إعلان موعد تلقي أوراق الترشح للانتخابات مجلس النواب اليوم    سعر الذهب في السوق المصري اليوم السبت 4 أكتوبر 2025    مسؤول أمريكي يكشف موعد بحث نزع سلاح حماس بعد الرد على خطة ترامب    نشرة أخبار الطقس| الأرصاد تحذر من أمطار والعظمى 33 في القاهرة و38 بالصعيد    جهود أمنية لكشف لغز وفاة طالبة بشكل غامض أثناء تواجدها في حفل زفاف بالفيوم    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري.. كم فوائد 100 ألف جنيه شهريًا 2025؟    المتخصصين يجيبون.. هل نحتاج إلى مظلة تشريعية جديدة تحمي قيم المجتمع من جنون الترند؟    سيناريوهات تأهل منتخب مصر ل ثمن نهائي كأس العالم للشباب 2025    يتطلع لاستعادة الانتصارات أمام المحلة| الزمالك ينفي رحيل عواد.. وينهي أزمة المستحقات    الأهلي يسعى لصعق «الكهرباء» في الدوري    هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    أسعار الفراخ اليوم السبت 4-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في الأسواق المصرية    رغم تحذيراتنا المتكررة.. عودة «الحوت الأزرق» ليبتلع ضحية جديدة    الخبراء يحذرون| الذكاء الاصطناعي يهدد سمعة الرموز ويفتح الباب لجرائم الابتزاز والتشهير    في ذكرى حرب أكتوبر 1973.. نجوم ملحمة العبور والنصر    في الدورة ال 33.. أم كلثوم نجمة مهرجان الموسيقى العربية والافتتاح بصوت آمال ماهر    مسلسل ما تراه ليس كما يبدو.. بين البدايات المشوقة والنهايات المرتبكة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد إطلاق المركز الثقافي بالقاهرة الجديدة    وسائل إعلام فلسطينية: إصابة شابين برصاص الاحتلال خلال اقتحام قلقيلية واعتقال أحدهما    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    البابا تواضروس: الكنيسة القبطية تستضيف لأول مرة مؤتمر مجلس الكنائس العالمي.. وشبابنا في قلب التنظيم    حرب أكتوبر 1973| اللواء سمير فرج: تلقينا أجمل بلاغات سقوط نقاط خط بارليف    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الدائري بالفيوم    "بالرقم الوطني" خطوات فتح حساب بنك الخرطوم 2025 أونلاين عبر الموقع الرسمي    كأس العالم للشباب.. أسامة نبيه يعلن تشكيل منتخب مصر لمواجهة تشيلي    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    «نور عيون أمه».. كيف احتفلت أنغام بعيد ميلاد نجلها عمر؟ (صور)    "أحداث شيقة ومثيرة في انتظارك" موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الموسم السابع على قناة الفجر الجزائرية    مستشفى الهرم ينجح في إنقاذ مريض ستيني من جلطة خطيرة بجذع المخ    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    تتقاطع مع مشهد دولي يجمع حماس وترامب لأول مرة.. ماذا تعني تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني الأخيرة؟    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    الخولي ل "الفجر": معادلة النجاح تبدأ بالموهبة والثقافة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    بعد أشمون، تحذير عاجل ل 3 قرى بمركز تلا في المنوفية بسبب ارتفاع منسوب النيل    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    تامر مصطفى يكشف مفاتيح فوز الاتحاد أمام المقاولون العرب في الدوري    حمادة طلبة: التراجع سبب خسارة الزمالك للقمة.. ومباراة غزل المحلة اليوم صعبة    النص الكامل ل بيان حماس حول ردها على خطة ترامب بشأن غزة    احتفاء واسع وخطوة غير مسبوقة.. ماذا فعل ترامب تجاه بيان حماس بشأن خطته لإنهاء حرب غزة؟    تفاعل مع فيديوهات توثق شوارع مصر أثناء فيضان النيل قبل بناء السد العالي: «ذكريات.. كنا بنلعب في الماية»    لبحث الجزر النيلية المعرضة للفيضانات.. تشكيل لجنة طوارئ لقياس منسوب النيل في سوهاج    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    الرد على ترامب .. أسامة حمدان وموسى ابومرزوق يوضحان بيان "حماس" ومواقع التحفظ فيه    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    عدم وجود مصل عقر الحيوان بوحدة صحية بقنا.. وحالة المسؤولين للتحقيق    ضبط 108 قطع خلال حملات مكثفة لرفع الإشغالات بشوارع الدقهلية    لزيادة الطاقة وبناء العضلات، 9 خيارات صحية لوجبات ما قبل التمرين    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ المصري القديم - العصر الذهبي (4)
نشر في شباب مصر يوم 01 - 01 - 2014

الملك الصعيدي "أحمس" (1570-1546ق م)، طارد الهكسوس، قام بتأمين حدود مصر الشمالية والجنوبية. كرّم جدته "تيتي شيري"، أم أبيه "سقنن". وكرّم كذلك، والدته الملكة "أحوتب"، بإقامة صرحين يخلد ذكراهما. سقنن، هو أول من بدأ في حرب الهكسوس.
