وزيرة التخطيط ل«النواب»: الاستثمارات الكلية المستهدفة تتجاوز 2 تريليون جنيه لأول مرة    القبض على البلوجر نادين طارق بتهمة بث فيديوهات خادشة    أحمد فهمي يعلن موعد طرح فيلمه الجديد مع أحمد السقا "عصابة المكس"    إجازة شم النسيم 2024.. موعدها وعدد أيامها بعد قرار مجلس الوزراء بترحيل الإجازات    رئيس جامعة المنوفية يترأس لجنة اختيار مديري عموم الشئون الإدارية    منتدى وزراء الكهرباء في أفريقيا: 70٪ من سكان القارة بدون وقود طهي نظيف    رغم توافر السيولة الدولارية.. لماذا يرفض التجار استلام بضائعهم من الموانئ؟| تفاصيل    زيادة وتيرة حرب أسعار السيارات الكهربائية في الصين    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    "التخطيط" و"النيابة الإدارية" يطلقان برنامج "تنمية مهارات الحاسب الآلى"    الكويت توقف إصدار تأشيرات العمل للمصريين    تصاعد الحراك الطلابى بالجامعات الأمريكية.. وبنسلفانيا: «لا» لبايدن    روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل 48 طفلاً نازحا بسبب الحرب    بعد المظاهرات المنددة بإسرائيل.. مجلس النواب الأمريكي يطالب باستقالة رئيس جامعة كولومبيا    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    شوط أول سلبي بين طلائع الجيش وإنبي في الدوري    "أنا مش جمهور أنا معزول".. مرتضى منصور يوجه رسالة نارية بعد منعه من دخول الملعب    بالصور- جِمال الوادي الجديد تحصد مراكز متقدمة بمهرجان سباق الهجن بشمال سيناء    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    محمد علي السيد يكتب: معركة .. «انسحاب الساعة 1300»    رسميا..موعد امتحانات الشهادة السودانية 2024 وتاريخ انتهائها    وزير العدل يختتم مؤتمر الذكاء الاصطناعي التوليدي وأثره على حقوق الملكية الفكرية    حجز قضية مصرع شاب على يد 6 أشخاص في المنصورة للنطق بالحكم (فيديو)    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    الانتصار مفتاح السلام    الملك فؤاد خلال زيارته لمكتبة الإسكندرية: سعيد بوجودي في هذا الصرح العظيم| صور    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    لهذا السبب.. هنا الزاهد تتصدر تريند محرك البحث جوجل    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    عزف على أوتار الفقد    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    هل هناك أذكار وأدعية تقال في الحر الشديد؟.. رد واضح من الإفتاء    أدعية التوفيق والتيسير في الدراسة.. الأخذ بالأسباب مفتاح النجاح    تضامن الغربية: الكشف على 146 مريضا من غير القادرين بقرية بمركز بسيون    محافظ المنيا: تقديم كافة الدعم للأشقاء الفلسطينيين بالمستشفى الجامعي لحين تماثلهم للشفاء    في الموجة الحارة- أعراض إذا تعرضت لها اذهب للطبيب فورًا    المستشفيات التعليمية: برنامج تدريبي لأطباء الهيئة حول تقييم الحالات لزراعة الكبد    حزب الحركة الوطنية يناقش خطة عمل المرحلة المقبلة والاستعداد لانتخابات المحليات    الخميس ولا الجمعة؟.. الموعد المحدد لضبط التوقيت الصيفي على هاتفك    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    أيمن الشريعى: لم أحدد مبلغ بيع "اوفا".. وفريق أنبى بطل دورى 2003    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية في غزة    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    قبل سفرهم إلى أمريكا.. وزير التعليم يستقبل الطلاب المشاركين في مسابقة "آيسف"    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    عمرو الحلواني: مانويل جوزيه أكثر مدرب مؤثر في حياتي    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بشير التابعي: أتوقع تواجد شيكابالا وزيزو في التشكيل الأساسي للزمالك أمام دريمز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة بدر فى خرافات السيرة
نشر في شباب مصر يوم 12 - 07 - 2018


د.أحمد صبحي منصور
مقدمة : لمحة عن السيرة التى كتبها محمد بن اسحاق ( ت 151 ) ونقلها عنه ابن هشام( ت 213 )
1 كتب محمد بن إسحاق أول سيرة للنبى تنفيذا لأمر المهدى ولى العهد فى حياة والده أبى جعفر المنصور . لم تكن وقتها أى سيرة مكتوبة للنبى محمد بعد وفاته بأكثر من مائة عام ، كتب ابن اسحاق تلك السيرة النبوية إرضاءا للخليفة المنصور جاعلا شخصية النبى محمد أشبه ما تكون بالخليفة المنصور العباسى الذى وطّد الدولة العباسية بالحديد والدم وإشتهر بالغدر والتآمر وقتل الأسرى . سيرة ابن اسحاق هى الأصل الذى نقل عنه كل اللاحقون .
