اعتبرت صحيفة "فورين أفيرز" الأمريكية قرار كل من السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر، فى سابقة هى الأولى فى تاريخ مجلس التعاون الخليجى، بمثابة إشارة على أن المجلس وتوازن القوى فى الخليج بصدد تغييرات مهمة. ولفتت - فى تقرير على موقعها الإلكترونى - إلى أن تدخل قطر فى النزاع السورى ودعمها جماعة الإخوان وتوابعها بما فى ذلك حماس بالمنطقة، بالإضافة إلى استمرارها فى التودد إلى إيران وتركيا ومساندتها الحوثيين فى اليمن ومحاولة الاقتراب من ميليشيا "حزب الله" - كانت جميعاً وراء قرار سحب السفراء، الذى جاء بعد تحذير للإدارة القطرية بعمل تعديلات جادة فى سياستها الخارجية والعدول عن هذه التدخلات التى تعد انتهاكاً لميثاق مجلس التعاون الخليجى. ورأت الصحيفة أن الإدارة السياسية فى قطر بعد هذا القرار أمامها خيارين مُرين؛ فإما الإذعان التام لمطالب السعودية والإمارات وغيرهما من دول المجلس، وهو ما سيكلف هذه الإدارة الشابة - تميم بن حمد 33 عاماً - خسارة العلاقة مع أركان الإدارة السابقة بمن فيهم الوالد؛ أو المضى قدماً فى طريقه واستخدام حلفاء والده والخروج من مدار مجلس التعاون الخليجى. ورجحت "فورين أفيرز" أن الأمير الشاب لن ينتهج سيناريو الخيار الأول، لا سيما فى ظل ما يكتنف طريقه من صعوبات تتمثل فى مواجهة أسرته، بالإضافة إلى رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية حمد بن جاسم آل ثانى صاحب النفوذ الكبير. لكن الخيار الثانى لن يكون سهلاً هو الآخر؛ ففيه سيتعين على قطر التحالف مع إيران التى ترتبط معها بالفعل بروابط اقتصادية قوية، كما ستيعين عليها الاقتراب أكثر وأكثر من سلطنة عمان التى تربطها هى الأخرى علاقة بإيران.. ولن يكون ذلك بدون ثمن. ولفتت الصحيفة فى هذا الصدد إلى أن سلطنة عمان تواجه مشكلات فى مجلس التعاون الخليجى لرفضها تبنى سياسة المجلس ضد إيران.. وتساءلت "فورين أفيرز" عما إذا كانت قطر ستنضم إلى معسكر عمان؟ وقتها سيكون من الصعب الرجوع والدخول مرة أخرى إلى مجلس التعاون الخليجى.. وهل تقترب قطر أكثر وأكثر من إيرانوعمان؟ قد يكون ذلك مؤشراً على نهاية مجلس التعاون وبداية تحالف جديد للقوى فى منطقة الخليج.. كما أن ذلك من شأنه تعقيد خطط أمريكا فى الشرق الأوسط. وعلى ذكر أمريكا، رأت الصحيفة أن الأزمة القطرية مع دولتى الجوار: السعودية والإمارات يخلق عقبة سياسية أخرى أمام واشنطن التى تربطها علاقات إستراتيجية مع الدول الثلاث. وتوقعت الصحيفة أن تشهد الأيام المقبلة انطلاق مساع بين دول مجلس التعاون للتوصل إلى نوع من التسوية السياسية لنزع فتيل الأزمة.. لكن أياً كانت نتيجة المساعى فإننا بصدد عهد سياسى جديد فى الخليج العربى ترسم فيه كل دولة على حدة مساراتها الخاصة.. عهد سرعان ما تتهاوى فيه فكرة الوحدة مهما بذلت السعودية من جهود مضنية لمقاومة هذا التهاوى.