تعليم القاهرة: الانتهاء من الاستعدادات لاستقبال 2.6 مليون طالب مع بداية العام الدراسي الجديد    "أطباء الجيزة" تكرم استشاري تخدير باحتفالية "يوم الطبيب 2025"    طرق الإسماعيلية تتجدد.. "النقل" تواصل تطوير المحاور لخدمة التنمية والمشروعات القومية    البرازيل تنضم لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية    وكيل المخابرات السابق: اتهام مبارك بالتخاذل عن دعم القضية الفلسطينية "ظلم فادح"    ضربة جوية أمريكية تستهدف مسؤول كبير في داعش بسوريا    "مخلصين".. عبد المنعم شطة يشيد بدور أعضاء الجمعية العمومية للأهلي    النقل تناشد المواطنين المشاركة معها في التوعية من مخاطر السلوكيات السلبية    "القومي للمرأة" يشيد بملتقي أولادنا الدولي التاسع لفنون ذوي القدرات الخاصة برعاية الرئيس السيسي    إيناس الدغيدي بفستان الزفاف.. جلسة تصوير بالذكاء الاصطناعي بعد إعلان زواجها    هل رفع الصوت بالقراءة في الصلاة لتنبيه شخص آخر يبطلها؟.. أمين الفتوى يجيب    موعد صلاة العشاء.. ودعاء عند ختم الصلاة    التشكيل - سالم الدوسري يقود هجوم الهلال.. وكيسيه في وسط أهلي جدة    موعد مباراة الفيحاء والشباب في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    فوز الداخلية وتعادل بلدية المحلة والقناة بدوري المحترفين    وزير المالية الألماني: برلين تتابع أزمة الديون الفرنسية بقلق    المجلس الأعلى للجامعات يكرم الطلاب الفائزين في مسابقة إبداع مستدام بهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة    ورشة تمثيل بمنهج مايكل تشيكوف على هامش مهرجان بورسعيد السينمائي    يسرا اللوزي تتحدث عن الأمومة والشعور بالذنب وتؤكد دور العلاج النفسي في إحداث التوازن    القاهرة الإخبارية: نتنياهو أمر الجيش بهدم مدينة غزة حتى جذورها    لجنة المنشآت الآيلة للسقوط في الإسكندرية تتابع درجة ميل العقار المائل بالمندرة    غرق شاب في بوغاز رشيد وجهود مكثفة لانتشال جثمانه بكفر الشيخ    5 فوائد غير متوقعة لتناول كوب من عصير الكرفس يوميًا    وزارة الصحة تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية بالتعاون مع التعليم والأزهر الشريف    قصف على مسجد في الفاشر يودي بحياة أكثر من 70 مدنيًا وسط استمرار الحصار    دمج ذوي الهمم في بطولة الشركات لأول مرة    ضبط 10 تجار سجائر بالغربية يقومون بالبيع بأزيد من التسعيرة الرسمية    وزير الزراعة يبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي بين مصر والمملكة المتحدة    5 أعراض تكشف عن وجود مشكلات في النظر    أمير كرارة نجم شباك التذاكر.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم الشاطر    وزير الدفاع الإسرائيلي ل زعيم الحوثيين: سيأتي دورك    محافظ أسوان: غرامة 50 ألف جنيه لمُنتهكي حرم الطريق بالحواجز الحديدية أو «الإستندات»    لم يُنزّل من السماء كتاب أهدى منه.. إمام المسجد النبوي: القرآن أعظم الكتب وأكملها    افتتاح مسجد الرحمن في بني سويف بعد إحلاله وتجديده بالجهود الذاتية    تقرير برتغالي: فيتوريا قد يعود لمصر من بوابة الأهلي    خلل صادم في كاميرا آيفون 17 يثير الجدل.. والشركة تكشف سر الصور المشوّهة    الصحة توضح 7 خطوات لاستخدام حقيبة ظهر مدرسية بشكل صحي للأطفال    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    هل فكرت عائشة بن أحمد في اعتزال التمثيل؟.. الفنانة تجيب    نتنياهو: نوجه لحماس ضربات قوية ولن نتوقف    برامج مميزة ومدن جامعية محدثة.. جامعة قناة السويس تبدأ عامها الجديد    أميرة أديب تطلق أغنية "أحمد" من ألبومها الجديد    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    "كراستي ومدرستي" مبادرة لدعم الأسر الأولى بالرعاية بالوادي الجديد    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-9-2025 وعيار 21 بالمصنعية الآن    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    "ليكن نور".. المؤتمر الأول لذوي الهمم بإيبارشية حلوان والمعصرة    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    خدعة كاميرات المراقبة.. أبرز حيل سرقة الأسورة الذهبية من داخل المتحف    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    تشجيعاً لممارسة الرياضة.. نائب محافظ سوهاج يُطلق ماراثون "دراجو سوهاج" بمشاركة 200 شاب وفتاة    وظائف الأزهر الشريف 2025 .. فتح باب التقديم لوظائف معلم مساعد ب9 آلاف فرصة    فيريرا يطلب مهاجمًا أجنبيًا جديدًا ويمنح الضوء الأخضر لرحيل الجزيري    أسعار الدولار في البنوك المصرية اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وطبق البيض بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثوب الأبيض ...
