مصر تتمزق بين ألاعيب السياسة وفن الممكن، بين الحق والباطل، بين النور والظلام، بين الأمل واليأس، بين الأيدولوجيات المترسخة والعشوائيات الانقيادية، بين ذهاب الحرية وعودة الاستبداد، بين طلة الديمقراطية والقانون المزاجى، بين انتفاخية الشعور بالنصر ورفض الواقع، بين الصدمة والمواجهة، بين الشعور بالنهاية والانتحار، بين الأمس واليوم، وهل بعد ذلك ننتظرغدٍ مُشرق! فشلت نواة المشروع الاسلامى فى مصرمؤقتاً سواء إن كان من خلال اسلاميين حقيقيين أو مُتأسلمين، بعد تكاتف الجميع بما فيهم الاسلاميين والمتأسلمين لأن نجاحه كان سيكون انطلاقه عالمية، ولا بأس فنحن نسير من قدر الله الى قدر الله. ولأنها مصر الشقيقة الكبرى فقد انهالت عليها الهبات والمعونات والقروض العربية من شقيقاتها الامارات والسعودية والكويت وسوف تلحق بالركب الشقيقة قطر، وقد وصل المزاد الى 12 مليار دولار، فليفرح الفارحون، ولتزداد التبعية، وليتلجلج القرار، هذا هو المشهد والشاهد هو الله، إنه غوث بلا حول "اللهم نسألك الحول من غيث الشقيق"، وبعيداً عن النعرات الكاذبة والشعارات الوهمية والتصريحات العنترية نتسآل أين هى مصر؟ فلنبحث عنها وسط هذا الزخم وهذه الاجتماعات والنقاشات المتهرتلة من خلال سواعد عمالنا، وعرق فلاحينا، وعقول علمائنا، وحكمة شيوخنا فهم أسباب الخلاص، فبأيدينا وليس غيرنا تكون العزة والكرامة، ونحذر من تسطيح الامور وكثرة الحوارات الجدلية التى تتشعب وتمس فسافس الأشياء تاركة عمق أصل الحدث لنتعلم منه، ونتدارك أخطائه، فالمصيبة كبيرة، والمصاب أعظم، فنحن لا نستفيد من دروس ما عايشناه بأنفسنا ولا نقرأ التاريخ، وإن قرأناه لانعيه، وإن وأعيناه فلا نتعلم منه، فمنذ انقلاب 30 يونيو ولا تخلى صحيفة أو برنامج من مصطلح الخارطة، فإما خارطة مرحلة مستقبلية أو خارطة اصلاح اقتصادى، أو خارطة عبور للمرحلة الحالية، فكلها خرائط لا تخلو من كلام مُمل متكرر عفا عليه الزمن، وأصبح هذا المصطلح يأتينا من كل الأفواه، وسوف ينكب ويتكالب الجميع لطرح أفكاره لحلول مشاكل هذا البلد والذى لو قام سيادته بتطبيقها على بيته لخربته، وكأننا نعيش مرة أخرى فترة الفقهاء الدستوريين، ولما لا فهى آتية لامحالة، فهذه هى عاداتنا وطبيعتنا فنحن الشعب الوحيد بين شعوب العالم الذى يفهم فى كل الأشياء، فلنعمل على استقرار هذا الوطن الذى يأوينا ونراعى فيه ضمائرنا ففضله على الجميع، وراعوا حرمة الدماء وانتهاك الأعراض، فالكلمة تَكُبُ صاحبها على وجهه يوم القيامة، ويجب أن نعى أن درء الضرر مقدم على جلب المصلحة" فمصر الآن وقبل كل شئ تحتاج الى خارطة درء المصالح الشخصية المحلية والخارجية واحلالها بخارطة جلب مصالح البلاد، هناك ظالم وشعب مظلوم، وهناك سارق وشعب مسروق، هناك جبار وشعب مقهور مغلوب على أمره، اذن فلا ملاذ من المصارحة ولابديل عن المكاشفة، يجب أن يضطلع الكل بمسئوليته، ويجب أن يعرف الشعب حقيقة الوضع المترضى الذى تعيش فيه البلاد، وبعدها يكون له الاختيار إما السير فى نفس طريقه فتكون التبعية، وإما الانتاج فى ظل مشروعات قومية تستوعب مشاكلنا المتراكمة فى اطار برامج زمنية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع ينفذها الشباب بسواعده وعزيمته، وبإشراف وحكمة خبرائنا الآجلاء، بعيدا عن الشعارات التى تنادى بتقليد من هم دون الأربعين لمناصب وزارية أو مساعدي للوزراء، فيكون الافتقار للخبرة، ولكلٍ مقامٍ موضعٍ، وأقول لإعلامنا تحروا الحقيقة ولكل فئات المجتمع اتقوا الله فى هذا البلد فسوف يتكشف قريباً من أسهموا فى الفوضى والانهيار الذى نعيشه وسينكشف الصالح من الطالح، واصنع ما شئت فكما تدين تُدان،والى مشايخنا ومن لهم حق الدعوة اقتربوا وبشدة وبدون تنفير من اصلاح التدنى السلوكى المجتمعى، وابتعدوا ولو مؤقتاً عن التنذير بعذاب القبر، وأخيراً فالخوف كل الخوف من آليات الممارسات الديمقراطية القادمة فقد أدخلنا عليها آلية الدمار الشامل وهى الاستقواء، فقد وقعنا فى هاوية فخٍ عميق تم التخطيط له بإحكام من قبل اللئام والأدناس وقمنا نحن بتنفيذه فازدادت جميع القوى بكل مسمياتها هشاشة فوق هشاشتها، واللهُ على ما أقولُ شهيد، و يجب ألا ننسى أن الشعوب تستحق حكامها و أن مزابل التاريخ مازالت تتسع للكثير. --------------------------- [email protected]