قيادي بالجبهة الوطنية: نصر أكتوبر ملحمة وطنية ومصدر أمل في مواجهة التحديات    بمرسوم جديد.. الرئيس السورى يلغى عطلتى حرب أكتوبر وعيد الشهداء    وزير التموين: تدشين أنظمة تمنح المستهلك نقاطًا إضافية بالمشتريات    تضع الصناعة المصرية على الخريطة العالمية.. معرض تراثنا أهم خطوات الدولة لترويج المنتجات.. وإطلاق الاستيراتيجية الوطنية للحرف اليدوية لها مردود اقتصادي كبير    نبنى الجسور لا الحواجز.. المنصات الرقمية في مرمى الرقابة المالية.. وضوابط منظمة للحماية من المخاطر    قطر للطاقة تنتظر موافقة مصر للاستحواذ على 3400 كم شرق البحر المتوسط من شل    ترامب غاضبا من نتنياهو: "أنت سلبي دائما وهذه فرصة للنصر عليك أن تقبلها"    بعد أن سلم نفسه .. الجيش اللبنانى يبدأ التحقيقات مع فضل شمندر المشهور ب "فضل شاكر"    مباشر دوري أبطال إفريقيا - بيراميدز (0)-(0) الجيش الرواندي.. تسديدة خطيرة    تعديل موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    هالاند يقود جوارديولا لانتصاره رقم 250 في الدوري الإنجليزي على حساب برينتفورد    وزارة التربية والتعليم.. ما هو رابط وخطوات تحميل تقييمات طلاب المدارس 2025؟    السجن سنة لمتهم في واقعة التعدي على ضابط شرطة بقنا    ضياء الميرغنى خلال تكريمه بمهرجان نقابة المهن التمثيلية : عملية تسليك عصب فاشلة بالعمود الفقرى سبب تعبى    ورثة العندليب ردا علي المتطاولين : مش مستنين فلوسكم والبيت مفتوح مجانا من 48 عاما ولم نطلب أي شيء من أحد    نائب رئيس الوزراء: أطلقنا دبلومة لسلامة المرضى معتمدة من المجلس الصحى المصرى    مقتل 20 شخصا بينهم أطفال جراء انهيارات أرضية هائلة في الهند    إسرائيل: اعتراض مسيرة فوق إيلات قادمة من اليمن    الدكتور نظير عياد يكتب: المرأة المصرية في ملحمة أكتوبر.. روح النصر وسرّ الثبات    نشاط فني مكثف.. علاء مرسي بين الكوميديا والدراما والسينما    القصة كاملة - شهادات التضامن مع فلسطين ومقاومة الصهيونية تحسم جدل ضم رافائيل كوهين إلى لجنة تحكيم نجيب محفوظ    مواقيت الصلاة اليوم الاحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة الثالثة والعشرين ضمن مبادرة العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    وكيل صحة الأقصر.. يعلن بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    حماس: تصعيد استيطاني غير مسبوق في الضفة لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية    فابريس: نحترم الأهلي ولكننا نؤمن بحظوظنا في تحقيق المفاجأة    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    احتجاجات بتل أبيب وأسر الرهائن يدعون ترامب ونتنياهو لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    أستون فيلا يواصل انتصاراته فى الدورى الإنجليزى بفوز مثير ضد بيرنلى    احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : في يوم المعلم… منارة العلم تُطفئها الحاجة..!!    تأجيل محاكمة 71 متهما بخلية الهيكل الإدارى بالتجمع لجلسة 21 ديسمبر    حكم الذكر دون تحريك الشفتين.. وهذا هو الفرق بين الذكر القلبي واللساني    محمد الغزاوي.. نموذج إداري هادئ يعود للمنافسة في انتخابات الأهلي المقبلة    أفشة: مشوار الدوري طويل.. وتعاهدنا على إسعاد الجماهير    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    برلماني: استراتيجية النهوض بصناعة الحديد والصلب خطوة حاسمة لتعزيز الاقتصاد المصري بتوجيهات السيسي    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    رئيس جامعة المنيا يهنئ السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    وزير التعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان إدارة المنتزه أول التعليمية    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير سورة الملك
نشر في شموس يوم 16 - 07 - 2015


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحمن
( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِير ٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الارْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الارْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاَبْصَارَ وَالاَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الاَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْه ِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ 30))
سورة الملك
الحمد لله \
سورة تبارك او الملك تسمى ( المنجية ) لانها تنجي حافظها
و قارئها وتاليها من عذاب القبر فقد ورد عن أنس بن مالك انه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
( إن رجلاً ممن كان قبلكم مات وليس معه شئ من كتاب الله إلا تبارك فلما وضع في حفرته أتاه الملك فثارت السورة في وجهه فقال لها إنك من كتاب الله وأنا أكره مساءتك وإني لا أملك لك ولا له ولا لنفسي ضراً ولا نفعاً فإن أردت هذا به فانطلقي إلى الرب تبارك وتعالى فاشفعي له فتنطلق إلى الرب فتقول يا رب إن فلاناً عمد إلىّ من بين كتابك فتعلمني وتلاني أفتحرقه أنت بالنار وتعذبه وأنا في جوفه ؟ فإن كنت فاعلاً ذاك به فامحني من كتابك فيقول ألا أراك غضبت ؟ فتقول وحق لي ان اُغضب فيقول :اذهبي فقد وهبته لك وشفّعتك فيه .قال .فتجئ فتزجر الملك فيخرج خاسف البال لم يحل منه بشئ .قال .فتجئ فتضع فاها على فيه فتقول مرحبا بهذا الفم فربما تلاني ومرحباً بهذا الصدر فربما وعاني ومرحباً بهاتين القدمين فربما قامتا بي وتؤنسه في قبره مخافة الوحشة عليه ).
