"الشخصية المصرية".. هذه الشخصية المحيرة التى فاجأت الجميع بثورة 25 يناير بعدما ظن الجميع أنها مهادنة.. كانت موضوع اليوم على المائدة المستديرة.. فتحت عنوان " شخصية مصر وسؤال الهوية.. التاريخ والآفاق" جرى النقاش الذى أدارته د. سهير المصادفة وشارك فيه د.زبيدة عطا وطلعت رضوان وعبدالقادر الهوارى وحاتم الجوهرى ود. أحمد زايد ود. هثيم الخطيب ود. محمد الموسوى. فى البداية تحدثت د. زبيدة عطا قائلة: مسالأة الشخصية المصرية مسألة معقدة للغاية.. فقد تصارع التيارات فى مصر فى بداية القرن العشرين بين "الإخوان المسلمين" أو ظهور حسن البنا الذى لعب اللعب على وتر الدين والرجوع إلى فكرة أن الخلاص دائماً فى الدين، وحزب مصر الفتاة الذى بدأ فرعونيا ثم انتهى به الأمر دينيا.. وبين التيار القومى أو اليسارى.. أو الوفد الذى لم يكن مؤمنا بالتيار العروبى فى ذلك الوقت حيث كانت نظرته إلى الداخل، أو من كان ينظر لمصر بوصفها دولة شرق أوسطية كما كان يتبنى طه حسين. وأضافت: كل هذه التيارات تلازمت على الساحة وكان لكل منها تأثيرها حتى جاءت ثورة 1952 فاهتم جمال عبد الناصر بالاتجاه العروبى والأفريقى، ثم عادت مصر تنظر للداخل أثناء فترة حكم السادات حتى جاءت فترة حكم مبارك لتشهد خمولاً فى كل الاتجاهات لتفاجئنا ثورة 25 يناير ويعود السؤال من جديد: هل مصر إسلامية أم مدنية أم عربية؟!!.. وهل الليبرالية ضد الدين؟.. إلى آخر الجدل الدائر الآن. وتشير إلى أنها عندما تسمع هذا السؤال أو يدور الكلام حول هذه الإشكالية أرجع لما قاله ميلاد حنا بأننا جميعاً نرجع إلى المكون الفرعونى.. وإن كانت مرت بمصر بعض الثقافات المتباينة بعد الفتح العربى وأثرت فى الشخصية المصرية إلا أن الخط الفرعونى ظل حاضرا وشريكا.. بالطبع هناك أمورا كثيرة أثرت فى هذه الشخصية ومنها خروج مصر إلى أوروبا أيام محمد على و ظهور التيار المتفتح المتمثل فى الإمام محمد عبده.. وغيرها. وتخلص د. زبيدة عطا إلى أن مصر تمثل حضارة ممزوجة مع بعضها شارك فى صياغتها كثير من التيارات المتعانقة والمتوازية، الهوية المصرية تجمع المكونات التى ذكرتها فى البداية بداخلها. وحول ثورة يناير وكيف احتوت كل هذه الاختلافات قال د.عبدالقادر الهوارى عضو ائتلاف الثورة.. لم نكن نفكر فى مثل هذه الأمور كان تفكيرنا فى غزاحة النظام لذلك تكتلت كل التيارات المختلفة والمتوازية وتمازجت لتحقيق هذا الهدف. وأضاف: حدث اجتماع بين كل الائتلافات المعارضة مثل كفاية و6 أبريل وكلنا خالد سعيد.. وكان 25 يناير موعداً لانطلاق المظاهرات التى لن تنتهى إلا بإزالة النظام. من جانبه أكد د. أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع: اعتزازه بالشباب المصرى الذى أشعل فتيل الثورة وحرك عجلة التغيير، ثم قال: عندما نتحدث عن محور اليوم المعنى بالهوية فنحن نتعرض لأكثر من إشكالية. حيث يجب أولاً أن نفرق بين شخصية مصر وشخصية المصريين واعتقد أن الدكتور جمال حمدان عندما تكلم فى كتابه كان يتكلم عن شخصية مصر، سؤال الهوية لا يطرح بيننا فقط إنما هو سؤال مطروح على كل الموائد فى كل الدول نحن عندما نتأمل تاريخنا الحديث منذ محمد على وإن كان