محافظ القليوبية يقدم التهاني للأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    الذهب يستقر في الصاغة رغم احتفالات عيد القيامة    وزير الدفاع الإسرائيلي: هجوم رفح سيجري «في أقرب وقت ممكن»    انتشال أشلاء شهداء من تحت أنقاض منزل دمّره الاحتلال في دير الغصون بطولكرم    بث مباشر مشاهدة مباراة ليفربول وتوتنهام يلا شوت اليوم في الدوري الإنجليزي    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    هيئة الأرصاد تعلن تفاصيل الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غداً الاثنين    "دم المصريين خط أحمر".. شريف منير يحتفل بنجاح "السرب" مع صناع العمل    أهمية تناول الفيتامينات لصحة وقوة الأظافر    «التخطيط» تعلن خطة المواطن الاستثمارية لمحافظة الإسماعيلية للعام 2023/24    البطريرك كيريل يهنئ «بوتين» بمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي    البابا تواضروس الثاني يتلقى تهنئة آباء وأبناء الكنيسة بعيد القيامة    «مراتي قفشتني».. كريم فهمى يعترف بخيانته لزوجته ورأيه في المساكنة (فيديو)    هل يجوز أداء الحج عن الشخص المريض؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    قبل ساعات من انطلاقها.. ضوابط امتحانات الترم الثاني لصفوف النقل 2024    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    قوات روسية تسيطر على بلدة أوتشيريتينو شرقي أوكرانيا    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    «الزراعة» تواصل فحص عينات بطاطس التصدير خلال إجازة عيد العمال وشم النسيم    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    3 أرقام قياسية لميسي في ليلة واحدة    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    أمن جنوب سيناء ينظم حملة للتبرع بالدم    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    بين القبيلة والدولة الوطنية    وفد أمني إسرائيلي يعتزم الاجتماع مع إدارة بايدن لمناقشة عملية رفح    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    حكومة نتنياهو تقرر وقف عمل شبكة الجزيرة في إسرائيل    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة أولاد مرعي والنصر لمدة يومين    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    «التعليم»: المراجعات النهائية ل الإعدادية والثانوية تشهد إقبالا كبيرًا.. ومفاجآت «ليلة الامتحان»    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى تفسير ما مر
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 04 - 2016

تعويلا على مفردات ومضامين الفكرة الديمقراطية، يحق للمصريات والمصريين رفض الغياب الكارثى للشفافية عن الإدارة الحكومية لملف ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، والغضب من الاستعلاء الرسمى الذى لم يتوقف عند تجاهل الرأى العام بل تمادى إلى إصدار «أمر» للمواطن بالامتناع عن الحديث فى مسألة ترسيم الحدود ووضعية جزيرتى تيران وصنافير.
يحق للناس الرفض والغضب، تماما كما يحق لهم مناقشة مسألة ترسيم الحدود دون خوف أو قيود تنتقص من حرية التعبير عن الرأى. غير أن نزع المكون الموضوعى عن النقاش العام وتأجيج المشاعر الوطنية والتلاعب بالحقائق والمعلومات جميعها ظواهر تتناقض مع الخيوط الناظمة للفكرة الديمقراطية وترتب تداعيات بالغة السلبية.
خيط أول هو التزام الأمم المتطلعة إلى حكومات ديمقراطية بالقواعد المنصوص عليها فى المواثيق الدولية والمعمول بها فى القانون الدولى والنافذة بين الدول وفقا لتعهدات متبادلة. ليس من التطلع إلى الديمقراطية فى شىء أن يحمل الرأى العام فى مصر على تجاهل القواعد الدولية المنظمة للسيادة فى البحار ولحدود المياه الإقليمية والمناطق الاقتصادية أو على إنكار ما تراكم من تعهدات متبادلة بين الحكومات المصرية والسعودية بشأن مضيق تيران وجزيرتى تيران وصنافير.
