«متحدث الوزراء» يكشف عن إجراءات صارمة لمواجهة الشائعات    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الطيران عدداً من ملفات العمل    الثلاثاء المقبل... وزراء الصناعة والتموين والاستثمار يفتتحون الدورة العاشرة لمعرض "فود أفريكا"    حماية النيل من البلاستيك    الصين توجه تحذيرا شديد اللهجة إلى اليابان، فما القصة؟    شهد شاهد من أهلهم!    الهلال السعودى يخطط لخطف محمد صلاح بصفقة منخفضة التكاليف فى يناير    الساعات الأخيرة فى «إيديكس»    كأس العرب| شوط أول سلبي بين سوريا وفلسطين    قرار خاص من الزمالك خوفا من الإصابات قبل كأس عاصمة مصر    حقيقة فيديو إجبار سائقي سيارات الأجرة على المشاركة في الحملات الأمنية بكفر الدوار    الداخلية تكشف حقيقة فيديو ادعاء إجبار سائقين على المشاركة فى حملة بالبحيرة    مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي يعلن عن مجموعة جديدة من النجوم المشاركين    وزير الثقافة يشارك فى أسبوع «باكو» للإبداع    بدعوة من الإمام الأكبر |ترميم 100 أسطوانة نادرة للشيخ محمد رفعت    وزير الصحة ينفى انتشار أى فيروسات تنفسية جديدة أو فيروس ماربورغ.. خالد عبد الغفار: الوزارة تمتلك 5500 منشأة تعمل ضمن منظومة الترصد القائم على الحدث.. ويؤكد: لا مصلحة فى إخفاء معلومات تتعلق بانتشار أى مرض    لقيمتها الغذائية العالية، قدمى الجوافة لطفلك في هذه السن    بعد فيديو ضرب ولي أمر.. "تعليم الإسكندرية" تفصل طالبات المدرسة التجارية والنيابة تحقق مع الأم في واقعة حيازة سلاح أبيض    الأهلي يقترب من ضم يزن النعيمات لتعزيز الهجوم    خبر في الجول – مصطفى محمد يلحق بمنتخب مصر في مواجهة نيجيريا الودية    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام بفضل انطلاقة قوية للقطاع الخاص    إطلالة جذابة ل آية الجنايني في مهرجان البحر الأحمر السينمائي | صور    مسؤول في الأونروا: التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية "لم نشهده من قبل"    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    محافظ القاهرة: تبرع بقيمة 50 مليون جنيه لدعم إنشاء المجمع الطبي لجامعة العاصمة    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    الدباغ وحمدان ضمن تشكيل فلسطين في كأس العرب    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    الداخلية تكشف عن ملابسات فيديو يظهر خلاله شخص وهو يستعرض ب«مطواة»    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    بكين تعلن عن ثالث مناورة مشتركة مع موسكو في مجال الدفاع الصاروخي    طب الإسكندرية تُطلق قافلة طبية شاملة لخدمة مركز التأهيل المهني بالسيوف    كمال درويش: أرض أكتوبر المتنفس الحقيقي للزمالك.. والأمور أصبحت مستحيلة على مجلس الإدارة    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    أصوات الانفجارات لا تتوقف.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    وزير الصحة: H1N1 السلالة الأكثر انتشارا في مصر.. والموقف الوبائي مطمئن    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    وزير الري أمام اجتماع «مياه حوض النيل» في بوروندي: ستستمر مصر في ممارسة ضبط النفس    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتصارات صغيرة وتحديات كبيرة
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 09 - 2009

كما بدا واضحا، لم يؤد مقتل بيت الله محسود زعيم حركة طالبان فى باكستان فى أوائل شهر أغسطس إلى حل جميع مشكلات البلد. فما زال الرئيس الباكستانى يفتقر تماما إلى التأييد الشعبى. ولعل ما يبعث على الاستغراب أنه بالرغم من أن الرئيس قد انتخب بطريقة مشروعة، وأن أحدا لا ينازعه فى زعامة حزبه، فإنه يظل أقل الزعماء شعبية منذ زمن طويل.
وما زالت النخبة الإقطاعية والعسكرية تخوض مواجهة مع ما أصبح اليوم بمثابة نمو عضوى هائل للطبقة الوسطى فى البلاد، حيت يتواصل الهجوم على وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدنى، وهما يمثلان وسيلة هذه الطبقة لتأكيد ذاتها. فما زال من فريق الكريكيت الباكستانى لا يمكن التنبؤ بمستواه إلى حد كبير، وما زال الموسيقيون يحظون بحقوق محدودة فيما يتعلق ببث أعمالهم، وما زالت المرأة الباكستانية الأم والابنة والزوجة والأخت تُعامل بالطريقة نفسها، التى كانت تُعامل بها منذ فجر التاريخ. وما زال 43 مليون طفل بين الخامسة والتاسعة عشرة محرومين من الذهاب إلى المدرسة. وما زال الفساد وقصر النظر ومؤامرات المضاربين فى سوق رأس المال تقوض بطريقة معيبة حيوية الاقتصاد الباكستانى.