2 وبمراجعة سيرة ابن اسحاق الأصلية او التى نقلها عنه ابن هشام فى سيرته نجد الروايات التى ذكرها ابن اسحاق تنقسم الى نوعين : روايات غير مسندة ، اى ذكرها ابن اسحاق دون ان يقول انه سمعها من فلان عن فلان ،أو دون أن يقول حدثنى بها فلان عن فلان،أى ذكرها من خياله . وروايات أسندها أو ذكر أن فلانا أخبره بها ، أو أن ( بعض الناس ) اخبره بها . الخلاصة أنه كاذب فى هذا الاسناد ، خصوصا زعمه أنه روى عن ابن شهاب الزهرى ، وهو لم يلق ابن شهاب الزهرى ولم يره أصلا . وقد حققنا هذا الموضوع
4 ونتعرض لروايات أو خرافات ابن اسحاق عن موقعة بدر ، والتى نقلها عنه ابن هشام .
أولا : موقف أهل بدر حين علموا بقدوم جيش قريش :
1 يخبرنا رب العزة جل وعلا أنهم كانوا كارهين للقتال ، واخذوا يجادلون النبى فى الحق الذى تبيّن ، وعندما رأوا أنه لا مفر كانوا كأنما يُساقون الى الموت وهم ينظرون ، قال جل وعلا : (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) الانفال )
2 ابن اسحاق يكذّب ما قاله رب العزة جل وعلا . يقول عن النبى عليه السلام :( وَأَتَاهُ الْخَبَرُ عَنْ قُرَيْشٍ بِمَسِيرِهِمْ لِيَمْنَعُوا عِيرَهُمْ فَاسْتَشَارَ النّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ قُرَيْشٍ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ، فَقَالَ وَأَحْسَنُ. ثُمّ قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ، فَقَالَ وَأَحْسَنُ ثُمّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ امْضِ لِمَا أَرَاك اللّهُ فَنَحْنُ مَعَك، وَاَللّهِ لَا نَقُولُ لَك كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّكَ فَقَاتِلَا إنّا هَهُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إنّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ فَوَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ سِرْت بِنَا إلَى بِرْكِ الْغِمَادِ لَجَالَدْنَا مَعَك مِنْ دُونِهِ حَتّى تَبْلُغَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَيْرًا، وَدَعَا لَهُ بِهِ.ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ «أَشِيرُوا عَلَيّ أَيّهَا النّاس» وَإِنّمَا يُرِيدُ الْأَنْصَارَ، وَذَلِكَ أَنّهُمْ عَدَدُ النّاسِ وَأَنّهُمْ حِينَ بَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا بُرَاءٌ مِنْ ذِمَامِك حَتّى تَصِلَ إلَى دِيَارِنَا، فَإِذَا وَصَلْتَ إلَيْنَا، فَأَنْتَ فِي ذِمّتِنَا نَمْنَعُك مِمّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَتَخَوّفُ أَلّا تَكُونَ الْأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهَا نَصْرَهُ إلّا مِمّنْ دَهَمَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عَدُوّهِ وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إلَى عَدُوّ مِنْ بِلَادِهِمْ. فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: وَاَللّهِ لَكَأَنّك تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ «أَجَلْ» قَالَ فَقَدْ آمَنّا بِك وَصَدّقْنَاك، وَشَهِدْنَا أَنّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقّ، وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا، عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ فَامْضِ يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَا أَرَدْتَ فَنَحْنُ مَعَك، فَوَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَك، مَا تَخَلّفَ مِنّا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوّنَا غَدًا، إنّا لَصُبُرٌ فِي الْحَرْبِ صُدُقٌ فِي اللّقَاءِ. لَعَلّ اللّهَ يُرِيك مِنّا مَا تَقَرّ بِهِ عَيْنُك، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ. فَسُرّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِقَوْلِ سَعْدٍ وَنَشّطَهُ ذَلِكَ. ثُمّ قَالَ «سِيرُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنّ اللّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إحْدَى الطّائِفَتَيْنِ وَاَللّهِ لَكَأَنّي الْآنَ أَنْظُرُ إلَى مَصَارِعِ الْقَوْم . ). ونقول :
1 لم يذكر ابن اسحاق شيئا عما قاله رب العزة: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6)الانفال) كنا نريد أن نعرف من هو هذا الفريق الذى كان كارها للحق الذى تبين ، وكانوا يجادلون النبى ، ثم كانوا كأنما يساقون الى الموت وهم ينظرون . ذكر ابن اسحاق رواية مخالفة تماما . ومن أسف فإنها هى المشهورة ، أما ما قاله رب العزة فلا يلتفت اليه المحمديون .
