في مؤتمر صحفي.. قائمة المستقبل تعلن عن مرشحيها وبرنامجها لخوض انتخابات نقابة الأطباء    وزير الشؤون النيابية: لا ضرر على المواطنين من قانون الإيجار القديم    مصر والسعودية توقعان اتفاقية حرية الملاحة بالبحر الأحمر    السيسى وبن سلمان يتفقان على تعزيز الاستثمارات المشتركة بين مصر والسعودية    إدخال 129 شاحنة مساعدات إنسانية وإغاثية إلى قطاع غزة    «الدراسات المستقبلية»: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء وتفرض ما يشبه «التطبيع المجاني»    بمشاركة كوكا.. تعادل ودي بين الاتفاق والخليج    تموين شرق الإسكندرية يضبط سجائر مهربة وحلويات منتهية الصلاحية    «السياحة» تعلن انتشال 3 قطع أثرية ضخمة من مياه أبو قير    تفاصيل رحيل الشاعر الكبير مصطفى السعدني والعزاء بالدقهلية    وكيل وزارة الصحة بالمنيا ينهي عمل بعض العاملين في مستشفيات بسبب الاهمال    محافظ القليوبية يستعين بخبرات طبية لمتابعة مصاب حريق الشدية ببنها    دون ذكر اسمه.. صنداونز يصدر بيانا بشأن واقعة ريبيرو    مرموش في رد مفاجئ : رييس جيمس أصعب مدافع واجهته فى الدورى الإنجليزى    خبر في الجول - الشناوي يتدرب في الأهلي منفردا    تنفيذا لقرار نقابة المهن التمثيلية .. درية طلبة تمثل أمام لجنة مجلس تأديب من 5 أعضاء    مواكب المحتفلين تجوب شوارع الأقصر في ختام صوم العذراء (صور)    لم يرحمهم السيسي .. قانون الإيجار القديم يهدد بتشريد سكان المقابر فى الشوارع    مصدر ب"التعليم" يوضح موقف معلمي المواد الملغاة في الثانوية العامة    تراجع جماعي للبورصة المصرية وخسائر 5 مليارات جنيه    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    تنسيق الجامعات.. برنامج متميز بكلية التربية جامعة حلوان يؤهلك لسوق العمل الدولي    الداخلية تكشف ملابسات محاولة سرقة مواطن بالجيزة    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    مفاجأة في تحليل المخدرات.. قرار عاجل من النيابة بشأن سائق حادث الشاطبي    خبراء سوق المال: قطاعا الأسمنت والأدوية يعززان النمو في البورصة    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث ملفات العمل والتعاون المشترك    سلوت: نيوكاسل من أفضل فرق البريميرليج.. وهذه مزايا ليوني    تصعيد إسرائيلي واسع في غزة.. وضغوط تهجير مضاعفة في الضفة الغربية    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    قصور القلب- دلليك الشامل للتعرف عليه    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    بقيمة 8 ملايين جنيه.. الداخلية توجه ضربات قوية لتجار العملة غير المشروعة    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    قمة الإبداع الإعلامي تناقش تحديات صناعة الأخبار في عصر الفوضى المعلوماتية    نجاح أول عملية استئصال ورم بتقنية الجراحة الواعية بجامعة قناة السويس    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    مصدر ليلا كورة: أعمال استاد الأهلي مستمرة والتربة الصخرية لا تعيق الحفر    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    الرئيس اللبنانى: ملتزمون بتطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    الزمالك يناشد رئيس الجمهورية بعد سحب ملكية أرض أكتوبر    غلق الستار الأليم.. تشييع جثمان سفاح الإسماعيلية    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة والمثقف..في زمن التغيير

في (مؤتمر القمة الثقافي الأول) الذي انعقد يومي 25و26/11/2011 في ميسان وضمن توصياته أقر جميع الحضور أن يوم 25/11 من كل عام يوما للمثقف والثقافة العراقية .
تعرّف الثقافة بأنها: منظومة الأفكار والمعتقدات والتقاليد والتراث والطقوس والفنون والأخلاق واللغة والقانون..التي يكتسبها الفرد بوصفه شخصاً ينتمي لشعب أو جماعة أثنية أو دينية أو مذهبية أو سياسية.. تنعكس على سلوكه العام وممارساته الحياتية العامة. هذا يعني أن (الثقافة) نكتسبها من خلال (التعلّم) والاحتكاك بالثقافات الأخرى..لا سيما في عصر الانترنت والفيسبوك والتويتر واليوتيوب ووسائل الاتصال الجماهيري التي صارت عابرة للقارات في لحظات.
