ملامح التعديل الوزاري المرتقب .. آمال وتحديات    الحق اشتري.. انخفاض 110 ألف جنيه في سعر سيارة شهيرة    رئيس الإكوادور يعلن حالة الطوارئ بسبب أزمة انقطاع الكهرباء ويتخذ قرارا عاجلا    ترتيب هدافي الدوري الإيطالي قبل مباريات اليوم السبت 20- 4- 2024    ترتيب الدوري الإسباني قبل مباريات اليوم السبت 20- 4- 2024    عقوبة صارمة.. احذر التلاعب فى لوحات سيارتك    حبس المتهم بقتل سيدة لسرقتها بالبساتين    مشتت وفاصل ..نصائح لتحسين التركيز والانتباه في العمل    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام مانشستر سيتي بكأس الاتحاد    بايدن: إنتاج أول 90 كجم من اليورانيوم المخصب في الولايات المتحدة    عيار 21 يسجل الآن رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بعد الارتفاع بالصاغة    7 أيام في مايو مدفوعة الأجر.. هل عيد القيامة المجيد 2024 إجازة رسمية للموظفين في مصر؟    فودة وجمعة يهنئان أسقف جنوب سيناء بسلامة الوصول بعد رحلة علاج بالخارج    الإفتاء: التجار الذين يحتكرون السلع و يبيعونها بأكثر من سعرها آثمون شرعًا    شعبة المخابز: مقترح بيع الخبز بالكيلو يحل أزمة نقص الوزن    بيان عاجل من الجيش الأمريكي بشأن قصف قاعدة عسكرية في العراق    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم السبت 20 أبريل 2024    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    الوزيرة فايزة أبوالنجا    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    بركات: مازيمبي لديه ثقة مبالغ فيها قبل مواجهة الأهلي وعلى لاعبي الأحمر القيام بهذه الخطوة    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    كرة يد.. تعليمات فنية مطولة للاعبي الزمالك قبل مواجهه الترجي التونسي    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    "شقهُ نصُين".. تشييع جثة طفل لقي مصرعه على يد جاره بشبرا الخيمة (صور)    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    ضبط نصف طن لحوم فاسدة قبل استعمالها بأحد المطاعم فى دمياط    9 مصابين في انقلاب سيارة ربع نقل في بني سويف    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    حدث بالفن| وفاة صلاح السعدني وبكاء غادة عبد الرازق وعمرو دياب يشعل زفاف نجل فؤاد    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اوراق في دفتر النكبة - التقسيم - القرار 181
نشر في شباب مصر يوم 08 - 09 - 2017

بعد ان فشلت بريطانيا في فرض التقسيم في عام 1937 ( لجنة بيل ) وفي عام 1946 ( مشروع جريدي - موريسون ، وبعد ان ارتفع عدد المستوطنين اليهود في فلسطين بسبب سياسة الباب المفتوح للهجرة ، واتفاقية هافارا بين الحركة الصهيونية وألمانيا النازية لتهجير يهود أوروبا الى فلسطين والذي اقرها هتلر في خطابه في 24 تشرين اول 1933 ، واعتبرها أساسا لسياسة ألمانيا تجاه اليهود ، وحدد فلسطين كبلد توطين ( الشعب اليهودي ) ، واستغلا اليهود الى للهولوكست الذي لا وجود له الا في الخيال المريض للحركة الصهيونية والغرب الاستعماري ، قررت الحكومة البريطانية عرض القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة في 26 شباط 1947 ، ولذلك أعلن ارنستو بيفن وزير الخارجية البريطاني في خطاب له في مجلس العموم البريطاني أن فضية فلسطين لم تعد قضية يمكن السيطرة عليها لأن المساحة الرمادية بين الفلسطينيون واليهود لم تعد مساحة يمكن جسرها بالحوار ولجان التحقيق والمؤتمرات نتيجة تثبت كل من العرب واليهود بمطالبهم ، ونتيجة للضغط الذي تقوم به الحكومة الأمريكية ، ولذلك قررت الحكومة البريطانية رفع الأمر الى الأمم المتحدة وإدراج قضية فلسطين على جدول أعمال الدورة الثانية للجمعية العامة للأمم المتحدة ، وذلك بعد أن أدخلت الى فلسطين 650 ألف مستوطن يهودي ونكلت بالفلسطينيين على مدار 30 عام . ولذلك قررت بريطانيا أن تحقق سياستها في تسليم فلسطين للعصابات الصهيونية من خلال الأمم المتحدة ، وذلك يحقق لبريطانيا .
1 - الإعفاء من وعودها للعرب ومن واجباتها المنصوص عليها في صك الانتداب ،
2 - عدم تحميل بريطانيا مسئولية أي تقسيم سوف يخرج لاحقا وإلقاء تبعية ذلك على الأمم المتحدة .
3 - عدم إغضاب العرب والمسلمين نظرا لعلاقة بريطانيا الاقتصادية والسياسية مع الكثير منهم ،
4 - وذلك بالإضافة الى أن قيمة القرار الذي سوف يصدر عن الأمم المتحدة اكبر من قيمة أي قرار سوف تصدره حكومة الانتداب البريطاني .وعندما وجدت بريطانيا نفسها في حالة تفقد فيها السيطرة على الحالة في فلسطين أحالت قضية فلسطين الى الأمم المتحدة ( رسالة بيفن الى تريجفلي ) على أساس انه لا يمكن التوفيق بين التزاماتها المتعارضة لكل من العرب واليهود بسبب رفض العرب للتقسيم ورفض اليهود قيام دولة فلسطينية مستقلة يكون اليهود فيها الأقلية . وقررت بريطانيا عرض القضية على الأمم المتحدة ، وكانت الخيارات أمام الأمم المتحدة ثلاثة
الخيار الأول وهو إحالة القضية الى مجلس الأمن ورفض بسبب إمكانية استخدام الفيتو.
والخيار الثاني وهو إحالة القضية الى مجلس الوصاية ورفض بسبب رفض بريطانيا .
والخيار الثالث وهو إحالة القضية إلي الجمعية العامة .