2 من جهل ابن إسحاق ومن نقل عنه قوله : (ثُمّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ امْضِ لِمَا أَرَاك اللّهُ فَنَحْنُ مَعَك، وَاَللّهِ لَا نَقُولُ لَك كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّكَ فَقَاتِلَا إنّا هَهُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إنّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ).هذه الآية جاءت فى سورة المائدة:( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)) . سورة المائدة من أواخر ما نزل فى المدينة ، أى بعد حوالى ثمانى سنوات من موقعة بدر ، فكيف عرف المقداد بن عمرو بما جاء بها من آيات ؟
ثانيا : ابن اسحاق يزعم أن الملائكة قاتلت مع المؤمنين فى بدر :
1 أكّد رب العزة أنه أرسل الملائكة تثبيتا لقلوب المؤمنين الذين كانوا مرعوبين من مواجهة قريش ( آل عمران 124 : 126 ) ( الأنفال 9 : 12 ). لم تتجسد الملائكة وقتها ، كانت بطبيعتها البرزخية تتعامل مع نفوس المؤمنين ، والنفس البشرية تنتمى الى عالم البرزخ . وكما نزلت الملائكة على نفوس المؤمنين تثبتهم فى بدر فإن الشيطان تنزل بوحيه على كفار قريش يحرضهم : ( الأنفال 48 ). لقد تجسّد بعض الملائكة فأهلكوا قوم لوط ، وهذا بأمر الله جل وعلا . لو أمر الله جل وعلا آلاف الملائكة بتدمير الكرة الأضية لدمروها، وليس جيش قريش فقط .! لم تكن مهمة الملائكة القتال بل التأييد لقلوب المؤمنين .
2 يحكى ابن اسحاق قصة نسجها من خياله ، ونسبها الى رجل من قبيلة غفار ، وزعم أنه أخبر هذه القصة عبد الله بن أبى بكر ، وأن عبد الله بن أبى بكر حكاها لابن عباس ، وأن ابن عباس بالتالى أخبر بها ابن اسحاق . ابن عباس توفى فى الطائف عام 68 . وابن اسحاق مولود فى المدينة عام 85 . أى مولود بعد موت ابن عباس ب 17 عاما . فكيف يروى عنه . ثم من هو عبد الله بن أبى بكر هذا ؟ واضح أنه ابن أبى بكر ( الصديق)؟. فهل عاش ابن أبى بكر الصديق حتى العصر العباسى ؟ . يقول إبن إسحاق كاذبا : ( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنّهُ حُدّثَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ حَدّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، قَالَ أَقْبَلْت أَنَا وَابْنُ عَمّ لِي حَتّى أَصْعَدْنَا فِي جَبَلٍ يُشْرِفُ بِنَا عَلَى بَدْرٍ وَنَحْنُ مُشْرِكَانِ نَنْتَظِرُ الْوَقْعَةَ عَلَى مَنْ تَكُونُ الدّبْرَةُ فَنَنْتَهِبُ مَعَ مَنْ يَنْتَهِبُ. قَالَ فَبَيْنَا نَحْنُ فِي الْجَبَلِ إذْ دَنَتْ مِنّا سَحَابَةٌ فَسَمِعْنَا فِيهَا حَمْحَمَةَ الْخَيْلِ فَسَمِعْت قَائِلًا يَقُولُ أَقَدِمَ حَيْزُومُ فَأَمّا ابْنُ عَمّي فَانْكَشَفَ قِنَاعُ قَلْبِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ وَأَمّا أَنَا فَكِدْت أَهْلَكَ ثُمّ تَمَاسَكْتُ.) . أى ان هذا الرجل رأى الملائكة فى السحاب تركب الخيل ، وتنادى على الاستاذ حيزوم .. يا حلاوة .!!
