يبدأ الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى اليوم "الأحد" جولة جديدة من تدقيق فى الحسابات والإصلاحات التى جرت فى اليونان التى تعقد الأمل على إن يؤدى ذلك إلى تقديم قروض إضافية للمساعدة على الخروج من سنوات الأزمة الشديدة القساوة. وسيبدأ المسئولون فى وفد الترويكا (الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى والبنك المركزى الأوروبى) عملهم بلقاء مع وزير المالية يانيس ستورناراس بعد ظهر الأحد. وأشارت الصحافة اليونانية فى الأسابيع الأخيرة إلى أن وصول مسئولى الترويكا يصادف بالتحديد مع يوم الانتخابات فى ألمانيا، أول مساهم أوروبى فى خطة الإنقاذ الدولية الممنوحة لليونان. وهذه المهمة التى ينبغى أن تختتم قبل انعقاد مجموعة اليورو (يوروغروب) فى 15 أكتوبر، ستكون حاسمة بالنسبة إلى صرف دفعة جديدة من القرض بقيمة مليار يورو فى إطار خطة الإنقاذ المالية الثانية التى تم إقرارها لليونان فى فبراير 2012. وخلافا للوضع الذى كان سائدا أثناء المهمات السابقة للترويكا، فإن الحكومة اليونانية يمكن إن تفاخر هذه المرة ببعض التحسن الذى طرأ على الوضع. فالانكماش استقر والآفاق الاقتصادية تشير إلى إمكانية تسجيل فائض أولى فى الموازنة (خارج خدمة الدين) للعام 2013 وهى نتيجة سجلت فى الأشهر الثمانية الأولى من العام. من جهة أخرى، وللمرة الأولى منذ بداية الأزمة فى 2010، سجلت البطالة التى بلغت 27.1% فى الفصل الثانى، تراجعا طفيفا مقارنة بالفصل الذى سبق. وأكد وزير المالية الأسبوع الماضى أن "إشارات النهوض تصبح أكثر وضوحا". لكن مهمة الترويكا تنطلق فى أثينا فى أجواء اجتماعية وسياسية متوترة جدا. فقد دفع مقتل موسيقى مناهض للفاشية بيد عنصر من حزب النازية الجديدة "الفجر الذهبى"، ائتلاف يسار اليمين الحاكم إلى مواجهة غضب الشارع خصوصا بعد اتهامه بعدم القيام بأى شىء لمعاقبة التجاوزات التى يمارسها هذا الحزب. وحزب "الفجر الذهبى" حقق عدة نقاط فى استطلاعات الرأى فى الأشهر الأخيرة على أرضية خصبة لفقر متنام وتراجع الثقة بالطبقة السياسية، ويتمتع بنسبة تأييد تقارب 13% فى نوايا التصويت. وعلى الصعيد الاجتماعى، شهد الأسبوع الماضى إضرابا شمل كافة مؤسسات القطاع العام إضافة إلى تظاهرات عدة. وتعارض نقابات الموظفين تطبيق خطة مناقلات وقرارات تسريح من الوظيفة العامة، تعتبر إعادة هيكلة القطاع التى يتم الإعلان عنها باستمرار، منذ بداية الأزمة أهم مواضيعها. وفى الإجمال سيتم وضع 25 ألف موظف قيد التصرف من الآن وحتى نهاية العام، ومنهم 12500 من الآن وحتى نهاية سبتمبر مع راتب حسمت منه نسبة 25% طيلة ثمانية أشهر قبل اقتراح إعادة تصنيف. وسيضاف إلى هؤلاء أربعة آلاف تسريح من الخدمة بحلول نهاية 2013 (منهم ال2600 موظف فى التلفزيون الحكومى). إلا إن عددا من المراقبين لفتوا مع ذلك إلى أن جهود التقشف هذه وخفض عدد الوظائف غير مترافقة مع إصلاحات هيكلية كافية. وقال دبلوماسى غربى يعمل فى أثينا "تجرى الأمور وفقا للكمية لا النوعية ولا على المدى الطويل". وسينكب مسئولو الترويكا أيضا على دراسة مشروع تخصيص ثلاث مؤسسات تواجه صعوبات مالية وهى "لاركو" (مناجم) و"الفو" (صناعة سيارات) و"إى إيه إس" (صناعة الدفاع)، ودراسة فرض رسم عقارى جديد. وفى أعقاب اجتماع الثلاثاء مع رئيس الوزراء اليونانى أنطونيس ساماراس، أكد رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو أن هناك "ضوءا فى آخر النفق" بالنسبة لليونان. ومنذ 2010 حصلت اليونان على ما مجموعة 220 مليار يورو من الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى. لكن يتوقع أن يكون البلد بحاجة أيضا إلى مساعدة إضافية مقدارها عشرة مليارات يورو. وهكذا يعتبر صندوق النقد الدولى، أن اليونان ستكون بحاجة إلى 4,4 مليار يورو فى 2014 و6,5 مليار يورو فى 2015.