وقد توافق عليه الجميع ، ولكن وبسبب العنف وتصعيد المنظمات الصهيونية للعمليات الإرهابية والتخريب ، واستمرار الهجرة غير المشروعة ، وحيث انه كانت لا تزال هناك عدة أشهر على انعقاد الدورة العادية ، طلبت الحكومة البريطانية عقد دورة استثنائية للجمعية ألعامه للنظر في تعيين لجنه خاصة لوضع التوصيات بشأن الحكومة ألمقبله في فلسطين , وانعقدت الدورة الاستثنائية الأولى للجمعية ألعامه للأمم المتحدة في 3 نيسان 1947 للنظر في قضية فلسطين ، وانتخبت السيد ازوالدو آرانها ممثل البرازيل رئيسا لها , وطالبت سوريا ولبنان والعراق والمملكة العربية السعودية ومصر أن تدرج اللجنة في جدول أعمالها بندا بعنوان إنهاء الانتداب وإعلان استقلال فلسطين ، خاصة وان عصبة الأمم كانت قد اعترفت بالاستقلال المؤقت للأقاليم الموضوعة تحت الانتداب من الفئة (أ ) ، وقد أشارت الأحكام ذات الصلة من ميثاق عصبة الأمم ( المادة 33 ) إلى هذه الأقاليم على أنها ( مجتمعات معينه كانت من قبل تنتمي إلى الإمبراطورية العثمانية ووصلت إلى درجة من التقدم يمكن معها الاعتراف مؤقتا بوجودها كأمم مستقلة ، وذلك رهنا بقيام دولة منتدبه بتقديم ألمساعده والمشورة إليها في مجال الاداره حتى يحين الوقت الذي تصبح فيه قادرة على الوقوف وحدها , ويجب أن يكون لرغبات هذه المجتمعات اعتبار رئيسي في اختيار الدولة ألمنتدبه ) ، وقد أصبحت هذه الأقاليم جميعا مستقلة ( سورية – لبنانالعراق ) باستثناء فلسطين التي بدلا من أن يكون الانتداب فيها قاصرا على تقديم ألمساعده والمشورة في مجال الاداره ، كان له هدف اساسى هو تنفيذ تصريح بلفور دون التحقق من رغبات الشعب الفلسطيني وفقا لميثاق ألعصبه , ولكن الجمعية العامة وفي الوقت الذي رفضت فيه الاقتراح العربي قبلت طلب الاستماع الذي قدمته الوكالة اليهودية , والذي كان مبنيا على أساس أنه في حين أن الدول العربية كانت تتبنى القضية الفلسطينية لم يكن للقضية اليهودية ممثلون ، وقد شددت بولونيا على هذا الطلب ودافعت عنه بقوة مدعية أن لها فيه مصلحةٌ خاصة ، حيث أن حوالي نصف المهاجرين اليهود إلى فلسطين كانوا من بولونيا وأوروبا الشرقية . وقد أدى هذا الاعتراف الذي منحته الجمعية إلى أقلية أجنبية مفروضة ، والذي لا يتفق مع مركز عرب فلسطين وحقوقهم ، كما لا يتفق مع مبدأ العدالة ومبدأ الديمقراطية إلى احتجاج الهيئة العربية العليا على هذا الاعتراف الدولي الذي منحته الجمعية العامة للوكالة اليهودية , وهو اعتراف مماثل لذلك الذي سبق أن منحته عصبة الأمم إلى الوكالة اليهودية ، وقد أدى ذلك الى موافقة الجمعية العامة على طلب الاستماع الذي قدمته الهيئة العربية العليا ، ولكن مع إنزال مرتبة عرب فلسطين إلى مرتبة أدنى من مرتبة الوكالة اليهودية في الحالتين , وكانت المسألتان المعقدتان اللتان واجهت اللجنة الخاصة للأمم المتحدة برئاسة ليستر بيرسون ممثل كندا في الأمم المتحدة هما مسألة مركز فلسطين في المستقبل ، ومسألة ( اليهود المشردين ) في أوروبا , وقد كانت العادة في كل مناقشة للقضية الفلسطينية في الجمعية العامة هي الربط بين المشكلتين لدرجة أنه كان هناك ما يشبه الإجماع على أن حل ( المشكلة الإنسانية لليهود ) الناجين من ما يسمى ( المحرقة النازية ) والمشردين في أوروبا لا يكون إلا بالهجرة إلى فلسطين , وإن حل قضية ( اليهود المشردين ) في أوروبا يتوقف على حل المشكلة الفلسطينية , ولذلك قدمت كل من الأرجنتين والولايات المتحدة مشروعين للمناقشة حول تكوين لجنة خاصة بفلسطين , واقترحت الأرجنتين تشكيل لجنة خاصة من أحد عشر عضوا تضم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ودولة عربية واحدة وخمس دول أخرى تختار بطريقة القرعة لضمان تمثيل جميع المناطق ، وأن تستمع اللجنة إلى الممثلين البريطانيين والفلسطينيين واليهود لتسجيل الحقائق ووضع التوصيات , واقترحت الولايات المتحدة إنشاء لجنة خاصة من سبع دول محايدة مع استبعاد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والدول العربية ويكون من سلطتها عقد جلساتها في المكان التي تراه مناسبا لإنجاز مهمتها ، وجمع البيانات ، والاستماع إلى الشهادات من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والأشخاص ، وإعداد التقارير التي تراها مفيدة لحل القضية ، وعرضها على الدورة العادية القادمة للجمعية العامة في أيلول 1947 , وكانت إحدى المسائل الهامة أثناء مناقشة لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بفلسطين هي ما إذا كان من الواجب ربط مشكلة اللاجئين اليهود في أوروبا بقضية فلسطين , ولكن ورغم اعتراض ممثل سوريا لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أكد أنه لا سبيل إلى ربط القضيتين ، لأن أحد القرارات المتعلقة باللاجئين اليهود المشردين في أوروبا ينص بكل وضوح على أن إعادة توطين المشردين يجب أن لا تتم في أي إقليم لا يتمتع بالحكم الذاتي دون موافقة سكان ذلك الإقليم , كما أنه لا يجب عدم التفكير في إعادة توطينهم