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :
(( إن سورة في القرأن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر الله له ) تبارك الذي بيده الملك )).
وقال فيها ايضا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم :
(لو وددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي ) تبارك الذي بيد الملك .
وكذلك قال عنها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم :
(( سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة)
تبارك الذي بيده الملك)) .
وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في فضلها:
(هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر)
اي تنجي حافظها وقيل وتاليها وقيل ومن قرئت عليه والله تعالى اعلم.
وفي تفسيرها اقول وبالله التوفيق :
تبارك الله اي تعاظم وتعالى وعم إحسانه وفضله من عظمته أنه تعالى بيده ملك العوالم العلوية والعوالم السفلية خالقها ومتصرف فيها بارادته بما شاء ومن عظمته كمال قدرته التي يقدر بها على كل شيء وبها أوجد ما أوجد من المخلوقات العظيمة في السماوات والأرض.و قدّر لعباده أن يحييهم ثم يميتهم فالله تعالى خلق عباده وجعلهم في الحياة الدنيا . وبين لهم انهم سيموتون ثم يبعثون مرة اخرى وأمرهم ونهاهم وابتلاهم بالشهوات في حياتهم الاولى فمن انقاد لأمر الله تعالى وأحسن العمل أحسن الله له الجزاء في الحياة الدنيا وفي الاخرة ومن مالت نفسه الى شهواتها ولم يسلم لأمر الله تعالى فله شر الجزاء فالله تعالى الذي له العزة كلها و التي قهر بها جميع الأشياء وانقادت له كل المخلوقات. وهو الْغَفُورُ عن المسيئين والمقصرين والمذنبين إذا تابوا وأنابوا اليه فإنه يغفر ذنوبهم ولو بلغت عنان السماء ويستر عيوبهم .
وهو سبحانه وتعالى (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ) كل واحدة فوق الأخرى وليس متكونة من طبقة واحدة وخلقها في غاية الحسن والابداع ليس فيها نقص ولا خلل .مناسبة من كل وجه من وجوه الصناعة في لونها وهيئتها وارتفاعها وما فيها من الشمس والقمر والكواكب المنيرة والكواكب الثوابت منهن والسيارة ولما كان كمالها معلومًا وتاما . أمر الله تعالى البشر التأمل في النظر فيها و تكرار النظر إليها والتأمل في أرجائها فسيظهر ويثبت لهذا الناظر او المتأ مل انه عاجز أن يرى اي خلل أو انفطار فيها .
ثم صرح الله تعالى بذكر حسنها وجمالها بمصابيح وهي النجوم في النور والضياء الظاهر في سمائها. و جعل هذه النجوم زينة للسماء وجمالا ونورًا وهداية يهتدى بها البشر في ظلمات البر والبحر في تجوالهم وترحالهم ولا ينافي إخباره أنه زين السماء الدنيا بمصابيح أن يكون كثير من النجوم فوق السماوات لا يعلمها الا هو وانه تعالى قد جعلها – هذه المصابيح -رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ الذين يريدون يسترقون السمع في خبر السماء فجعل هذه النجوم في حراسة السماء عن تلقف الشياطين أخبار الأرض فهذه الشهب التي تنفصل من النجوم أعدها الله تعالى في الحياة الدنيا رجوما للشياطين كما اعد لهم في الآخرة عَذَابِ السعير .
اما في يوم القيامة يوم الحساب فسيلقون في جهنم لأنهم تمردوا على امر الله تعالى وأضلوا فريقا من عباده ولهذا كان أتباعهم من الكفار مثلهم فقد أعد الله تعالى لهم عذاب السعير و يهانون غاية الهوان والمذلة . فاذا جاؤوها و ألقوا فيها . و سمعوا لها اصواتا عالية فظيعة تفور فورانا و( تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) تكاد على اجتماعها أن يفارق بعضها بعضًا وكانها ولهبها امواج بحر عاتية وتتقطع من شدة غيظها على الكفار وكراهيتها لهم وقد صاروا في داخلها لتحرقهم .
