انتصرت الثورة ... و انجلى ظلام الليل الحالك ... و أشرقت الأرض بنور ربها ... و قيل بعداً للقوم الظالمين ... و على صوت كوكب الشرق الرخيم نشدو و نغني طريين : ثوار .. ثوار ... لآخر مَدى ..! و التحيات المباركات على أول الثورة و آخرها و أقول مسلماً و مُحيياً كل المصريين : عشتم و عاشت مصر حرّة كريمة أبية ... و بعد : فقد قضى الله أمراً كان مفعولاً ، و بدأ في مصر العروبة عهداً جديداً مباركاً ميموناً ، و أثبت شعب مصر مرّة أخرى في هذه الحقبة من التاريخ أنه يد واحدة في المحن و الملمات ، و برهن بكل فئاته و طبقاته و أطيافه ( حكومة و شعباً ) أنه مزيج من سبيكة واحدة لا تفرق بينهم الشكوك و الظنون و الاختلاف في الآراء و المعتقدات ، و أن الليل مهما ادلهم و طغى فلا بد من فجر يبدده .. و أن الغيوم مهما تلبدت . . و الأنواء مهما زمجرت .. و الرياح مهما عصفت .. فإن الرعود و البروق و الأمطار تغسل ما ران على الزمان من صدأ الطغاة و العتاة ، و تعيد وجه النهار إلى صفائه المعهود في آفاق أرض الكنانة ... و أن الأمطار مهما صخبت فلا تحني جذوع الأشجار ... و السيول مهما جرفت لا تحصد الأعواد الخضر الغضة الطرية ففي يومٍ من الأيام كان وحي السماء على موعد مع الأمان و الاستقرار فوق ربوع مصر العزيزة ، حيث قال الرّب البر الرحيم مخاطباً كل جموع البشر الذين يريدون لمصر و شعبها الأمن و المحبة و الخير و السلام و لا يوقف هذا الخطاب على أحد دون أحد ..!: ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) فقد بدأت الساعات الأولى من النهار الجديد أو الميلاد الجديد للشمس في سماء مصر ترسم في الأفق ملامح يوم جديد يتمتع الناس تحت ظلاله الآمنة بالخير العميم ، و ينعمون فيه بالمحبة التي تغمر قلوب المصريين و كل العرب الشرفاء الذين يغارون على مصلحة الأمة و أمنها و استقرارها . و لا مرية أن النظام الجديد ، أو القيادة السياسية التي سيختارها الشعب المصري عما قريب لها سماتها البينة و الواضحة و الجلية من خلال مطالب المجلس الأعلى للثورة المصرية البيضاء التي تزيل الحواجز و المسافات الشاسعة بين الحاكم و المحكوم ، و تجعل من الشعب و الشعب وحده دون غيره المصدر الشرعي للسلطة و الحكم ، فلا صوت إلا صوت الشعب يحمي البلاد و يصون الدستور و يعمل على ازدهار البلاد و تطورها و استقرارها ... و لست هنا بمعرض الحديث عن توصيف الثورة أو شرح أحداثها و بيان مطالبها ، و إنما أجد الحاجة ملحة في هذا المقام أن نصف السمات البارزة التي ستبدو على السلطة أو القيادة السياسية الجديدة التي سينتخبها الشعب المصري بكل حرية بعد التحضير لها في هذه الفترة الانتقالية بعد سقوط مبارك و نظامه ، و أهم هذه السمات كما يراها المحللون السياسيون : 1 أنها سلطة شعبية ديمقراطية ثورية تستمد قوتها من الشعب بكل طبقاته و فئاته و لا يعود في ميزان قوتها معايير خاصة لأجندة السياسيين الكبار أو لرجال الأعمال كما كان معهوداً في النظام المخلوع . 2 أنها سلطة خاضعة لرقابة الثورة و لضمير الجماهير الحيّ ، و تهتم بمطلب الطبقة العاملة و الكادحة و تلبي طموحهم و حاجاتهم . 3 أنها سلطة لصوت الشباب و مطالبهم فيها مساحة واسعة ، و للشباب الذين كانوا عماد الثورة و قوتها الضاربة دور و ممثلون فيها أيضاً . 4 أنها سلطة مدنية مرجعها القانون و الدستور قائمة على أساس وحدة المجتمع المصري فلا فئوية فيها و لا طبقية و لا طائفية . 5 و هي كذلك سلطة حديثة صياغة و نظاماً و قانوناً و دستوراً و شعبيةً ، و ستمثل النموذج الأمثل للنظام السياسي العربي الحديث . أما أهم المطالب و التحديات ( على الصعيد العربي و الإقليمي ) التي تنتظر السلطة و القيادة الجديدة فيمكن اختصارها على الشكل التالي : 1 إعادة الدور الريادي و القومي الذي يلبي طموح الشعب المصري و العربي و يعيد مصر إلى الصف العربي الذي يقف على خطوط المواجهة مع العدو الصهيوني . 2 إلغاء كافة جسور التواصل و التعاون مع الكيان الصهيوني التي أرساها و وطدتها النظام المخلوع ، و إلغاء سياسة التطبيع الذي بدأها النظام المخلوع في السنوات الأخيرة المنصرمة . 3 تجميد كل الاتفاقيات و المعاهدات السابقة مع الكيان الصهيوني حتى يقر اعترافه بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، و الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس كما هو منصوص عليه في اتفاقية السلام المشئومة التي تمت بين الكيان الغاشم و النظام المصري الأسبق و كذلك مع منظمة التحرير الفلسطيني التي كان يمثلها و يرأسها وقتئذ الرئيس الراحل ياسر عرفات . 4 فتح الحدود مع قطاع غزة ، و مساعدة شعب القطاع للخروج من أزمة الحصار التي فرضها عليه المحتل الغاشم و دعم المقاومة الفلسطينية المسلحة مادياً و معنوياً . و لا يمكننا أن ننسى التحديات الجمة التي ستواجه القيادة الجديدة على الصعيد المحلي و الداخلي ، و إن نجاحها كسلطة و نظام منوط بمدى نجاحها في معالجة هذه التحديات و حلها و تجاوزها وفق الشروط التي تمليها عليها طبيعة المرحلة و الظروف التي سترافقها . و أخيراً لا آخراً .. و انطلاقاً من شعوري القومي الذي أعتز به ... فإنني أضم صوتي مع الشعب المصري لاختيار الرئيس القادم للبلاد في الانتخابات الحرة القادمة ، حرصاً على أمن الوطن و استقراره ، و حرصاً على الحقوق المشروعة للشعب العربي من محيطه إلى خليجه أختار أحد هؤلاء فيما لو تم ترشحهم لرئاسة البلاد ............ : 1 محمد حسنين هيكل ... 2 عمرو موسى 3 أحمد عبد الهادي 4 حمدين صباحي ............ ... عشتم و عاشت مصر حرّة كريمة أبية . بقلم : عبد الرزاق كيلو سوريا [email protected]