في أي مكان تتسبب فيه إعادة التوطين في اضطراب علاقات الصداقة بين الدول , وأن المنظمة المنشأة لرعاية اللاجئين قد أنشأت فعلا وهي تباشر عملها ، وينبغي أن تنظر تلك المنظمة في إعادة توطين اللاجئين والمشردين في أوروبا أو إعادتهم إلى أوطانهم ، لا أن تنظر فيها اللجنة الخاصة التي سيجري إنشاؤها هنا , وإن قضية فلسطين مستقلة ومنفصلة تماما عن قضية الأشخاص المضطهدين في أوروبا ، وعرب فلسطين ليسوا مسئولين بأي شكل من الأشكال عن اضطهاد اليهود في أوروبا , وقد أدان العالم المتمدين كله ذلك الاضطهاد ، والعرب من بين أولئك الذين يتعاطفون مع اليهود المضطهدين , بيد أنه لا يمكن القول بأن مسؤولية حل تلك المشكلة تقع على عاتق فلسطين ، وهي بلد صغير جدا ، وقد تلقت عددا كافيا من هؤلاء اللاجئين وغيرهم من الأشخاص منذ عام 1930 ، وأن أي وفد يود أن يعرب عن تعاطفه لديه في بلاده متسع أكبر مما في فلسطين ، ولديه وسائل أفضل لاستيعاب هؤلاء اللاجئين ومساعدتهم , ولكن ممثل الوكالة اليهودية والذي قد أصبح يشارك في أعمال الأمم المتحدة أصر على الربط بين القضيتين ، وعلى أن تقوم لجنة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين بزيارة أوروبا ، وقال أمام اللجنة ( إني على ثقة من أن أعضاء اللجنة سوف يسألون عن السبب في قيام حكومة منتدبة بإبعاد حمولات سفن من اللاجئين اليهود البائسين من الرجال والنساء والأطفال الذين عانوا من جحيم أوروبا النازية عن شواطئ الوطن القومي اليهودي ، على الرغم من أن الالتزام الأساسي لهذه الحكومة يتمثل في تسهيل الهجرة اليهودية إلى ذلك البلد , وإذا سلمنا بأن لليهود حقا في الوجود في فلسطين ، فإنه يجب حينئذ قبول جميع الآثار والنتائج المترتبة على ذلك الافتراض , إن أهم شيء هو وجوب السماح بإعادة توطين اليهود في فلسطين بأعداد غير محدودة شريطة ألا يتسبب ذلك في تشريد السكان الموجودين هناك أيضا ، وعلى أساس أن لهم حقا في هذا الوجود أو في الإضرار بمصالحهم , أما إذا لم يسلم بذلك الغرض الأساسي ، فلن يكون هناك حينئذ ما نناقشه غير القليل جدا ) وبالإضافة إلى مداخلة ممثل سوريا ومداخلة ممثل الوكالة اليهودية خلال المناقشة التي دارت في اللجنة اقترح الممثلان السوفيتي والبولوني إدخال تعديلات على اختصاصات لجنة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين تتطلب منها تقديم مقترحات بشأن مسألة إنشاء دولة فلسطين الديمقراطية المستقلة ، ولكن الجمعية رفضت الاقتراح , فأشار ممثل الإتحاد السوفيتي إلى إمكانية تقسيم فلسطين وقال ( إن عدم استطاعت أي دولة في غرب أوروبا تأمين الدفاع على الحقوق الأساسية لليهود أو حمايتها ضد أعمال العنف التي مارسها الجلادون الفاشيون إنما تعلل تطلع اليهود إلى إقامة دولة خاصة بهم , وإنه لمن الظلم ألا يؤخذ هذا في الاعتبار وأن ينكر حق الشعب اليهودي في تحقيق هذا التطلع , وهكذا يمكن النظر في حل مشكلة فلسطين بإنشاء دولة عربية – يهودية واحدة , وإذا ثبت أنه من المستحيل تنفيذ هذا المشروع بسبب تدهور العلاقات بين العرب واليهود فسيكون من الضروري تقسيم فلسطين , وأخيرا وبعد نقاش أعتمد المشروع الأمريكي مع إدخال بعض التعديلات عليه مع تجنب الإشارة إلى وضع اليهود اللاجئين في أوروبا ، ولكن مع تخويل اللجنة حق إجراء استقصاءات في أي مكان حسب ما تراه ضروريا ، وبذلك تم تأمين ربط مشكلة اللاجئين اليهود بمستقبل فلسطين . وبعد أن عقدت لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بفلسطين سلسله من الاجتماعات في نيويورك ، وانتخبت القاضي السويدي إميل ساند ستروم رئيسا لها ، سافرت إلى فلسطين في حزيران 1947 وسط جو مشحون بالتوتر العميق والإحكام العرفية , والأسلاك الشائكة , والتحصينات العسكرية , والدوريات المستمرة بالعربات المدرعة , والمتاريس في الشوارع والطرق , وتنفيذ حكم الإعدام في ثلاثة أعضاء من منظمة الأرغون بسبب قيامهم بأنشطه إرهابيه , وإعدام جنديين بريطانيين برتبة رقيب كانت منظمة الأرغون قد اختطفتهما كرد انتقامي , وضغط الوكالة اليهودية على اللجنة لزيارة معسكرات الاعتقال في قبرص التي كان يسجن فيها الأشخاص الذين يتم إلقاء القبض عليهم بتهمة ألهجره بطريق غير مشروع , ورفض اللجنة القيام بهذه الزيارة , وذالك بالاضافه إلى حادثة السفينة ( اكزودس ) التي كانت تحمل ( 00 45 ) لاجئ من المهاجرين بطريق غير مشروع , والتي اعترضتها السفن البريطانية واقتادتها إلى ميناء حيفا تحت ألحراسه ألبحريه تمهيدا إلى نقلهم الى معسكرات الاعتقال في قبرص ، وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية عبد الرحمن عزام قد أعلن عن استعداد ألجامعه في التعاون مع اللجنة , غير أن الهيئة العربية العليا قررت عدم التعاون معها بسبب رفض إدراج موضوع إنهاء الانتداب وإعلان استقلال فلسطين في جدول أعمال الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة وفى نصوص تفويض اللجنة , وعدم فصل قضية اللاجئين اليهود في أوروبا عن مشكلة