الإعلام فى الدول التى تحترم عقول مواطنيها تساعد على تقدمه ونموه وليس تراجعاً فى الافكار وتقديم الخزعبلات وولوج مسالك الشعوذة التى تؤدى الى جهل ...الاعلام بوصلة هامة لتحديد المدى الذى وصل اليه المجتمع من رقى فكرى .. احترام عقل المجتمع حجر الزاوية فى نهضة الامم ... اما استغباء العقول والاستهزاء بها فلا نجده الا فى المجتمعات التى تسايرها الشعوذة وتتحكم فى توجيه بوصلتها نخبة اعلامية هرطقية ... اقل ما توصف به انها نخبة بلاليص ستان..... تتنافس القنوات والصحف الاعلامية فى الدول التى تحترم عقل مواطنيها على تقديم الخبر الصحيح فى الموضع الصحيح دون هرطقة او قص ولزق... وهناك على المستوى العالمى صحف وقنوان فضائية احترمت عقول مواطنيها فاحترمها متابعيها... وقلما تجد برنامجا فى تلك الدول تزيد مدته عن (55) دقيقة وهى المدة المسموح بها فى تلك الدول التى تعى جيدا اهمية العقل المخاطب فلا تصنفه فى خانة العقول البَلهاء التى تساق كيفما تشاء لها قوى الاعلام التى تتستر خلف الزخرفة الاعلامية ... على النقيض تماما فى مصر والعالم العربى حيث تجد الاعلام محتكر من وزارات الاعلام لفرض معلومة ما على العقل العربى وتغليب تام للرأى الواحد والاوحد على المضامين التى تقدم.. ** الاعلام المرئى.. اقتصر على الاعلام المصرى المرئى فهو اعلام قاصر ومقصر من حيث انه احادى لا يتحاور مع غيره من الآراء والتوجهات الاخرى.. فهذا قصور منه ... اما جمهور المشاهدين فالاعلام يعيش منعزلا عنها تماماً .. ومع ظهور برامج التوك شو التى صارت للمواطن وجبة عشاء يومية له تحولت هذه البرامج الى هرطقة من المضيف والضيوف ... وتصفية حسابات لا تفيد المشاهد من قريب او بعيد.... بالاضافة الى الكم الهائل من البرامج التى تعمل على تضليل وازاغة عيون الناس عن الحقيقة ..الى جانب ان المطروح من خلال البرامج تقدم به الكثير من المضامين الاعلامية السطحية جداً ومرد ذلك الى ان القنوات المصرية تضع فى مخيلتها ان ما يهم المشاهد المصرى التسلية وتمضية الوقت دون ان يكون وراء ذلك متعة حقيقية ... وغالبا ما يكون المطروح خلال البرنامج غير موضوعى او علمى.... فالاعلام معلومة والمعلومة ان لم تكن حقيقية وصادقة وموضوعية فلا قيمة لها...وهذا يعد تدليساً واستهزاءً بالعقل المصرى.. الى جانب ان الفضائيات الخاصة تعيش فى بوتقة المحلية والخطاب الاحادى منا والينا طوال الوقت بديلاً عن مخاطبة العالم الخارجى .. والاعلام المصرى ليس غارقا الى من اذنيه الى اخمص قدمية فى المحلية فقط بل حدد محليته وغرق فيها وهى محلية ( القاهرية ) ..فالملاحظ ان الاغلب الاعم من البرامج والقنوات يكون تركيزها فى تغطياتها الاخبارية منصب كلياً على القاهرة فقط وكأنما مصر ذات ال(27 ) محافظة ومواطنيها الذين فاقواال(90) مليوناً قد اختصرتهم القنوات وبرامج التوك شو فى محيط واحد ومحافظة واحدة ( القاهرة)...... وحصرت فقرات البرامج فى مناقشة وافتعال (3)أو(4) ملفات متكررة .. وأغفال أجزاء مصر أدى الى اغفال تام لقضايا مصر الدولية وقضايا