لقد جاء في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بقرار الجمعية العامة عام 1984 ما يأتي بخصوص الثقافة: (لكل شخص الحق في أن يسهم بحرية في الحياة الثقافية للجماعة، وفي أن يتمتع بالفنون، و يشارك في مختلف أنواع التقدم العلمي وفي الفوائد الناجمة عنها).
وللثقافات أدوات أو وسائل مختلفة، منها:
1. القراءة: بجميع أنواعها الأدبية والعلمية والسياسية والدينية والفنية.. من خلال الكتب والصحف والمجلات وماشابهها.
2. الاستماع: عن طريق أجهزة المذياع (الراديو) أو التسجيل..أو أي جهاز آخر.
3. المشاهدة: عن طريق أجهزة التلفزيون، السينما، المسرح، الفيديو.. وماشابهها.
4. التدوين: بمختلف أنواعه بما فيها المواقع الالكترونية.
هذا يعني أن لكل فرد عراقي الحق في قراءة ما يشاء واستماع ومشاهدة وتدوين ما يريد من الثقافات بوصفها من الحريات العامة، وحق ضمنه الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
والثقافة تؤثر في السلوك.. وفي المزاج والوجدان والمشاعر. ففي دراسة كلاسيكية أجرتها عالمة الاجتماع الشهيرة مرغريت ميد عام 1935 وحملت عنوان ( الجنس والمزاج في ثلاثة مجتمعات بدائية) توصلت إلى أن الثقافة تؤثر في السلوك، حين وجدت أن الثقافة القائمة على التنافس تشجع السلوك على العدوان فيما الثقافة القائمة على التسامح تشجع السلوك على التعاون والايثار.
ودليل آخر من مجتمنا العراقي عن تأثير الثقافة في السلوك، هو أن ثقافة العنف أخذت تشيع بين العراقيين بدءاً من الحرب العراقية الايرانية عام 1980 التي استمرت ثمان سنوات، تم فيها عسكرة الناس بما كان يسمى (الجيش الشعبي) الذي شمل كل الشعب بمن فيهم المعلمون وأساتذة الجامعة. وأن جيلا" كاملا" من الشباب بعمر (35) سنة فما دون حجمه الآن أكثر من نصف المجتمع، ولدّ في حرب وتربّى في حرب..ويعيش في أكثر من حرب، تشكّل لديه مفهوم أن العنف وسيلة مطلوبة من أجل البقاء، بعكس ما كان عليه الناس في سبعينيات وستينيات القرن الماضي حيث لم تكن ثقافة العنف شائعة بينهم.
من هذا نستنتج الآتي:
1. أن الثقافة لا تعني فقط معرفة وأفكار وسعة اطلاع أو شهادة تعطى فقط، إنما هي سلوك أيضا"، فالديمقراطية فكرة جميلة..ولكنها تكون نشازاً ما لم تتحول إلى سلوك جميل.
2. أن الثقافة ، في أكبر مساحاتها، انعكاس لواقع سياسي واقتصادي واجتماعي نفسي وأخلاقي معاش ،وأنها تتغير في هذه المساحة بتغير الوقع.
3. أن الثقافة تؤثر في السلوك، وأنها تشبه (الداينمو). فكما أن الداينمو هو الذي يحرّك السيارة، فإن الثقافة هي التي تحرّك سلوك الإنسان..ولهذا يختلف سلوك رجل الدين عن سلوك الفنان، عن سلوك الارهابي..لأن لكل واحد منهم ثقافة مختلفة..ولأن الوجه الخفي للثقافة هو القيم،التي لا يدرك كثيرون أنها هي التي توجّه السلوك وتحدد أهدافه.
4. أن الحريات العامة.. لن تتحقق إلا بأن تحترم الحكومة والأحزاب والناس كل الثقافات.. بالمفهوم الذي حددناه للثقافة، الذي يعني حرية الفكر والمعتقد والقراءة والاستماع والمشاهدة والتدوين، وبما يضمنه الاعلان العالمي لحقوق الانسان الخاص بالثقافة.
5. وكما أن للعربي الحق في أن يعتز بقوميته ،فان للكوردي الحق ان يعتز ايضا بقوميته،وللتركماني والآخرين نفس الحق ايضا.وكذا الحال فيما يخص الأديان والمذاهب والمعتقدات..وهذا مبتغى تحققه الثقافة لا السياسة.وحين يصل العراقيون الى هذا المستوى من احترام الآخر عندها نقول ان الديمقراطية نضجت اجتماعيا وثقافيا في العراق.