فلسطين , والنص على المصالح الدينية للعالم في فلسطين رغم أن هذه المصالح ليست محلا للجدل , وذلك فضلا عن أن الحقوق الطبيعية للفلسطينيين واضحة ولا يمكن أن تظل محل بحث ، ولكنها جديرة بالاعتراف بها على أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة . وقد ناشد رئيس اللجنة القيادة الفلسطينية في الهيئة العربية العليا التعاون مع اللجنة ، ولكن القيادة تمسكت بقرارها بعدم التعاون مع اللجنة , أما على الجانب الأخر فقد تعاونت المنظمات الصهيونية مع اللجنة تعاونا كاملا وقدمت لها أكثر من مائة وثيقة بعضها مطول وبعضها تفصيلي ( الدول العربية قدمت ورقتين موجزتين فقط ) وذلك بالاضافه إلى تعيين ضابطي اتصال , وتعهد المنظمات الصهيونية للجنة بأنها ستكفل لها الحماية , وقد قام عدد كبير من الممثلين اليهود بعرض القضية اليهودية في عدة جلسات استماع , ومنهم دافيد بن _ غويون الذي اتهم بريطانيا بإحباط الآمال اليهودية , ولكن عندما سئل عن موقف الوكالة اليهودية من تقسم فلسطين لم يشأ أن يلتزم بشيء وقال ( إننا على استعداد للنظر في مسألة إنشاء دولة يهودية في مساحة كافية في فلسطين ، وإن لنا الحق في فلسطين كلها) ، وأضاف ( أنه إذا أدى أي قرار للأمم المتحدة في صالح الأهداف الصهيونية إلى إثارة احتجاج عنيف من جانب عرب فلسطين ، فإننا سنتدبر أمورنا ) وقد ردت الحكومة البريطانية على مزاعم بن - غوريون فقالت ( يبدو أن هناك حاجة لأن نكرر بلغة صريحة وبسيطة أن الوطن القومي لم يكن لينشأ أبداً لولا المساعدة والدعم المباشرين له من بريطانيا بما أنفقته من موارد وأرواح بريطانية ) ، أما الدكتور حاييم وايزمان فقد كان أكثر استعداداً لقبول التقسيم وعندما سئل عن موقفه من التقسيم قال ( أنني أعرف أن هناك حديثا عن دولة ثنائية القومية , أي نوع من الحل ألإتحادي ، وأني لا أعتقد أن له مزايا أكبر من التقسيم ، فالتقسيم نهائي ومحدد ومبلور، فإن أي شيء يمكن أن يترك أي شك سوف يترك مجالا للجذب من جانب تلك القوتين ، فاليهود سيرغبون في الحصول على ما هو أفضل ، وسوف يريد العرب طردنا مما نملك ، لذا فإني أعتقد أنه على الرغم من أن التقسيم يعني نوعا من حكم سليمان فإنه أفضل في الظروف ألراهنه ) . وبعد أن استمعت اللجنة إلى الموقف اليهودي والرد البريطاني على مزاعم دافيد بن – غوريون , طلبت من القيادة الفلسطينية في الهيئة العربية العليا
ودول ألجامعه العربية عرض القضية على اللجنة , وكررت القيادة الفلسطينية في الهيئة العربية العليا رفضها المثول أمام اللجنة بحجة أنها سوف تعرض القضية على الجمعية ألعامه للأمم المتحدة , ولكن دول ألجامعه العربية وافقت على الاجتماع باللجنة في بيروت ما عدا الأردن التي لم توافق على الاجتماع باللجنة إلا في عمان , وقد ناشد رئيس اللجنة مرة أخرى القيادة الفلسطينية في الهيئة العربية العليا التعاون مع اللجنة ، ولكن القيادة الفلسطينية تمسكت بقرارها بعدم التعاون مع اللجنة , وتلخص العبارات التالية النقاط الرئيسية لعرض القضية العربية ( لا يمكن النظر في مسالة إنشاء دوله يهودية دون النظر في مشكلتين أخريين متصلتين بها , وهما مسالة ألهجره ومسالة الإعانات الاجنبيه , إن ألدوله اليهودية ستكون بالطيع هي المتحكمة في ألهجره إلى فلسطين . وقد تقرر أن تكون ألهجره دون حدود , والحجة ألاقتصاديه القائلة بان من المستحيل لعدد كبير جدا من الناس أن يعيشوا في إقليم صغير جدا ستصبح غير ذات موضوع إذا استطاعت ألدوله اليهودية أن تستمر في الاعتماد على الدعم المالي الاجنبى . لذا فانه يفتح أبواب البلاد أمام ألهجره والمعونة المالية من الخارج . وستصبح ألدوله اليهودية ذات كثافة سكانية كبيره . ولهذا السبب فان تعداد سكانها قد لا يصل إلى مليون فقط بل إلى مليونين أو ثلاثة أو أربعة ملايين ، حيث أنها لن تعتمد على اقتصادها أو إنتاجها الخاص . وبمجرد تجاوزها حدا عدديا معينا لن تكون مجرد دوله يستطيع اليهود أن يأتوا إليها طلبا للأمن , بل سوف تصبح رأس حربه موجهة ضد العالم العربي ، وهذا هو ما نريد تفاديه تماما ، إن مصير فلسطين لا يمكن أن يقرره غرباء ، إن هذا يتعارض مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة . إن مصير فلسطين سيقرره شعبها نفسه ، ان شعب فلسطين سيقرر مصير فلسطين ، وليس للصهاينة اى حق شرعي في فلسطين . لقد اعتمدوا في تنفيذ برنامجهم اعتمادا مطلقا على دعم دوله أجنبيه تتصرف على نحو تعسفي وجائر . ولقد كانت قواتهم قوات قمع ) كما أعرب المندوب المصري عن قلق مصر البالغ فقال ( إن الحكومة ألمصريه تنظر بكل تأكيد ببالغ القلق إلى إقامة مستوطنات يهودية بالقرب من الحدود ألمصريه . فذلك ليس إلا إشارة البدء في ألخطوه الأولى نحو تنفيذ الأطماع الصهيونية في سيناء التي ذكرت فعلا في الإعلانات المختلفة , ولقد اتخذت الحكومة المصرية بكل تأكيد تدابير مضادة إزاء هذا الخطر الذي يقترب أكثر فأكثر من الأراضي المصرية ) ، وبعد اجتماع اللجنة بالوفود العربية في بيروت ، زار وفد