نشر في شموس يوم 10 - 07 - 2012


نداء
****
لَربما كدنا ننسى ماهيتنا في خضِم الحياة ودواخلها .. بين عمل ، وأحاسيس شتى.. لكننا لا ندري ، ولم نُخطط لذلكَ في أن نطيع تداخلات القدر ، ونرسم في قلوبِنا و أرواحِنا مبدءا ً في أن نُعِد العُدةِ للرحيل مثلما نُعدها للبقاء ، ونُحاول دائما استذكار آنيتنا ، وأننا ضيوفٌ على الأرض ِ من قِبَل الرحمن
لحظة الفراق هي لحظة انقسام الروح .. شعور رهيب يتملك الإنسان ، ينفر الجسد من الوجود .. يختزل العمر والأحلام الضائعة .. مع غياب وجه الحبيب ؛ يتحول مذاق الشهد لكأس من خمر!
ينوح: أغيثوني من مرارة علقم السنين
نداء
باتت تعاني من ألم برأسها ، وكعادتها اعتقدت أنه صداع اعتادت أن يلازمها بسبب بعض الضغوط المحيطة و الملازمة لها.
إرهاق نفسي وعقلي .. ارتفع منسوبهما بسبب توهجها وتألقها في عالم الكتابة والإبداع الشعري , ولكن ألم الرأس زاد من مساحة من القلق .. فالألم لا يتوقف عند حدود ؛ تشعر أن رأسها ينفجر.
حضرت مع بعض الأصدقاء أمسية ثقافية عادت بعدها مُرهقة بدون سبب معروف !
كعادتها دخلت شقتها الكائنة بالدور الخامس بأحد العمارات الأثرية , التى تُوحي للناظر بأنها من الزمن الجميل في فن العمارة ؛ فعندما ينظر لها الزائر يشعر بمدى جمال المنظر ، ومدى روعة الشقق المتواجدة ، ومدى رحابة المساحات و ارتفاع الأسقف.
حقا ً.. فشقتها تُشعرها بالإنشراح وبالراحة النفسية ، وبالرقي المُغلِّف لها حتى في تصرفاتها مع الآخرين , بسبب التناسق الملفت للنظر بين ألوان الغرف وألوان الأثاث ؛ الذي إن دل على شيء فانَّه يدلّ على جمال ورقة الإختيار
دخلت غرفتها ، وألقت بهمومها كما تُلقي بملابسها لكي تستعد للنوم .. ارتمت على فراشها المُريح ونظرت للأعلى .. لسقف غرفتها ؛ وهي تتعجب لما أصابها!.. ولماذا هي بالذات تتعرض لكل هذه الأمور الموجعة.. تُخاطب لسان حالها ألا يوجد بالدنيا غيرها؟!.
ظلت هكذا تحدق بسقف غرفتها إلى أن غلبها النعاس , وهي نائمة مستغرقة في عالم يغزل الأحلام لتمتطيها .. حلمت بحلم غريب .. أنها تتأمل وجه الحبيب وتبكي , تبكي فقط , تريد الصراخ فيمنعها شيء ما , تُريد أن تمسك يده فلا تستطيع .. تريد أن تقترب منه وتتنفس عبقه فتعجز عجزاً كلياً
استيقظت على صوت نحيب صادر منها ؛ فرفعت كفيها لتمحو من عينيها أي أثر للدموع المنهمرة بدون وعي منها .. نهضت من فراشها وأخذت تتحسس طريقها تحت الضوء الخافت الصادر من أحد (الأباجورات) المتواجدة بجانب السرير .. مدت يديها وفتحت باب غرفتها ، ودخلت مطبخها الذي أساسياته هي الكماليات بعينها , فتحت البراد وتناولت كأسا من الماء المُثلج ، وتناولت حبة مسكن لألم رأسها الذي اشتد بسبب حلمها.. أو بالأحرى الكابوس الذي يُلازمها ، مع الفرق في بعض الأحداث , فمنذ سنتين يُلازمها هذا الحلم ؛ وهو عجزها عن الصراخ أو النداء أو لمس الحبيب المُصاحب لكل أحلامها ..
