لم يكن عودة المغرب إلى الإطار المؤسساتي "الإتحاد الإفريقي" مفاجأة للبوليساريو وللمنتظم الدولي ككل بعد إنسحاب للمغرب دام حوالي 32 سنة من الغياب عن كرسي الإتحاد، لكن المغرب لم يغيب يوما عن القارة الإفريقية فهو كان حاضرا في كل الازمات والصراعات بالقارة إذ كان وسيطا بين الحركة الوطنية لتحرير الأزواد والحكومة المركزية لمالي، كما شارك في ثلة من المؤتمرات باعتباره عضوا في مجموعة من المؤسسات الإفريقية... ونظرا لمكانته الاقتصادية ولموقعه الجغرافي المطل على اوروبا سيساهم المغرب في الترويج التجاري لدول القارة، باعتبار أن المغرب أول منتج للسيارات في شمال إفريقيا والثاني في القارة بعد جنوب إفريقيا حيث ارتفعت قيمة صادرات صناعة السيارات بنسبة 17.5 في المائة، خلال التسع الأشهر الأولى من عام 2013، والأول في إنتاج الاسماك وتصدير السردين والأول إفريقيا كذلك في مؤشر جذب الاستثمار للقارة نظرا للاستقرار الذي تعرفهم المملكة، كما ان مختلف البنوك المغربية أصبحت تتوفر على فروع لها في جميع دول القارة. لكن رغم هذه القوة التي تمنح للمغرب الريادة على المستوى الإقتصادي والسياسي والأمني... فإن الاقتصاد المغربي والاستثمار بالقارة السمراء يواجهان مجموعة من التحديات الكبرى، على راسها انتشار الجماعات المتطرفة خاصة عند الحدود المغربية الموريتانية، وما تعرفه منطقة الكركرات المعروفة ب "قندهار" والتي تعرف بعض الممارسات الغير القانونية ، كبيع الاسلحة، والإتجار، في المخدرات، وسرقة الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والتجارية... والمتجهة من المغرب إلى موريتانيا أو العكس ، الامر الذي يفتح الباب أمام تلك الجماعات المتطرفة والتي تنشط بالمنطقة من أجل تهديد المغرب إقتصاديا وسياحيا وسياسيا...كم أن الصراعات والحروب الاهلية التي تعرفها المنطقة تشكل خطرا على الإقتصاد المغربي بدول القارة، إذا الحروب تساهم في إنخفاض معدل النمو الإقتصادي، إذ تشير أخر التقارير الصادرة مؤخرا عن البنك الدولي، بان منطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط وصل معدل النمو الاقتصادي فيهما إلى 2.6 % وذلك عام 2015 منخفضا عن التوقعات المسجلة قبل عام 2015، وذلك راجع إلى الحروب وإنتشار الجماعات الإرهابية بالمنطقة. وبالعودة إلى حالة المغرب، فإن هذا الأخير يواجه تحديا سياسيا خاصة من طرف اقوى دولة بالقارة، ولا هي جنوب إفريقيا ،التي تقف إلى جانب البوليساريو وتدعمها، والتي قامت مؤخرا باحتجاز سفينة مغربية محملة بالفوسفاط، ضاربة في ذلك القانون الدولي على جانب الحائط. ومن الناحية السياسية كذلك، فإن المغرب يواجه تحدي أخر المتمثل في ضرورة تعديل القانون الاساسي للاتحاد الإفريقي، والذي ليس في مصلحته، بل هناك بعض المواد التي هي ضد المغرب، وحسب القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي فإن لكل دول عضو في الإتحاد الحق في تعديل القانون. وقد سبق لملك البلاد أن قال في خطابه بأن "المغرب يؤمن بقدرة إفريقيا على رفع التحديات التي تواجهها، وعلى النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة لشعوبها، لما تتوفر عليه من موارد طبيعية، ومن كفاءات بشرية هائلة". فهذه التحديات لا تواجه المغرب فقط بل تواجه القارة الإفريقية بأكملها، فالمغرب يعتمد على إفريقيا وهذه الأخيرة تعتمد عليه، من أجل النهوض بالتنمية الاقتصادية وبمواجهة التحديات المشتركة و التي أشرت إليها من قبل، نظرا للموقع الجغرافي التي يمتاز به المغرب، ونظرا كذلك للاستقرار الذي يمتاز به ها الأخير، وهذا لا يمكن أن يتحقق بدون تظافر جهود كل دول القارة. ومن أجل نجاح الأهداف التي رسمها المغرب على المستوى السياسي والدبلوماسي والإقتصادي...على صعيد القارة الإفريقي، فإن ذلك لا يتحقق بدون مواكبة الاتفاقيات التي ابرمها المغرب مع كل دول القارة الإفريقية ،والتي وصلت إلى حوالي 1400 إتفاقية خلال الجولة الملكية الأخيرة لدول القارة، والتي توجت بعودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي. *باحث في العلوم السياسية/المغرب [email protected]