"تيتي شري"، جدة أحمس، ملامحها الدقيقة الرقيقة، سوف نجدها في تماثيل الملكة "حتشبسوت".
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/7/7b/Tetisheri_2.jpg
الملكة "أحوتب"، ربما ظلت تحكم نيابة عن طفلها "أحمس" لمدة 9 سنوات. عنما مات والده "سقنن"، وهو يحارب الهكسوس، كان عمره 5 سنوات.
عندما مات أخوه "كامس" وهو يحارب الهكسوس أيضا، كان عمره 10 سنوات. المرأة لها دور هام جدا في الحضارة المصرية، كما سنرى في هذا المقال، أكثر من دورها في أي حضارة أخرى.
"أحوتب"، أم الملك أحمس.
http://templeofmut.files.wordpress.com/2012/11/aahotep-1.jpg
هذا ما كتبه المصريون القدماء عن الملكة العظيمة "أحوتب":
"ابنة الملوك وأم الملوك النبلاء، التي وسع علمها كل شئ، والتي رعت أرض الكنانة. وضعت الخطط وأدارت المعارك. قربت إليها الهاربين، وشملت بعطفها الفارين. رعت جيشها، وصدت أعداءها، وأعادت الهدوء إلى الصعيد. الملكة أحوتب، رعاها الله".
أول امرأة في التاريخ، تقود الجيوش، وتحصل على قلادة الذبابة الذهبية، التي كانت تمنح لأبطال الحروب، دليلا على أنها كانت تقود بنفسها المعارك ضد الهكسوس. فبينما كان ابنها أحمس مشغولا بقمع النوبيين، جاء مجموعة من الهكسوس، حاولوا استعادة العرش.
تصدت لهم بكل بسالة، الملكة العظيمة أحوتب، وأعادت النظام إلى البلاد. فيا لها من إمرأة، عبقرية فذة بدون شك، ندر وجودها في التاريخ. هذه هي المرأة المصرية الصعيدية، منذ 3500 سنة. ولنا أن نتعجب ونحن نقارن حال المرأة أيام زمان، وحالها وما وصلت إليه الآن.
أحوتب وجواهرها، منها قلادة الذبابة الذهبية.
http://ahhotep-egyptian-gods.blogspot.com/
الملكة "نفرتاري"، زوجة أحمس، هي أول من دعيت زوجة الإله. جاء من ذريتها، سلسلة ملوك محاربين عظام.
أمنحتب الأول (1551-1524ق م)، ابن الملك أحمس، واصل النشاط العسكري لعائلته. اسمه يعني "رضاء الرب آمون". أرسل حملة عظيمة إلى بلاد النوبة، وصلت حتى الشلال الثالث في بلاد النوبة.
أمنحتب الأول، له معبد جنائزي وقبر مستقل. هو الأول بين الملوك الذي فعل ذلك. المعبد، هو المكان الذي يقدم فيه الكاهن، خادم ال"كا"، القرابين، ويقيم به الصلاوات على روح الفرعون. لم يكن له وريثا رسميا للحكم. الوريث الرسمي، هو الذي يكون أبوه ملك، وأمه ملكة.
