قبل أقل من شهرين من حلول موعد الانتخابات الأمريكية، لا تز نتيجة التصويت غير مؤكدة بين كل من مرشحيْن اثنين هما الرئيس الحالي للولايات المتحدةالأمريكية " دونالد ترامب" و"جو بايدن" مرشح الديمقراطيين أو الحزب السياسي الليبرالي، وهو رجل سياسة عمل كنائب رئيس سابق في فترة حكم باراك أوباما وحسب أحد المواقع الأمريكية الأكثر مصداقية والمختصّة في صحافة البيانات، فإن احتمال فوز ترامب بالانتخابات القادمة يبلغ 27 ٪ مقابل 72 ٪ لصالح نظيره جو بايدن، فما الذي جعل ترامب يفقد مصداقيته أمام شعبه؟ هل هي جائحة كورونا فحسب وما ترتب عنها من تأثيرات مدمّرة على المجتمع الأمريكي أم هو ظهور خصم جديد لترامب ربما يكون قد حظي بثقة الشعب الناشد لأمريكا جديدة يعمّها الأمان خاصة مع الارتفاع المهول لنسبة الجريمة بهذه الأخيرة ومع تعهّد بايدن بتوفير الاستقرار صلب المجتمع الأمريكي. تجدر الإشارة إلى الحدث الأكثر أهمية والذي لعب دورا هاما في تراجع شعبيّة ترامب وهو مقتل الرجل الأسود "جورج فلويد" على يد أحد رجال الشرطة، هذا الحدث أحدث شرخا داخل المجتمع الأمريكي لتتشكّل صورة جديدة لأمريكا بعد مقتل "فلويد" وهي أمريكا المنددة بوحشية ممارسات رجال الشرطة وهي كذلك أمريكا المعادية لترامب ومعظمها من المواطنين السود. في سياق آخر صرّحت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن 76٪ من المواطنين الأمريكيين سينتخبون عن طريق التصويت بريديا، إلا أن الوكالة الفيدرالية المسؤولة عن تسليم البريد والتي يديرها شخص قريب من ترامب، تسعى إلى الحد من التصويت البريدي من أجل مضاعفة حظوظ ترامب، فكلما ازداد عدد الناخبين كلما قلّت حظوظ ترامب بالفوز الذي يعتبر أن عملية التصويت بريديا هي "عملية احتيال واسعة النطاق". جميع هذه النقاط لعبت ضد ترامب لصالح بايدن الذي لم تتوجه وعوده الانتخابية إلى الشعب الأمريكي فحسب بل إلى علاقة أمريكا بالعالم، من ذلك سعيه إلى العودة إلى اتفاق إيران النووي الذي يقضي برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية على إيران، هذا الاتفاق الذي انعقد سنة 2015 بسويسرا وضمّ كل من أمريكا، الصين، روسيا، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا، في بادرة منه لكسب حلفاء للولايات المتحدةالأمريكية ولخلق علاقات خارجية جديدة مع كل من إيرانوالصين ورغم تأييده للموقف العدائي الذي تتخذه الإدارة الأمريكية الحالية ضد الصين إلا انه يختلف معها في الطريقة المعتمدة. يسعى بايدن المدعوم من عديد حكام وعُمد المدن الأمريكية إلى تحسين صورة أمريكا في العالم، كما تعهّد أيضا وعلى إثر الحرائق التي اشتعلت بغابات غرب الولاياتالمتحدةالأمريكية بالتعامل بجدّية مع التغيّر المناخي الذي قال عنه أنه تحدٍ وجودي سيطبع مستقبل أمريكا. كما انتقد جو بايدن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعدم اعترافه بدور التغيّر المناخي وارتفاع درجات حرارة الأرض في اندلاع حرائق الغابات، وهي نقطة أخرى تحتسب لصالح بايدن الذي سعى إلى إدراج تغيّر المناخ على قائمته كإحدى الأزمات الكبرى التي تواجه الولاياتالمتحدة. ختاما، إذا كانت جميع المؤشرات توحي بإحتمال فوز بايدن في الانتخابات وإذا كان المُتحكم الأول بأمريكا والعالم هي لوبيات رؤوس الأموال، فهل ستسمح هذه الأخيرة بصعود مرشح عن حزب ديمقراطي إلى حكم أعتى دولة في العالم؟ تبقى المصالح هي المحرّك الأول لنواميس العالم وسياساته ويبقى السؤال قائما إلى غاية الثالث من نوفمبر موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية. شيراز بوزيد