على "قناة الناس" : – العلماء أصحاب المذاهب كانوا يكنون لبعضهم كل تقدير واحترام، وسيرتهم في ذلك معروفة مشتهرة. – التسلسل من الأئمة والتابعين ثم الصحابة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يؤكد مدى اتصال هذه المذاهب وتراثها الفقهي بالمنهج النبوي. – المذاهب الفقهية تركت لنا المناهج التي تتيح لنا التعامل مع الواقع وفق مراد الشرع الشريف. – على الجميع أن يطالع كتب التراث الفقهي ليدرك حجم الجهد المبذول فيها. ——————— واصل فضيلة مفتي الديار المصرية أ. د / شوقي علام تفكيكه للفكر المتطرف بالرد على من يقلل من قيمة وأهمية المذاهب الفقهية في حلقة جديدة من برنامج "مع المفتي" المذاع على قناة"الناس" موضحًا أن هؤلاء العلماء كانوا يكنون لبعضهم كل تقدير واحترام، وسيرتهم في ذلك معروفة مشتهرة، كعلاقة أبي حنيفة ومالك، والشافعي ومالك، وابن حنبل والشافعي، فقد أخذ أبوحنيفة عن إبراهيم النخعي وأقرانه، وقد جمع أبو حنيفة علوم هؤلاء ودوَّنها بعد أخذٍ وردٍّ سديدين في المسائل بينه وبين أفذاذ أصحابه في مجمع فقهي من نبلاء تلاميذه المتبحرين في الفقهوالحديث وعلوم القرآن والعربية، وقد أسهم علماء الحنفية كمحمد بن الحسن الشيباني في تقعيد العلاقات الدولية كما في مصنفاته "السير الكبير" و"السير الصغير"، ثم نشأ الإمام مالك في بيئةتشتغل بعلم الحديث فتلقى عن سعيد بن المسيب والفقهاء السبعة وغيرهم، ثم جاء الإمام الشافعي الذي تفرد بكثرة الرحلات العلمية ولقائه مع المدارس الفقهية المختلفة، وكذلك حُمل الإمامالشافعي بعد مولده في غزة إلى مكة وهو ابن عشر سنين ليستقر هناك ويتثقف بثقافة أهله وذويه، وكان مغرمًا بالعلم منذ نعومة أظفاره، وروى الموطأ عن مالك ولزمه يتفقه عليه، ثم درس فقهالعراقيين وقد أخذت شخصية الشافعي تظهر بفقه جديد، حيث عاصر ظهور المذهبين الحنفي والمالكي وترتيب أصولهما وفروعهما فنظر في صنيع المذهبين واستفاد منهما، ثم كوَّن لنفسهمنهجًا آخر يتوافق مع ما وصل إليه الوضع العلمي في زمنه من توثيق للأحاديث وجمع كثير من النقول عن الصحابة والتابعين، فأسس الأصول الخاصة بمذهبه واجتمع عليه الفقهاء ونشروابعد ذلك مذهبه في مختلف الأقطار. ثم نشأ بعده الإمام أحمد بن حنبل في بغداد وتتلمذ على يد الشافعي، وهو إمام حافظ صاحب سنة وصاحب روايات وله مذهبه المعتد به والمعتبر في مشارق الأرض ومغاربها. وأشار فضيلة المفتي إلى أن كل هذا التسلسل من الأئمة والتابعين ثم الصحابة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يؤكد مدى اتصال هذه المذاهب وتراثها الفقهي بالمنهج النبوي. وهذهالخلفية عن أئمة المذاهب الفقهية تؤكد لنا بما لا يدع للشك مجالًا كيف أن تقليد مذاهبهم ليس فيه مخالفة للكتاب والسنة، بل إنه الطريق الصحيح للسير على منهج الكتاب والسنة، فهذه المذاهبحظيت بعناية علمية شديدة، ساهمت في تأصيل وحفظ علم الفقه وإثرائه باجتهادات علماء هذه المذاهب على مر العصور، فلا يجوز بحال أن يدعِيَ مُدَّعٍ بأن تقليد هذه المذاهب يُعَدُّ خروجًا عنالطريق الصحيح لتلقي علوم الشرع الشريف. وأضاف فضيلته : "إن التجربة أثبتت على مر القرون أن من يطالع الجهد الذي بذله هؤلاء الأئمة في بيان أحكام شرع الله ليدرك كم يجب علينا أن نحفظ مذاهبهم ونعتني بها وننتسب إليها،ولماذا ندعو الناس إلى ذلك. إن هذه المذاهب حفظت لنا الدين وحملت عنا عبء طول النظر والاستدلال الذي يستغرق سنوات وسنوات من الجهد المضني والتعب الشديد، وحفظت عليناالعبادات والمعاملات وكل شؤون الحياة نؤديها ونحن مطمئنين إلى صحة ما ورد إلينا من أقوالهم فيها مع ما اشتملت عليه من اختلاف في طرق الاستدلال وتباين وجهات النظر، وكل هذا لايمنع من التفاعل مع ما يقع من حوادث ومستجدات، فهذه المذاهب تركت لنا المناهج التي تتيح لنا التعامل مع الواقع وفق مراد الشرع الشريف، إن عقلية المذاهب والمدارس الفكرية مهمة جدًّا،صغرت تلك المذاهب والمدارس أو كبرت؛ لأنها تنشئ فكرًا منتظمًا متسقًا له غايات واضحة على مدى زمني طويل، فتحقق تراكمًا وإنجازًا علميًّا، وتمكن من المراجعة والتقويم باستمرار، ممايمنح هذه المذاهب والمدارس مكانة وإمكانية في التعامل مع النصوص الشرعية والوقائع الحادثة بالمجتمع". واختتم فضيلة المفتي حواره قائلًا: "ومن العسير على النفس – فضلًا عن الواقع العملي – التفريط في هذا التراث العلمي المتراكم عبر القرون بدعاوى حرية الرأي والتفكير، وعلى الجميع أنيطالع هذه الكتب الفقهية من أمهات الكتب ليدرك حجم الجهد