خليفته، هو تحتمس الأول (1524-1518ق م)، ربما يكون ابن أمنحتب الأول، من زوجة خارج العائلة المالكة. هو أيضا قائد عسكري قوي. اسمه يعني "ميلاد توت".
"توت"، هو إله المعرفة والكتابة، رأسه على شكل طائر أبو منجل. تزوج تحتمس الأول من ابنة الملك أحمس والملكة نفرتاري. قاد أكبر الحملات إلى بلاد النوبة، إلى ما بعد الشلال الرابع في بلاد النوبة.
أقام ستيلا (كتابة على حجر أملس)، تبين حدود مصر الجنوبية الجديدة. وقاد أيضا حملة إلى بلاد ما بين النهرين، حتى نهر الفرات. هناك، أقام ستيلا أخرى، تبين حدود مصر الشمالية الجديدة.
أقام تحتمس الأول، أول قبر في وادي الملوك. لكن لماذا؟ لأن الأهرامات كانت عرضة للسرقة، كما حدث في الماضي. إذن، الحل هو إخفاء القبر حتى لا تعثر عليه اللصوص.
منطقة وادي الملوك، منطقة قاحلة جافة، لاتشجع على السكنى. لها مدخل واحد. الربوة المرتفعة، تشبه الهرم الطبيعي. كل القبور حفرت في الصخور الجيرية. هنا، يتوقف استخدام الأهرامات كقبور، وآخر عهدنا ببنائها.
أقام تحتمس الأول أيضا، مسلتين كبيرتين بمعبد الكرنك، تمجيدا للإله آمون. من هنا تبدأ أهمية مدينة طيبة كمدينة دينية. تحتمس الأول وزوجته "أحموس"، أنجبا ثلاثة أطفال، لم يعش منهم سوي ابنتهما "حتشبسوت".
معبد الكرنك، بني خصيصا للإله آمون. تعني كلمة كرنك الحصن أو المكان الحصين. معبد الكرنك يقع على بعد 2 ميل من مدينة طيبة، الأقصر حاليا.
يعتبر من الروائع بين معابد الأقدمين. بهو الأعمدة هو أكبر الصالات في العالم. يبلغ المعبد من الكبر ما يجعله يتسع لبناء عدة كنائس في فنائه الرحيب.
عند بنائه، كانت به غابة من الأعمدة الضخمة عددها 122. الباقي منها الآن مئة عمود. مرتبة في تسع صفوف. أعمدة الوسط الإثنى عشر يبلغ ارتفاعها 60 قدم و30 قدم محيط مقطعها. الأعمدة الباقية لها نفس الحجم تقريبا.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/5/56/Karnakpanorama.jpg
تيجان الأعمدة على شكل زهرة اللوتس. زهرة اللوتس مقدسة لأنها تنمو على ضفاف نهر النيل المقدس. لهذا تستخدم أشكالها في تزيين الأعمدة والمعابد. أسطح الأعمدة وجدار المعبد مغطاه بالرسوم والحروف الهيروغلوفية.
المعابد المصرية القديمة، بنيت بطريقة تربط العابد برب المعبد وآلهته. المعبد يعتبر صورة مصغرة من الكون، بأرضه وسمائه. الأعمدة ما هي إلا نباتات وأشجار تمثل الأرض. في معابد الدولة الحديثة بالأقصر بالقرب من الكرنك، سقف المعبد مطلي باللون الأزرق ومرصع بالنجوم المضيئة ومزين بالطيور، هذا يمثل السماء.
العمود له قاعدة مستديرة وساق طويلة ورأس على شكل زهرة أو نبات. رأس العمود قد تكون على شكل زهرة اللوتس المقدسة، أو زهرة نبات البردي أو شكل جريدة النخل.
أبواب كل المعابد تواجه شروق الشمس، وشروق النجم الشعرى اليماني، سيرس، الذي يمثل الإلهة إيزيس. حتى تدخل أشعته من باب المعبد وهو يشرق مع بزوغ الفجر وقبل شروق الشمس مباشرة، إيذانا ببدء فيضان النيل والعام الجديد.