3 ويقص ابن اسحاق خرافة أخرى عن شخص مجهول قال عنه ( بعض بنى ساعدة ) : ( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ بَعْضِ بَنِي سَاعِدَةَ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ لَوْ كُنْت الْيَوْمَ بِبَدْرِ وَمَعِي بَصَرِي لَأَرَيْتُكُمْ الشّعْبَ الّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ لَا أَشُكّ فِيهِ وَلَا أَتَمَارَى. ) . أى إن الملائكة لم تأت فى السحاب ، بل فى شعب من شعاب الجبل .
4 ورواية أخرى : ( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي أَبِي إسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ النّجّارِ عَنْ أَبِي دَاوُد الْمَازِنِيّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا، قَالَ إنّي لَأَتّبِعُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ لِأَضْرِبَهُ إذْ وَقَعَ رَأْسُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ سَيْفِي، فَعَرَفْتُ أَنّهُ قَدْ قَتَلَهُ غَيْرِي ) . هنا راوة مجهولون ( رجال من بنى مازن بن النجار ) وفيها أن الملائكة سبقت هذا الرجل الطيب وقتلت الكافر القرشى الذى لا نعرف إسمه .
5 خرافة أخرى ينسبها ابن اسحاق الى شخص مجهول يصفه بأنه ليس متهما بالكذب، دون يعرفنا إسمه ، وأنه روى عن (مقسم ) مولى الحارث بن عبد الله عن ابن عباس:( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ مِقْسَمٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبّاسٍ، قَالَ كَانَتْ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ عَمَائِمَ بِيضًا قَدْ أَرْسَلُوهَا عَلَى ظُهُورِهِمْ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عَمَائِمَ حُمْرًا. ). أى كانت
( الموضة ) للملائكة يوم بدر أن يلبسوا عمائم بيضاء وتتدلى على ظهورهم ، وتغيرت الموضة فى موقعة حنين فأصبحت حمراء بلون الدم ، ولا نعرف هل كانت تتدلى أم لا تتدلى .! .
6 ويدخل ابن هشام فى سباق الهجص هذا : ( قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ الْعَمَائِمُ تِيجَانُ الْعَرَبِ، وَكَانَتْ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ عَمَائِمَ بِيضًا قَدْ أَرْخَوْهَا عَلَى ظُهُورِهِمْ إلّا جِبْرِيلُ فَإِنّهُ كَانَتْ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ ). يروى ابن هشام هذا عن ( بعض أهل العلم ) . وبعض اهل العلم هذا روى عن ( على بن أبى طالب ) . يعنى أن هذا الراوى عاش فى عصر على بن ابى طالب . فهل ظل يعيش حتى عصر ابن هشام ؟ على بن أبى طالب مقتول عام 40 هجرية . وابن هشام مات عام 213 هجرية ؟
7 ويكرر ابن إسحاق نفس السند ( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ، قَالَ وَلَمْ تُقَاتِلْ الْمَلَائِكَةُ فِي يَوْمٍ سِوَى بَدْرٍ مِنْ الْأَيّامِ وَكَانُوا يَكُونُونَ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْأَيّامِ عَدَدًا وَمَدَدًا لَا يَضْرِبُونَ.) . يعنى قاتلوا فقط فى بدر . أما فى غيرها فكانوا فى أجازة . إذن لماذا كانوا يرتدون عمائم حمراء بلون الدم فى موقعة حنين ؟
ثالثا : رؤية ابليس يوم بدر
1 قال جل وعلا عن الشيطان: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)الاعراف ) . ولكن ابن إسحاق لا يؤمن بما قاله رب العزة فيزعم إنهم رأوا إبليس متنكرا فى هيئة سراقة بن مالك . نقرأ هذا الهجص : ( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَعُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ، أَوْ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، قَدْ ذُكِرَ لِي أَحَدُهُمَا، الّذِي رَأَى إبْلِيسَ حِينَ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ أَيْنَ أَيْ سُرَاقَةُ؟ وَمَثَلَ عَدُوّ اللّهِ فَذَهَبَ فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى فِيهِ.:( وَإِذْ زَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وَإِنّي جَارٌ لَكُمْ ) فَذَكَرَ اسْتِدْرَاجَ إبْلِيسَ إيّاهُمْ وَتَشَبّهَهُ بِسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ لَهُمْ حِينَ ذَكَرُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ فِي الْحَرْبِ الّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ. يَقُولُ اللّهُ تَعَالَى ( فَلَمّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ ) وَنَظَرَ عَدُوّ اللّهِ إلَى جُنُودِ اللّهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ قَدْ أَيّدَ اللّهُ بِهِمْ رَسُولَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى عَدُوّهِمْ (نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ ) وَصَدَقَ عَدُوّ اللّهِ رَأَى مَا لَمْ يَرَوْا، وَقَالَ : ( إِنّي أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) فَذُكِرَ لِي أَنّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُ فِي كُلّ مَنْزِلٍ فِي صُورَةِ سُرَاقة لَا يُنْكِرُونَهُ حَتّى إذَا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَالْتَقَى الْجَمْعَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ فَأَوْرَدَهُمْ ثُمّ أَسْلَمَهُمْ.) . لم يخبرنا ابن اسحاق إسم ذلك الراوى .
