صورة سلبية، يقدمها بعض «المسلمين» في الخارج عن دين التسامح وهو منهم براء، هذا ما دعا رئيسة وزراء أستراليا (جوليا جيلارد) إلى إطلاق تصريحات شديدة اللهجة وبشكل مباشر تجاه هذه الفئة التي تنتسب إلى الإسلام ولا تُطبق من تسامحه شيئًا للأسف. إذ إن طلب رئيسة الوزراء الموجه إلى –المتعصبين- إلى الشريعة مغادرة بلادها فوراً، لأن هذه الدول الديمقراطية التي تتقبل جميع الأديان والأطياف الفكرية لن تقبل بوجود من لا يتقبل أهلها ويستعصي عليه التعايش مع دينها! إن السيدة جوليا جيلارد، غاضبة من وجود متعصبين مسلمين لا يتقبلون معتنقي الأديان الأخرى، وليتها تعلم أن المصاب بداء التعصب هو لا يقبل أخاه ولا جاره ممن يختلف معه فكرياً وليس دينياً، كذلك المتعصب لا يقبل شقيقه في الوطن من طائفة أخرى، وما العراق وغيرها في حال (السني-الشيعي) من غلاة الطرفين إلا مثال صريح على التنافر بين أصحاب الدين الواحد، بل وحتى المذهب الواحد! وأعتقد أن مثل هذا يزيد من فجيعة رئيسة وزراء أستراليا، هذا في حال وضعت المسلمين جميعهم في خانة واحدة وميّزت بينهم بصفة –التشدد- على بعضهم، فهذا التعصب هو سِمة لا يختص بها المسلمون المتشددون وحدهم، بل كل متشدد من أي دين وأي فكر، لا يختلف عن متشددي الإسلام! وإذا اتجهنا إلى أحد أهم أسباب التعصب والتشدد، نجد أن شعور الشخص بامتلاك الحقيقة «المطلقة» وحده، هو ما ينحى به للغرور والتكبر على الآخرين، والنظر إليهم بدونية. وهنا أؤكد من منظوري الشخصي أن «امتلاك الحقيقة المطلقة» يختلف كلياً عن «القناعة»، فكون الشخص مقتنعاً بدينه ومذهبه وفكره وعاداته وتقاليده، فإن هذا يختلف عن الشعور بأن هذا كله هو حقيقة مطلقة لا تقبل النقاش ولا الجدل، عدا الأركان الأساسية للقناعات الفكرية، والتي لا يهزها الاختلاف ولا يبدلها الجدل، هذا إن سلّمنا بأن هذه الأركان الأساسية غير قابلة للتفكيك والبحث والتقصي، وفتح الذهن على أفكار قد تناقض الثوابت الأساسية لدى الشخص. وبخصوص الإسلام، وما يحدث من إساءة له من –بعض- المنتسبين له، فهم يعتنقونه بالاسم والشكل، إلا أنهم في حال التطبيق بعيدون عن مبادئه تماماً، ولو كان الإسلام دين إقصاء لما آمن بكل الأنبياء والرسل، وجاء كدين مكمل لتعاليمهم ورسالتهم، لذا أتى منفتحاً على الآخر، ومتعايشاً معه باحترام دينه وثقافته، وما قصدت رئيسة وزراء أستراليا في تصريحها إلا المسيئين لديننا بالتعصب ونبذ الآخر والتكبر عليه، وكأنه مالك لمفتاح الجنة لن يدخلها إلا من هو راضٍ عنه، دون أي احترام لخالق البشر، الذي جعلهم في هذه الاختلافات لعبرة لا أحد يدركها سواه، ولو شاء لخلق الجميع على دين واحد وشكل ولون واحد، ولغة واحدة، وهو أعلم بمخلوقاته، وهو الأرحم بهم. أنا شخصياً أؤيد تصريح السيدة جوليا جيلارد الموجه ضد المتعصبين، بل وأتمنى أن تحذو حذوها كل الدول بما فيها الدول الإسلامية، لأن المتشددين يجب أن يشعروا بأنهم منبوذون، ويذوقوا من نفس الكأس التي يسقون بها غيرهم، وكما يقال: «التكبر على المتكبر تواضع»، وأنا أقول: «إقصاء الإقصائي تقارب!». www.salmogren.net