هذه القصيدة عمرها أربعة وثلاثون عاما، كتبتها قبل رحيل أمل دنقل بأكثر من عام، ونشرتها وقتها في مجلة "الدوحة"، وفي ذكراه، أعيد نشرها إهداء إلى روحه التي لم تزل تحلق حولنا شعر : السمّاح عبد الله رسالةٌ إلى أمل دنقل في الغرفة رقم ( 8 ) بمعهد السرطان حين حملتُ حقائب سفري وطرقت على بابك في الليل منزويا كنتَ تغني للوطن المتمدد في عينيك ووجع الأرض وأنا خاصمت الأيام حواليك وعشقت الركض وفجائيّا كنتَ وكنتُ أخبّئك بكتبي وأهاجر لأراضيك وبلدانك ليلاَ وإلى حيث يضم الجفنان الحلم الأملاَ وأفاجئهم بك منتصبا نخلاَ وعنيدا كالريح الهوجاءْ هل تعرفني ؟ آخر عودٍ نبت بأرض الشعراءْ ورسمتك في كرّاساتي حقلا ونهارا موّجتك أنهارا أوقدتك نارا نزّلتك مطرا وتخيرتك فصلا غير جميع فصول الأعوام تطلع أخضر كالحب وتغني للفقراءِ رسمتك ألعينان : الزمن المتأجل والزمن المتعجل ألقلب : الجمرة ألصوت : البركان والكلمات : الشجر المتطاول والعهد الآتي هل تعرفني ؟ كانت فيروز تسامر وحدتك الليليةَ ( خذني لبلادي ) خذني لبلادي هل تقدر ؟ إني أبحث عن وطني منذ زمان أتجوّل في الطرقات غريبا أبحث عن وطني أتعبني سفري أتعبني ترحالي طرتُ ودرتُ وحططت على بابك في الليل مجروحٌ سيديَ الذابلَ حتى الوجعِ مجروحٌ حتى الموت ها مجروحان تقاسمنا في هدآت الليل الوجعا وتقاسمنا الإعياءْ وغريبان وننشد وطنا فيروز وغنِّي صُبِّي في صدريْنا حيطانَ فلسطين ولبنان كانت عيناك بحارَ مُنَى ويداك مخضبتين دما وخطوتُ وأنت بكتبي وحقائب سفري تتحشرج في صوتي وتقاسمني خطواتي في الطرقات وتفجأني في عينيْ وأنا خاصمتُ الأيام حواليْك وعشقت الركض وخططتُك حين خططتُ وحين اخترتُ تخيّرتك فصلا غير جميع فصول الأعوام تطلع أخضر كالحب وتغني للفقراءْ .