2 ويذكر رواية أخرى : ( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ وَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ، قَالَ لَمّا أَجَمَعَتْ قُرَيْشٌ الْمَسِيرَ ذَكَرَتْ الّذِي كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ فَكَادَ ذَلِكَ يُثْنِيهِمْ فَتَبَدّى لَهُمْ إبْلِيسُ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيّ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي كِنَانَةَ فَقَالَ لَهُمْ أَنَا لَكُمْ جَارٌ مِنْ أَنْ تَأْتِيَكُمْ كِنَانَةُ مِنْ خَلْفِكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَخَرَجُوا سِرَاعًا. )
رابعا : خرافة سيف الاستاذ عكاشة بن محصن :
قال ابن إسحاق : ( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَاتَلَ عُكّاشَةُ بْنُ مِحْصَنِ بْنِ حُرْثَانَ الْأَسَدِيّ، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يَوْمَ بَدْرٍ بِسَيْفِهِ حَتّى انْقَطَعَ فِي يَدِهِ ، فَأَتَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَعْطَاهُ جِذْلًا مِنْ حَطَبٍ فَقَالَ : قَاتِلْ بِهَذَا يَا عُكّاشَةُ . فَلَمّا أَخَذَهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَزّهُ فَعَادَ سَيْفًا فِي يَدِهِ طَوِيلَ الْقَامَةِ شَدِيدَ الْمَتْنِ أَبْيَضَ الْحَدِيدَةِ ، فَقَاتَلَ بِهِ حَتّى فَتَحَ اللّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ . وَكَانَ ذَلِكَ السّيْفُ يُسَمّى: الْعَوْنَ. ثُمّ لَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ يَشْهَدُ بِهِ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى قُتِلَ فِي الرّدّةِ وَهُوَ عِنْدَهُ قَتَلَهُ طُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيّ. ) . ليست للنبى محمد معجزات حسية . ولو كانت له معجزات ما إحتاج للقتال بنفسه وتحريض المؤمنين على القتال الدفاعى . ولو كانت له معجزة تحويل الحطب الى سيوف جبارة لإنتصر فى موقعة أُحُد ولأرعب الكافرين بسيوفه هذه . على أن هذه الخرافة تنقصها الحبكة الدرامية ، إذ أن حامل السيف الاستاذ عكاشة لم ينفعه هذا السيف فقتله طليحة بن خويلد فى حرب الردة ، ولا نعرف اين ذهب سيفه الجبار !.
خامسا : خرافات فى سيرة ابن إسحاق لتملق أبى جعفر المنصور .
فى تقربه للخليفة أبى جعفر المنصور وولى عهده المهدى كتب ابن إسحاق هذه السيرة ، وحرص فيها أن يجعل ابن عباس ( جد الخلفاء العباسيين ) من الرواة ، وأن يرسم شخصية للنبى محمد أقرب ما تكون لأبى جعفر المنصور ، يتجلى هذه فى خرافاته فى تأريخه لموقعة بدر فى الآتى :
خرافة أن النبى قتل أسرى من موقعة ( بدر )
1 ( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَتّى إذَا كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالصّفْرَاءِ قُتِلَ النّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ ، قَتَلَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، كَمَا أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ مَكّةَ. ) . يعنى برجوعه منتصرا من بدر وكان معه الأسرى أمر بقتل النضر بن الحارث . الراوى الذى أخبر ابن اسحاق هو مجهول ( بعض أهل العلم من أهل مكة ).!