ظلت مستيقظة تقرأ في كتاب الله , فلا راحة لها إلا وهي بين يديه ساجدة أو قارئة لكتابه عز وجل , قامت بنفض غبار الذكرى المُوجعة ، ونثرت ألم شوقها لفارسها الغائب الحاضر ، وتحلت بالصبر والصلاة , وتذكرت موعدها مع الطبيب ، فهي منذ زمن بعيد تعلمت عدم الخوف من المرض , وتعلمت أن المرضَ بلاءٌ , منه تأتي المغفرة وحُسن الخاتمة .. هذا ما تعلَّمَته وما رأته بعينيها
إستيقظت خادمتها وقامت كعادتها وصنعت (لنداء) فنجان القهوة الصباحي ، فهي تعرف وتفهم المطلوب منها - فالخادمة كإبنة للبيت منذ سنوات طويلة , كانت تخدم والدتها ووالدها من قبل - وضعت لها فنجان القهوة ووقفت تُحدق فيها ؛ فنظرت لها سيدتها – وكعادتها - أومأت برأسها كأنها تسألها ما بكِ؟.
فردت الخادمة بهدوئها المعتاد قائلة: (سيدتي.. وجهك متعب وواضح الإرهاق عليه , أرجوك لا تنسي موعد الطبيب اليوم)
نظرت لها نداء نظرة ثاقبة - لم تكن تنظر للخادمة - عيناها مسلطتان على وجهها ولكنها لا تراها ، فهي تنظر للفراغ الذي تحيا فيه منذ فترة ليست بالبعيدة , وبعد لحظات - أشبه بالأيام - ردت نداء وقالت: ( نعم سوف أذهب اليوم .. لا تقلقي لن أنسى موعده) تركتها الخادمة ترتشف قهوتها وتتمتع بكل رشفة منها , ظلت طوال النهار تقرأ وتستعيد بعض الذكريات المُفرحة التي نسجها الزمن على جدار القلب ، وجدلها الحبيب قلادة لتتحلى بها عندما تفقد ظله مع غيابه الدائم .
استعدت .. فقد حان موعد الطبيب , لا خوف ولا رهبة من أي خبر تسمعه .. ذهبت لطبيبها في الموعد المحدد , دخلت بهدوء تحمل على ثغرها ابتسامة إستعارتها من وجه الشمس - فبهاؤها لا يُضاهيه بهاء - إبتسم طبيبها ورحب بها وقام بالفحص المعتاد , هو يعلم أنه يجب أن يكون صريحاً معها ، فهو كان طبيب والدها ويعلم أنها قوية بما يكفي لتعرف حالتها الصحية بكل صراحة ؛ لكي تسير على نظام العلاج المطلوب منها , طلب منها الجلوس وتكلم بحكم معرفته القديمة لها بكل الود والمحبة التي كان يكنها لوالدها ولأسرتها بكاملها: (نداء.. أنت إبنتي وأعرف جيدا إنك قوية رقيقة من الخارج ، كما أن الله وهبك القوة الإيمانية .. من فترة كبيرة - وقبل طلبي منك عمل الأشعة - كنت أشك .. ولكن بعد الفحوصات والتحاليل والأشعة الأخيرة تأكد الشك وأصبح يقيناً ).. وصمت فترة تُعد ثوان ليحاول أن يجد أجمل العبارات لكي يُزين لها الخبر، ولكنها سبقته وعيناها تشعان بريقا ًغريبا ً.. بريق فرحة ممزوجة بالدهشة ؛ فالله لبى لها دعاءها , قالت له: أحميك من التوتر وإيجاد الترجمة اللازمة للخبر ، فالله ابتلاني بالسرطان ..ولكن ما لم أعرفه بعد .. هل بالمخ أم بجزء آخر من جسدي؟
فرد الطبيب متعجباً ولكنه يعلم من داخل نفسه أنها تعلم وتشعر بمرضها من مدة ولا يُكذب إحساسه , يعتقد من داخله أنها كانت تتمنى الموت قريبا ً , فحرك رأسه لأسفل وأرخاها لينساب جبينه على يديه وقال: نعم صدق حدسك الورم في الجزء الأيسر من المخ , ولم تسمع باقي حديثه فلقد سرح بها الخيال بعيدا ً , الطبيب يتكلم مستمر في حديثه عن كيفية العلاج ، وكيف و متي إجراء عمليتها ونسبة النجاح للعملية الجراحية
.. كل هذا لم تسمعه.. كانت هناك بعيداً وراء الغيب تحلم بالحبيب وكيف يكون ترحيبه بها.. هل يشعر بها الآن؟. هل ينتظرها؟. هل يضمها لحنايا قلبه ويحتضنها ؟. وهي فرحة بخبر زفافها الذي اقترب موعده .
نعم يشعر بها فروحه تلازمها , حاضرة غائبة , نهضت وخرجت من عند الطبيب وهي بنفس الحالة الهائمة , قلبها يُزغرد من الفرحة .. تشعر أنه عصفور يريد أن يطير ويسبقها لملاقاة الحبيب
تحدثت أخيراً لنفسها وتمتمت وقالت: الحمد الله لبى الله ندائي ، وسوف أُزف قريباً لمن أحببت ،
الآن أرتب حقائبي وأستعد وأتزين بحلو الثياب , ثوبي الأبيض ينتظرني ، وقصري يزدان للقائي
وحبيبي ينادي.. ولا أملك الا أن ألبي النداء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.