الحجم الضخم للمعابد وأعمدتها الكثيرة العدد، ذلك حتى تظهر ضآلة الإنسان بجانب عظمة وقدرة الخالق. كما أن تكرار التماثيل والأعمدة المتشابهة، يرمز إلى الخصوبة والوفرة وتكرار فيضان نهر النيل.
كما قال المؤرخ اليوناني هيرودوت، مصر هبة النيل. أيضا نجد نوافذ علوية تسمح للضوء بالدخول لكي تلقي ظلال الأعمدة بالمئات على الأرض والجدران.
وصفه شامبوليون بأنه "رحيب كل الرحابة، عظيم كل العظمة"، كأن المصريين أعدوه ل"عمالقة طولهم 100 قدم". هو نتيجة نشاط بنائي دائب منذ ما يزيد على 4700 سنة ويستمر حتى إلى اليوم.
معبد آمون-رع، وهو صرح الكرنك الرئيسي، هو أكبر الصروح الدينية التي بنيت على الإطلاق. الملوك الذين توالوا على العرش جددوا ورمموا ووسعوا وأضافوا وطرحوا وعدلوا وغيروا في بناء الكرنك.
أول الصروح التي عثر عليها بالكرنك تعود إلى الدولة الوسطى. كل ملك بدوره كان يتنافس مع أجداده لكي يبني أثراً أكبر هنا، فقام الملوك بهدم الصروح السابقة واستخدموا الأحجار لبناء صروح جديدة.
أنجب تحتمس الأول، من زوجة أخرى غير ملكية "موتنيفريت"، طفلا عليلا، هو "تحتمس الثاني". فترة حكمه (1518-1504ق م). حسب التقاليد، ولكي يصبح ملكا، تزوج تحتمس الثاني من حتشبسوت، التي كانت دماؤها ملكية، من ناحية الأب والأم، عمرها في ذلك الوقت كان 12 سنة، استمر الزواج 20 سنة.
تحتمس الثاني، أنجب من زوجة ثانية أو محظية اسمها "إيزيت"، الطفل "تحتمس الثالث". عندما توفى تحتمس الثاني، أصبح ابنه الطفل تحتمس الثالث ملكا للبلاد. فمن يدير شئون الدولة في ذلك الوقت، وقد توسعت وأصبحت إمبراطورية كبيرة؟
حتشبسوت (1498-1483ق م)، التي ورثت قوة الشخصية والذكاء والشجاعة عن جدتها "أحوتب"، أصبحت الوصي الشرعي على الطفل الملك تحتمس الثالث. أمرت بحلق شعر رأسه، ألبسته الجلباب الأبيض، وأرسلته إلى كهنة آمون لكي يعلموه الدين والحكمة وأسرار العلوم، وتفرغت هي للحكم.
حتشبسوت.
http://www.metmuseum.org/Collections/search-the-collections/544450#fullscreen
حكمت البلاد بإسم تحتمس الثالث 7 سنوات، وبإسمها كملكة متوجة 15 سنة. فهي الأحق، لأن أبوها ملك وأمها ملكة، وأرملة ملك. لذلك، من ناحية الدماء الملكية، تحتمس الثالث، لا يستطيع أن ينافسها في النقاء والقداسة.
بينما كان تحتمس الثالث، يتعبد مع الكهنة في الكرنك، وأثناء الموكب الرهيب الذي كان يسير في فناء المعبد احتفالا بأحد الأعياد، والكهنة يحملون تمثال الإله آمون على الأعناق، يقف عامة الشعب على الجانبين يشاهدون الموكب بانبهار.
كان تحتمس الثالث، يقف وهو صبي، وسط الجماهير الغفيرة يشاهد هو أيضا الموكب في خشوع. فجأة، توقف الموكب عن السير، ووقف أمام تحتمس الثالث، لا يستطيع الحركة.
