يموتُ رجال المخابرات فى كافة دول العالم بأحد سبيلين .. إما أن يموتون كما وغيرهم وحسب سُنَّة الله فى خلقه وإما أن يُقتلون بأدوات التصفية الجسدية .. وفى هذه الأخيرة تكون تصفيتهم من قبل إحدى جهتين .. إما أن تكون أجهزة مخابراتٍ ذات مصلحة فى دفن أسرارٍ لايعلمها سوى رجل المخابرات المقتول نفسه وهنا تكون شبهة الخيانة لوطنه أو شُبهةِ العمالة المُزدوجة قد توافرت فى حقه كرجل مخابراتٍ مُزدوج الهويَّة والإنتماء .. لأنه لو لم يكن كذلك لما إحتفظ بهذه المعلومات لنفسه والجهة الأجنبية المنتمى لها بالولاء من دون جهازه الوطنى ومن ثم فلم يعلمها جهاز مخابراته الوطنيَّة التى كان يعمل بها بل وتزداد البليَّة إن كان يرأسه بالأساس .. وإما أن تكون الجهة صاحبة المصلحة فى قتله هى جهاز الدولة الوطنى للمخابرات ذاته عندما يرى أن الرجل قد خرج عن الخطوط الحمراء المرعيَّة بصون أسرار الجهاز ومعلوماته بعدم الإفصاح عنها طوال سنوات قد حددها قانونه .. ومن ثم يكون مجرد تلويحه بفضحها او كشفها أو الإفصاح عن بعضها بمثابة تجاوزٍ لهذا الخط الأحمر بما يُهدد أمن الجهاز نفسه ومن ثم يلزم تصفيته حفاظاً على أمن الجهاز عامة وأمن البلاد القومى خاصة مهما عظم قدر هذا الرجل او تلك المرأة من أبناء هذا الجهاز بل وسواء كانوا قادةً أم عناصر عادية- مع الوضع فى الإعتبار أن عناصر المخابرات وحسب قدرها من الأهمية وما إضطلعت به من مهام وما أحاطت به من معلومات يلزم توافر حمايةً لها عالية الجودة من قبل الجهاز الذى تعمل به - ومن ثم يكون نيلهم بالتصفية وبسهولةً أمراً مشكوكٌ فيه إذ لاتفسير ساعتها غير أن التصفية لم تتم إلا من بيته هو لا من بيوت أعدائه .... تلك أبسط مفاهيم العمل المُخابراتى .. مات مروان .. أفلم تكن له حراسة وهو على هذا القدر من الأهميَّة المُخابراتية والوطنيَّة .. وهل من أماتوه هم حقاً أجهزةٌ المخابرات المُناوئة أم طبيعة عمله وتجاوز الخطوط الحمراء لديه كانتا السبب فى قتله .... ماتت سعاد حسنى وكلنا نعلم علاقتها بجهاز المخابرات ودورها الذى تم كشفه وقد حضَّها غباؤها على كتابة مذكراتها بخصوصِه وكأنها حياتها الخاصة والفنيَّة ولاصلة للوطن بها .. أفلم تكن لها حراسة وهى على هذا القدر من الأهميَّة المخابراتية والوطنيَّة .. وهل من أماتوها هم حقاً أجهزةٌ المخابرات المُناوئة أم طبيعة عملها وتجاوز الخطوط الحمراء لديها .. مات سعيد السيد بدير ومات سمير نجيب بأمريكا فى حادث تصادم عمدى وماتت سميرة موسى لديهم وبذات السبب ومات نبيل القلَّينى مقتولاً فى براغ ومات مُشرَّفة مسموماً ومات يحيى المشد بتهشيم رأسه فى باريس ومات جمال حمدان محروقاً..وغيرهم الكثير والكثير .. مات أغلبهم بأرض الموت التى ببلاد الغرب والأمريكان بأمريكا لنفاجأ جميعاً بتقارير طبيَّة وبياناتٍ واهية لايستعصى فهمها على العقلاء وذوى الألباب والنهى ..