المنطقة والقضايا العالمية... ومرد ذلك الى النقص الفادح فى الخبرات وضعف الاعداد وافتقاد الكوادر .. وتجاهل تام لما يجب ان يكون عليه الاعلامى او المذيع من تخصص وعلم وثقافة لازمة له كى يكون مؤهلاً لاداء مهمته الاعلامية اداء جيداً... واصبح الاختيار مرتبط بمدى قدرته على الشرشحة الاعلامية او مدى الاستفزاز الذى يمارسه وتطاوله على الجمهور او على الضيوف .. او مدى شذوذه فى الطرح والعرض.... بجانب ارتباط نجاحه بقدراته على جذب الاعلانات للقناة التى يعمل بها... اصيب الاعلام المصرى بفقر دم عالى جداً ثقافى ومعرفى فى المقدمين المثقفين فما تجده الان عبر برامج التوك شو ان اى ضيف فى اى برنامج يستطيع بسهولة شديدة جداً ان يمرر ما يريده من افخاخ سياسية كانت او دينية او مجتمعية، وللاسف لا يجد من يرد عليه بوعى وفهم ...بالاضافة الى الخلل الواضح فى الاختيار لمقدمى البرامج والمذيعين على شتى تخصصاتهم ، وتباين الاخطاء فيما بين النطق المعيب للكلمات ، والميل للمحاكاة والتقليد الاعمى لاداء مذيعى بعض القنوات الاجنبية... فعلى سبيل المثال لا الحصر على قناة القاهرة والناس اذيع برنامج أجراء الكلام ودار الحوار حول تأجير الرحم .. ودارت رحى حرب بين المذيع والضيوف فلا تستطيع من خلال الحوار الخروج بمعلومة جادة بل على النقيض تماماً .. فمؤجرة الرحم تتمسك بحقها فى تاجير رحمها والدكتورة لا تستطيع مجاراتها والرد عليها .. بل وصل الامر الى نطق الآيات القرانية خطأ والمذيع هو من يلفت نظر الدكتورة الى خطأ قراءة القرآن ولا ترد ويصاب لسانها بالتلعثم... مع العلم ان الإسلام والنصرانية واليهودية حرما تأجير الرحم وقال الفقهاء أنه زنى مقنع...إلا أن من تقوم به تتحجج بالفتاوى ولم تذكرها وضيوف الحلقة ليسوا من ذوى الكفاءة للرد عليها!!!!! ومن مصائب الاعلام المصرى الترخيص لاى شخص يريد افتتاح قناة فضائية بلا شروط تذكر او ضوابط خاصة .. فما كانت نتيجة ذلك الاستهتار فى التراخيص الا اننا وجدنا قنوات تعمل تحت بير السلم وبميزانيات فقيرة وصورة رديئة وافكار مبتذلة ضحلة مسمومة تُبثُ فى عقولنا .. .....ومتاجرة واضحة بالدين وقواعدة وكبس وخلط معلومات خاطئة فى عقولنا ليل نهار ...مع عدم وجود اصوات عاقلة للرد على سفسطة هؤلاء .. وتخلى الكل ع مسئوليته الاجتماعية الحقيقية فى ابراز كل حقيقة للمجتمع بلا زيف ... وقد تخيل كل شخص أن الحرية هى ان يقول ما يريد..... ما يجب ان يكون عليه الاعلام المصرى ان يكون قادرا على تجاوز نطاق المحلية ومحاورة الوطن باكملة وان يخرج الى العالك الخارجى.. وان يتسم بالعمق فى اطروحاته وتحليلاته التى يقدمها وان يكون معبرا عن كل التيارات دون حجب اى معلومات ، الى جانب تغيير السياسة العامة التى تنتهجها كل القنوات العامة والخاصة بالبعد عن تاييد وجهة نظر الدولة متمثلة فى الحكومة .. والتوقف عن الاهتمام بالثارة على حساب القضايا ونوعيتها.... *** الإعلام المقروء.. اما الاعلام المقروء فحدث ولا حرج من حيث انه لا يزيد خبالا عن المرئى فالمضمون لا يقدم ما يشبع