حينئذ، خر الكهنة كلهم ساجدين أمام الصبي تحتمس الثالث. هذا الحادث، يبين لنا، أن كهنة آمون، كانوا يعدون تحتمس الثالث كملك وفرعون مصر القادم.
ربما لم يكونوا سعداء بحتشبسوت كملكة أنثى للبلاد. فالكهنة ورجال الدين في كل العصور، لا يحبون التجديد، ويميلون إلى الحفاظ على التقاليد الراسخة.
في مدينة الأقصر، بجوار معبد مونتحتب الثاني، بنت حتشبسوت رائعة الروائع، قدس الأقداس، معبد الأقصر الذي ليس له نظير ولا شبيه في العالم. المعبد استخدم كدير مسيحي فيما بعد، لذلك يعرف الآن ب "الدير البحري".
http://www.youtube.com/watch?v=_1IJPnMeDd0
يصف المؤرخون حتشبسوت بأنها، في العالم القديم، تشبه الملكة فيكتوريا في إنجلترا، في قوة شخصيتها وإنجازاتها. مهما قيل عن حتشبسوت، من أنها عمة وحماة قاسية متعطشة للحكم، عزلت ابن أخيها وزوج ابنتها تحتمس الثالث، وسرقت منه الحكم.
إلا أن الثابت، هو أنها شخصية فريدة في التاريخ. بلغ بها الجرأة أنها نصبت نفسها ملكة مصرية على البلاد. في وقت فارق في تاريخ مصر. فالإمبراطورية وليدة لها أعداء كثيرون.
والوريث لا يزال صبيا، أو شابا يافعا بدون خبرة في الحكم. ليس هذا فقط، ولكن مدة حكمها الطويلة، 22 سنة، تميزت بالسلام والازدهار الإقتصادي. معبدها الرائع، يحكي قصتها بالتفصيل.
في عام 1829م، قام "شامبليون"، الذي فك رموز الكتابة الهيروغلوفية، بزيارة معبد حتشبسوت. وجد هناك شيئا محيرا. وجد رسمين لحتشبسوت، أحدهما في وضع أقل.
عالم المصريات الألماني "ريتشارد ليبسيوس"، حل هذا اللغز عام 1850م. حتشبسوت، انتقلت من مجرد الزوجة الأولى للملك، وأصبحت هي نفسها ملكا. جدران المعبد تخبرنا أنه كلما وجد اسمها محفورا داخل خرتوش، استبدل باسم أبيها أو زوجها أو زوج ابنتها. محاولة لطمس اسمها من الوجود.
تخبرنا جدران المعبد أيضا، أنها أرسلت البعثات التجارية إلى بلاد بونت (إريتريا والصومال)، أرض الله، وأرض العطر والبخور. البعثة بدأت بالمراكب من "قفط" إلى "القصير"، ثم البحر الأحمر. أبحرت في حراسة الجيش المصري، بسرعة 40 ميل في اليوم، لمدة 15 يوم (600 ميل).
ملكة بونت، نجدها مترهلة الجسم زايدة في الوزن، لا تقارن برشاقة المرأة المصرية. معها حمارها وابنتها. بيوت أهل بونت مصنوعة من القش، مرفوعة على ركائز من فروع الأشجار. البضاعة المعروضة، عبارة عن بخور وشجيرات زينة، في سلال مملوءة بالطين، وزراف وجلود النمر وعاج، إلخ.
على الجدران أيضا، مشهد يبين الميلاد المقدس للملكة حتشبسوت. فهي ليس إنسية مثل البشر، لكن أبوها الحقيقي هو الإله آمون. لقد تخفى الإله آمون في صورة الملك تحتمس الأول، ثم زار الملكة "أحموس" في مخدعها، لكي ينجب ابنته حتشبسوت.
لأن أبيها هو الإله أمون، هي نصف إله مثل فرعون مصر، من حقها أن تحكم فتطاع. مشهد آخر يبينها وهي تخلق من صلصال على عجلة الفواخرجي. الخلق من الصلصال، كان معروفا في العالم القديم.
