عاجل.. الرئيس السيسي يوجه بصرف 1000 جنيه شهريًا لهؤلاء    نائب رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مركز رعاية الطلاب ذوي الإعاقة    عاجل- رئيس الوزراء يبحث مع وزير البترول خطة تطوير قطاع الطاقة وتعظيم الاستفادة من الثروات البترولية والمعادن النادرة    بمشاركة مصرية.. انطلاق برنامج الزمالة التقنية للشباب العربي 2025    استعدادًا لافتتاحها.. محافظ بورسعيد يوجه بإزالة الإشغالات من محيط محكمة بورفؤاد الجزئية الجديدة    لوسيد تجمع أكثر من ألف سيارة كهربائية في السعودية    ترامب: هناك احتمال لننعم بالسلام في الشرق الأوسط    مدير الإغاثة الطبية في غزة: المساعدات الطبية لم تكن يومًا كافية والمأساة تفوق الإمكانيات    ملامح تشكيل منتخب مصر أمام جيبوتي في تصفيات المونديال    حبس ربة منزل 4 أيام لضبطها وبحوزتها 8 آلاف قرص مخدر    برنامج "ترندي" يبرز فوز "العناني" بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو    انطلاق الدورة 2 من مهرجان جيلنا بحضور شيكو وتوتة وعايدة رياض    رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    مشروب سحري يخفض السكر في الدم خلال 30 دقيقة فقط    تعرف على جدول بطولة العالم للسباحة بالزعانف في المياه المفتوحة بالعلمين    البيئة: إنشاء مصانع لبدائل البلاستيك بعدد من المدن المصرية    تجديد حبس سائق لاتهامه بدهس معلمة في مصر الجديدة    طقس الكويت اليوم.. أجواء حارة ورياح على هذه المناطق    بسبب معاكسة فتاة.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في أوسيم    محافظ كفر الشيخ يفتتح مدرسة الفقهاء القبلية بسيدى سالم    القوات المسلحة تنظم المعرض السنوي الثامن عشر للثقافات العسكرية "ذاكرة أكتوبر 2025".. صور    بحضور إلهام شاهين ومحمد سلماوي.. توزيع جوائز مسابقة أفضل مقال أو دراسة نقدية عن الأفلام القصيرة جدًا    عالم يكتشف فوزه بجائزة نوبل خلال رحلة فى البرية للتخلص من إدمان الهواتف الذكية    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    تقارير إسبانية تكشف موعد عودة لامين يمال إلى الملاعب وموقفه من الكلاسيكو    انطلاق المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية بين طلاب المدارس بالمنوفية    ندوات توعوية لرفع الوعي الصحي لطلاب مدارس المنيا حول الأمراض المعدية    مدبولي يوجه بتوفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الكبرى    الكرملين: تسليم صواريخ توماهوك إلى كييف تصعيد خطير    فيلم «فيها إيه يعني» يتخطى 20 مليون جنيه في أسبوع    اليونيسيف: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل    طاقم تحكيم مصري لإدارة مباراة أولمبيك أسفي والملعب التونسي في الكونفدرالية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى المنيا    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 2691 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    محافظ الغربية يفتتح الملعب القانوني الجديد بنادي السنطة الرياضي    الزمالك يدرس تعديل عقد حسام عبد المجيد تقديرًا لتألقه وتطوره    كيروش: مواجهة قطر صعبة.. ونطمح للانتصار في بداية مشوار التأهل    مصارعة – كيشو يستعد لتمثيل منتخب أمريكا    الري: إطلاق آلية تمويلية بمخصصات 100 مليون دولار لتنفيذ المشروعات التنموية بدول حوض النيل    دفن جثمان أحمد عمر هاشم بجوار مسجد العائلة بقرية بني عامر بالشرقية    ضبط 16 طن دقيق مدعم بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    الدكتور أحمد عمر هاشم يتحدث عن حب آل البيت ومكانتهم في قلوب المصريين (فيديو)    حكم الرجوع في التبرعات الموجهة للمؤسسات الخيرية.. دار الإفتاء توضح    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    «مش بيحبوا يتحملوا مسؤولية».. رجال 5 أبراج يعتمدون على الغير بطبعهم    كريم أدريانو يفوز بجائزة «the best» في ثاني أيام عروض مهرجان «المهن التمثيلية» (تعرف على الفائزين)    ترامب يلغى الجهود الدبلوماسية مع فنزويلا.. نيويورك تايمز: تصعيد عسكرى محتمل    نقابة المهندسين تعلن تضامنها مع «المحامين» في رفض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية    موعد عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم فى الشرقية اليوم    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    بعد قطعها ل 6 أجزاء.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بقرية ناهيا..الجيزة توضح..فيديو    تزامنًا مع ذكرى نصر أكتوبر.. محافظ أسيوط والبابا تواضروس يضعان حجر الأساس لمدرسة سانت ماري الدولية    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    وزير الصحة لمجدى يعقوب :الحالات مرضية كانت تُرسل سابقًا للعلاج بالخارج واليوم تُعالج بمركز أسوان للقلب    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء هيئة التمريض العالى المؤهلين تخصصيًا لوظائف إشرافية    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر    اشتباكات عنيفة بين قوات «قسد» والجيش السوري في حلب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحاضنات الابتكارية ومهمة التصدّي للتخلف البحثي
نشر في شموس يوم 26 - 08 - 2017

تحدثت باقتضاب في مقالتي السابقة عن التخلف البحثي، والدعم السخي لتيارات التطرف الفكري، الذي يأتي على حساب التخلف عن دعم المراكز والمؤسسات البحثية، وكان يجب التفصيل في الكيفية التي يمكننا بها التصدي لهذه الظاهرة.