من اللجنة عمان وتأكد من أن شرق الأردن يؤيد تماما الموقف العربي بشان قضية فلسطين , وسافرت اللجنة إلى جنيف وأرسلت منها لجنه فرعيه لتقصى الحقائق في مخيمات اللاجئين في ألمانيا والنمسا , وقد كان رد الفعل السائد بين الأشخاص الذين سئلوا عن رأيهم والذين عاد الكثيرون منهم إلى محل إقامتهم للبحث عن أقاربهم وممتلكاتهم هو رفض العودة إلى أوطانهم السابقة , أو الاستيعاب في المجتمعين الالمانى والنمساوي , وقد برروا ذالك بالخوف من الشعور المتزايد بالعداء للسامية , وأكدوا أنهم يفضلون الانتظار إلى ما لا نهاية إلى حين تلوح الفرصة للذهاب إلى فلسطين , أو محاولة السفر إليها بطريق غير مشروع , وأخيرا وبعد ثلاثة أشهر من التحقيقات في القدس وبيروت وعمان وجنيف ومراكز التجمع اليهودية في ألمانيا والنمسا , وضعت اللجنة تقريرها الذي لخص القضيتين الفلسطينية واليهودية ، وقد لخصت القضية اليهودية في سعى الوكالة اليهودية إلى إنشاء دوله يهودية في فلسطين , وفى ألهجره اليهودية إلى فلسطين , لأن مسالة الدولة ومسالة ألهجره غير المحدودة قضيتان متشابكتان بشكل لا يمكن فصله , فالدولة اليهودية من ناحية لازمة لتامين ملجأ للمهاجرين اليهود , والدولة اليهودية من ناحية أخرى ستكون في حاجه ماسه إلى مهاجرين يهود للتأثير على الرجحان العددي للعرب , ولذالك تعترف الوكالة اليهودية صراحة بالصعوبة التي ينطوي عليها إنشاء دوله يهودية في فلسطين كلها في الوقت الحالي ، لأن اليهود سيكونون فيها اقليه , والصعوبة التي ينطوي عليها إنشاء ألدوله في جزء من فلسطين يمكنهم أن يتمتعوا فيه على أفضل الفروض باغلبيه عدديه ضئيلة , وذلك رغم أن الييشوف ( ألطائفه اليهودية في فلسطين ) مجتمع على درجه عاليه من التنظيم ، ومرتبط ارتباطا وثيقا يبعضه البعض ، أقام جزئيا على أساس جهد جماعي حياه قوميه متميزة لدرجة يستحق معها ما وصفته به اللجنة الملكية بأنه دولة داخل دولة ، كما لخصت القضية العربية في سعى الهيئة العربية العليا إلى إنشاء دوله فلسطينيه مستقلة في غرب نهر الأردن , وهم يستندون في ذالك إلى الحق الطبيعي للأغلبية العربية في الاحتفاظ بالملكية التي لا جدال فيها للبلاد منذ قرون طويلة , كما يستندون إلى حقوق مكتسبه تقوم على أساس الوعود والتعهدات ألعامه التي أعطيت رسميا لهم خلال الحرب العالمية الأولى , وذلك بالاضافه إلى تمسكهم بعدم شرعية الانتداب الذي يتضمن تصريح بلفور , ولذالك وبسبب التناقض بين القضيتين لم تستطع اللجنة الاتفاق على توصيه محدده , وكانت الموافقة الجماعية الوحيدة هي على إنهاء الانتداب , وعلى مبدأ استقلال فلسطين , وعلى أن تكون السلطة التي تتولى مهمة إدارة فلسطين وإعدادها للاستقلال أثناء ألمرحله ألانتقاليه مسئوله أمام الأمم المتحدة , ولكن اللجنة لم تتفق على مصير فلسطين , فقد أوصت غالبية الأعضاء ( الاروغواى , بيرو , تشيكوسلوفاكيا , السويد , غواتيمالا , كندا , وهولندا ) على تقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين ومستقلتين سياسيا ولكن موحدتان اقتصاديا ، وعلى أن تكون القدس مدينه دوليه , بينما اقترحت الأقلية ( إيران , الهند , يوغسلافيا ) أن تكون فلسطين دوله اتحاديه مستقلة عاصمتها القدس , ولم تؤيد استراليا ايا من الاقتراحين ، وقد بررت دول الأغلبية مشروع التقسيم مع الاتحاد الاقتصادي بأنه الحل الأكثر اتصافا بالواقعية وإمكانية التنفيذ ، لان الصراع صراعا بين قوميتين قويتين ، وان لكل قوميه ما يبرر مطالبتها , ولذالك ويغض النظر عن الجذور التاريخية للصراع وصحة أو خطا الوعود والوعود المضادة ، فان في فلسطين الآن 650.000 يهودي وحوالي 1.200.000 عربي يختلفون في أساليب معيشتهم ، وتفرق بينهم مصالح سياسيه تجعل من الصعب قيام تعاون سياسي كامل وفعال بينهم سواء أكان طوعيا أم كان نتيجة لترتيبات دستوريه , بالاضافه إلى أن ألهجره هي القضية الأساسية في فلسطين ، وهى العامل الذي يستبعد أكثر من جميع العوامل الأخرى قيام التعاون اللازم بين العرب واليهود في دوله واحده ، أما تبريرات الاقليه بإقامة دولة اتحاد مستقلة فقد كانت تقوم على أن حل فلسطين لا يمكن أن يكون حلا للمشكلة اليهودية بشكل عام , وان فلسطين هي بلد مشترك لكل من السكان الأصليين العرب واليهود , وان التقسيم اقتراح غير عملي وغير ممكن التنفيذ , ومن المستحيل آن يؤدى إلى قيام دولتين لهما ألقدره على الاستمرار بشكل معقول ، وكان من المفروض أن يكون تصويت الجمعية العامة على اقتراح الأغلبية في اللجنة الخاصة المعنية بفلسطين ( التقسيم مع الوحدة الاقتصادية ) إجراء شكليا للتصديق على ما سبق أن أقرته اللجنة ، لكن ونظرا للعدد الكبير نسبيا من الدول التي رفضت الاقتراح أو امتنعت عن التصويت ، وعدم التوصل إلى توفيق واتفاق بين الطرفين في اللجنة ، إضافة إلى عدم توصل فريق التوفيق غير الرسمي إلى أي نتائج في التوفيق بين الموقفين العربي والصهيوني , لذلك ومن اجل إضفاء الصفة الشرعية على الاقتراح كان لا بد من طرحة على الجلسة العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على أغلبية الثلثين ، خاصة وان كل طرف كان يتصور انه سوف يكون هو الطرف الذي ينال أغلبية الأصوات في الجمعية , ولأن كل صوت سوف يكون حاسما فقد عمل كل طرف على اغتنام كل الفرص المتاحة في الإلحاح على حججه , لكن وقبل المناقشة حول التقسيم أعلنت بريطانيا الدولة المنتدبة والتي كان انتدابها على فلسطين على وشك الانتهاء أنها تشعر بشديد الأسف لأنة لم يتم ألتوصل إلى تسوية تقوم على التراضي بين العرب واليهود , ولذلك فهي لا تستطيع أن تسمح باستخدام قواتها وإدارتها لتنفيذ قرارات لا يقبلها الطرفين في فلسطين , وبعد توضيح الموقف البريطاني أعلنت الدول المؤيدة لمشروع التقسيم مع الوحدة الاقتصادية أن مشروع التقسيم هو أفضل مشروع ممكن لمعالجة الحقائق السياسية في فلسطين ، ومعالجة مشكلة اليهود اللاجئين في أوروبا ، مؤكدة في نفس الوقت أنها لا تستطيع أن ترى بديلا للتقسيم , أما الدول المؤيدة لمشروع الدولة الاتحادية فقد شككت في اختصاص الأمم المتحدة القانوني ، لأن الفصل الثاني عشر من ميثاق الأمم المتحدة لا يدع مجالا للشك في انه لا الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ولا أي هيئة أخرى من هيئات الأمم المتحدة لديها اختصاص يخول لها التفكير في أي حل يتعلق بإقليم واقع تحت الانتداب أو التوصية بأي حل أو تنفيذه أو نقل ملكية هذا الإقليم أو أن تحرم اغلب سكانه منه وتحوله إلى إقليم تنفرد في استخدامه أقلية تسكن فيه , وقد كانت ابرز الدول المؤيدة للتقسيم هي بولونيا التي كانت ترى انه إذا كان لا يمكن أن تجد أماني الفلسطينيين واليهود تعبيرا عنها في دولة فلسطينية واحدة يكون العرب واليهود فيها على السواء شريكين متساويين يتمتعان بحرية تطوير حياتهما القومية , لذالك علينا أن ننشئ دولتين ، دولة عربية ودولة يهودية لكي نحقق الأماني القومية للطائفتين اللتين تعيشان في فلسطين , أما الوفد البرازيلي في الأمم المتحدة فقد كان يرى انه ورغم أن الأمر ينطوي على تغييرات كبيرة تؤثر تأثيرا كبيرا على المبادئ القضائية والمصالح الثابتة في فلسطين إلا أن الأمر يطرح بوصفه أمرا واقعا نظرا لان الوعد الوارد فيما يسمى بإعلان بلفور ، وما تلاه من خلق انتداب عصبة الأمم لغرض واضح هو إنشاء وطن قومي يهودي قد أديا إلى هجرة أعداد كبيرة من أبناء الجنس اليهودي إلى فلسطين حيث استقر بهم المقام هناك بصفة دائمة , وحيث اوجدوا مصالح كبيرة , وأسسوا وطنا تطور بسرعة إلى حد أصبح معه الآن له خصائص الدولة , لكن موقف الولايات المتحدة الأمريكية كان أكثر وضوحا , لأنه كان يرى انه لا يمكن تحقيق أي حل في فلسطين بدون استعمال السكين , لأنه لا العرب ولا اليهود سيرضون رضا تاما بأي شيء تفعله الأمم المتحدة , وكذلك كان حال الاتحاد السوفياتي الذي استند في قبول قرار التقسيم على أساس أن الخبرة المكتسبة من دراسة القضية الفلسطينية قد أظهرت أن اليهود والعرب في فلسطين لا يرغبون في العيش معا ولا يمكنهم ذالك , ولذلك لا بديل عن إنشاء دولتين أحداهما عربية والأخرى يهودية مكان بلد واحد , وهذا هو الحل العملي الوحيد , وكانت أبرز الدول المعارضة لمشروع التقسيم هي الفلبين ولبنان وكولومبيا وباكستان ، وقد انتهت الحكومة الفلبينية إلى أنها لا تستطيع أن تقدم تأييدها لأي اقتراح يدعو إلى تفتيت وحدة فلسطين سياسيا وتمزيقها إقليميا ، لأن القضية في المقام الأول قضية أخلاقية ، ولذلك فإن الحقوق الممنوحة للدولة المنتدبة حتى ولو أكدها اتفاق دولي بعد ذلك لا تبطل الحق الأصلي لشعب في أن يقرر المستقبل السياسي لوطنه الأصلي ، وأن يحافظ على سلامة هذا الوطن الإقليمية ، كما أنه لا ينبغي للأمم المتحدة أن تقبل مسئولية تنفيذ سياسة ليست إلزامية بموجب أي حكم بعينه من أحكام الميثاق ولا وفقاً لمبادئه الأساسية ، وتتعارض تعارضا واضحاً مع الأماني القومية المشروعة لشعب فلسطين , ولذلك يجب على الأمم المتحدة أن لا تقبل تحمل أية مسئولية من هذا القبيل ، أما كولومبيا فقد انتهت إلى أن التصويت على مشروع التقسيم كان ناقصا بمقدار صوت واحد عن أغلبية الثلثين المطلوبة ، ولذلك يعتبر اقتراح أقلية وسيظل اقتراح أقلية حتى لو نجح في الحصول على أصوات ثلاثة أو أربعة وفود أخرى ، وتزداد ضآلة هذا الاقتراح جلاء إذا أخذنا بالاعتبار الأهمية الدولية الكبيرة التي تتسم بها هذه القضية ، والامتياز الذي يتمتع به هذا الحل الذي يلقى مساندة مشتركة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ، ويبدو للمراقبين غير المتحيزين أنه لولا هذه المساندة القوية لما استطاع