المعبد يبين أيضا، كيف قطعت مسلاتها الأربعة، عظيمة الحجم، من الجرانيت. لقد استغرق قطعها ونقشها سبعة شهور، ثم نقلت في صندل سحب ب 27 سفينة. هي الأطول بين كل المسلات الموجودة بمصر.
أول قبر لحتشبسوت كملكة، موجود في أعلى التل، غرب وادي الملوك، به تابوت مهجور. أعمال التنقيب في المدفن الثاني لحتشبسوت بوادي الملوك، استغرقت كثيرا من الوقت والجهد، بواسطة الأثري "هاوارد كارتر"، مكتشف قبر توت عنخ آمون.
وجد بالقبر تابوتان، واحد للملكة حتشبسوت، والآخر، أعيد نقشه لكي يكون لأبيها "تحتمس الأول". لقد دفنت مع والدها، وليس مع زوجها، تحتمس الثاني، كما هي العادة. لأنها كانت ملكة البلاد، ولم تكن مجرد زوجة. بمعنى أنها أكثر من زوجة لتحتمس الثاني.
المصلى الأحمر بمعبد الكرنك، يؤكد كونها ملكة. أحد التماثيل يتنبأ بأنها سوف تصبح ملكة البلاد. بعد وفاتها ب 20 سنة، دمرت نقوش المصلى الأحمر. فلماذا انتظر تحتمس الثالث هذه المدة الطويلة، لكي ينتقم لنفسه، ويحاول محو اسمها من الوجود؟
هل الأمر انتقام شخصي، أم مجرد هاجس، أم رغبة في عدم تسجيل اسم إمرأة، كفرعون حاكم بجوار باقي الفراعنة. عندما ننظر إلى قوائم ملوك مصر الفراعنة السابقين، لا نجد أبدا اسم حتشبسوت بينهم.
"سينينموت"، مهندس وسيم أعزب من عامة الشعب، صاحب الألقاب الإثنى عشر. البعض يعتقد أنه كان عاشقا لحتشبسوت. هو باني معبدها، وكان المشرف على قصرها، ومعلم ابنتها الأميرة "نفرو رع"، وأمين خزائن الإله آمون. واضح أنه كان موضع ثقة الملكة حتشبسوت.
المسلة المصرية، الوحيدة بين الأمم والحضارات، لها معنى ديني مثل الهرم. هي في الواقع هرم، قاعدته صغيرة، وارتفاعه كبير جدا. اسمها باللغة الإنجليزية (Obelisk)، وهي كلمة مشتقة من اليونانية، تعني "سيخ شوي اللحمة".
في قصة الخلق المصرية، في الأصل كانت المياة، التي سمحت بظهور التل "بن بن". كما سمحت مياة الفيضان وما بها من غرين بظهور أرض الدلتا. على التل، ظهر الإله الخالق آتوم. (وكان عرشه على الماء)
كان الحجر الذي يمثل التل "بن بن"، يعبد في معابد المصريين. الحجر الأسود، ليس أول الأحجار التي قدست في العبادات. معابد الشمس، كانت تستخدم المسلات.
المسلة ترتفع إلى السماء لتمثل شعاع الشمس. مكتوب على جدران المسلة كتابات باللغة الهيروغلوفية، أدعية وتسابيح الملك باني المعبد، موجهة إلى الإله الذي بني المعبد من أجله.
على القمة، يوضع رمزا لتل ال"بن بن"، ربما لكي يرسو عليه إله الشمس، كما رسى آتوم على تل ال"بن بن" في ملحمة الخلق الأولى. أو للتواصل مع إله الشمس. أو لالتقاط تعليمات الإله كما يلتقط الإيريال الهوائي موجات الراديو والتلفزيون.
مدينة "هليوبولس"، التي كانت أكثر البلاد مسلات، لايوجد بها الآن سوى مسلة واحدة. معبد الكرنك، به 12 مسلة. اثنان لتحتمس الأول، والد حتشبسوت. أربع مسلات لحتشبسوت. 6 مسلات لتحتمس الثالث. اثنتان فقط هما اللتان بقيا منتصبتان.
