انتهت المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب في المحافظات التسع بحلوها ومرها .. أبهجت النتائج البعض وأحزنت البعض الآخر فراح الفائزون، خصوصا من حزبي الحرية والعدالة والنور السلفي يتبادلون التهاني ويكررون تصريحات النصر فيما راح خصومهم، وجلهم من الليبراليين واليساريين، يتهمونهم بتحقيق الفوز الغالي باستخدام طرق غير قانونية تبدأ من الرشاوى الانتخابية ولا تنتهي بالدعاية الطائفية واللعب على مشاعر الناس الدينية مرورا باستخدام المساجد وسلاح المال. صحيح أن الخسارة كانت على الجانبين والفوز المستحق كان للطرفين، لكن الصحيح أيضا أن برلمان الثورة كسب في الحالتين جهود نفر من النشطاء وخسر جهود آخرين . في الدائرة الثالثة بالقاهرة مثل فوز مصطفى النجار رئيس حزب العدل وأحد قيادات ائتلاف شباب الثورة بمقعد الفئات طوق النجاة الذي أحيا آمال القوى الليبرالية في إمكانية إحداث توازن في برلمان يسيطر عليه الإسلاميون، الأمر الذي دعمه فوز مستحق للناشط السياسي الشاب عمرو عودة - الذي ترشح مستقلا - بمقعد العمال في نفس الدائرة. وعلى الجانب الآخر كانت خسارة عصام مختار موسى - النائب البارز في كتلة الإخوان المسلمين بمجلس الشعب عن مدينة نصر - لمقعد العمال ضربة موجعة لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة التي كانت "محظورة" وصارت بفضل الثورة والثوار "محظوظة". وفي الدائرة الرابعة اعتبر البعض دائرة مصر الجديدة منطقة محررة من سيطرة ونفوذ الإسلاميين بعد الفوز الكاسح للدكتور عمرو حمزاوي وكيل مؤسسي حزب مصر الحرية بمقعد الفئات واقتناص محمد أبو حامد أحد شباب الكتلة المصرية مقعد العمال عن الدائرة السادسة، فيما لم يفلح كون هشام سليمان عضوا بالحزب الوطني المنحل في وأد فرحة الكثيرين بفوزه بمقعد العمال عن الدائرة الرابعة للضاحية التي يباهي سكانها بميولهم الديمقراطية وتجذرأشواقهم نحو الدولة المدنية. ورغم أن مصطفى بكري المرشح المستقل هو من فاز بمقعد الفئات الدائرة التاسعة ومقرها قسم شرطة حلوان إلا أن انتصاره أربك الكثيرين فقد خرج على إثره في ذات الدائرة منافس آخر محسوب على دعاة الدولة المدنية هو الناشط الحقوقي الكبير ناصر أمين المدير التنفيذي للمركز العربي لاستقلال القضاة والمحاماة. ومن أبرز الشخصيات التي لم تتمكن من الفوز بمقعد في البرلمان رجل الأعمال رامي لكح، بعد أن فشل حزبه "الإصلاح والتنمية" - الذي كان على رأس قائمته في دائرة شمال القاهرة - في الحصول على نسبة تمكنه من دخول البرلمان. أما الإعلامية جميلة إسماعيل فقد أدى خروجها من المنافسة على المقعد الفردي في دائرة قصر النيل إلى إصابة شباب الثورة بالذهول، بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من جولة الإعادة بإجمالي أصوات 29.398 ألف صوت، مع أقرب منافسيها عمرو خضر مرشح "حزب الحرية والعدالة" والذي حصل على 31.735 ألف صوت، لكنهم سرعان ما تناسوا أحزانهم وراحوا يدافعون عن أطروحة الدولة المدنية بالوقوف خلف الدكتور محمد أبو حامد أحد قيادات الكتلة المصرية وحزب المصريين الأحرار ، والذي حصل على 33.311 ألف صوت في الجولة الأولى ثم فاز في الإعادة بمقعد العمال بعد مواجهة شرسة مع منافسه الإسلامي. وفي السياق ذاته لم يحصل تحالف الثورة مستمرة الذي تتصدر قائمته الفنانة تيسير فهمي سوى على 1468 صوتًا مقابل 162488 صوتًا لقائمة حزب الحرية والعدالة الأمرالذي