مشكلة الذين يتعاطفون مع بن لادن ويرونه أسد الشهداء أنهم محاطون من كل جانب بكل معاني الإحباط ، فدول عربية فاسدة ، وحكومات تطأطئ رأسها لمن يسكنون الأبيض أو تل أبيب وتنفذ لهم ما يشاءون في أي وقت وفي أي مكان وبكل الطرق الممكنة وغير الممكنة ، تماما كما فعل عمر سليمان عندما طلبت منه المخابرات الأمريكية عينة من الحمض النووي لمحمد الظواهري المسجون في زنازين العهد البائد كي يطابقوها بجثة يشتبهون أنها لأيمن الظواهري ، ورد عليهم سليمان بأنه مستعد لقطع يد محمد وإرسالها لهم لو أرادوا ، وكان رجا المخابرات الأمريكية رحماء فطلبوا فقط العينة وليس اليد . عندما تكون لأمريكا وإسرائيل اليد العليا في الأرض فيرتكبون ما شاءوا من الجرائم تكون النفوس مهيئة للتهليل لأي شخص يظهر لهم العين الحمراء ،ويهددهم بالويل والثبور سواء كان بن لادن أو غيره ، فالناس في انتظار من ينوب عنهم في زعزعة أمن أمريكا وأعوانها ، وهم ينتظرون هذا البطل تماما كما ينتظر الشيعة خروج المهدي من محبسه . التعاطف مع بن لادن إذن مدفوع بالرغبة في التنفيس عن الغضب ، ولذا فإن تأييد أفعاله يتم بالحق والباطل على طريقة ميكافيلي "الغاية تبرر الوسيلة " ، لا يهم من يُقتل ولا من يُصاب ولا تشويه صورة الإسلام التي صارت مزرية عالميا ، ولا تهديد مصالح الجاليات الإسلامية والتضييق عليهم في كل شئ ، أمرا واحدا من ذلك لا يهم ، المهم فقط أن نقلق نوم أمريكا بالتسجيلات الصوتية والتفجيرات وصوت القنابل العالية . والتعاطف مع بن لادن يجعل أصحابه لا يرون الواقع جيدا ، وكل ما يفعلونه هو اتهام مخالفيهم بالانبطاح والعيش في كنف الذلة ، وهو الكلام الكثير الذي أسمعه من محبي الرجل في حين أن بعض هؤلاء يقفون معارضين لمحاكمة مبارك بدعاوي مختلفة رغم أن مجرد التعاطف مع حسني يصب في خانة العيش في كنف الذلة والانبطاح القوي . ما يميز بن لادن عن غيره من أصحاب التدمير أنه منهجي ، لديه عقيدة معينة يعمل على تنفيذها ، لا يطلب شهرة أو سلطة ، بعيد تماما عن شوائب الغطرسة الدنيوية ، والاستئثار بالمظاهر ، لكن كل ذلك لا يعفيه من تبعات أعماله ، فالأبرياء الذين قتلوا برصاص أتباعه حتى لو كانوا كفارا لا ذنب لهم ، كما أن مساجد السنة التي ضربت أيضا في العراق وغيرها ونسبت إلى القاعدة لا ذنب لها وهي تأجيج لفتن لم تعلن القاعدة نفيها أو التبرؤ منها . رسولنا صلى الله عليه وسلم كانت لديه منهجية يسعى لتنفيذها وهي تحكيم شرع الله في الأرض ومحاربة الكفار ، وإرهابهم بكل الطرق الممكنة حتى أن الله نصره بالرعب مسيرة شهر ، لكنه صلى الله عليه وسلم كان يحتاط جيدا في تنفيذ منهجه فلا يقتل امرأة ،ولا طفلا ،ولا شيخا ، ولا يقترب من صومعة ، ولا يهين ضعيفا ، ولا يحرق بيوت أناس مستضعفين لا حول لهم ولا قوة. كثيرون يتشدقون بأنه يكفي بن لادن أنه أحيا الأمة من سباتها ، وهو أمر غريب فالأمة مازالت في سباتها لا تعمل كبقية الأمم ، ولا تنتج ، ولا تخترع ، ولا تفهم كثيرا من أمور دينها ، ولا تتخلق بأخلاق الإسلام الذي هو دينها ، ولا تعرف أيضا الكثير عن رسولها ، ولا الأحكام الفقهية لما يختص بحياتها ، ولا تحسن معاملة جيرانها ، ولا تنفذ ما تسمعه من خطب يوم الجمعة من كل أسبوع ، ولا تعرف التفسير الصحيح لما تقرأه من قرآن أو أحاديث .. فأين تلك الأمة التي قامت من سباتها ؟ .. أغلب الظن أنها أمة ليست من البشر .