خيط ثانٍ هو ضرورة وعى القوى المجتمعية والتنظيمات المستقلة التى تقود الحراك الشعبى المطالب بالديمقراطية بخطر تأجيج المشاعر الوطنية وتوظيفها هى بمفردها فى مواجهة السلطويات الحاكمة. لدينا فى مصر الكثير من الأسباب لمعارضة السلطوية الحاكمة والسعى إلى استعادة مسار تحول ديمقراطى، من انتهاكات الحقوق والحريات وقمع المواطن والمجتمع المدنى إلى السطوة الأمنية وإماتة السياسة وتسفيه ممارسيها. لدينا فى مصر آلاف المظلومين فى أماكن الاحتجاز وخارجها، وإخفاقات متراكمة لسلطوية تحكم دون كفاءة.
تكفى هذه الأسباب للتجديد المستمر لدماء الحراك الشعبى المطالب بالديمقراطية، ويمكن تدريجيا تفكيك وتفنيد الأساطير المؤسسة للسلطوية (حكم الفرد كفعل إنقاذ وطنى، والصوت الأوحد والرأى الأوحد وإسكات المعارضين كشروط لمواجهة المؤامرات والمتآمرين) وبمقايضاتها السقيمة (إما الأمن وإما الحرية، إما الخبز وإما السياسة والنخب المدنية ذات المصالح الضيقة). فى المقابل، يضع تأجيج المشاعر الوطنية (دون أسس موضوعية) الحراك الديمقراطى فى معية أخطار بالغة.
من جهة، تستطيع السلطوية الحاكمة أن تقلب الطاولة على معارضيها من خلال الاستحواذ على «المسألة الوطنية» محل النظر، والاستجابة للمطالب الشعبية بصددها (أو التحايل عليها)، ومن ثم اكتساب شرعية زائفة. لنفترض جدلا أن الهيئة التشريعية سترفض اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، كيف سيكون وضع القوى والتنظيمات الديمقراطية عقب ذلك؟، وهل ستقدر على العودة إلى الشارع الذى عبأته لرفض الاتفاقية لكى تذكره بحقوق الإنسان والحريات وبسيادة القانون الغائبة وبالسطوة الأمنية التى تعتاش عليها السلطوية الحاكمة وهى استجابت لمطلب «الجماهير» وألغت الاتفاقية؟
من جهة أخرى، يخلط تأجيج المشاعر الوطنية (مجددا دون أسس موضوعية) الحابل بالنابل فى الحراك الديمقراطى ويلغى عملا إمكانية تبلور مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية محددة تلتف حولها تدريجيا وبنفس طويل قطاعات شعبية مؤثرة. عوضا عن مواصلة الاقتراب اليومى من الناس ونشر الوعى بشأن استحالة ضمان الأمن والخبز دون الحرية واحترام حقوق الإنسان وبشأن الارتباط المؤكد بين السلطوية الحاكمة وبين الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية، تتخلى القوى والتنظيمات الديمقراطية عن كل ذلك. وتعزف جماعيا على أوتار المشاعر الوطنية (الأرض والعرض)، وتنجرف إلى التلاحم مع الجماهير (للمرة الثالثة دون أسس موضوعية). وتتورط فى الانفتاح على آخرين دعموا السلطوية حين استحوذت على الحق الحصرى للحديث باسم الوطنية المصرية، ولا ينشدون اليوم سوى تصويب بعض ممارساتها أو استبدالها بسلطوية تأتى بمنقذين ومخلصين جدد. وتترك مطالبها الأصيلة كإيقاف الانتهاكات وسيادة القانون وتداول السلطة إلى مصير الانزواء المشئوم.
لهذا كان موقفى المغرد خارج السرب بداية، ثم صمتى الذى أنكره على البعض وقد كان وسيلتى الوحيدة للابتعاد عن المساومة على قيم الموضوعية والعقلانية والديمقراطية التى أثق بقدرتها على إخراجنا من المأزق السلطوى الراهن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.