الاقتراح أبدا أن يشق طريقه إلى الجمعية العامة ، لكن مندوب باكستان كان أكثر صراحةً والتزاما عندما سأل ( ما هي السلطة التي تخول الأمم المتحدة تقطيع جسد فلسطين إلى ثلاثة أجزاء تشكل دولة يهودية ، وثلاثة أجزاء تشكل دولة عربية ، وجزء يشكل جيب يافا ، ثم يكون قلب فلسطين وهو القدس مدينة دولية إلى الأبد ، وبعد تقطيع جسد فلسطين سيوضع جسدها الدامي فوق الصليب إلى الأبد ، ولن يكون هذا مؤقتا بل دائما ، ففلسطين لن يملكها شعبها أبدا بل ستكون دائما ممدة على الصليب , ما هي السلطة التي تخول الأمم المتحدة القيام بذلك ؟ ما هي سلطتها القانونية ؟ وما هي سلطتها الشرعية التي تسمح لها بالقيام بذلك ، والتي تسمح لها بجعل دولة مستقلة خاضعة لإدارة الأمم المتحدة إلى الأبد , إن اقتراعنا اليوم , إذا كان لا يقر التقسيم , لن يستبعد الحلول الأخرى , واقتراعنا إذا اقر التقسيم سيمنع جميع الحلول السلمية , فليعلن عن نفسه ذلك الذي يكون مستعدا لتحمل تلك المسؤولية , إن ندائي إليكم هو ( أن لا توصدوا الباب أمام تلك الإمكانية , انه ينبغي للأمم المتحدة أن تسعى وتجاهد من اجل التوحيد وليس من اجل التفريق والتشتيت ) أما وزير خارجية لبنان الشيخ حميد فرنجية فقد قال في كلمته أمام الجمعية العامة والتي تعرض فيها بكل شجاعة لما كان يتعرض له ورؤساء وفود الدول من الضغوط والوعود ( إذا حكمت على الأمور من خلال التقارير الصحافية التي تصلنا كل يومين أو ثلاثة أيام ففي استطاعتي بكل تأكيد أن أتخيل مدى الضغط ، ومدى المناورات التي تعرض لها إحساسكم بالعدالة والإنصاف والديمقراطية أثناء المحاولات بغية الحفاظ على أكثر ما نعتز به ونقدسه في الأمم المتحدة ، وعلى المساس بمبادئ الميثاق ، وصيانة الديمقراطية وأساليب منظمتنا الديمقراطية ، أصدقائي فكروا في هذه الأساليب الديمقراطية وفي حرية التصويت المقدسة بالنسبة لكل وفد من وفودنا ، وإذا كان لنا أن نتخلى عن هذا من أجل النظام الاستبدادي المتمثل في التسلط على كل وفد في غرف الفنادق ، وفي الفراش والأروقة ، وفي غرف الانتظار ، أو تهديد الوفود بعقوبات اقتصادية ، أو رشوتها بالوعود بغية إرغامها على التصويت على نحو أو آخر ، فتصوروا ما سيئول إليه حال منظمتنا في المستقبل ، هل ستكون منظمة ديمقراطية ؟ هل ستكون منظمة جديرة بالاحترام في نظر العالم ؟ إنني أتوسل إليكم في هذه المرحلة الحاسمة أن تفكروا لحظة في العواقب البعيدة المدى التي قد تترتب على هذه المناورات ، لاسيما إذا استسلمنا لها ) . وأخيرا وبعد أن بذلت الدول التي تعارض مشروع التقسيم كل ما يمكن من جهود لتأجيل جلسة الجمعية العامة أو إحالة المسألة إلى محكمة العدل الدولية تم الاقتراع على المشروع في 29/ 11 / 1947 , ونال 33 صوتا مقابل 13 صوتا وامتناع 10 أعضاء عن التصويت , لكن الدول العربية وعدة دول أخرى قالت أنها لن تعتبر نفسها ملزمة بتوصية الجمعية العامة ، لأنها تعتبرها متناقضة مع ميثاق الأمم المتحدة , كما أعربت دول أخرى عن مخاوفها من الآثار التي سوف تترتب مستقبلا عن هذه التوصية , أما المندوب الامريكى فقد علق على القرار قائلا ( لقد نجحنا في إقناع عدد كاف من زملائنا الممثلين بأن يروا الصواب كما نراه , ولكن لم يسمح لهم أن يقفوا في جانب الصواب كما يرونه , إن قلوبنا حزينة ولكن ضمائرنا مستريحة , ولا نحب أن يكون العكس هو الصحيح ) وقد كان قرار التقسيم يقوم على مجموعة من الأحكام ومنها إن قرار الجمعية العامة بتقسيم فلسطين الذي يعرف باسم القرار 181 ( د – 3 ) يشكل في واقع الأمر توصية موجهه للمملكة المتحدة , بوصفها الدولة المنتدبة ، ولجميع الدول الأخرى الأعضاء في الأمم المتحدة ، بالقيام فيما يتصل بنظام الحكم المقبل في فلسطين ، باعتماد وتنفيذ مشروع التقسيم مع الوحدة الاقتصادية ، مع مطالبة مجلس الأمن بان يتخذ الإجراءات اللازمة المنصوص عليها في المشروع من اجل تنفيذه ، وقد تقرر تقسيم فلسطين إلى
1 - دولة يهودية غير مسماه في ثلاث مناطق غير متصلة جغرافيا ( الجليل الشرقي والساحل من الناقورة الى أسدود والنقب .
2 - دوله عربية غير مسماه في ثلاث مناطق غير متصلة جغرافيا في الجليل الغربي والساحل من أسدود الى رفح والحبال الداخلية الفلسطينية ( الضفة الغربية )
ولا يمكن الاتصال من منطقة الى منطقة في الدولة اليهودية إلا عبر أراضي الدولة الفلسطينية ، ولا يمكن الاتصال من منطقة الى منطقة في الدولة الفلسطينية إلا عبر أراضي الدولة اليهودية .
كما تقرر أن تسحب بريطانيا العظمى وجودها بحلول( 1 آب ( أغسطس ) 1948 ) , تاركة للدولة اليهودية بحلول 1 شباط ( فبراير ) 1948 منطقة تتضمن ميناء بحريا لتيسير قدوم هجرة كبيرة ، وفى أثناء الفترة الانتقالية التي تبدأ في تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1947 تتولى الأمم المتحدة تدريجيا دفة الإدارة في الإقليم كله ، على أن تمارس هذه الإدارة عن طريق لجنة ، وان يتم تسليم السلطة إلى الدولتين يوم الاستقلال الذي ينبغي الا يتجاوز 1 تشرين الأول ( أكتوبر ) 1948 ، وتقرر أن ترتبط الدولتان في وحدة اقتصادية ، وقد تم تقسيم فلسطين إلى
ثمانية أجزاء , خصص ثلاثة منها للدولة اليهودية وثلاثة للدولة العربية , وتقرر أن تشكل الجزء السابع وهو يافا جيبا عربيا في الإقليم اليهودي , أما الجزء الثامن فقد تقرر أن يكون مدينة القدس بوصفها كيانا مستقلا يخضع لنظام دولي خاص .