2 ( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ خَرَجَ حَتّى إذَا كَانَ بِعِرْقِ الظّبْيَةِ قُتِلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. ... قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَاَلّذِي أَسَرَ عُقْبَةَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ سَلِمَةَ أَحَدُ بَنِي الْعَجْلَانِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَقَالَ عُقْبَةُ حِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِقَتْلِهِ: فَمَنْ لِلصّبْيَةِ يَا مُحَمّدُ؟ قَالَ النّارُ. فَقَتَلَهُ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ الْأَنْصَارِيّ، أَخُو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَمَا حَدّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ عَمّارِ بْنِ يَاسِرٍ. ) ابن اسحاق يكتب من دماغه كما لو كان حاضرا مع النبى وعقبة بن معيط ، ويجعل النبى قاسى القلب مع أطفال عقبة بن معيط الذين لا ذنب لهم ، يجعل مصيرهم الى النار . فهل هذا هو خاتم النبيين الذى ارسله الله جل وعلا بالقرآن الكريم رحمة للعالمين ( الأنبياء 107 ) .
ويدخل ابن هشام على الخط يقول رأيه : ( قَالَ ابْنُ هِشَامَ: وَيُقَالُ قَتَلَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِيمَا ذَكَرَ لِي ابْنُ شِهَابٍ الزّهْرِيّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ .) . ابن هشام يقول : كما ذكر لى ابن شهاب الزهرى . ولكن ابن شهاب الزهرى متوفى عام 124 فى العصر الأموى ، فكيف إلتقاه ابن هشام المتوفى عام 213 فى العصر العباسى وبينهما حوالى مائة عام ؟
3 كرر ابن اسحاق أكاذيبه فى أن النبى قتل أسرى بنى قريظة . وهو بهذا ينسب للنبى عليه السلام مخالفة القرآن الكريم ، لأن النبى محمدا تعرض الى لوم شديد لأنه أخذ من أسرى بدر أموالا ليطلق سراحهم ( الأنفال 68 : 71) . والله جل وعلا أمر بإطلاق سراح الأسير مجانا أو بتبادل الأسرى فداءا ( محمد 4 ) وأمر بإكرام الأسير وإطعامه بعد إطلاق سراحه ( الانسان 8 ) . وبإطلاق سراحه يصبح ابن سبيل له حق فى الصدقات وفى الاحسان . والذى يستسلم للأسر يتعين على المؤمنين إن يجيروه وأن يرجعوه الى مأمنه بعد أن يسمعوه القرآن الكريم ( التوبة 6 ) . نسى ابن إسحاق هذا كله ليجعل قتل الأسرى سيرة نبوية وتشريعا إسلاميا ، تقربا لأبى جعفر المنصور .
تجميل صورة العباس بن عبد المطلب :
1 شارك العباس قريش فى قتال النبى والمؤمنين ، أى ينطبق عليه قوله جل وعلا:(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) الانفال ) .
2 هنا يروى ابن إسحاق رواية ينسبها الى واحد من بنى العباس دفاعا عن جدهم العباس يزعم أن العباس كان مؤمنا هو وأهل بيته ولكن كان يكتم إيمانه خوفا من قومه وحرصا على أمواله فى قريش ، وأن بيت العباس فرحوا بإنتصار النبى فى بدر مع أن العباس نفسه كان أسيرا مهزوما مع قومه ، وأن أبا لهب جاءهم يستسفر عما حدث فى بدر ، وقد حضر من موقعة بدر أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ . ولا نعرف كيف حضر الى مكة من المعركة لأن المفهوم أن جيش قريش كان بين اسير أو قتيل . أخبرهم ابو سفيان بن الحارث بالهزيمة ، وأن الملائكة شاركت فى القتال .
