بعيدا عن مهاترات الأخوان والجديان . بعيدا عن الشرعية والمهلبية .. بعيدا عن مرسي ومشكلته مع الكرسي .. بعيدا عن الأصابع واللي في الحارة المزنوقة داخل وطالع .. بعيدا عن بديع اللي عايز مصر تضيع .. بعيدا عن الشاطر اللي عيشنا المخاطر .. بعيدا عن التطرف في الدين واستغلاله لتحقيق مصالح دنيوية .. بعيدا عن رابعة والنهضة والتحرير والاتحادية ومسيرة رايحة ومسيرة جاية .. بعيدا عن السياسة اللي لحست عقول الإسلاميين وأشغلتهم بالدنيا عن الدين فوظفوا الدين لمتاع الدنيا وجعلوا كل شئ مستباح للوصول لسدة الحكم حتي ولو علي رقاب البلاد والعباد فاستعانوا بحماس ليقتلوا الناس، ونسوا سماحة الدين ونسوا أعياده ونسوا أن يفرحوا وبالتالي نكدوا علي أنفسهم ونكدوا علي أهالينا . أخواني المسلمين والمسلمات المؤيدين والمعارضات تعالوا نأخذ هدنة قبل فض الإعتصامات ونأكل الكعك والحلويات قبل أن نستكمل حرب العصابات .. تعالوا نتذكر الأعياد ونتذكر ديننا السمح ونتدبر حكم الله تعالي في كونه لعلنا نتوب ونرجع إلي الله وتفضوا الإعتصامات بانفسكم وكفانا سفك الدماء المصرية الغالية. تعالوا ننسا الصراع ونأخذ "هدنة" ونتكلم قليلا عن العيد ونفرح من جديد، لعلنا نعود أخوة جميعا متحابين في الله وننبذ الشيطان الذي يحاول تفريقنا. الأعياد من خصائص المجتمعات والحضارات وجزء مهم من نسيجها الثقافي، ولا توجد أمة بلا عيد، والعيد خاصية تتميز بها الأمم عن غيرها وتُظهر به مدى تمسكها بثقافتها وقيمها و تفصح عن مبلغ إعتزازها بتاريخها وتراثها ، ولأن الأمر كذلك فمن العجيب أن يهمل الناس عيدهم و يتركوا بلادهم وأهلهم في أيامه بلا عذر واستوطنوا المنصات في الميادين والإشارات والأكثر عجبا أن يحتفلوا بالعيد وسط الدماء والتعذيب، ولا يوصف العجب حين يمارسون مراسم العيد الدموية بوصفهم أخوة من المسلمين ويحرضون علي الموت في سبيل منصب ويربطون المنصب بالدين ليكونوا أكثر إقناعا لمن هم مغيبين فينساقوا وراء مراسم عيدهم الدموية في اتجاه الموت كالقطعان دون تفكير أو نقد أو إعمال للعقل، ويحسبون أنه جهاد في سبيل الله وشهادة له. والأكثر عجبا والأشد غرابة أن هذه المجموعة باغية محاربة معادية لمن يحتفلون بالعيد علي الطريقة الإسلامية السمحة الحقيقية التي دعانا اليها ديننا الحنيف. فعلي الجميع أن ينبذوا مظاهر العيد الدموي الذي يغضب الله تعالي خاصة مع توافر النعم وكثرة المنن من الله سبحانه المنعم المتفضل بكل حال والمستحق للشكر دوماً . فنحن معشر المسلمون أعيادنا سمحة وسلمية، والدين عندنا لا ينفصل عن الدنيا "فالدين المعاملة"، وقد جعل الله لنا عيداً أسبوعياً هو يوم الجمعة وعيدين سنويين يأتيان بعد عبادتين عظيمتين وبعد أداء ركنين من أركان الإسلام . فالعيد الأول هو يوم الفطر المبارك الذي يعقب رمضان مباشرة وبعده تبدأ شهور الحج، والعيد الثاني هو يوم الأضحى المبارك الذي يسمى يوم الحج الأكبر وهو أعظم أيام السنة قاطبة. وإن أي محاولة لإقحام العيد والفرحة به في معارك دموية دنيئة لهو البهتان الاكبر والضلال بعينه، فلن تنجح محاولات التناحر من أجل الحفاظ علي شرعية تآكلت منذ حنث الرئيس اللا شرعي المعزول بيمينه الذي أداه يوم توليه المشؤوم، اليس حرام في الاسلام الحنث باليمين يا معشر المتأسلمين؟ ثم يوم فرض إعلانه الدستوري الذي نص فيه علي تنصيب نفسه إلاها أو نصف إله يأمر فيطاع ولا معقب لحكمة ولا راد لقضاءه ومن يعارضه أو يناقشه يصبح كافرا وجب قتله أو حبسه ، ولن يستقر في وجدان المسلمين أن سفك الدماء في أيام مباركة لمجرد الحفاظ علي الشرعية المتآكلة أنه يمت للإسلام بصلة أو أنه جهادا ولكنهم يؤمنون بأنه إرهابا. وقد شرعت هذه الأعياد بعد العبادات لتكون لنا فرحاً بالله وأنساً بطاعته وسروراً بالقبول المرجو وليس لسفك دماء المسلمين بحجة شرعية وهمية أو شرعية بالمهلبية ولا حتي بالملوخية. والعيد لنا نحن أهل الإسلام يوم لباس وزينة وتجمل، وموسم سرور وفرح، ولذلك يتسابق الناس في العيدين لإطعام الفقراء قبل صلاة عيد الفطر وبعد صلاة عيد الأضحى حتى لا يبق بيت أهله جياع. ولعل من فضل الله على المجتمعات الإسلامية أن أكثر الناس يخرجون زكاتهم ويزيدون من صدقاتهم في رمضان والعشر من ذي الحجة حتى يجد الفقراء ما يشترون به الجديد والأنيق من الثياب فلا تحزن قلوبهم بتميز أحد عليهم، وفي هذا من المعاني الإجتماعية النبيلة ما ينبغي علينا استصحابه طوال العام. والعيد وسيلة لتواصل الأقارب والأصدقاء ومناسبة وجيهة لاجتماع العائلات وتصافي النفوس وإزالة ما علق بها من غبار الدنيا، وهو فرصة عظيمة ليتوافق مكنون القلب مع ما يظهر على الوجه من ابتسامة وصفاء وأفعال شريفة ترضي الله ورسوله. كما أن العيد طريق لإسعاد الأطفال الذين لا يحلو عيد بدونهم فهم من أجمل معاني العيد لأن حياتهم كلها أعياد وفرح وسلامة وصفاء. وليس أغلظ من ولي أمر لا يبث السرور في نفوس صغاره و يزج بهم في مسيرات أو يتاجر بهم ليكسب حفنة من المال او وجبة ليس لها طعم الا طعم الدماء ويكتب علي ظهورصغاره "مشروع شهيد" وهم مايزالون أطفالا أبرياءا لا يفقهون شيئا، أو يستخدمهم قادة الفتنة كحصون بشرية لهم حتي يتجنبون فض اعتصاماتهم ويستبيحون دماء صغارهم لحماية أنفسهم، فليس هناك غلظة قلب أكثر من هذا وليس هناك خسة وندالة وموت للرجولة عندما يحتمون بأطفال في ربيع عمرهم ليس لهم ذنب ولكنها الدناءة في نفوس من يزج بهم علي حافة الموت ليحتمي ورائهم، فياحسرة علي الرجولة ويا ندامة علي موت النخوة فيهم. ولا أقسى من قلب أبٍ لا يعرف عن أطفاله شيئاً حتى في العيد سوي أنه يتاجر بهم. كما أن العيد فرصة لتجديد الحب بين الرجل وزوجه وفيه فرصة لبعث معاني الزوجية الجميلة والعشرة الكريمة خاصة إن كان هناك ثمة جفوة أو انقطا والعيد ضيف خفيف الظل وزائر لايتخلف عن ميعاده، فلا مناص من حسن استقباله بكل خير وبما يجمع ولا يفرق وبالمعروف المقبول من ألوان المباهج والزينة والاحتفالات، وعليه فأرجو من المخططين لاحتفالات العيد ومنفذيها أن يتحاشوا كل ما يخدش تعاليم الشرع المطهر أو يجلب غضب الناس ويكدر صفوهم، فلا نريد احتفالاً يكون فيه من المنكرات ما يقود للفتن ما ظهر منها وما بطن ولا نريد من انقسامات أو قتل أو تعذيب أو عنف وإنما العيد يريد السماحة والعفة والفرحة والأمن والأمان . وإن الإبداع كل الإبداع أن تكون الفرحة بالعيد غامرة والسعادة كاملة مادامت مغلفة بتعاليم الإسلام السمحة. وإن الذين سعوا ويسعون في إفساد رمضان بتعذيب أخوتهم في الإسلام أو قتلهم بدعوى أنهم كفارا أقول لهم "اتقوا الله في عيد الله" وانبذوا العنف وتوبوا إلي الله وإلا نبذكم الشعب بأسره فلن يعد بيننا مكان لكم ولن تعودوا أخوة لنا ولن نسمح لكم بتكدير صفونا ولا بإفساد عيدنا ولا ضياع مصرنا ولا هلاك حياتنا. وحين نستقبل العيد بما يرضي الله فعلينا أن نودعه بما يرضيه سبحانه أيضا من عزم على استدامة الطاعات والتقرب إلي الله بالعبادات وعلى العودة لأعمالنا وحياتنا ونحن أقرب للمعروف وأصدق في التعامل وأحرص على الشأن العام بما يفيد البلاد والعباد وكفانا منصات ودعوات الفتن وكفانا انقسامات وتناحر، كفانا حرب عصابات وهيا نترحم علي الأموات ونستغفر الله عما فات وننبذ كل أشكال العنف ونعود بفضل الله من كرامات شهر رمضان ونفحات الايمان وفرحة العيد بالفعل أخوة نستحق أن نوصف جميعا "بالمسلمين" الآمنين السالمين في بلد الدين "مصر" أم البلاد أجمعين. وكل عام ومصر والمسلمين في حب وخير ولنجعل العيد هدنة .. وبعده وحدة ومحبة.