إن أهم وسيلة من وسائل الاقتصاد المعرفي، التي يمكن عن طريقها التصدي لظاهرة التخلف البحثي، هي أن تُعطى الأفكار البسيطة، مهما تناهت في البساطة، حقها من الرعاية والاهتمام، بشرط أن تكون قابلة للأقصدة والاستثمار، عن طريق ما اصطلحَ على تسميته ب «حاضنات الابتكار»؛ وتقوم فكرة الحاضنات على أقصدة الأفكار، ورعاية الأبحاث، واستثمارها، بشكل يدعم الاقتصاد، ويظهر تأثيره من ثم على الدخل القومي.
لقد استطاعت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، أن تحول كل خسائرها إلى أرباح، من خلال الأفكار البسيطة، والأبحاث المتواضعة، التي طورتها الحاضنات الابتكارية، ارتقت باقتصاد اليابان ودفعت به إلى المقدمة في عالم التصنيع، سواء في صناعة السيارات، أو الحواسب الإلكترونية، وما زالت الحاضنات تلك، حتى اللحظة، تقدم إلى الأسواق العالمية، نتاج تبنيها واستثماراتها للأفكار البسيطة، كل جديد، في التكنولوجيا تحديداً.
وفي الصناعات الأخرى، التي اشتهرت بها اليابان أيضاً؛ والمثير حقاً، أن الحاضنات الابتكارية وفرت لليابان القدرة على الاستثمار، في أكثر ما يفتقر إليه «المعادن»، ولكنها جعلته في المقدمة العالمية، في شأن تصنيعها.
تقوم فكرة الحاضنات الابتكارية على تبني أي فكرة، مهما صغر شأنها، بشرط أن تكون مجدية ومفيدة نوعاً ما، إذا تم تحويلها إلى سلعة، وبيعها في الأسواق، وتبدأ الحاضنة بعمل نسخ تجريبية على نطاق صغير، بعد أقصدة الفكرة، وبيع نسخ تجريبية، محدودة، لمن يهمهم الأمر؛ مثلاً يهتم التجار وأصحاب البنوك في كثير من دول العالم بشراء نسخ تجريبية من الروبوتات، تعرضها شركات يابانية، بعدد محدود، عبر الإنترنت، ويستخدمونها من قبيل الزينة، والترحيب بزبائنهم.
مصانع الروبوتات هي نموذج مثالي، تم من خلاله الاستفادة من عبقرية النظريات، التي بدأت كونها أفكاراً مجردة من التطبيق، في علوم الحاسوب، وهو ما سمي علم النانو، وبعد أن تم احتضان تلك النظريات عن طريق علم النانو وهو ما سنخصه بمقالة من المقالات القادمة للحديث عنه مثلت ابتكارات عبقرية جداً، وفتوحات معرفية، ما زالت تتطور في كل لحظة أكثر فأكثر، لكن من دون تلك الحاضنات لم يكن لوجود الحاسوب، وعلومه أي وجود.
