كم كانت سعادتى اليوم وأنا أشاهد صالون النسجيات الأول الذى أقامه قطاع الفنون التشكيلية وقامت بتنظيمه الفنانة الرائعة الدكتورة سهير عثمان الأستاذ بكلية الفنون التطبيقية ووكيل الكلية، تلك الشخصية التى أثرت بشدة فى أنشطة كلية الفنون التطبيقية وجعلتها تنافس الجامعات الدولية. أما عن صالون النسجيات الأول فأقر وأعترف كناقدة تشكيلية أنه كان المفاجأة الكبرى والحدث التشكيلى ألأهم فى عام 2014 . فالمعرض من حيث التنظيم يجبرك على التوقف والتمعن فى كل قطعة معروضة ، وليس هذا فقط بل يدفعك للتمعن والتدقيق فى أساليب التنفيذ المختلفة والمتعددة التى تواكب أحدث التطورات الفنية والتقنية ، ولا أخفى أحد سراً أننى توقعت أن أشاهد مجموعة من الكليم والسجاد اليدوى المنفذ على الأنوال الصغيرة التى تشتهر بها منطقة الحرانية. إلا أننى فوجئت بتصميمات بارعة وحبكة فى التنفيذ وإختيار الألوان والإخراج الفنى . وتنوع فى الملامس وتناغم فى الألوان ، وتجريب فى الخامات والتصميمات وتوليف بخامات جديدة تتضافر فى تجانس شديد مع الخيوط والشرائط لتخرج لوحات بديعة قام بتصميمها عمالقة مثل مصطفى الرزاز وغيرهم الكثيرين . ولم يتوقف المعرض عند حد المنسوجات اليدوية فقط بل امتد ليشمل عروض طباعة المنسوجات المعالجة بأسليب جرافيكية مختلفة ، ففتح الباب لمشاركة مصممى الجرافيك من خريجى الفنون الجميلة وكذلك خريجى أقسام طباعة المنسوجات من كليات الفنون التطبيقية والتربية النوعية والتربية الفنية. والجدير بالإحترام فى هذا الصالون هو أنه خارج الصندوق بجميع المقاييس ، فلم أشاهد عمل حصل على جائزة يخلو من دقة التصميم وبراعة التنفيذ وأصالة الفكرة. ومن هنا أؤكد دون أن أبحث فى الأمر أن لجنة التحكيم جاءت من خارج الشلة التى اعتدنا منها أن تتحفنا بجوائز لا علاقة لها بالأعمال. ومن الواضح أيضاَ أن بها نخبة لا بأس بها من المتخصصين الأكفاء. وإن كنت أرشح كل عمل داخل العرض لأن يحصل على جائزة خاصة أو بالأحرى أن جميع العارضين قد حصلوا على جائزة المشاركة فى العرض الأول لهذا الحدث المبهر الذى ستؤرخ له الحركة التشكيلية المصرية وتدين له بإحداث طفرة حقيقية بها. وفى النهاية أريد أن أتوجه بالشكر للدكتور صلاح المليجى على هذه الطفرة التى أتمنى أن تستمر فى باقى الفاعليات الفنية وأهمس فى أذنه بأن يبتعد عن "الشلة" التى أعاقته كثيراً منذ توليه المنصب عبر وزارات متعددة وفعاليات محبطة مضت. كما أتوجه بالتقدير للفنانة الدكتورة سهير عثمان وأرفع لها القبعة إجلالاً وتقديراً لما قدمته من مشروع وفن هادف قد يعيد للفنون التشكيلية المصرية مجدها باكتشاف مواهب جديدة واتجاهات حديثة داخل مجال فنى مهمش خارج دائة الضوء. كما أتوجه بطلب عاجل إلى الدكتور صابر عرب بأن ينتهز هذا النجاح المبهر للصالون ويطلب من القطاع وسهير عثمان تبنى مشروع أنشاء متحف للنسيجات المعاصرة ليكون مزاراً سياحياً وترويجياً ضخماً يساعد فى التسويق الثقافى لمصر بجوار المتاحف الفنية والنوعية ، فكل قطعة نسجية تحكى تاريخ مهنة وعادات شعب وأفكار شباب طموح واعد أصر المجتمع على تهميشه. وليكن هذا المتحف نواة لتصدير التصميمات التى تحمل ملامح الهوية المصرية الأصيلة إلى مصانع النسيج المصرية ربما تحدث بها طفرة أيضاً لتعود إلى مجدها السابق.