمات الطبية    «التضامن» تقر قيد 4 جمعيات في 3 محافظات    أحمد حسن: نسعى لحل مشاكل المنتخب الثاني قبل كأس العرب.. ومجموعتنا تضم ثنائي في المونديال    رحيل فارس الحديث النبوى أحمد عمر هاشم.. مسيرة عطاء فى خدمة السنة النبوية    أسبوع الانتصارات    حرق الرموز وصناعة النجوم: تسريب وترويج وتشويه وتريند    الرئيس السيسى : حماية المياه تمثل قضية مصيرية ولم تعد شأنا محليا أو إقليميا    وزارة التعليم تحدد 3 امتحانات بالفصل الدراسى الواحد .. اعرف المواعيد    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 12اكتوبر 2025 فى المنيا    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-10- 2025 والقنوات الناقلة لها    وكيل "تعليم الفيوم" يشهد طابور الصباح وتحية العلم بمدرسة المسلة الإعدادية للبنات    تعرف علي أسعار البنزين والسولار صباح اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    كلية الإعلام جامعة القاهرة تحصل على تجديد الأيزو في جودة الجهاز الإداري    لليوم الخامس .. فتح لجان تلقى أوراق طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    «زي النهارده».. اغتيال الدكتور رفعت المحجوب 12 أكتوبر 1990    العظمى في القاهرة 28 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    قيادي ب فتح يدعو حماس لإجراء مراجعة وإنهاء حكمهم في غزة.. ويطالب مصر باحتضان حوار فلسطيني-فلسطيني    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    رسميًا.. مواعيد صرف مرتبات أكتوبر 2025 للمعلمين والأشهر المتبقية من العام وجدول الحد الأدني للأجور    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. أنظار العالم تتجه إلى مدينة السلام شرم الشيخ لاستقبال قادة العالم.. زلزال يضرب إثيوبيا.. قائد القيادة المركزية الأمريكية: لا خطط لنشر قوات أمريكية فى غزة    مثقل بمشاكل العائلة.. حظ برج الدلو اليوم 12 أكتوبر    السيسي يستقبل «العناني»: الفوز الساحق بمنصب مدير عام «يونسكو» إنجاز تاريخي يعكس المكانة الرفيعة لمصر    مسلسل لينك الحلقة الأولى.. عائلة ودفء وعلاقات إنسانية ونهاية مثيرة    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صور من نيويورك
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 09 - 2016

بعض الصور المصرية الآتية من نيويورك، حيث اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يجوز أن تمر بلا حساب جدى مع دواعيها وآثارها والمسئولين عنها.
عندما يغيب المنطق عن أى تفسير فإننا أمام عشوائية مفرطة لا تصلح فى إقناع العالم بأية قيمة تعدل من نظرته بالغة السلبية لما يجرى فى مصر.
فى العشوائية تتبدى أعمال الهواة من طالبى القربى مع السلطة، أية سلطة، وتنزلق التداعيات إلى إساءات فادحة لبلد كبير بتاريخه وموقعه.
الأسوأ أن ما هو ثانوى تصدر الاهتمام فى الداخل المصرى وأن ما هو جوهرى توارى للخلف.
فيما هو جوهرى تساؤلات عن جدوى المشاركة الثالثة على التوالى للرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى أعمال الجمعية العامة، وهو ما لم يقدم عليه أى حاكم مصرى منذ تأسيس المنظمة الدولية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وما إذا كانت لدى مصر مصالح محققة فى تلك المشاركة على المستوى الرئاسى، أو أية رؤى جديدة تسوغها، أو مبادرات فى أزمات الإقليم تستدعى اهتماما دوليا، أم أنه كان الأولى به أن يبقى فى بلاده يتابع أزماته المستحكمة ويعمل على منع تفاقمها؟
وفيما هو جوهرى العمل الإرهابى الذى روع نيويورك قبل أن تبدأ اجتماعات الأمم المتحدة، كل شىء تقريبا نحى للخلف، والسباق الرئاسى الأمريكى أخذ منحى جديدا فى إثبات القدرة على مواجهة العنف والإرهاب وأى تهديد محتمل للأمن القومى.
أكثر الأسئلة جوهرية هنا: ما أثر الأعمال الإرهابية التى جرت بوقت متزامن فى أكثر من ولاية أمريكية على الانتخابات الرئاسية ومستقبل أزمات الإقليم المشتعلة، بخاصة فى سوريا؟
لا أحد فى العالم يتحمل الهزل فى مواطن التساؤلات الكبرى والأخطار المحدقة.
حين تطرح التحديات الوجودية على الشعوب فإن من مقتضيات أية مواجهة التزام الجدية لا الاستغراق فى الهزل بحشود لا لزوم لها حملت على طائرات إلى نيويورك، كأن وجودها دليل على أى شىء مقنع أو له معنى.
ننسى أحيانا أن العالم يتابع ما يحدث فى مصر، يدرك أين مصالحه وكيف يصل إليها وفق حقائق الموقف، ولا تقنعه مثل تلك التجمعات بأن هناك شيئا يستحق الالتفات إليه.
للمرة الثالثة على التوالى تتكرر نفس الصور بكل أجوائها من تفلتات اللسان بألفاظ تنافى أى خلق من أنصار الجماعة إلى اشتباكات بالأيدى مع التجمعات التى حشدت دعما للنظام دون أن يبدو أن أحدا هنا قد تعلم شيئا.