اما خزنتها فتصرفهم مع الكافرين بالتانيب والتوبيخ والتقريع فكلما القي فيها فوج او زمرة من الكافرين يسألونهم :
(ألم يأتكم نذير )اي نبي او رسول يذكركم بعذاب جهنم فيعترفون انهم جاءهم الرسل والانبياء من الله تعالى الا انهم كذبوهم و استمروا في كفرهم وتكذيبهم لهم ولم يكتفوا بمجرد الضلال بل جعلوا ضلالهم ضلا لا كبيرًا . واقروا اعترافا بفعالهم لو( كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير) او نفهم ما جاؤوا في اجله من الايمان ما كنا في هذا الموقع السيئ – وهو جهنم – ولهذا اعترفوا بانهم مذنبون فهم يستحقون العذاب والسعير ( فاعترفو ا بذنبهم فسجقا لاصحاب السعير) فهم ملازمون للسعير حيث تستعر في أبدانهم وتطلع على افئدتهم! فسحقا لهم .
اما اصحاب الجنة فهم السعداء الأبرار ( الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ) و في جميع أحوالهم حتى في الحالة التي لا يطلع عليهم فيها إلا الله تعالى اي اعمالهم في السر فلا يقدمون على معصية ولا يقصرون فيما أمرهم الله تعالى به ( فلَهُمْ مَغْفِرَةٌ واجر كبير) مغفرة لذنوبهم فإذا غفر الله تعالى ذنوبهم وقاهم عذاب الجحيم فجعلهم من اصحاب الجنة فهؤلاء لهم أجر كبير وهو ما أعده الله تعالى لهم في الجنة من النعيم المقيم والملك الكبير والقصور والمنازل العالية والحور العين الحسان والخدم والولدان راضية نفوسهم برضا الرحمن واحسانه الذي انعم عليهم وجعلهم من أهل الجنان.
ثم يذكر تعالى سعة علمه وشمول لطفه فيقول ( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ) اي انها سواسية عند الله تعالى يعلمها الله تعالى سواء عمل المرء سرا او جهرا او قال سرا او جهرا ف (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) بما فيها من النيات، والإرادات فكيف بالأقوال والأفعال التي تسمع .
ثم قال الله تعالى مستدلا بدليل عقلي على علمه ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهو اللطيف الخبير ) اي من يصنع شيئا الا يعلم ما في دواخله ويتقنه ويحسن ما فيه فمن خلق الخلق وأتقنه وحسّنه ا لطف بعلمه وخبره حتى أدرك السرائر والضمائر يعلم أنه هو الذي يلطف بعبده ووليه فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر، من حيث لا يحتسب ويرقيه إلى أعلى المراتب وافضل الامور وجاء الضمير (من) ليؤكد ان المقصود بمن خلق هو العاقل أي من له عقل ويعي فيه لانه أي الضمير مخصص في العربية للعاقل. وهو الذي سخر الأرض وذللها لعباده ليدركوا كل ما تعلقت به حاجتهم من غرس وبناء وحرث وسبل يتوصل بها إلى الأقطار النائية والبلدان الشاسعة ( فَا مْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) واسعوا في ارجائها لطلب الرزق وما تكسبونه و تنتقلوا فيها وقد جعلها الله تعالى امتحانًا وطريقا إلى الدار الآخرة حيث يبعثون بعد موتهم، ويحشرون إلى الله تعالى ليجازيهم بأعمالهم : بالحسنة الجنة وبالسيئة النار .
ويخاطب الله تعالى عباده ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الارْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ * وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ )
وفي هذه الايات تهديد ووعيد لمن يعصيه من احلال العقوبة عليه ان يخسف الله تعالى بهم الارض او يرسل عليهم عذابا من السماء يحصبهم به ا و يكون امرهم عليهم غمة وقد اهلك الله تعالى اقواما كثيرة من قبل وعاجلهم العقوبة في الحياة الدنيا وحذرهم ان تصيبهم مثلما اصابت من قبلهم . وضرب الله تعالى لهم مثلا حالة الطير التي سخر الله تعالى لها الهواء والجو الواسع تطير فيه سابحة باجنحتها في هذا الفضاء الواسع ساعية في رزقها وحاجتها وجعل أجسادهن وخلقتهن في حالة مستعدة للطيران ومتكيفة اليه فمن نظر في حالة الطير واعتبر في قدرة الباري فيها وعنايته الربانية وأنه الواحد الأحد يبين له (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ) عالم بما تقتضيه حكمته وقدرته .