وتقرر أن يتولى مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة إدارة القدس لفترة أولية تبلغ عشر سنوات يعيد المجلس في نهايتها دراسة المشروع ، ويصبح سكان المدينة عندئذ أحرارا في أن يعبروا بواسطة استفتاء عن رغباتهم فيما يتعلق بإمكانية تعديل نظام حكم المدينة ) وقد نص القرار على أنه لا يجوز إنكار آو الاختلال بالحقوق القائمة فيما يتعلق بالأماكن المقدسة والأبنية أو المواقع الدينية ، وحرية الوصول والزيارة والعبور طبقا للحقوق القائمة لجميع سكان ومواطني الدولة الأخرى ومدينة القدس ، وكذلك للأجانب دون تمييز بسبب الجنسية شريطة المحافظة على النظام العام واللياقة العامة ، وحماية الأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية ، وأن لا يسمح بأي فعل قد يخل على أي نحو بطابعها المقدس ، وكان التعليل العقلي لهذا التقسيم الإقليمي ألترقيعي هو ضمان اشتمال الدولة اليهودية على أقصى عدد من اليهود وتخفيض عدد أولئك الذين سيتبقون في الدولة العربية إلى أدنى حد ممكن ( يقدر بحوالي 000 10 شخص ) . ولكن سيبقى داخل حدود الدولة اليهودية عدد كبير جدا من عرب فلسطين : 000 407 نسمة منهم 000 90 بدوي ) مقابل 000 498 يهودي . وقد تضمن مشروع التقسيم ضمانات مفصلة لكفالة حقوق الأقليات وخاصة في مجال حرية الضمير ، وحرية ممارسة جميع أشكال العبادة ، على أن يخضع ذالك فقط لحفظ النظام العام والأخلاق العامة ، وان لا يجوز ممارسة أي نوع من أنواع التمييز بين السكان بسبب العنصر أو الدين أو اللغة أو الجنس ، وان يكون لجميع الأشخاص الداخلين في نطاق اختصاص الدولة الحق في التمتع بحماية القوانين على قدم المساواة ، وان تحترم قوانين الأسرة والأحوال الشخصية لمختلف الأقليات ومصالحها الدينية بما فيها الأوقاف ، وان تؤمن الدولة تعليما ابتدائيا وثانويا كافيا للأقلية العربية والأقلية اليهودية بلغتيهما وعاداتهما القافية على التوالي ، وأن لا يجوز حرمان أي طائفة من حقها في المحافظة على مدارسها الخاصة من اجل تعليم أبنائها بلغتها الخاصة شريطة امتثالها للمتطلبات التعليمية ذات الطابع العام التي قد تفرضها الدولة ولا يجوز المساس بهذا الحق ، وأن لا يسمح بنزع ملكية أي ارض تخص عربيا في الدولة اليهودية أو يهوديا في الدولة العربية إلا للمنفعة العامة ، وفي جميع الحالات يجب دفع تعويض كامل وبالمقدار الذي تحدده المحكمة العليا ، وان يتم الدفع قبل تجريد المالك من أرضه ، وينبغي كذلك أن تضمن كلتا الدولتين حرية الحركة والعبور ، أما الضمانات المتعلقة بمركز القدس وحق الأقليات فقد تقرر أن يكون لها مركز الأحكام الدستورية في كل دولة وأن تصدر الحكومة المؤقتة لكل دولة مقترحة إعلانا موجها إلى الأمم المتحدة قبل الاستقلال ، يغترف بالأحكام الواردة في الإعلان بوصفها قوانين أساسية للدولة ، ولا يجوز أن يتعارض أي قانون أو نظام أو إجراء رسمي مع هذه الأحكام ، كما لا يجوز أن يكون لأي قانون أو نظام أو إجراء رسمي سيادة عليها ، وفي مقارنة بين قرار التقسيم وأوسلو نلاحظ ما يلي
القرار 181 يعطي الفلسطينيين 42،22% وأوسلو تعطي 22%
قرار التقسيم لا يشترط الاعتراف بالدولة اليهودية وأوسلو تعترف بحق إسرائيل في الوجود على 78% من مساحة فلسطين
قرار التقسيم لا يشترط أي تنسيق أمني مع الدولة اليهودية وأوسلو تشترط التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني
قرار التقسيم يعترف بالسيادة وأوسلو لا تعترف بالسيادة الفلسطينية
قرار التقسيم يعترف بملكية الفلسطينيين لأراضيهم وأوسلو تنزع الأراضي في الضفة والقدس
قرار التقسيم يشترط قيام اتحاد اقتصادي بين الدولة العربية والدولة اليهودية وأوسلو قسمت الضفة الى كانتونات ، وفرضت اتفاق باريس الذي يربط الضفة وغزة بالكيان الصهيوني استهلاكيا وليس إنتاجيا
قرار التقسيم يشترط اتحاد اقتصادي وأوسلو نحاصر وتبني جدار الفصل العنصري
قرار التقسيم لا يوجد فيه استيطان وأوسلو يقوم على الهجرة والاستيطان
قرار التقسيم يحترم دور العبادة وأوسلو يحفر الأنفاق تحت أساسات المسجد الأقصى ويقسم الحرم الإبراهيمي مكانيا وزمنيا
قرار التقسيم يضع القدس تحت الإدارة الدولية وأوسلو أعلنت ضم القدس للكيان الصهيوني
قرار التقسيم يكفل حرية التنقل والحركة وأوسلو تحاصر غزة وتقيم الحواجز في الضفة الغربية
قرار التقسيم يكفل الحق في الوصول الى دور العبادة وأوسلو تمنع الوصول الى دور العبادة
قرار التقسيم يشترط قيام الدولة اليهودية بقيام دولة عربية وحل مشاكل القدس واللاجئين والحدود وإنشاء اتحاد اقتصادي بين الدولتين اليهودية والفلسطينية ، وأوسلو لا يعترف بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة في الضفة الغربية وغزة
قرار التقسيم لا ينص على وجود مستوطنات يهودية في الدولة العربية وأوسلو تنص على جود مستوطنات يهودية في الضفة ( تبادل الأراضي بنسبة 3%
قرار التقسيم يعترف بوجود 407 ألف فلسطيني في الدولة اليهودية ، وأوسلو على العكس مكنت إسرائيل من بناء مستوطنات يسكن فيها 600 ألف يهودي في الضفة الغربية
فرار التقسيم يعترف بميناء يافا الذي يقع في الدولة اليهودية ميناء للدولة الفلسطينية والكيان الصهيوني يحاصر ميناء غزة
قرار التقسيم لا يشترط استعمال العملة الإسرائيلية ، وأوسلو تشرط استعمال العملة الإسرائيلية وجوازات السفر ، وذلك بالإضافة الى الحصار والحواجز العسكرية والمطاردة الساخنة والسيطرة على التجارة والحصار وقطع الكهرباء والغاز ومواد البناء .
قرار التقسيم يعطي اليهود 47 ، 56 % من مساحة فلسطين وأوسلو تعترف بحق إسرائيل في الوجود على 78 % من مساحة فلسطين .
قرار التقسيم يعترف بوجود 407 آلاف فلسطيني في الدولة اليهودية مقابل 498 ألف يهودي .
فرار التقسيم يعترف بوجود 650 ألف فلسطيني في الدولة الفلسطينية مقابل 50 إلف يهودي
وأوسلو تفرض 600 ألف يهودي في الضفة الغربية .
قرار ا لتقسيم يعترف بوجود 105 ألف فلسطيني في القدس مقابل 100 ألف يهودي وأوسلو تسحب هويات المقدسيين وتدمر منازلهم .
فلماذا إذا كنا سوف نلتزم بالقرارات الدولية نقبل بأقل مما أعطتنا القرارات الدولية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.