كانت حتشبسوت فخورة جدا بمسلاتها. رمسيس الثاني، له عشرات المسلات القصيرة بالدلتا، واثنتان في مدينة الأقصر. كل المسلات، قطعت من صخور الجرانيت الأحمر.
المسلة الغير كاملة، هي الأكبر بين كل المسلات التي قطعها المصريون. وزنها 1000 طن. بالرغم من الشرخ الذي بها، إلا أن قطعها لم يستخدم فيه الأزميل، فلا يوجد علامة واحدة تدل على ذلك. فبأي تقنية قطعت المسلة من الصخر؟
يحفر تحت المسلة، كهف، ثم تجر على بكر إلى نهر النيل. تحفر تحت المسلة قناة، ويوضع تحتها صندل بحري. عندما تكون المسلة في مكانها المضبوط، تتمركز بالطول على الصندل. ثم يسحب الصندل إلى الموقع المطلوب.
كيف تنصب المسلة واقفة؟ هناك عدة نظريات. ربما عن طريق السلالم والحبال. عالم المصريات، "مارك ليهنر"، حاول ذلك بمسلة وزنها 37 طن. لكن، هل هذه التقنية، تصلح لمسلة وزنها 1000 طن؟
غرام الرومان بالمسلات المصرية، جعل الكثير منها ينتقل إلى إيطاليا. اثنتان نقلا عام 10ق م، من هليوبليس إلى الإسكندرية. 13 مسلة نقلت إلى روما. أعيد نقشها في القرن السادس عشر. لا يعرف كيف قاموا بنصبها. مسلة واحدة نقلت إلى باريس عام 1832م.
مسلتي الإسكندرية، أهداهما محمد على باشا إلى فرنسا، لكن شامبليون اختار بدلا منهما مسلة الأقصر. المسلة التي وقعت في الإسكندرية أثناء زلزال 1301م، تم نقلها إلى إنجلترا عام 1877م، كهدية من خديو مصر.
بنيت عوامة خصيصا لها، ثم سحبت في الماء إلى هناك. أثناء النقل، هبت عاصفة، قتلت 6 بحارة. لكن المسلة تم انقاذها، وهي الآن منتصبة في ميدان التايمز.
مسلة نيويورك، هي الأخرى هدية من خديو مصر إلى الولايات المتحدة. ارتفاعها 71 قدم، ووزنها 200 طن. يطلق عليها اسم "ابرة كليوباترا"، هي آخر المسلات التي تركت مصر. في الأصل، كانت مسلة تحتمس الثالث، أقامها عام 1450ق م.
نقلت من الإسكندرية عام 1880م. الأرض التي بها المسلة، كان يملكها إيطالي، طلب تعويضا. الشارع الذي به المسلة، كان مملوكا للأجانب. عارضوا نقل المسلة، بحجة أن ذلك سوف يدمر شبكة الصرف الصحي بالمنطقة. لكن تم التغلب على هذه المشاكل.
أبحرت سفينة غير مسجلة بالمسلة، يقودها بحارة يوغسلاف مخمورين. وصلت إلى جزيرة استاتن أيلاند أولا، ثم نصبت في شارع 96 بجزيرة منهاتن بمدينة نيويورك.
بنيت للمسلة سكة حديد مخصوصة. لمدة 112 يوم، كانت المسلة تتحرك بسرعة عدة أمتار في اليوم. القاعدة التي تزن 50 طن، كانت أثقل شئ أمكن نقله بالسكة الحديد حتى ذلك الوقت. أخيرا، نصبت المسلة يوم 22 يناير عام 1881م، في منطقة سنترال بارك، مع حضور 9000 عضو في الجمعية الماسونية.
رئيس الجمعية، ألقى خطبة عصماء، ثم وضع في الأساس 1880 قطعة نقود معدنية، تمثل السنة التي نقلت فيها، ووضع معها صندوقا صغيرا مغلقا، لا نعرف ما بداخله. المسلة، يحج إليها كل عام، ملايين الزوار، لكي يشاهدون عجيبة أخرى من عجائب التاريخ المصري القديم.
ولقصة التاريخ المصري القديم بقية، فإلى اللقاء إن شاء الله.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.