حقق نجاحات إلا أنه صاحبه فشل فى تكوين دولة مدنية وهذه فرصتنا الأخيرة فى تكوين دولة مدنية إذا لم تستطع وضع نواتها الآن فلن تقوم لهذه الدولة قائمة مرة أخرى وعندما يطرح سؤال الهوية يطرح كثيراً من التساؤلات التى خلقها هذا الظرف فقد وضعنا أمام إشكالية البحث عن الهويات الفردية ليس الهوية الجمعية فقط، فالمرأة تبحث عن هويتها الخاصة والشاب يبحث عن هويته إلى آخره لذلك تعددت الهويات وعلى ذلك لم يعد من الممكن الإجابة عن الهوية الجمعية. وأضاف: إذا تأملنا تاريخ مصر الديموجرافى خلال الأعوام السابقة سوف نجد أن 30٪ من السكان هم الشباب وهؤلاء الشباب كانوا يعانون، هؤلاء الشباب بحثوا عن هوية لهم ربما وجدوها فى التكنولوجيا التى قادتنا إلى الثورة وأنا أرى أننا لا يمكن أن نكون دولة مدنية إلا إذا تقلد هؤلاء الشباب مقاليد الأمور وجلسوا على سدة الحكم، وأشار إلى أن الهوية الجمعية ثمة تواجد لها فى كل ما نشترك فيه معاً وإن كانت تظهر أحياناً وتختفى أحياناً. أما طلعت رضوان فبدأ حديثه بالكلام عن سؤال الهوية مشيرا إلى أن هذا السؤال لا يمكن أن يكون موجوداً فى أى بلد فى العالم فلن نسمع أن زعيماً هندياً سأل أحد الهنود هل أنت هندياً؟ إذا لماذا نطرح نحن هذا التساؤل الذى يقودنا غالبا إلى التشرذم والفرقة؟!! . الهوية كما يؤكد طلعت رضوان هى مجموعة انساق قيم أى مجتمع ولا يمكن أن تتلاقى أو تتماثل نسق قيم مجتمع مع مجتمع آخر.. مثل الفولكلور الشعبى هذا الفن الذى لا يمكن أن يتماثل فى دولتين، نحن شعب يتمتع بثقافة الزراعة لأننا مجتمع زراعى لسنا رعويين مثل العرب نحن شعب مستقر ولذلك نستطيع أن ننبغ فى كل المجالات وإذا ما ذهبنا إلى المتحف البريطانى سوف نجد بردية تقول أن أول عملية فى المخ قام بها مصرى منذ سبعة آلاف سنة، كذلك علماء المصريات يعانون حزناً لأنهم يعلمون أن كل أو معظم النظريات الهندسية عرفناها نحن منذ آلاف السنين ونحن الآن لا نهتم بهويتنا الخاصة لأننا غرقى فى وهم العروبة!!!!. وأبسط مثال على فقداننا لهويتنا هو لغتنا الجميلة والتى أصابها الوهن الآن وكذلك الدين فهناك خطأ فادح نقع فيه وهو كلمة عنصرى الأمة نحن عنصر واحد. أما د. محمد الموسوى الناشط الحقوقى العراقى قال أبدأ بسؤال للأستاذ طلعت رضوان ما هو المقصود من هذا الحديث؟!.. فأجابت د. سهير المصادفة على السؤال قائلة: الدكتور رضوان يقصد أن مصر فرعونية الهوى والهوية. وهنا بدأ د. الموسوى سؤاله قائلا: سؤال الهوية سؤال مر على كل الموائد العربية وأنا أرى فى المنطقة العربية مجموعة شعوب جمعتها ديانات ولغة وأرض فأي هوية أقوى من هذا.. وأعتقد أننا جميعا نتحدث ونناقش قضية الهوية باللغة العربية ثم نقول أننا لسنا عربا.. بالطبع لا ننكر أن لمصر هوية تاريخية خاصة، ولكننا نحن العرب منذ أكثر من 6000 سنة اتفقنا على أن نكون شعوباً عربية، وأشير إلى أن الحفريات تؤكد أن قوم عاد قوم زامنوا الفراعنة واعتقد أنهم أيضاً كانوا شعوباً تصادقت وتحابت. أما مسألة الدولة المدنية فأرى والكلام للدكتور الموسوى: إذا أردنا نحن العرب أن نعيش فى رحاب دول مدنية يجب أن نعزل الدين عن السلطة بشرط ألا نعزله عن الدولة.