قبل ثلاثة عقود كانت تعيش اسرة ميسورة الحال بوئام وسعادة ،كان محمود يذهب لعمله كرب للأسرة يكد حتى يحصل على لقمة عيش طيبة .. يكفل لزوجته وطفليه حياة كريمة .يعمل بإخلاص حتى أن مديره المباشر كان معجبا بعمله من شدة وفائه وإخلاصه كان يتغيب عن اسرته احيانا لأيام ..الام مها ربة منزل ..انيقة وطيبة الخلق جميلة القوام ،..تقوم بواجباتها المنزلية على اكمل وجه حتى ان الجيران كانوا يحبون التعامل معها ومجالستها لحديثها الطيب وبشاشة وجهها .. مما اوقع الغيرة والحسد فى اهل زوجها ... يشاء القدر بان يكتب الله فريضة الحج على أخيها عبد الرحمن مما دفعه ليطلب من مها بان تقيم فى بيته مع اسرتها لعدم ترك زوجته وحيده فى مجتمعات لا ترحم .. وافق محمود على طلبه لحبه وصداقته الحميمة معه .. سافر عبد الرحمان للحج ولم تكن زوجته راضية او محبذة لهذا الاقتراح من زوجها لكنها لم تستطع رفضه ... ايام قليلة مرت حتى لعبت الصدفة المقدرة بان استيقظ محمود لتفقد الاطفال فى ليلة باردة..حتى تناهت الى مسامعه اصوات غريبة تخرج من غرفه زوجه عبد الرحمن ؟ ذهب واختلس السمع فكانت الفاجعة ...عاد مسرعا فأيقظ مها واقتحما الغرفة ويا لهول المنظر الذى لم تستطع مها مقاومته فسقطت مغمى عليها بعد ان صرخت فى وجهها خائنة ..خائنة .. دقائق معدودة حتى بلغ بزوجة اخيها الوقاحة مبلغها ،فقامت بطردهم من بيتها وكان الوقت متأخرا والبرد قارص وحبات من المطر تنهمر على الطريق .. وصلا بيتهم مذعورين غير مصدقين ما رأوا بأم اعينهم ..لكن زوجة الاخ لم تكتف بهذا فكانت خستها قد ظهرت ثانية بأكثر فجاجة ودناءة حين وصلت دورية الشرطة صباحا لتأخذ مها من بين اسرتها مع ذهول وصدمة من الجميع ... ادخلوها الى الضابط المسئول عن التحقيق .. بادرها فورا : اين الذهب الذى سرقتيه من زوجه اخيك ؟اين اخفيتيه ؟ من شركائك ؟ ولمن اعطيتيه ؟وهل يعلم زوجك بالأمر ؟ عشرات الاسئلة هطلت عليها كصاعقة ثانية فى غضون ساعات معدودة اربكها كذب وافتراء زوجة اخيها .. تمتمت مع نفسها وهى تعانى الحزن وألم يعتصرها هذا جزاء صمتى وتسترى عليها !.. خرجت بكفالة على ذمة القضية ..وألسنة الجيران تنهشها وبعيونهم الجارحة تستبيحها بقسوة لا ترحم.. ..معاناة تضاف الى ما كان وجرى ..فهى بنظراتهم امرأة سارقة .. عادت الشرطة لتأخذها ليلا بلا حرمة للعادات او التقاليد مما افزع اطفالها وزوجها المسالم الطيب.. رافقها معهم بعد ان اوكل اطفاله الى جارة طيبة لتعتنى بهم فى ليلة مفزعة ومرعبة على مشهد من الاطفال ..خضعت مها الى تحقيق قاسى لا يعرف الانسانيه او الرحمة..كانت صامدة وصابرة على مواقفها ...زارها شامتا اخ زوجها متهما ايها بعلاقة مع الضابط مدللا بأنهم يأتون ليلا لأخذها للتحقيق ..هواجس تزدحم فى عقول مريضة نتيجة لكراهية وغيره وحسد سابق .. لم يتوقفا عند هذا الحد بل دعوا الى اجتماع عائلى مصغر طلبوا فيه محمود لتطليق زوجته...انتفض بوجههم مدافعا عن زوجته البريئة مخفيا احداث تلك الشيطانة التى فعلت كل هذه المكائد لتخفى ما قامت به ..صرخ مدويا بالحضور:لن تجبرونى على قول حقيقة سأخفيها مهما كانت النتائج والاتهامات بحق زوجتى البريئة الصابرة على الظلم وفداحة حسدكم ونقمتكم ويكفينى انى اعرف الحقيقة ... كانت مها قد لجأت الى ربها فى صلاتها داعية الفرج من عنده وأوكلت امرها اليه ..عاد الحاج عبد الرحمن من الديار المقدسة وعرف من زوجته اللعينة بان اخته قد سرقت مصاغها وقد ابلغت الشرطة لاسترجاعه .. غضب الحاج وصعق مما سمعه ..فذهب والغيظ يفتك بعقله وقد اكد بلاغ زوجته مما اضطر الشرطة لإعادة التحقيق ثانية بأشد وحشية مما سبق وقد استخدموا معها شتى انواع التعذيب وهي تصرخ من شدة الالم على رؤية عينى اخيها تقدحان شررا..واتهاماته القاسية وهى تلتزم الصمت لا تريد البوح بالحقيقة حفاظا على شرفه وسمعته ...لكن السماء كانت بعدالتها قد قررت وضع حد لعذابات مها ...حضر اخيها الاصغر حسن للعشاء طرف اخيه عبد الرحمن وكانت هوايته ان يسجل اصوات الحضور للذكرى فى مناسبات عائلية ..وأقنعه بان يذهب الى بيت الاسرة الكبير ليسهروا جميعا ويتبادلون الحديث والرؤى لاتخاذ قرارات جماعية فوافقه ...وخرجا الاثنان من البيت وقد ترك حسن جهاز التسجيل داخل غرفة اخيه لحمايته ولم يعلم بأنه ما يزال مفتوحا..وفى الصباح كانت المفاجأة بان ظهر الحق وبانت مكيدة الزوجة الخائنة مع عشيقها وما دبروه من مكائد متوالية ..فما كان من عبد الرحمن إلا ان نشر براءة اخته فى الجريدة وقام بعمل حفل كبير لأهل البلدة ..واختفت زوجته عن الانظار ولم يعرف احد مصيرها بعد..وعادت مها مرفوعة الرأس بين الجيران وأهل بلدتها..بالرغم من قسوة ما رأت وتحملت لكنها اصبحت فى نظر الجميع المثل الاعلى لهم فى حاضرهم ومستقبل اجيالهم ...يذكرونها كامرأة من زمن آخر...