المثقف.
ما الإنسان دون حرية يا ماريانا؟
قولي لي: كيف استطيع ان احبّك اذا لم اكن حرّا"؟!
كيف اهبك قلبي اذا لم اكن حرّا"؟.
بهذا المقطع من قصيدة (لوركا) يتبين لنا أن الإنسان لا يستطيع أن يحب من دون أن يكون حرّاً، وأن "المثقف" هو أكثر الناس حاجة إلى الحرية، وأكثرهم هموماً ومتاعباً وأشدهم حساسية، لأن المثقف الحقيقي هو الذي يجسّد الإنسان ويوقظ فيه الوعي، وهو أفضل ناقد اجتماعي للظواهر السلبية والايجابية الشائعة في المجتمع، وأفضل من يشخّص الحقيقة، وأفضل من يدعو إلى التغيير الايجابي الذي فيه مصلحة الجميع.
والمثقف ليس وصفاً أو لقباً يطلق فقط على الذي يؤلف الكتب ويكتب بالصحف ويتحدث في وسائل الاعلام، بل يشمل كل من اشتغل بالثقافة إبداعا" ونشاطاً في ميادين العلوم الطبيعية كالفيزياء، والطب، والهندسة، والدين، والفن والفلسفة.. ومجالات المعرفة الاخرى.
لقد واجه المثقف في العالمين العربي والاسلامي ثلاث سلطات،
الأولى:
السلطة الرسمية (الحكومة)، وهذه حاربت المثقف الحقيقي بلقمة الخبز او بالسجن أو بكاتم الصوت..أو بمقص الرقيب. وعملت على كسب عدد من المثقفين بأن اشترت اقلامهم وضمائرهم بالمال والامتيازات المادية والمعنوية. وهذا الصنف من المثقفين ينطبق عليهم وصف النبي الكريم محمد (ص): (اذا رأيتم العالم يرتاد السلطان فاتهموه).
والثانية:
الثيوقراطية الدينية، ويقصد بها الدولة التي تكون خاضعة أو متأثره بسلطة رجال دين متطرفين يدعون الى تحريم الافكار والموسيقى والمسرح والسينما وحرق الكتب واباحة دم المثقف.
وهذا يتعارض مع جوهر الدين الاسلامي، الذي يقرّ مبدأ الاختلاف( ان اختلاف السنتكم والوانكم لآيات للعالمين)، والاجتهاد (المجتهد ان اصاب فله حسنتان، وان اخطأ فله حسنة الاجتهاد)..وما قاله الإمام الشافعي:
( رأيي على صواب ولكنه يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ، ولكنه يحتمل الصواب). وأن نكون بمستوى ما قاله الفيلسوف الفرنسي فولتير: (قد اختلف معك في الرأي ولكنني مستعد لتقديم حياتي ثمناً للدفاع عن حريتك وحقك في التعبير).
والثالثة:
قوة العادات والتقاليد وسلوكية المجتمع التقليدي الساكن الذي لا يريد ان يتطور. وقد تثير هذه السلطة الخوف لدى المثقف من مهاجمته لتقاليد مختلفة (مثل جرائم الشرف أو غسل العار) أو نقده لظواهر سلبية، مثل الزواج داخل العشيرة الواحدة كما كان شائعا في العشائر العراقية.
أن المثقف عقل مبدع وله دور فاعل في تقدم المجتمع وازدهار الوطن، ولكنه لا يستطيع ممارسة هذا الدور الا بالآتي:
1. ان يضمن له الدستور والقانون ما اقرّه الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة 19 التي تنص على أن ( لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير).
2. عدم محاربة المثقف في لقمة عيشه أو ترهيبه بشكل مباشر، أو غير مباشر.
3. منح المثقف مكانة محترمة بالاستماع إلى رأيه وتأمين متطلباته المشروعة، لا سيما توفير وسائل لنشر ما يكتب من مقالات ومؤلفات.
إن تسونامي الأنظمة العربية الذي أطاح بسلطات مستبدة وفاسدة لن يحقق كامل أهدافة في حرية التعبير وكرامة الإنسان ما لم يكن مصحوبا بوعي ثقافي يمارسه المثقف دون خوف من سلطة إلا سلطة الحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.