فى الزيارة الأولى بدا ما يسوغ حشد بعض الشخصيات العامة لإعلان دعمها فى لحظة حرجة عند أول إطلالة له على العالم، غير أن ما جرى فى المرتين الثانية والثالثة، فبدعة لا سابق لها فى السياسة الدولية.
لا يعقل فى كل زيارة للأمم المتحدة تكرار المشهد نفسه، دون أن يكون فى وسع من جرى حشدهم لعب أى دور يتجاوز رفع الأعلام والصور والهتاف بلغة لا يعرفها المارة الأمريكيون.
كأى بدعة سياسية من هذا النوع ترتد الصور إلى عكسها، تنتقص من الرصيد ولا تضيف إليه.
وقد كانت صور الحافلات بأعلامها وصورها فى شوارع نيويورك مادة للسخرية، كأن الذين دفعوا أموالا لاستئجارها استهدفوا دون قصد ما تبقى من احترام لمصر فى عالمها.
ما يبنى هيبة الدول قوة نموذجها فى الداخل، قدرتها على صنع التوافقات الوطنية العامة لمواجهة أزماتها والتطلع إلى مستقبلها بثقة.
الداخل هو الأساس وأى كلام آخر محض ادعاء.
هناك ملفان يستحقان حوارا داخل مصر لا خارجها، فالحوار الجدى أهم من الحشد المصطنع لبناء الهيبة وإعادة بناء ما تهدم من صور.
الملف الأول، التداعيات الاجتماعية للأزمة الاقتصادية الخانقة.
فمصر المأزومة فى حياة مواطنيها وثقتهم بدولتهم لا تقدر على أية مواجهة متوقعة، إذا لم يتوافر الحد الأدنى من التوافق الوطنى فإن كل شىء معرض لانهيار محتمل.
أى مطل على المشهد المحتقن يدرك بسهولة أن المعارضة الاجتماعية أقوى من المعارضة السياسية.
عندما تجرف السياسة فإن أحدا لا يعرف متى وأين وكيف تحدث الاضطرابات، ولا ما بعدها، ولا مدى تأثيرها على المجتمع كله الذى قد يجر للفوضى.
إحياء السياسة يعنى بالضبط الإفراج عن المعتقلين السلميين الذين لم يتورطوا فى عنف، والاعتراف بأزمة الدولة مع شبابها والعمل على تصحيحها بالأفعال لا الأقوال، وتوسيع المجال الإعلامى، ورفع يد الأمن عن الحياة العامة، فللأمن وظائف لا يتعداها فى أية دولة قانون إذا كنا جادين فى الالتحاق بالعصر.
والملف الثانى، الحريات العامة وحقوق الإنسان، وهو متصل بالعمق مع فرص جذب الاستثمارات الأجنبية والتعافى الاقتصادى.
بقدر ما تتأكد القواعد الحديثة يصبح ممكنا بناء نموذج لدولة قادرة على مواجهة مصاعبها.
بكلام أوضح فإن الحشود المصطنعة لا تصحح أية صورة سلبية عن أوضاع الحريات العامة فى مصر بل تزيدها قتامة أمام الميديا الغربية ومراكز البحث والتفكير وصناعة القرار.
يلفت الانتباه بذات السياق خشونة انتقادات الاتحاد الأوروبى فى اجتماعات المجلس الأممى لحقوق الإنسان فى جنييف.
نفس المعانى استمع إليها الرئيس من المستشارة الألمانية «انجيلا ميركل» فى لقائهما على هامش قمة العشرين فى الصين.
باليقين هناك «تسييس لحقوق الإنسان» لأهداف لا علاقة لها بالقيم السامية، كما صرح الرئيس فى نيويورك، غير أن ذلك لا ينفى الانتهاكات والتجاوزات والمظالم التى تجرى هنا.
إذا لم يعمل الحاضر على تصحيح الصورة بإجراءات تقنع الداخل والخارج معا بأن هناك دولة قانون ودولة عدل فإن أحدا لا يمكنه توقع ما قد يحدث تاليا.
معنى الكلام كله أن الحشد فى الخارج لا يعبر عن مناعة فى الداخل.
وقد كان توريط الكنيسة المصرية فى ذلك الحشد كارثيا، فما هو دينى لا يصح الزج به فيما هو سياسى.
من حق أى مصرى يعيش فى الولايات المتحدة أن يعلن عن دعم رئيسه أو معارضته دون أن يكون لذلك أدنى صلة بعقيدته الدينية.
قد يقال إن الكنيسة تعرضت لضغوط حتى تحشد رعاياها فى أمريكا لمواجهة أية تظاهرات محتملة باسم أقباط المهجر، لكن كأى شىء يزيد على حده ينقلب إلى ضده.
باسم الحشد أفلتت عبارات من مبعوثين للبابا نالت من الأقباط أنفسهم وكان مردودها سلبيا عليهم.
باسم الحشد جرى اقحام الصليب فى تظاهرة أمام فندق، وروجت الصورة على شبكات التواصل الاجتماعى كما لو أن صلب الأزمة طائفى، الأقباط فى معسكر والمسلمون فى آخر.
ذلك يناقض الإرث الوطنى للكنيسة المصرية التى تحظى باعتزاز عام نظرا لتاريخها، كما يصادم بالعمق أى تطلع لتمتين السبيكة الوطنية، والأخطر أنه يستدعى الأزمات فى بنية الكنيسة نفسها.
كل ما جرى فى نيويورك من صور مسيئة يستحق المساءلة حتى لا تتكرر مرة جديدة إذا كان هذا البلد جادا فى مواجهة أزماته المستحكمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.