القارئ ويقدم له اطروحات القضايا الا من وجهة نظر الدولة ان كانت صحف قومية او من وجهة نظر الكاتب ان كانت مستقلة .. وكا اعطيت التراخيص لكل طالب قناة فضائية كذلك اعطيت التصاريح لكل طالب صحيفة .. حتى ان الامر صار قناة وصحيفة لكل مواطن!! الصحف المسماة مجازا قومية استندت على تقديم القضايا الخاصة بالوطن فى صورة هلامية ووضعت آراء السلطة الحاكمة دون ان تتبعها بمناقشة وطرح موضوعى للقضية .. لتختزل القضية فى شخص المسئول دون الاهتمام بالقارئ وتوضيح كافة الامور له سلبا او ايجاباً .. لذا عزف الكثير عن متابعة الصحف القومية .. ولجأ القارئ الى الصحف المستقلة التى كانت فى يوم ما تطلق عليها الحكومة مسمى الصحف الصفراء .. لنقدها عمل الحكومة وبيان سلبياتها .. وما لبثت هذه الصحف بعد ثورة (25 يناير) ان تحولت الى منصة للشرشحة الاعلامية وتصفية الحسابات .. وشارك عدد من محرريها ببرامج فضائية .. فلم تكفيهم صحفهم ليبثوا فيها دخان غضبهم فلجاؤوا الى القنوات الفضائية فتجدة فى الصباح على صفحات الصحيفة وفى المساء عبر قناة فضائية وفى كل منهما لا قضية ولا هدف واضح بل هيافة وشرشحة وتصفية حسابات غلب على الصحف قومية ومستقلة الانفرادات التى تغازل بها جمهور القراء لتضمن مزيداً من المال فى خزائنها .. فما وجدت الا هرطقات فى محاكمة مبارك ثم فى محاكمة مرسى العياط وسودت صفحات بمزيد من التحليلات لخبراء من نخبة بلاليص ستان ... واصبحنا لا نجد من قضايانا الملحة الا كيف قضى مبارك ليلته الاولى فى السجن .. ماذا قال وماذا فعل ومن تحدث اليه ومن زاره وكيف سيكون الامر يوم مثوله امام القاضى ... وتناست الصحف جل القضايا والقت بها الى اقرب سلة قمامة توجد بجوار محرريها ..فلم تناقش قضية العشوائيات .. واهملنا اولاد الشوارع وما يحدث فى هذا المجتمع الذى هو بمثابة قنبلة نجازاكى ان انفجر فلن يبقى ولا يذر... والتعليم وما آل اليه امرنا فى ذيل قائمة الامم ... وتشريد العمال من مصانعهم وازدياد معدلات البطالة .. وارتفاع نسبة العنوسة ..وبات شغلنا الشاغل مبارك واولاده وقضية القرن !!! وما ان هدأت هوجة مبارك الا ودخل مرسى والاخوان على الخط لنجد جميع الصحف بلا استثناء لا حديث لها الا الاخوان ومرسى والمحاكمة وما كان وما سيكون .. وطعام مرسى وطلباته فى السجن وملابسة وهل من حقه ان يسجن منفردا ام لا وهل له حق طلب كذا ام لا ... حتى بات الامر برمته مقيتا فى كافة الصحف..... وبنظرة سريعة على مبيعات الصحف اليومية والاسبوعية تجد تراجعا فى المبيعات لانصراف الكثير من الجمهور عن شراء مثل هذه الصحف حيث ان الكثير وجد ما يراه مساء عبر القنوات الفضائية يجده مكتوبا فى الصباح بالصحف . فلا جديد بطرح قضية وطنية تجمع بها شتات الوطن ..ولا تجد تواصلا بين القارئ والصحيفة لطرح وجهة نظر غير التى يصر عليها القائمون على الاعلام المقرؤ .. بدت المساحة بينهما جد شاسعة.. من سوئات الاعلام المصري الابتعاد التام عن القضايا التى تمس حياة المواطن والزج به فى اتون قضايا هلامية .. [email protected]