انتقدت تركيا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لطلبه من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان تأجيل زيارته المزمعة لقطاع غزة الفلسطيني وهو ما يبرز توترا تحت السطح في الروابط بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي. وقال اردوغان -الذي يتحدث منذ سنوات عن رغبته في زيارة قطاع غزة- الاسبوع الماضي انه يعتزم القيام بالزيارة في أواخر مايو ايار بعد زيارة رسمية للولايات المتحدة في وقت سابق من الشهر نفسه. لكن كيري قال اثناء زيارة إلى تركيا يوم الأحد انه طلب من الزعيم التركي إرجاء زيارته حتى لا يكدر الجهود الأمريكية لاعادة علاقات أنقرة مع إسرائيل وعملية السلام في الشرق الأوسط. وقال نائب رئيس الوزراء التركي بولنت ارينج "تصريح السيد كيري... من المنظور الدبلوماسي مستهجن وخاطيء وغير صحيح." وأبلغ ارينج -الذي يشغل ايضا منصب المتحدث باسم الحكومة التركية- الصحفيين في أنقرة "الحكومة التركية فقط هي التي تملك الحق في ان تقرر متى والى أين يسافر رئيس الوزراء او أي مسؤول تركي." وكان كيري قد وصف أيضا أثناء زيارة الى تركيا في مارس اذار تعليقات لاردوغان وصف فيها الصهيونية بانها مثل الجرائم ضد الإنسانية بأنها "مستهجنة" في خلاف ألقى بظلال كثيفة على المحادثات بين تركيا والولاياتالمتحدة. وكان من المتوقع أن يزور اردوغان قطاع غزة -الذي تسيطر عليه حركة حماس الاسلامية- الشهر الجاري لكنه أرجأ الزيارة بناء على طلب من الولاياتالمتحدة فيما يبدو. وعلى الرغم من ذلك قال ارينج ان اردوغان كان سيزور غزة هذا الشهر لو سمح بذلك جدول ارتباطاته. وسيتوجه اردوغان إلى واشنطن للاجتماع مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 16 مايو. وستأتي زيارة اردوغان المزمعة الى غزة في توقيت حساس بالنسبة للعلاقات التركية الإسرائيلية التي تجمدت بعد مقتل تسعة أتراك على متن سفينة كانت متجهة الى غزة برصاص جنود من أفراد البحرية الإسرائيلية. وتوسط الرئيس الأمريكي في أول خطوة نحو المصالحة بين تركيا وإسرائيل الحليفين الرئيسيين لواشنطن في الشرق الأوسط في مارس باقناعه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بالاعتذار لتركيا بشأن الحادث. وفي اشارة أخرى نحو عودة التقارب وصل وفد إسرائيلي إلى أنقرة يوم الإثنين للمرة الاولى منذ عام 2010 لمناقشة تعويضات إسرائيلية لعائلات الضحايا. وقال ارينج بعد المحادثات "الاجتماع كان ايجابيا على وجه العموم... مبلغ التعويض لم يناقش... ولم يتحدد لكن طرق وقواعد حساب المبلغ بحثت اثناء الاجتماع." واضاف أن اجتماعا ثانيا وربما ثالثا سيعقد من أجل حل للمسألة والذي سيكون "خطوة كبيرة نحو استعادة كاملة للعلاقات الدبلوماسية." وقال رئيس الوفد التركي الذي اجتمع مع الوفد الإسرائيلي ان الاجتماع القادم سيعقد في غضون الأيام القليلة القادمة. وقطعت تركيا علاقاتها مع إسرائيل بعد أن قتل الإسرائيليون النشطاء الأتراك التسعة الداعمين للفلسطينيين على متن السفينة مافي مرمرة في 2010 والتي كانت تحاول كسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). وطردت أنقرة السفير الإسرائيلي وجمدت التعاون العسكري بعد تقرير للأمم المتحدة في الحادث صدر في سبتمبر أيلول 2011 وبرأ بدرجة كبيرة إسرائيل. ووضعت تركيا شروطا لاعادة العلاقات إلى طبيعتها وهي أن تتقدم إسرائيل باعتذار وتدفع تعويضات وتنهي حصارها لغزة. والتقارب بين حليفي واشنطن الرئيسيين في الشرق الأوسط قد يعزز من نفوذ الولاياتالمتحدة في المنطقة ويساعد في التنسيق لمنع امتداد الصراع السوري الى دول مجاورة ويخفف من عزلة إسرائيل الدبلوماسية وسط جيرانها. إلا أن اعادة كاملة للعلاقات ما زالت بعيدة بعض الشيء فيما يبدو. وأوضحت إسرائيل إنها لن ترفع الحصار عن غزة في اطار المصالحة مع تركيا وقالت بعد أيام من الاعتذار إنها قد تشدد الخناق على القطاع إذا شعرت بما يهدد أمنها.