بدأت الحكومة المصرية الترويج لمشروع عملاق مثير للجدل تسعى من خلاله لتنمية المناطق المحيطة بقناة السويس -الممر الملاحي الحيوي- وتحويلها إلى مركز اقتصادي تحكمه قوانين خاصة على غرار المناطق الحرة في دبي وهونج كونج. وشارك مسؤولون ورجال أعمال في مؤتمر "تنمية قناة السويس" الذي عقد بالقاهرة اليوم الاثنين للترويج للمشروع حيث سعوا لتفنيد انتقادات وجهت له، وقالوا إنه لا يتضمن بيع أراضي أو أصول للدولة ولكنه قد يتطلب إعادة تخطيط المنطقة القريبة منه إداريا. وتوقع رئيس الوزراء هشام قنديل أن تجذب هذه المنطقة استثمارات تقدر بمئة مليار جنيه. وقال على صفحته الرسمية على فيس بوك "أثبتت المؤشرات الأولية لدراسة المنطقة قدرتها على جذب استثمارات صناعية وخدمية تقدر بحوالي 100 مليار دولار". وتسعى مصر لجذب استثمارات أجنبية للمساعدة في تعافي اقتصادها المتعب، الذي تباطئ مع تراجع السياحة والاستثمار الأجنبي وسط اضطرابات وانفلات أمني متواصلبن منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك مطلع 2011. ودعا وزير الإسكان طارق وفيق في المؤتمر اليوم المصريين إلى الالتفاف حول المشروع وتجنب تأثير الخلاف السياسي عليه. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن وفيق قوله إن "هذا المشروع ليس مشروع هيئة أو وزارة أو حزب بل هو مشروع كل المصريين ونأمل أن يسهم كل المصريين فيه". وتواجه مصر أزمة سياسية منذ نوفمبر الماضي حيث تتهم المعارضة جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة وحزب الحرية والعدالة -ذراعها السياسي- بممارسة سياسات استبدادية تهدف للسيطرة على أجهزة الدولة التنفيذية. ونظمت المعارضة مظاهرات كبيرة ضد الرئيس محمد مرسي -الذي ينتمي لجماعة الإخوان- ونشبت اشتباكات في العديد منها سقط فيها جرحي وقتلى وقبض على المئات. وقال رئيس الوزراء هشام قنديل اليوم في المؤتمر إن الحكومة ستطرح خطة شاملة لتطوير الإقليم خلال عدة أشهر. وأضاف أن مشروع قانون محور قانون السويس مازال مسودة، وسيتم طرحه قريبا للنقاش في شكله النهائي. وانتقد سياسيون وخبراء مشروع القانون، وقالوا إنه يمنح سلطات واسعة للهيئة المنوط بها إدارة منطقة محور قناة السويس دون رقابة كافية. وينص مشروع القانون الذي نشر في صحيفة "المصري اليوم" 27 إبريل الماضي على إنشاء هيئة تتبع رئيس الجمهورية تدير شؤون الإقليم وتحدد نطاقه الجغرافي ونظم الاستثمار والتملك داخله. وقال المستشار طارق البشري -الذي رأس أول لجنة للتعديلات الدستورية بعد ثورة يناير 2011- في مقال إن القانون يجعل منطقة القناة "حيازة شخصية لرئيس الجمهورية ذى الإرادة الطليقة في تحديد النطاق الجغرافى للإقليم والإرادة الطليقة فى تعيين من يديرون شأن هذا الإقليم بعيدا عن كل سلطات الدولة وأجهزتها". وقال قنديل اليوم إن مشروع القانون أخذ بملاحظات القوات المسلحة، ويستبعد مشروع القانون الأراضي التابعة للجيش من سيطرة هيئة تنمية محور قناة السويس. ولكن البشري قال في مقال نشر بجريدة الشروق الجمعة الماضية إن القانون "يرفع السلطة المصرية عن هذا الإقليم ولا يبقى أى مظهر أو عنصر من مظاهر هذه السلطة". وقال قنديل اليوم إن الحكومة لن تنتظر انتهاء دراسات مشروع تنمية قناة السويس بصورة كاملة ولكنها ستبدأ بعض المشاريع التي ستكون ضمن حدود الإقليم لاحقا. وقال رئيس الأمانة الفنية لمشروع تنمية محور قناة السويس وليد عبدالغفار اليوم إن هيئة القناة هي التي مولت المخطط العام للمحور. ووقعت الهيئة القومية للأنفاق المصرية اليوم عقدا مع الشركة الصينية للموانئ ممثلة للحكومة الصينية لإنشاء نفقا أسفل قناة السويس بمحافظة الإسماعيلية. وأعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي نيتها إنشاء ثلاثة أنفاق تحت قناة السويس بتكلفة استثمارية خمسة مليارات جنيه في إطار خطة تنمية إقليم القناة. ووقعت الحكومة في وقت سابق اتفاقات مع جهات صينية لتطوير مرافق لوجستية وصناعية في كل من السويس وبورسعيد. وأوضح تقرير منشور على صفحة رئيس الوزراء على الفيس بوك أن المنطقة ستشمل أغلب محافظات السويسوالإسماعيلية وبورسعيد. وقال هشام قنديل إن مشروع تنمية القناة يطمح لأن "يكون مركزا صناعيا وتجاريا و سياحيا عالميا"، وأضاف أن "مشروع محور قناة السويس سيضع مصر على خريطة التجارة العالمية".