قراءة في إبداعات فنانة تجيد قراءة مّا علي الحجرِ .. … " النقش علي الحجر " تلك كانت وسيلة الإنسان الإولي في الكتابة والتعبير عن حياته وإبداعاته الإولي ، وفيها تسجيل مشاهد كاملة ودقيقة لأنشطته اليومية ، هذه النقوش – نعدها اليوم أعظم ما إبتكر هذا الإنسان بجانب آلياته الأخري التي إبتكرها لمواجهة الطبيعة والتعايش معها وحتي يمكن القول لولا هذا الإبتكار ما كنا عرفنا ماضينا وتراثنا الإنساني من بداياته ونطلق عليه مسميات مختلفة من حيث المنشأ ، علي النحو الذي نتصفحه ونقرأه الأن ببساطة ، بعد ما عرفنا الحرف ، وفنون الكتابة وكانت تلك ايضا إولي فنون الرؤي البصرية " النحت " . وقراءة هذه النقوش او الكتابة التي علي الحجر صارت علما قائما بذاته يُدرس في الجامعات وصار لهذا العلم فروعا وتخصصات عديدة ساهمت في التعرف علي التاريخ من خلال هذا التراث المنقوش علي الحجر ، بل ومن هذه الدراسات ما حفظ لنا ولأجيال لاحقة صفحات من هذا التاريخ الإنساني وأبقته حيا ، وايضا من خلال هذه الدرسات صار لدينا العديد من نقاط الإنطلاق لمبتكراتنا العلمية والتكنولوجية والتطبيقات الحديثة في العقود الأخيرة . بهذه المقدمة ندرك بعضا من الخلفية الفكرية والبصرية التي تنطلق منها فنانة يكاد يكون الحجر وما نُقش عليه أحد ما يميز إبداعاتها في وطننا العربي ، إنها الفنانة / نوري العتيبي . حين نمضي إلي البعض من إبداعاتها المتاحة لنا قد نخلص إلي أيقونات متكررة نتبينها أو نلتقطها بسهولة وهي – هذه الإيقونات – واحدة من الدلالات التي تعكس إهتمام الفنانة بصفحات التاريخ المنقوشة علي الحجر . في تكوينات العمل نجد الأدوات المعيشية البسيطة وليدة إبتكارات الإنسان في الحقبة الزمنية والبيئة الطبيعية والمناخية التي تعني بها وتصورها لنا الفنانة لا يفوتها بأدواتها وتقنياتها أن تعكس ببراعة عناصر متعددة كالخوف والقلق ، والدهشة ، والامل ، والحيرة .. الخ . ما عليك إلا أن تلتقطها وتصل بها من خلال عناصر التكوين ذاتها لتكتمل القراءة الدقيقة للمشهد الذي نحن بصدده . تقنيات الظل بدرجاته والضوء نفسه بسطوعه أو درجات قتامتة المحسوبة بدقة ، ثم التوزيع الجيد لمكونات العمل وإنتقاء المكمل بعضه بعضا ،كل هذه الأشياء بمثابة حروف كلمات علينا منها أن نكون الّجملّ المفيدة لنّخّلص إلي فهم جيد للعمل نفسه وهذه إحدي بل ابرز أدواتها المتميزة بها وكمحترفة وحريصة علي إتساق ما تقدمه كعمل فني من التراث التاريخي موثقأ ، تحرص ان تقدم العمل نفسه بمساحة كبيرة نسبيا وكأنها تأتي بالمادة التاريخية كقطعة " مقصوصة " من الحجرنفسه مصورة " فوتوغرافيا " وليست علي كنفاس والوان زيتية ! هذه الدلالات التي اشرت إليها قد يتجسد بعضها فيما اتيح ليّ أن بين يديّ من إبداعات لها ، و تتعلق بأحد إهتمامات الفنانة وهي الحفريات التي تركها الأقدمون لنا ونجدها متناثرة في اوطاننا العربية التي تُعد اهم المناطق الحضارية في العالم أجمع إن لم تكن أغناها وأعظمها ، وجديرة بإهتمام فصيل فني عربي يجد فيها كنزا مختلفا تحقق للفنان ولإبداعاته تميز شخصي ، ولهويتنا الشرق اوسطية مرجعية تراثية / فنية تتيح لنا مقعدا نستحقه كمساهمين دائمين من القدم في الحضارة البشرية . مع بعض إبداعات الفنانة نوري ال عتيبي :