اختلال المعايير وتغييرها وراء هذا الغضب الإسباني لفوز ميسي بجائزة أحسن لاعب.. لكن المعايير أصلا كانت خطأ، فعندما تمنح تلك الجائزة للاعب لمجرد أنه شارك في فوز ناديه ببطولة أوربا أو لمشاركته في فوز منتخب بلاده في كأس العالم يكون ذلك معيارا لا علاقة له بالموضوعية الفنية.. ففي كرة القدم يحقق الإنجاز الفريق. وفي حالة تشابي وإنييستا كان نجاحهما جزءا من نجاح المنتخب الإسباني في المونديال.. في حالات قليلة ترتبط تلك الجائزة الرفيعة بفرد وليس بجماعة.. هكذا منحت إلى يوهان كرويف في أعوام 1971 و1973 و1974، لدوره مع أياكس أمستردام في الفوز بكأس أوربا، ولدوره الرائع مع منتخب هولندا في المونديال، وهكذا منحت لزيدان عام 1998.. وهكذا كان يجب أن تمنح لمارادونا عام 1986 إلا أن الجائزة كانت في ذلك الوقت لمجلة فرانس فوتبول وتقتصر على لاعبى أوربا فيما بدأ الفيفا جائزته السنوية عام 1991. في حالات نادرة يكون بالفريق، لاعب من أصحاب المهارات الأسطورية.. ويطغى دوره الفردي على الدور الجماعي.. لذلك ذهبت الجائزة إلى ميسي، ومرت من بين قدمي تشابي وإنييستا.. ميسي دائما في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح. فهو الذي سجل 60 هدفا في العام الماضي لبرشلونة ولمنتخب الأرجنتين. وهو سادس لاعب في الدوري الإسباني يسجل 4 أهداف في مباراة واحدة ضد أرسنال الإنجليزي. وهو الفائز بالحذاء الذهبي في أكتوبر الماضي.. ليونيل ميسي يجعل الكرة ترقص بين قدميه.. ترقص بإيقاع سريع، وترقص بإيقاع التانجو.. وأنت تحب أن تذهب الكرة إلى ميسي لتندهش بما يفعله بها وتستمتع باندهاشك. وتستمتع بانفعالك. ولاحظ الفارق هنا. تحب أن ترى الكرة بين قدمي ميسي. وتحب أن ترى الكرة بين فريق برشلونة.. هنا أنت تحب لاعبا فردا. وهنا أنت تحب مجموعة من اللاعبين.. وميسي بالنسبة لفريق برشلونة مثل نواة الذرة، التي يدور حولها تشابي وإنييستا ودافيد فيا، وبيدرو وداني ألفيس.. معايير الأفضل في كرة القدم يجب أن تبنى على المهارة والموهبة ثم الدور في الإنجاز.. فالبطولات من حق الفريق وليست من حق لاعب واحد.. بينما الإنجاز الفردي والأرقام القياسية هي أهم معايير اللعبات الفردية، التنس، السباحة، ألعاب القوى، الجمباز، المصارعة، الملاكمة.. ويضاف، في حالات أخرى موهبة الفرد.. ففي الستينيات كانت مباريات الملاكم محمد علي كلاي متعة فنية، كان راقصا يدور حول خصمه.. وكانت ضرباته سريعة ومتلاحقة، وكان يلدغ مثل النحلة ويدور كالفراشة.. وحين اعتزل، ذهب معه الأداء الجميل في الملاكمة، وعادت القوة. قوة الضربة. وقوة الجسد، وخسرت اللعبة الجمال. الرياضة نشاط إنساني مهم. تظل في هذا النشاط مساحة كبيرة للموهبة الخاصة، التي تبرع في إعلاء القدرة البشرية. ميسي يستحق الجائزة.. فهو أحد اللاعبين الذين هزمت موهبتهم.. مجموعة لاعبين آخرين يشكلون فريقا كاملا.. اسمه منتخب إسبانيا.