الدكتوره ريهام عاطف أكتب اليوم وأنا قلبي يحترق على براءة يتم انتهاكها من قبل من وهبتها الحياة. موضوع اليوم هو موضوع الأمس والغد، هو موضوع صناعة جيل يستحق أن تصان كرامته وتقدس إنسانيته. كنت أتحدث مع صديقة لي عبر الفيسبوك وخلال حوارنا معا، تذكرت موقف ألمها بشده وألمني أنا الأخرى بالرغم من غيابي عن المشهد، ولكني حضرت أيضا مواقف كثيرة مثل ذلك للأسف. حكت لي صديقتي أنها كانت في النادي مع أبنها وبعد اللعب ذهبا معا إلى دورة المياه لغسل أيديهم وهناك شاهدت وشهدت أم لم تنس فقط معنى الأمومة بل ضربت بعرض الحائط كل معنى جميل تحمله الطفولة: الأم: أوعى تحط إيدك على أى حاجه هنا الطفل الذي لم يتعد عمره ال7 سنوات: حاضر يا ماما وعلى شفتيه ابتسامة بريئة جميلة ثم كانت الكارثة عندما ارتكب الطفل جريمة شنعاء يستحق أن يسجن عليها وهى أن الطفل قام بلمس الحنفية كى يغسل يديه. الأم صارخة في وجه تلك الابتسامة الجميلة: أنت حمار وغبي ومبتفهمش. أنت يا فاشل يا حيوان مش أنا قلت لك متمسكش حاجه هنا خالص، يتمسك الحنفية ليه؟ انت فعلا غبي ودي آخر مرة هجيبك فيها النادي يا كلب. يلا يلااااا امشي قدام يا حيوان. دون أن تصف لي صديقتي رد فعل الطفل، تصورته في حالة صمت يكاد يكسر الزجاج من شدته وفي عينيه دموع يسجنها كما يحبس وجعه، لقد انطفأت تلك الابتسامة الجميلة ليحل محلها حيرة وذهول نتيجة تصرف الأم المشين. إن مهما وصفت من كلمات بشعة قبيحة تلك التصرف الغير مسؤول والغير مبرر على الإطلاق، فلن أكفي ما بداخلي من حزن تجاه هذا الطفل البريء. مهما كانت الظروف، فلا يجب أن تصرخ الأم في وجه أطفالها مهما كانت الأسباب وخاصة في حضور آخرين. إن هذا الصراخ هو شكل من أشكال العنف ضد الطفل ويعد بمثابة الضرب لما يحدثه من أضرار على نفسية الطفل مما يجعله يشعر وكأنه في متاهة لا يستطيع الخروج منها كما يحس وكأنه كائن صغير لا قيمة له ويتحول إلى إنسان متردد وضعيف لا يستطيع الدفاع عن نفسه، لأن بالنسبة له الإهانة أصبحت أمر طبيعي في حياته الأسرية اليومية وبالتالي يفقد ثقته في نفسه وتطلق عليه لقب "عديم الشخصية". إن الأمومة ليست فقط أن أطعم طفلي أو أحبه على إنهاء الواجب أو الاهتمام بنظافته، ولكنها أعمق من ذلك، حيث ينبغي على الأم أن تحتوي طفلها وتحترم مشاعره وتصون كرامته. هناك العديد من الأمهات التي تصرخ في أطفالها ظننا منهن أن الصراخ ليس كالضرب أو أنه أقل كده من عقوبات أخرى، ولكن ما خفي كان أعظم. على كل أم قبل أن تنجب طفلا تكون هى سبب تعاسته في المستقبل، أن تقرأ لكي تفهم وتعي دورها الأساسي في تربية هذا الطفل وأثر تلك التربية عليه وعلى مجتمعه. أحب أن أقول لك سيدتي، أن هذا الصراخ في كثير من الأحيان تكون أثاره في نفسية الطفل كالضرب والضرب المعنوي في رأيي لا تقل قسوته عن الضرب الجسدي. إن الصراخ يجعل الطفل مرعوبا مما يؤثر سلبا على ثقته بنفسه. أما فيما يخص الجانب الاجتماعي، أن تكون لديه ردود فعل عدوانيه تجاه الآخرين كما يلجأ إلى إيذاء نفسه في كثير من الأحيان يكون الانتحار هو مهربه الوحيد من شخصيته الضعيفة المهزوزة التي صنعتها أنتي بصراخك. أعلم أننا أصبحنا مضغوطين، ولكن أبناءنا لا ذنب لهم، فقبل أن تصرخي، تذكري أن صراخك اليوم، سيفقدك ابنك غدا.