نشهد في عصرنا الحديث ظاهرة تصدي غير المتخصصين ممن ليس لهم نصيب وافر من التعليم الديني وتنصيب أنفسهم مرجعيات دينية ألقى أمس فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة كلمة بحضور رئيس جمهورية سنغافورة ورئيس الوزراء في مؤتمر بجامعة نانيانج التكنولوجية تحت مفهوم بناء جسور التفاهم والتعايش بيننا في هذا العالم ودور القيم والتقاليد الدينية المشتركة بيننا في تعزيز السلام العالمي وكيف أن الدين هو سلاح البشرية الوحيد لمواجهة العنف والإرهاب وأن المفهوم الصحيح لرسالة الأديان السماوية هي توحيد شعوب العالم ونشر السلام القائم على احترام الآخر ومحبة الجار . كان أبرز ما تناولته الكلمة تأكيد فضيلته أنه ليس حتماً أن ينتهي الحوار بين الأديان بغالب ومغلوب، ولا ينبغي أن يكون الغرض من الحوار إدخال الآخرين إلى الإسلام، وإنما لمشاركتهم قيمه ومبادئه.. يقول تعالى:" وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" مما يؤكد حقيقة هامة وهي أن هذه الأمور موكولة لقدرة الله وليس للبشر من الأمر شئ . كما أكد فضيلته أن الحوار لا يجب أن يكون مقصورا على النخب الأكاديمية التخصصية فحسب، لأن الحوار على هذا النحو سيكون غير ذي جدوى وربما كانت له آثار عكسية؛ ذلك أن الغاية الأسمى من الحوار هي بناء جسور التفاهم بين الشعوب ذوي الحضارات المختلفة، ومن ثم فلابد من ممارسة الحوار وتطبيقه لا أن يظل حبيس الجدران في القاعات والمؤتمرات، ولابد أن يساعد الحوار عامة الناس في كشف الغموض الذي يكتنف الاختلافات الدينية، وفي فهم الحكمة الإلهية من التنوع الديني. وتابع فضيلته .. إن من بين المشاكل التي تواجه العالم الحديث الآن هي مشكلة المرجعية؛ ففي الإسلام وغيره من الديانات نشهد ظاهرة تصدي غير المتخصصين ممن ليس لهم نصيب وافر من التعليم الديني وتنصيب أنفسهم مرجعيات دينية بالرغم من أنهم يفتقرون إلى المقومات تؤهلهم للحديث في الشريعة والأخلاق، وقد أدى هذا التوجه إلى أن فتح الباب على مصراعيه أمام التفسيرات المتطرفة للإسلام والتي لا أصل لها و في واقع الأمر أن أحداً من هؤلاء المتطرفين لم يدرس الإسلام في أيٍ من معاهد التعليم الديني الموثوق بها، وإنما هم نتاج بيئات مفعمة بالمشاكل، واعتمدوا على تفسيرات مشوهة ومنحرفة ،ويهدفون إلى إشاعة الفوضى ودورنا كقيادات إسلامية قضت حياتها في دراسة النصوص الدينية هو إعادة المرجعية بإعادة من لهم قدم راسخة في العلم.