ثم يوجه الله تعالى خطابه الى الطغاة النافرين عن أمره ا و المعرضين عن الحق( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ ) اي من الذي ينصركم إذا أراد بكم الله تعالى سوءًا فيستطيع ان يدفعه عنكم؟ و من الذي ينصركم على أعدائكم غير الله تعالى وهو الرحمن الرحيم بكم فالله تعالى هو الناصر والمعز والمذل فاستمرار الكافرين على كفرهم بعد أن علموا أنهم لا ينصرهم أحد من دون الرحمن وانه غرور وسفه. ولا احد يستطيع ان يرزقهم ان امسك الله تعالى رزقه والرزق كله من عند الله تعالى . فإن الخلق لا يقدرون على رزق أنفسهم . ويضرب الله تعالى مثلا أي منهما أهدى؟ من كان تائها في الضلال غارقًا في الكفر قد انتكس قلبه فصار الحق عنده باطلا والباطل حقًا ؟ اومن كان عالمًا بالحق مؤثرًا له عاملا به يمشي على الصراط المستقيم في أقواله وأفعاله وجميع أحواله؟ فبمجرد النظر إلى حال هذين الامرين يعلم الفرق بينهما المهتدي من الضال منهما والاحوال خير شاهد من الأقوال.
ثم يبين الله تعالى لعباده أنه المعبود الواحد الاحد ولا يوجد معبود سواه وداعيًا عباده إلى شكره وخصه بالعبادة وحده فهو الذي أوجدهم من العدم من غير معاون له ولا مظاهر ولما أنشأهم كمل لهم الوجود بالسمع والأبصار والأفئدة، التي هي أنفع الأعضاء في البدن وأكمل القوى الجسمانية لكنهم مع هذا الإنعام قليل منهم الشاكرين رغم انه بثهم في أقطارها وأسكنهم في أرجائها، وأمرهم بالعبادة والتقوى ونهاهم عن السيئات وأسدى عليهم من النعم ما به ينتفعون و بعد ذلك سيحشرهم ليوم القيامة. هذا اليوم الذي انكره الكافرون وكذبوا به و جعلوا علامة صدقهم اخبارهم بوقته وموعده وهذا فيه ظلم وعناد فإنما علمه عند الله تعالى وحده وقد أقام الله تعالى لهم من الأدلة والبراهين على صحته ما لم يبق معه أدنى شك لمن ألقى السمع وهو شهيد او شاهد على ذلك . وليس هو محل تكذيب فالكفار وغرورهم به حين كانوا في الدنيا فإذا وقعت الواقعة او حل يوم القيامة ورأوا العذاب منهم قريبًا ساءهم ذلك وأفظعهم واقلق نفوسهم فتغيرت لذلك سحنات وجوههم وتوبخوا على تكذيبهم، وقيل لهم هذا الذي كانوا به يكذبون رأ وه عيانًا واتضح الأمر لهم .
امر الله تعالى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ان يقول للمكذبين الذين يردون دعوته ويتربصون به ريب المنون أن يقول لهم:
أنتم وإن حصلت لكم أمانيكم وأهلكني الله ومن معي فليس ذلك بنافع لكم شيئًا لأنكم كفرتم بآيات الله تعالى واستحققتم العذاب فمن يجيركم من عذاب الله تعالى انه عذابه أليم قد تحتم وقوعه بكم وفيه تعبكم . ومن اقوالهم ايضا إنهم على هدى والرسول محمد صلى الله عليه وسلم على ضلال أعادوا في ذلك و جاهروا به وجاد لوا عليه وقاتلوا . فأمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يخبر عن حاله وحال أتباعه ما به يبين هداهم وتقواهم وهو أن يقولوا ( آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ) وهذا الإيمان يشمل التصديق الباطن بالحق والأعمال الباطنة والظاهرة ولما كانت الأعمال وجودها وكمالها متوقفة على التوكل على الله خص الله تعالى التوكل من بين سائر الأعمال مثل الداخل في الإيمان وتوجب التوكيل عليه ولا على احد غيره فلا إيمان لهم ولا توكل الا عليه سبحانه وتعالى وقد علم بذلك من هو على هدى ومن هو في ضلال مبين . ثم يخبر الله تعالى تفرده بالانعام ونعم الحياة الدنيا ونعم الحياة الاخرة وخص من بينها الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي فقال ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا ) غائرًا في باطن الارض ( فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ) صافيا زلالا يشربون منه في حياتهم الدنيا ويستخدمونه في امورهم و في سقي حيواناتهم وزروعهم وفي كل مرافق حياتهم . وفي هذا استفهام استنكاري يفيد النفي ومعناه لا احد يقدر على تزويدهم بهذه النعم الا الله تعالى وحده . سبحانه وتعالى عما يشركون .
والله تعالى اعلم
د. فالح الحجية الكيلاني
العراق- ديالى – بلدروز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.