3 نقرأ هذا الهجص :( قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبّاسٍ، قَالَ قَالَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كُنْت غُلَامًا لِلْعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَأَسْلَمَ الْعَبّاسُ وَأَسْلَمَتْ أُمّ الْفَضْلِ وَأَسْلَمْتُ وَكَانَ الْعَبّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ خِلَافَهُمْ وَكَانَ يَكْتُمُ إسْلَامَهُ وَكَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ مُتَفَرّقٍ فِي قَوْمِهِ وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تَخَلّفَ عَنْ بَدْرٍ فَبَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصِي بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَكَذَلِك كَانُوا صَنَعُوا، لَمْ يَتَخَلّفْ رَجُلٌ إلّا بَعَثَ مَكَانَهُ رَجُلًا، فَلَمّا جَاءَهُ الْخَبَرُ عَنْ مُصَابِ أَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، كَبَتَهُ اللّهُ وَأَخْزَاهُ وَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا قُوّةً وَعِزّا. قَالَ وَكُنْت رَجُلًا ضَعِيفًا، وَكُنْت أَعْمَلُ الْأَقْدَاحَ. أَنْحَتُهَا فِي حُجْرَةِ زَمْزَمَ، فَوَاَللّهِ إنّي لَجَالِسٌ فِيهَا أنْحَتُ أَقْدَاحِي، وَعِنْدِي أُمّ الْفَضْلِ جَالِسَةٌ وَقَدْ سَرّنَا مَا جَاءَنَا مِنْ الْخَبَرِ، إذْ أَقْبَلَ أَبُو لَهَبٍ يَجُرّ رِجْلَيْهِ بِشَرّ حَتّى جَلَسَ عَلَى طُنُبِ الْحُجْرَةِ فَكَانَ ظَهْرُهُ إلَى ظَهْرِي، فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ إذْ قَالَ النّاسُ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ ابْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُ أَبِي سُفْيَانَ الْمُغِيرَةُ- قَدْ قَدِمَ قَالَ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ هَلُمّ إلَيّ فَعِنْدَك لَعَمْرِي الْخَبَرُ، قَالَ فَجَلَسَ إلَيْهِ وَالنّاسُ قِيَامٌ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي، أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُ النّاسِ؟ قَالَ وَاَللّهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ لَقِينَا الْقَوْمَ فَمَنَحْنَاهُمْ أَكْتَافَنَا يَقُودُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا، وَيَأْسِرُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا، وَاَيْمُ اللّهِ مَعَ ذَلِكَ مَا لُمْت النّاسَ لَقِينَا رِجَالًا بِيضًا، عَلَى خَيْلٍ بَلْقٍ بَيْنَ السّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَاَللّهِ مَا تُلِيقُ شَيْئًا، وَلَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ فَرَفَعْت طُنُبَ الْحُجْرَةِ بِيَدَيّ ثُمّ قُلْتُ تِلْكَ وَاَللّهِ الْمَلَائِكَةُ قَالَ فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهِي ضَرْبَةً شَدِيدَةً. قَالَ وَشَاوَرْتُهُ فَاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِي الْأَرْضَ ثُمّ بَرَكَ عَلَيّ يَضْرِبُنِي، وَكُنْت رَجُلًا ضَعِيفًا، فَقَامَتْ أُمّ الْفَضْلِ إلَى عَمُودٍ مِنْ عُمُدِ الْحُجْرَةِ فَأَخَذَتْهُ فَضَرَبَتْهُ بِهِ ضَرْبَةً فَعَلَتْ فِي رَأْسِهِ شَجّةً مُنْكَرَةً وَقَالَتْ اسْتَضْعَفَتْهُ أَنْ غَابَ عَنْهُ سَيّدُهُ ، فَقَامَ مُوَلّيًا ذَلِيلًا، فَوَاَللّهِ مَا عَاشَ إلّا سَبْعَ لَيَالٍ حَتّى رَمَاهُ اللّهُ بِالْعَدَسَةِ فَقَتَلَتْهُ.) . رواية درامية لا تخلو من ( الأكشن ) وميلودراما ، فأبو لهب يتصرف مثل شوارزنجر مع الضعيف أبى رافع ، ثم يموت بعدها . وبهذه الدراما من السهل أن يبتلع القارىء القصة، خصوصا الملائكة بيض الوجوه على خيولهم البلقاء بين السماء والأرض . إذا كانت الملائكة تقاتل لا يقوم لها شىء فكيف نجوت منهم يا أبا سفيان بن الحارث ؟
----
د. أحمد صبحي منصور
من علماء الأزهر سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.