أدى إلى خروجها من السباق رغم شهرتها كفنانة وناشطة في ميدان التحرير. وبعد أن أثبتت المؤشرات الأولية تقدم حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان على مقعد الفئات في الدائرة الثامنة فوجئ الرأي العام بالقاضي يعلن تقدم مرشحي حزب الحرية والعدالة، وهو الأمر الذي أثار غضب أبو سعدة الذي اتهم القاضي بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين. وأقام حافظ أبوسعدة دعوى قضائية أمام القضاء الإداري الذي أحال الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإبداء تقرير بالرأي القانوني فيه، متهما الحرية والعدالة بتزوير الانتخابات واللعب في عملية فرز الصناديق. وفي الإسكندرية أحيا فوز أبو العز الحريري رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي وعودته إلى البرلمان الذي غاب عنه ثلاث دورات متتالية آمال اليسار المصري في الحصول على تمثيل مشرف داخل قبة البرلمان في مواجهة الكتلة الإسلامية التي تؤكد نتائج المرحلة الأولى أنها ستحظى بالأغلبية في البرلمان. ومنح فوز أبو العز الحريري الزخم لحملة تحالف "الثورة مستمرة" الذي يعتبر حزب التحالف الشعبي الذي يرأسه أبرز أعضائه مع ائتلاف شباب الثورة. ورغم أن المستشار محمود الخضيري (مستقل ) فاز بالمقعد الفردي فئات بالدائرة الثانية مدعوما من حزب الحرية والعدالة إلا أن انتصاره أراح بال الكثيرين من اليمين واليسار، ودعاة الدولة الإسلامية أوالمدنية على حد سواء لأنه أنهى احتكار أسرة طلعت مصطفى لمقعد الدائرة منذ نحو ربع قرن، حيث كان الأب نائبا للدائرة منذ منتصف الثمانينيات، وخلفه ابنه طارق لدورتين. وبالمقابل كان عبد المنعم الشحات أحد قيادات حزب النور وكذلك كمال أحمد القيادي الناصري العضو السابق بمجلس الشعب أبرز الخاسرين بعد تاريخ دعوي طويل للأول وتاريخ برلماني حافل للأخير. وفي بورسعيد مثلت خسارة جورج إسحق المنسق السابق لحركة كفاية والقيادي بالجمعية الوطنية للتغيير للانتخابات من الجولة الأولى صدمة للكثير من أنصاره لحد دفع بعضهم إلى انتقاده على قرار خوض الانتخابات في بور سعيد حيث الشعبية الطاغية لأكرم الشاعر مرشح الحرية والعدالة على مقعد الفئات. وبالمقابل أدى فوز النائب التجمعي الشهير البدري فرغلى بمقعد العمال في نفس الدائرة إلى إعادة الثقة إلى دعاة الدولة المدنية في إمكانية تحقيق تيارهم السياسي نتائج طيبة في المرحلتين المقبلتين من انتخابات مجلس الشعب. وفي كفر الشيخ أدى فوز عبدالعليم داود النائب الوفدي في مجلس الشعب لعدة دورات واحتفاظه بمقعد العمال إلى عودة الروح إلى حزب الوفد الذي يأمل في تحسين نتائجه في المرحلتين المقبلتين بعد أن بينت نتائج الجولة الأولى حصوله على نسبة ضئيلة من الأصوات لا تزيد على 5% وهي نتيجة لا تتناسب مع تاريخه كأقدم حزب في مصر. وفي محافظة البحر الأحمر وجد المواطن عبد الباسط قوطة الذي ينتمي لحزب "المواطن المصري" نفسه شهيرا بعد أن نجح في اقتناص مقعد العمال ليتساوى حزبه الصغير مع حزب الحرية والعدالة الكبير في مقاعد هذه الدائرة ممثلا بالنائب يوسف قطامش الفائز بمقعد الفئات. وفي الأقصر تكرر نفس الأمر مع خالد عبد المنعم فراج مجاهد عضو حزب الحرية ومجلس الشورى السابق عن الحزب الوطنى المنحل عندما فاز بمقعد العمال ليتساوى حزبه الصغير مع الحرية والعدالة الذي حافظ له عبد الموجود راجح الدرديرى على مقعد الفئات. المصدر : أصوات مصرية