فما هو أثر موت بيت الله محسود على باكستان؟
تعد حياة رجل أو موته أمرا صغيرا للغاية بالنسبة للأمم، ومنها باكستان. ويمثل مقتل محسود دفعة كبرى للحملة العسكرية الرامية إلى استئصال الإرهاب منها. غير أن الدرجة التى ستصبح بها باكستان تستحق هذا الاسم والتاريخ والشعب النبيل الصامد لا تتوقف على حياة أو موت الأفراد الضالعين فى الإرهاب أو المنظمات الإرهابية. ذلك أن بلدا يبلغ تعداد سكانه نحو 180 مليونا لا يمكن أن تسحقه شهوة رجل للدم، حتى لو كان هذا الرجل هو بيت الله محسود. كما أن هذا البلد لن يستطيع أن يحقق إمكاناته المحتملة لمجرد أن هذا الرجل قد مات. فقد كان مقتل محسود بمثابة انتصار صغير انتفت أهميته بمجرد حدوثه. وما زالت معظم التحديات الأساسية والعصيبة، التى تواجه باكستان على حالها بعد موته.
وتواجه باكستان عددا من التحديات القاسية، منها علاقة هذا البلد بالإسلام. فعلى عكس الحال فى مصر، وحتى فى تركيا، فإن باكستان لا تشهد حالة إحياء ذى شأن للطبقة الوسطى المسلمة، بالرغم من النمو الكبير للطبقة الوسطى الحضرية خلال العقد الماضى. ولا شك فى أن الرموز الإسلامية والخطاب الودى تجاه المسلمين يغمران الإذاعة والتليفزيون والصحف. ومع ذلك فإن أيا من عناصر صحوة ما بعد الحداثة الإسلامية المهيمنة على الخطابات الإسلامية الجديدة غير موجود فى باكستان. ونجد فى بعض الحالات أنه فى الوقت، الذى تتطور فيه الطبقة الوسطى الباكستانية، يتضح شيئا فشيئا أن الرمزية الإسلامية ليست جزءا من هذه العملية. فعلى سبيل المثال أثارت حركة الطبقة الوسطى الناجحة من أجل استعادة سلطة القضاء انتباه آلاف الملتحين. لكن أساس الحركة المتمثل فى التعطش إلى سيادة حكم القانون الذى يجب أن يٌطبق على الجميع كان تقريبا علمانيا بشكل قاطع.
وبفعل ظهور هذا الخطاب غير الدينى للطبقة الحضرية، فإن مستخدمى ومسيئى استخدام الرمزية الإسلامية لا يواجهون تحديات كبرى. ذلك أن إسلام الغضب وهو مفهوم مغلوط فى أساسه يسيطر على المساجد ومكبرات الصوت فى باكستان. لكن إسلام الوعى يختبئ فى المكتبات، بل يمكن القول إنه غير موجود فى مكتبات المناطق الأقل حضرية فى باكستان. ويمثل ذلك إشكالية فى الحالة الباكستانية، لأن هذا البلد يُعد جزءا من عالم ظل الخطاب الدينى التقليدى به دائما متمحورا حول الوعى. وفى الوقت الذى ربما انحصرت فيه الصوفية وهى تعد تعبيرا مشروعا عن الوعى بواسطة موسيقيى ومثقفى البوب، إلا أنها كان لها دائما جذور عميقة فى التربة الباكستانية. ولعل ما يثير إشكالية أكبر هو أن الجدل بشأن الإسلام من حيث دوره فى الحياة العامة فى المجتمعات ذات الأغلبية السكانية الإسلامية والوعى الإسلامى ما بعد الحداثى قد تجاوز باكستان كلية تقريبا.
وإذا لم يظهر تحد حقيقى فى المدن للخطاب الإسلامى الغاضب والقديم والتقليدى المنعزل عن الماضى الباكستانى والحاضر العالمى فسوف يمثل ذلك خطرا حقيقيا على باكستان. ويعد هذا الخطر أقوى من أى إرهاب فردى. إذ ربما تكون باكستان قد تخلصت من بيت الله محسود، لكن أرواح الظلام الكامنة فى الهوية والدولة والمجتمع الباكستانى ما زالت حية. ولن تستطيع ضربات الطائرات الأمريكية بدون تيار أن تقضى على هذه الأرواح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.