في عوالم الفنون يسعنا أيضاً التساؤل: ما الذي يجعل اللوحة الفنية ذات قيمة عظيمة لدى من يشاهدها رغم أنه لا يشعر بعظمة الصورة ذاتها على الطبيعة؟ الفنان هو حاضنة فنية، لابتكارات الطبيعة؛ فالرسام يأخذ نماذجه من الطبيعة، يضيف لها شيئاً، ينتخب شيئاً ويحذف شيئاً، ثم يترك بصمته عليها، فإذا بها تحفة جديدة، لها صلة بماضيه، لكنها تُنسب من جديد إلى الرسام، تحمل هويته، وبعدها تباع تلك اللوحات بملايين الدولارات كلوحات دافنتشي ولوحات بيكاسو وغيرهما.
ما وددت إيصاله من هذه الأمثلة هو فكرة الحاضنات الابتكارية، فهي من جميع الزوايا تؤدي المهمة نفسها، إذ إنها الوحيدة القادرة على فعل ذلك حين تتبنى ابتكارات المبدعين، فتحول إبداعاتهم المعرفية، إلى ما هو صالح لتداوله واستهلاكه بما ينفع البشرية، ويظهر أثره على الاقتصاد الوطني، ويعزز من الدخل القومي.
ولعل أهم ما يضطلع به الاقتصاد المعرفي هو مهمة الحاضنة الابتكارية، التي تعتمد على أفكار العاملين، ومعرفتهم وخبراتهم، أكثر من اعتمادها على جهود سواعدهم في العمل.
لقد مرت الأعمال الصناعية على مر التاريخ بمراحل كثيرة، ومع كل زمن كان هناك اختراعات جديدة، كالآلات الصناعية التي خففت كثيراً من استخدام الأيدي البشرية العاملة، وهكذا حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه في عصرنا الحالي، فصار الاعتماد على الفكرة البشرية، والخبرة التي يمتلكها العمال، وتُشتَرط أن يمتلكونها في أي إعلان عن وظائف شاغرة، بمعنى أن المكائن والآلات دفعت بأهمية القوة المعرفية البشرية إلى المقدمة، وألغت أهمية الأيدي العاملة وكثرتها.
ورغم ذلك فإن الأنظمة المحاسبية لم تتمكن بعد من إيجاد طريقة محاسبية تدرج المعرفة التي تمتلكها القوة البشرية ضمن قوائم الاستحقاقات والضرائب.
إن ما أريد أن أوصله إلى الذهن هو أن السبيل الوحيد لمواكبة التطورات الحديثة، هو الاهتمام بالبحث العلمي، والتشجيع عليه، لأن البحث يعني التفكير، ويعني التحليل، وتعني الاستنتاج، ولا يمكن أن يتم ذلك والمناهج الدراسية المدرسية والأكاديمية تعتمد على التلقين الأبوي، في أسلوبها التعليمي، لأن هذا الأسلوب لا يحث إلا على التخصص في المهن اليدوية، التي استغنى عنها العالم بالآلات، والمكائن، والمعدات، وصار كل ما يحتاج إليه الآن هو مفكرون، ومستشارون، وباحثون وخبراء، ومحللون، ولاشيء في رأيي له القدرة على التشجيع على كل ذلك سوى الحاضنات الابتكارية، التي قمت بتعريفها والحديث عن جدواها في هذا المقال.
ويفترض وجود الحاضنات الابتكارية أن المجتمع الذي تتواجد فيه لم يعد تقليدياً، تقوم ثقافة أبنائه على البحث وطرقه، وتنتهج سبل التفكير الإبداعي، ليكون عمل تلك الحاضنات هو تحويل الفكرة التي تجود بها عقول أبنائه إلى عمل، وتطبيق، واستثمارها بما يخدم اقتصاد الوطن، ويعزز من الدخل القومي، ويحرك عجلة التنمية، بشكل متساوق، مع التطورات الطارئة على العالم.
أختم مقالتي بالقول: إن الحاضنات الابتكارية هي وسيلة احتواء الأفكار بجدية، وعدا ذلك فهي أهم ثيمة في القوة الناعمة، مكنت دولاً كثيرة، وعلى رأسها اليابان، من الارتقاء اقتصادياً وسياسياً، وأبدعت في تقديم نموذجها الحضاري، الذي ظهرت به أمام العالم، خلال الخمسين عاماً الماضية، فتمنى العالم بأسره أن يبلغ تلك المنزلة، وأن يمتلك تلك الحضارة، وما زال العالم يتعلم من اليابان، في كل يوم، أبجديات فلسفته في تلك القوة الناعمة.. وللحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.