لم تجذب زيارة محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إلى القاهرة اهتمام معظم وسائل الإعلام المصرية المشغولة جدا هذه الأيام بأمور محلية مثل تجديد عقد شيكابالا وتراجع مستوى الأهلي رغم أن الإعلام الغربي يتابع هذا الرجل ويخصص له مساحات واسعة منذ بدأ في حملته الدعائية للوصول إلى منصب الرئاسة بالاتحاد الدولي. والمفارقة أن الزيارة كانت محل اهتمام بالغ من الحكومة المصرية والتي طلبت من حسن صقر وسمير زاهر الإعلان رسميا وعلنا أن صوت مصر سوف يذهب لصالح المرشح القطري العربي دون مزايدة وتكرر تأكيد هذا الموقف عدة مرات, مما دفع ابن همام إلى استغلال زيارته إلى القاهرة وتحويلها إلى نقطة انطلاق لحملته الضخمة التي تجد كل الدعم والمساندة من سلطات دولة قطر. ولكن ما لم يعلن أن زيارة همام كان لها هدف آخر يراه بالغ الأهمية وهو اللقاء مع عيسى حياتو وتأكيد مولد تحالف مع الاتحاد الإفريقي يضمن له الأغلبية الكاسحة لأصوات دول إفريقيا خلال الانتخابات التي سوف تجري يوم أول يونيو المقبل وليس خافيا الدور المحوري الذي يلعبه هاني أبو ريدة ممثل مصر في تنفيذية الفيفا والصديق الشخصي لمحمد بن همام حتى إنه كان برفقته على الطائرة القطرية الخاصة التي أوصلته القاهرة. ابن همام وأنا أعرفه جيدا وتجمعني به علاقة طيبة منذ 20 عاما, تحرك بذكاء لاستغلال أحزان عيسى حياتو بعد أن تعرض لحملة تشويه لسمعته الأسبوع الماضي من الصحف البريطانية بتحريض من بلاتر الذي اتهمه بتقاضي هدايا نقدية من قطر قبل التصويت على مونديال 2022 ووجد همام أن الفرصة مواتية ليمد يد التعاطف والمساعدة لرئيس الاتحاد الإفريقي مقابل ضمان 45 صوتا من إفريقيا على أقل تقدير وهكذا تم الترتيب للزيارة. محمد بن همام نجح تماما في مهمته ليكسب عصفورين بحجر واحد وأبرم واحدة من أهم الصفقات التي ربما توصله إلى عرش الفيفا ليكون أول عربي في التاريخ يتبوأ هذا المنصب الخطير, وفي نفس الوقت حصل على صوت مصر ودول عربية أخرى تتأثر بمواقف مصر وغادر القاهرة حاملا في جيبه حظوظا عالية القيمة سيكون لها تأثير هائل في سباق الزعامة. وفي تقديري الخاص أن الاهتمام المصري الرسمي بالزيارة كان يحمل بعض المبالغة وأيضا المخاطرة غير المحسوبة, ففي مثل هذه المواقف يجب الاحتفاظ بموقف التأييد العلني وعدم الإعلان عنه صراحة ببيانات رسمية قد يكون لها نتائج عكسية في حال نجح بلاتر في الاحتفاظ بمنصبه وهو أمر وارد بل إن حظوظه تفوق ما لدى همام, وأسوق لكم واقعة مثيرة حدثت لمحمد بن همام قبل وصوله القاهرة بساعات, عندما حطت طائرته في المغرب لعدة ساعات التقى خلالها مع منصف بالخياط وزير الشباب ومع علي الفاسي الفهري رئيس اتحاد الكرة للحصول على تأييد المغرب, وكانت المفاجأة تصريحا دبلوماسيا من الوزير ثم خبرا رسميا يؤكد أن موقف المغرب سوف يتحدد بعد دراسة الموقف. لست ضد تأييد همام بل أتمنى نجاحه وسوف أقوم بتهنئته لكن ضد الإعلان المتسرع من مصر دون تفكير في العواقب إذا فشلت مغامرة همام. على الهامش تم فتح القاعة الرسمية لكبار الزوار بمطار القاهرة بتعليمات حكومية لاستقبال محمد بن همام ولكن حدثت مفاجأة فقد هبطت طائرته بالمطار الخاص رقم 4 وتبين أن سفارة قطر استأجرت قاعة التشريفات لاستقبال الضيف وسارع المستقبلون إلى هذه القاعة البعيدة. والمشهد كان ذا دلالة. *