يفترض بك عندما تقرأ مقالا لرئيس تحرير جريدة ، أن تجد مقاله مثالا يقتدى به فى الموضوعية والنقد البناء و مثالا واضحا للمهنية الصحفية ، الغريب أنك عندما تقرأ مقالا لرئيس تحرير جريدة حكومية يفترض أنها قومية وليست حكومية ؛ أى تتحدث بلسان كل طوائف الشعب ستجد أن الرجل يذوب عشقا فى حب الحكومة و النظام ، يضفى أجمل و أزهى الصور على منجزات الحكومة ، حتى عندما تخطئ الحكومة تجده يحوّل الخطأ إلى إنجاز ! و فى مصر كان يصل حد تمجيد الحكام الى حد تمجيد الرسل والأنبياء ، و يصبح المسئولين هم الاشخاص الموكلين من السماء بالحكم و ادارة شئون الرعية دون سواهم ودون تغير ولا يمكن لأى شئ أن ينحيهم عن مناصبهم وكراسيهم سوى الموت ، جميعنا نذكر عندما أراد البعض تعديل مادة من مواد الدستور فكان النقد الموجه لمن أرادوا التعديل نقدا لاذعا و كأنهم أرادوا أن يغيروا أية من آيات القرأن الكريم ، غريب أننا كنا نجد صفحات كاملة من الصحف القومية يتم تسخيرها لمقالات النقد والشجب ضد أحد القادمين من الخارج فقط لكونه لم يستبعد فكرة ترشحه للرئاسة ، لدرجة أن أحد رؤساء التحرير قد سخّر مقاله اليومى لتشويه صورة الرجل و تكريه الناس فيه ، و فى صحيفة أخرى يتم التعديل والتغيير فى صورة ثم يرفض رئيس تحريرها الاعتذار للقراء و يتمادى فى مدح عبقرية من قام بتعديلها باستخدام الفوتوشوب واصفاً الإنجاز بالصورة التعبيرية العبقرية ، لكن ما يستحق الاستغراب فعلا هو أنه مع تهاوى عدد قراء تلك الصحف أنها مازالت تطبع كميات هائلة من النسخ يوميا والتى يعود معظمها فى نهاية اليوم ليتم بيعه كورق (دشت) للاستخدامات التجارية بأسعار زهيدة جدا مقارنة بأسعار تكلفته و طباعته ، ناهيك عن المرتبات العالية لموظفى تلك الصحف و التعينات المستمرة بها بناءً على توصيات ومجاملات ، وفى نهاية كل عام تخرج تلك المؤسسات مديونة ، وبكل بساطة كانت تتبرع الحكومة بتسديد مدوينات تلك المطبوعات ! ما يستدعى الاستغراب هو أنه وبمجرد ان الاعلان عن استقالة بعض الشخصيات من مناصبها مثل عز وجمال و الشريف بدأت تلك الصحف هجوماً شرساً عليهم بعد أن كانت الصفحات تشوهها صورهم ولا يكاد يخلو أى عدد للجريدة من أخبار عنهم و أحياناً مقالات لهم !، والأغرب هو الهجوم من صحفيى تلك الصحف على الرئيس نفسه بعد إعلان تنحيه رغم أنهم بالأمس القريب كانوا يتذللون لفخامته .. أتمنى أن نرى فى المستقبل القريب وجوها جديدة تتولى مسئولية تلك الصحف حتى تعيدها إلى سابق عهدها المجيد ، وكفى تلويثاً وتشويها لتلك الوسائل الاعلامية الرسمية من قِبل رؤساء مجالس إدارتها و رؤساء تحريرها. لقد كان فى قرار مجلس الوزراء بتغيير القيادات الصحفية للمؤسسات الصحفية القومية المبتغى الذى طالما أراده القراء و كذلك صحفيو تلك المؤسسات ، فليس من مصلحة الشعب أن تكون تلك المؤسسات القومية المملوكة للدولة و التى لها نصيبها من موازنتها العامة أن تكون منافقة و "سبوبة" ينتفع من ورائها البعض ، أو مكان للمجاملات .. ألم يكن الرجل الحديدى أحمد عز يكتب فى اسبوعيات أخبار اليوم ؟! ، وتامر حسنى يكتب فى الاهرام ؟! ،فى حين ان كبار الكتاب هجروا تلك المؤسسات بعد ان امتلأت بالنفاق وفاحت رائحة الفساد منها ، أعتقد أن عملية التغيير جاءت فى وقتها لعلنا نرى صحفاً قومية جديدة بلا نفاق . بقلم / أحمد مصطفى الغر