الأمر الذى يدعونى للقول وبحق بأن كل هؤلاء لم يخرج موتهم عن السبب الثانى من هذين السبيلين .. مات كل علماؤنا الذين عملوا بالذرَّة وآخرون قد ناهضوا المشروع الصهيونى الكبير.. أفلم تكن لهم حراسةٌٌ ياسادة وهم على هذا القدر من الأهميَّة العلمية النووية والمخابراتية والوطنيَّة .. اليوم يموت اللواء عمر سليمان هو الآخر وقد وضعوا سر موته داخل صندوقه الأسود والذى لطالما قد لوَّح به فى أيامه الأخيرة .. فبأىٍ من الأسباب يمكن تفسير نبأ وفاته .. وأى الجهات يمكن القبول بقوة مصلحتها عن الأخرى فى تصفيته .. وحتى لو كان الموتُ طبيعيَّاً أفلا يستحق الرجل بياناً رِئاسيَّاً يُفسَّر للشعب سبب وفاته الفُجائى وخارج وطنه وبهذا الإعلان الواهى من قبل الإدارة الأمريكية وقد كان هو أحد أقوى المرشحين للرئاسة إن لم يكن أعظمهم فرصةً بل والأحرص فى نظرى من غيره على سلامة الوطن فى أصعب مراحله حينما قدم مصلحة الوطن العليا على مصلحته فى الترشح لرئاسته وقد خرج من المنافسة قضاءاً لمحض نقص عشرات التوكيلات فقط بينما فقد حاول آخرون غيره إراقة الدماء ونشر الفوضى لمَّا خرجوا لجنسية ذويهم الأمريكيَّة.. أفلا يستحق هذا الرجل محض بيانٍ رئاسى يشفى غليل الوطنيين الغيورين على دماء الشرفاء وقد بذلوها فداءاً .. لقد أعلن مبارك يوماً وفى ردٍ وطنى على إتهام الدولة العبرية لمروان بالعمالة المُزدوجة بأن الرجل كان وطنيَّاً .. اليوم نسأل مرسى وقد صار رئيساً لمصر وكرمزٍ لوطنيتها من بعد إعلانه لفساد مبارك وعدم وطنيته .. أكان مروان وطنيَّاً حقاً .. وهل كان سليمان كذلك ؟.. وكيف مات الأخيرُ لديهم وفى بلادهم ؟.. ولم الآن تحديداً ؟.. ولم هذا التفسير الأمريكى الواهى لنبأ وفاته ؟.. ولأى سببٍ كان تواجده هناك ؟ .. ولم كانت تَحرُّكاته وقبل وفاته بالسعوديَّة ودول الخليج ثم لأمريكا التى مات بها ومن دون حراسة ان لزمت للوطن تلك الزيارات وهو من هو ولديه مالديه بل وفى ظل تصريحاته المُبهمة هنا وهناك وهو الذى قد ترك منصبه بجهاز المخابرات الوطنى؟ .. وهل لحادثة محاولة قتله إبَّان توليه منصب نائب الرئيس فى أيَّام الثورة صلةً بحادثة موته ان كانت حقاً جنائيَّة ؟.. ولم إن كان موته طبيعيَّاً لاتعلنوه ؟ .. ولم لو كان الرجل وصندوقه الأسود غير وطنيَّان لاتعلنوهُ فينا كذلك ؟! .. أولستم رئيساً للبلاد وألسنا رعاياكم ومن حقنا العلم بحقيقة وطنية رموزنا وحقيقة مصائرهم ؟.. وأليس من مات كان يوماً دينامو المخابرات الوطنيَّة وأقوى رجالاتها وبشهادة العالم كله ولقرابة العشرين عاماً ؟.. ومَن مِن الرموز والأسماء قد حان دوره فى قائمة الموت والتصفيات إن كانت شكوك البعض فى محلِّها ؟ .. وكيف نُقنع أبناءنا وهم يطمحون بالعمل فى هذا الجهاز الوطنى العريق بوطنيَّة أعمالهم وهم يرون مصائر من فيه غامضةً بين فقدان حماية وتشكيكٌ بالوطنيَّة ومجهوليَّة مصير وحيرةً فى التفرقة مابين صلاح نصر بفترة زعامة ناصر كما وسليمان بفترة حكم مبارك ؟! نُقسِمُ بالله إن طال صمتُكُم فلسوف يُشكِّكون فى وطنيتكم يوماً قريبا بل وسنشك يوماً نحنُ كذلك فى ظل شائعاتٍ بدأت تُروِّجها العديد من الجهات بمصلحة الإخوان أنفسهم فى طمس ملفات سليمان التى بصندوقه الأسود وقد لوَّح بالإفصاح عنها فى لغةٍ تهديديَّةٍ لهُم .. يارئيس البلاد من حق أبنائكم الوطنيين عليكم الحماية .. وإن ماتوا فمن حقهم إبراز أدوارهم الوطنيَّة .. كما ومن حق مواطنيهم كذلك المعرفة بحقيقة وطنية أدوارهم ومصائرهم .. وإلَّا لصارت الأعمال الوطنية والفدائيَّة فى أذهان أولادنا وأجيالنا القادمة محض تهورٍ وإنتحار فلايُقبلون عليها .. يارئيس البلاد إتَّقِ الله وأخبرنا عن وطنية الرجل ومصيره إن كُنتم حقاً جديرين بالبيعة والفداء .. وأخبرونا حقاً .. هل نعتبر (سليمان) صفحةٌ من كتابِ إغتيالاتِ لرموزِنا أم إنتحارٍ عمدىٍ لأعضاء جسدنا ؟!