مقدمة : نجح الحراك النسوي المصري في طرح قضايا النساء باعتبارها قضايا مركزية لها تأثير كبير على كافة المستويات الاجتماعية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، وعلى مدار أكثر من عقد من زمان كان لهذا الحراك نتائج شديدة الأهمية من بينها ، قدرة جيل جديد من النساء سواء من المنتميات للحركة النسوية أو من خارجها على التصدي لأحد أهم أشكال العنف الموجه ضد النساء في مصر،والمتمثل في العنف الجنسي ، فالجيل الجديد يمتلك القدرة على البوح وهو أمر جيد وسوف يكون له دور كبير في تشجيع النساء على مواجهة أشكال العنف الجنسي المختلفة ، ومن جانب آخر هذا الوضع كشف عن الضعف الذي يشوب البيئة التشريعية المصرية فيما يخص التشريعات المتعلقة بحقوق النساء ، والحريات الشخصية ، وظهرت آلية جديد داخل المجتمع المدني المصري نتيجة لظهور هذا الجيل من النسويات وهي آلية لجان التحقيق المستقلة كتعبير عن واقع مأزوم يمارس كافة أشكال العنف ضد نساء وسط ضعف وقلة البنية التشريعية التي من شأنها أن تحمي وتصون حقوقهن المشروعة. يعد التحرش من أكثر أشكال العنف الجنسي الممارس ضد النساء في مصر،العالم فالتحرش تتعرض له النساء من كافة الأعمار بداية من الطفولة ، وحتى تقدم العمر والذي يجعل التحرش أمر شديد الخطورة على النساء هو انتشاره الواسع ما بين كافة الطبقات الاجتماعية باختلاف ثقافتها وانتمائها الطبقية. العنف الجنسي ضد النساء أخذ أشكال متعدد مرتبطة بالمساحات التي استطاعت النساء الحصول عليها عقب ثورة 25 يناير ، وقدرتهن على فرض أنفسهن على المجال العام في النضال النسوي الذي امتد لعقود كان له تأثير كبير على وضع قضايا النساء باعتبارها قضايا مجتمعية لها تأثيرها على الأوضاع الاقتصادية والسياسية. حيث تمثل قضايا النساء أحد أهم المحاور الرئيسة في بناء المجتمعات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي إلى جانب السياسي . فقياس تقدم المجتمع مرتبط بشكل أساسي بمستوى تمكين النساء من آليات يمكن لها أن تساهم في تحسين أوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية وبالتالي تحقيق أقصى درجات الاستفادة من عمليات التنمية ، فلا يمكن بشكل قاطع تحقيق معدلات تنمية لها مردود حقيقي على المجتمع دون أن تكون قضايا النساء ركيزة أساسية في التقييم والقياس. وتعاني النساء في مصر بشكل عام من أزمة تاريخية تتمثل في حالة التمييز ، العنف الموجه ضدهن بالإضافة إلى الثقافة المجتمعية التي لعبت دور كبير في تغذية الأفكار المناهضة للنساء ، الداعمة لأشكال العنف المختلفة ، وبالطبع أثر هذا بشكل كبير على صانعي التشريعات ، السياسات في مصر ، كما انعكس لعقود على القوانين ، الإجراءات ، القرارات التي تتخذها الدولة بصدد مناهضة العنف ضد المرأة ، سياسات التمكين على المستوى الاقتصادي ، الاجتماعي ، والسياسي . فالتحرش الجنسي بتعدد أشكاله هو من أخطر المظاهر التي تتعرض لها النساء في المجال العام سواء في الشارع أو المواصلات العامة ، المتنزهات ، وكذلك أماكن العمل الوضع الذي يؤثر بالسلب على حجم ، إمكانية مشاركة النساء في المجال العام ، ويساهم في تردي الأوضاع الاقتصادية للقطاع الأوسع من النساء خاصة العاملات غير المنتظمات ، والعاملات في الزراعة والتي تعتمد 40% من الأسر المصرية بشكل شبه تام على دخل النساء فيها في أغلب الحالات . مع ارتفاع الأزمات الاقتصادية سعت النساء بشكل عام إلى خلق فرص لهن للحصول على فرص عمل أو معدلات دخل أعلى تساهم في سد احتياجات أسرهن المتزايدة ، وعلى الجانب الآخر ارتفعت معدلات العنف الموجه ضد النساء خاصة التحرش الجنسي الذي بات المشهد الأبرز من العنف المبني على النوع الاجتماعي في المجال العام . وتأتى هذه الورقة التي تقدمها مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون بعدما اندلعت موجة جديدة من الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رفضًا للعنف الذي تتعرض له النساء، بعدما نشر حساب مجهول تفاصيل اتهامات متكررة بالاغتصاب ضد المتهم أحمد بسام زكي، ثم توالت الشهادات من مصادر مختلفة ضد أشخاص مختلفين.